لماذا ارتفع عدد الوفيات جرّاء “أوميكرون” رغم أنّه يتسبب بمرض أكثر اعتدالاً من “دلتا”؟
مع تراجع عدد الإصابات المسجلة بفيروس كورونا، تسعى الولايات المتحدة إلى إزالة الأقنعة الواقية، وثمة نقاشات عدة تدور حول الخطوات التي يفترض القيام بها للعودة إلى الحياة الطبيعية.
لكن ومع ذلك، فإن أعداد الوفيات المسجلة يوميًا جراء الإصابة بـ”كوفيد-19″ أعلى من أي وقت ذروة مضى خلال الجائحة.
فأكثر من ألفي حالة وفاة سُجلت يوميًا في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الشهر الماضي.
أما تراجع معدّل الوفاة الوسطي فينظر إليه انطلاقًا من الرقم القياسي المحقّق، وعندما وصل في الأيام الأخيرة إلى أدنى مستوى، فناهز 1900 حالة وفاة الإثنين.
وبالعودة 100 يوم إلى الوراء، قبل أن يصبح متحوّر "أوميكرون” السائد في الولايات المتحدة الأمريكية، سُجّل أكثر من ألفي حالة وفاة يوميًا، بحسب بيانات جامعة جونز هوبكنز.
أما المرحلة الأخرى التي سجّلت أعلى عدد وفيات فكانت خلال موجة الشتاء الأولى، قبل أن توافر اللقاحات.
وكانت موجة "أوميكرون” أكثر فتكًا وأطول من موجة دلتا. ففي سبتمبر/أيلول، حين كانت متحوّر دلتا سائدًا، وصل عدد الوفيات اليومي إلى ألفين حالة يوميًا لكن خلال نصف الفترة الزمنية الحالية.
فأكثر من 120 ألف شخص فارقوا الحياة في أمريكا بسبب "كوفيد-19” منذ أصبح "أوميكرون” سائدًا في ديسمبر/كانون الأول، وبلغت نسبة الوفاة 20%، عام 2022.
وكان شائعًا، منذ بداية الجائحة أنّ "كوفيد-19″ مميت للمتقدمين في السن الذين يعانون من مشاكل صحية. غير أنّ الأشخاص الذي يموتون جراء الإصابة بـ”كوفيد-19” حالياً أصغر سنًّا من قبل، وغالبيتهم غير محصّنين، بحسب الخبراء.
وقال الدكتور ستيفن ثريلكيلد، المدير الطبي لبرنامج الأمراض المعدية في مركز الرعاية الصحية التذكاري المعمداني في ممفيس الأمريكية، إنّه "مرّ وقت طويل منذ شهدت على عدد الأشخاص الذي رأيتهم يموتون بسبب المرض، لكن في الواقع كل من يعانون من حالة مرضية حرجة، في غرف العناية الخاصة أو يموتون، لم يتلقوا اللقاح إلى الآن. هذا كان حقيقيًا منذ البداية.
وتُشير بيانات المراكز الامريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها بوضوح إلى أنّ خطر الوفاة جراء الإصابة بكوفيد-19 في ديسمبر/كانون الأول كان أعلى بـ14 مرة لدى البالغين غير المحصّنين، من أولئك الذين تلقوا لقاحهم بالكامل.
والهوة اتسعت مقارنة مع من تلقوا الجرعة المعززة حيث صار خطر الوفاة أعلى بـ51 مرة.
طوال فترة الجائحة، معظم الوفيات جراء "كوفيد-19” تمّت في المستشفيات. لكن هذا الواقع تفاقم مع تراجع الخطر المحدق بدور رعاية المسنين.
فمقارنة مع العام 2020 حين كانت نسبة 20% من حالات الوفاة الناجمة عن كوفيد تصيب دور رعاية المسنين، فهي تراجعت عام 2022، لتصبح 10% لديها، بحسب بيانات مؤقتة صادرة عن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.
أما اللقاحات فمفيدة، ذلك أنّ نسبة الوفيات بين كبار السن بلغت 81٪ جراء كوفيد-19 عام 2020، وتدنّت لتصل إلى 69٪ عام 2021، واستقرت على نسبة 76٪ منذ بداية عام 2022، رغم زيادة خطر الإصابة مجدّدا وسط تفشي الفيروس الكبير في المجتمع.
التحوّلات في معدل وفيات كوفيد -19 منذ بداية الجائحة
مع الانتشار السريع لفيروس كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ يتعاظم دور العناصر الاجتماعية المحدّدة للصحة لجهة من يصاب بمرض خطير ويموت بسبب جراء "كوفيد-19”.
وقال الدكتور فيصل مسعود، مدير مركز الرعاية الحرجة في هيوستن ميثوديست إنّ "متحوّر دلتا كان أكثر فتكًا بكثير. لكن نطاق انتشار أوميكرون أوسع بكثير”.
وأوضح أنّ معدل التفشي المرتفع جدًا يعني أنّ الفيروس يصيب الجميع، لكنه يصيب بشدة من يعيشون في الأحياء المحرومة على نحو خاص.
هؤلاء هم الأشخاص الذين يرجّح أّنهم لا يملكون تأمينًا صحيًا، وبالتالي يتأخرون بالحصول على الرعاية اللازمة، مهملين علاج أمراضهم المزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.
وأضاف أنّ "المرضى الذين يعانون من ظروف صحية سيئة، يكون وضعهم حرجًا لدى إصابتهم بكوفيد-19”.
بشكل عام، يبدو أنّ نسبة حالات "أوميكرون” التي تسببت بالوفاة أدنى من تلك الناتجة عن دلتا.
ووصف ثريلكيلد الأمر بأنه "ظاهرة الأدنى”، أي أن نسبة مئوية قليلة من عدد إصابات أكبر بكثير ستظل كبيرة.
وتابع: "أعتقد أنّ هذا ما نسيه الناس، أنه بمجرد أن الإصابة تتسبب بالمرض الشديد لشخص ما بنسبة أقل، فأصيب الكثير بالعدوى الأمر الذي أدّى إلى عدد كبير من المرضى”.
وأشار إلى أنّنا”شهدنا على معاناة الكثير من الأشخاص غير المحصّنين الذين أصيبوا بالمرض الشديد”. CNN