الكبار لا يترجّلون
د. محمود المساد
جو 24 :
عبر التاريخ وحتى يومنا الذي نعيش، هناك نماذج من الكبار سجل التاريخ لهم شواهد دالة على شخوصهم وقوة إرادتهم، وسعة أفقهم ورحابة منظورهم. إن إنجازاتهم ، منحت نفوسهم كبرياء وثقة وتواضُعا، وسعة وموثوقية وحازوا على تقدير كبير من معظم الناس، حتى عندما تركوا مواقعهم افتقدهم مجتمعهم وبكت عليهم كراسيهم التي كانت تشهد لهم بالعمل الجاد، والتفاني في الإخلاص، وتراجعت بعدهم المؤسسات
هذا ليس ببعيد، والقول المأثور ( أما آن للفارس أن يترجل ) ليس صحيحا بالمطلق، فعندما تكون الكناية عن النزول وهجر الفروسية والاستكانة لقوة الرياح، فهذه تكون فقط للصغار الذين لا يُسمَع لهم صوت إلا في حدائقهم وسهراتهم، وبين أقرانهم ممن هم بحجمهم وعلى مستوى همومهم. لكن هذا القول المأثور لا يصدق على الكبار الذين حيث يكونون تكون لهم الصدارة بكل استحقاق؛ لأنهم قامات صلبة وشامخة قبل الكرسي وبعده، ذلك الكرسي الذي كبر بهم، وافتقدهم وعاد لحجمه بعدهم باكيا حزينا
لقد استطاع أصحاب النفوس الملوثة الفاسدة بالتمثيل على آخرين بالنظافة والبراءة والمنهج العلمي، لكنهم كشفوا أنفسهم عند أبسط موقف وأصغر حاجز . مع أن الفرص بالتفوق كبيرة وكثيرة ويراها على الأقل من يعاني ضعف البصر ومن لا يرى أبعد من مدى نظره …… لكن السرعة في حصد القليل وكسب الصغار، والاكتفاء بالقليل في السفوح المنخفضة
إن تحقيق الأهداف بتميز، وقطف الثمار اليانعة العالية التي لا يطالها نظر الصغار وأيديهم ، تحتاج إلى الكبار الذين يتمتعون بعقل وفكر استراتيجي ومنهج واعٍ، وخبرات ناضجة متجددة، وقامات حديدية الهمم عصية على التأثر بنسيم البحر ، في الوقت الذي لا يدرك فئة الكبار هذه، ولا يرقى إلى مستوياتهم إلا من يستطيع أن يكبر وينضج، ويثق بنفسه، ويخلص لوطنه كي يكون قادرا على أن يسوس الكبار ويتبادل معهم الثقة والاحترام، ويقطفوا معا الثمار ويسعد بهم مجتمعهم . وهنا نتحسر ونحن نقول: هيهات هيهات…….
لك الله يا وطني!!