اتق شر من أحسنت إليه
د. محمود المساد
جو 24 :
يتشدق بعضهم بأنه أحسن للآخر بمنحه فرصة دون منّة أو فضل، لكن هذا الآخر أنكر المعروف، ولم يحفظ الجميل، لكن لو سألنا
هل أن منح الفرصة كانت لشخص لا يستحق ؟ أم أنها كانت فرصة متبادلة للطرفين من أجل تحقيق النجاح والغايات المشتركة النافعة؟
– وهل أن منح الفرصة يعني أن تمارس الفساد بكل أنواعه على ظهره وتطالبه بالسكوت، ويدخل السجن نيابة عنك؛ لأنك منحته هذه الفرصة؟
– وهل قمت أنت بحفظ الود لمن منحك هذه الفرصة التي لست مؤهلا لها دون مقابل مجزٍ؟
– ألم تفترض أن بيع الضمير بأي ثمن لا يمارسه كل الناس؟
– وعلى الرغم من سموّ القيم وإيجابية الاتصال التي تعرفها وتعامل الآخر بها معك وهو يعرف ما تقوم به وما تتاجر به، ومع من تتعامل متجاوزا في كل ذلك أمانة المسؤلية، وأكتفى بعدم التوقيع بديلا عنك رافضا حمل المسؤلية والوزر عنك، مكتفيا بنصيحتك التي تكبّرت عنها ولم تستفز بك وخز الضمير ؟
لكن لا بد وأن يأتي اليوم الذي يصحو به الضمير ويستوعب العقل معنى الوطن والمصالح العليا والإنسانية ، عندها وعندها فقط ستدرك أن معنى القول ( اتق شر من أحسنت إليه ) ليس كما فسرته نفسك السلبية، بل يعني أن لا يعاونك الآخر ويدعمك ويشجعك على الشر ويلجأ إلى نصحك وإعادتك إلى نفسك الخيرة . وفي الوقت نفسه أن يوضح لك أن مجموعة الشر التي حرفتك عن فطرتك وتعرف بعضهم جيدًا وتعرف نفوسهم المريضة بأنهم لن ينفعوك ولن يريدوا لك الخير.
وأخيرا، ومن باب الحرص على كل من يبادر لاستخدام هذا القول أن يستخدمه وهو يفهم حقيقة معناه الظاهر منه والباطن، حيث ندرك بما لا يدع مجالا للشك أن جزاء الإحسان ليس إلا الإحسان ، حتى لو بدا ظاهره عكس ذلك فنحن لسنا على مبدأ الجاهلية (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) بل إن نصرة الأخ تكون برد الظلم عنه أو ردعه عن ممارسة الظلم . وتذكر في كل يوم وقبل أن تنام أن ردعك عن طريق الشر ودعوتك لحمل أمانة المسؤلية بنزاهة وحياد وإخلاص شرف لك على المدى.