اللاجئون الأوكرانيون... استعدادات أوروبية "منفتحة" وتحضيرات للاستقبال
جو 24 :
دفع الغزو الروسي عشرات آلاف الأوكرانيين إلى الهرب، من دون أن يتضح حتى الآن إذا كانوا في غالبيتهم سينزحون الى مدن داخل بلدهم، أو سيحاولون مغادرتها إلى دول مجاورة، في وقت تشير معلومات إلى وصول عدد منهم إلى بولندا المجاورة. وأطلق ذلك تحذيرات من تجدد أزمة اللاجئين في أوروبا، مع توقع أن يتجاوز عددهم 4 ملايين شخص، وأن يتوزعوا على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمها ألمانيا .
وفي أولى خطوات الدعم الإنساني الألماني لأوكرانيا مع بدء الغزو الروسي، تستعد بعض ولاياتها وبلدياتها، وتنسق فيما بينها لتحديد قدرات استقبال اللاجئين الذين سيفرّون من أوكرانيا ومنحهم حماية من الحرب التي تشنها روسيا على بلدهم، في أوسع غزو تشهده أوروبا منذ الحرب الباردة.
وأبلغ المدير العام لاتحاد المدن والبلديات الألمانية غيرد لاندسبيرغ صحيفة "هاندلسبلات" أنّ "التنسيق بين البلديات وحكومات الولايات والحكومة الفيدرالية سيحصل على أعلى مستوى لتأمين الجهوزية الشاملة على صعيد تدابير الاستعداد، وبينها إعادة تنشيط مرافق الاستقبال الأولي في الولايات، وتوفير الموارد المالية اللازمة، علماً أنّه من الضروري معرفة مفتاح التوزيع على الاتحاد الأوروبي، والعمل لتعزيز التضامن الأوروبي في مواجهة الأزمة".
لجوء واغتراب
الأمم المتحدة: نزوح 116 ألف أوكراني وبولندا الوجهة الأبرز
وفي ظل تدهور الوضع في أوكرانيا، تتحدث تقارير عن هروب مواطنين من مدينة خاركيف بحثاً عن الأمان من العمليات العسكرية الروسية، وتوجه عدد كبير منهم غرباً، باعتبار أن القصف العنيف طاول ماريوبول وأوديسا، وأنّ القوات الغازية وصلت إلى كييف. ويعتقد قسم كبير من الأوكرانيين بأن القوات الروسية ستستولي في مرحلة أولى على شرق البلاد. من هنا، يرى لاندسبيرغ أن اللاجئين المحتملين لن يصلوا إلى بولندا فقط، التي تتشارك مع أوكرانيا حدوداً بطول 535 كيلومتراً، بل سينتقلون إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. ويشدد على أن ألمانيا "لا يجب أن تنتظر التضامن، لأن الاتحاد الأوروبي لم يستطع طوال سنوات إنشاء آلية لتوزيع اللاجئين".
لكن وزارة الداخلية الاتحادية في ألمانيا أعلنت أنه "لا يمكن حالياً إجراء تقييم دقيق لاحتمال أن تصبح البلاد وجهة رئيسية للاجئين المحتملين من أوكرانيا. ونحن مستعدون للسيناريوهات المحتملة، ونتواصل مع حكومات الولايات في هذا الشأن". وكانت مفوضة الحكومة لشؤون الاندماج ريم العبالي رادوفان أشارت، في تصريحات أدلت بها لمجموعة "فونكه" الإعلامية، الى أن ألمانيا مستعدة للتعامل مع تدفق محتمل للاجئين نتيجة الحرب في أوكرانيا، وقالت: "نراقب الوضع عن كثب، ونحافظ على يقظتنا استعداداً لكل شيء".
الصورة
ألمانيا تراقب الوضع عن كثب (بياتا زاوزريل/ الأناضول)
ألمانيا تراقب الوضع عن كثب (بياتا زاوزريل/ الأناضول)
سيناريوهات
من جهتها، أكدت وزير الداخلية الألمانية نانسي فيزر، في حديث أدلت به لشبكة "إيه آر دي" الأخبارية ، أنها تتواصل مباشرة مع السلطات البولندية والمفوضية الأوروبية لمتابعة تحركات اللاجئين. وكانت رجحت خلال مؤتمر الهجرة الأوروبي، الذي استضافته فيينا الاثنين الماضي، حصول حركة لجوء قوية، علماً أن موقع "شبيغل أونلاين" أعلن أن حوالي 20 ألف أوروبي يعيشون في أوكرانيا قد يحتاجون إلى دعم إذا أرادوا مغادرة ألمانيا".
وفيما شكلت سلطات ولاية برلين فريقاً لإدارة أزمة اللاجئين الواصلين من أوكرانيا، وخصصت سلطات ولاية براندنبورغ المحاذية للحدود مع بولندا 800 وحدة في مركز للاستقبال الأولي، تحدث موقع "تي أونلاين" عن احتمال وصول حوالي 975 ألف أوكراني إلى الاتحاد الأوروبي، ونقل عن خبير الهجرة في جامعة أوسنبروغ الألمانية فرانك دوفيل، والأستاذة في الجامعة الأوكرانية الكاثوليكية بمدينة لفيف الأوكرانية أرينا لابشينا، قولهما إن "سيناريوهات النزوح المتوقعة ثلاثة، أولها بقاء نصف اللاجئين في بولندا وتوزيع الباقين على باقي الدول الأوروبية، مع احتمال أن تستقبل ألمانيا حوالي 260 ألفاً منهم يوزعون على الولايات، حيث قد تستقبل برلين حوالي 14 ألفاً. والثاني، بقاء نحو 60 في المائة من النازحين الأوكرانيين في بلدهم، ضمن ما يسمى حركة نزوح داخلية، ما يرجح وصول حوالي 100 ألف منهم إلى ألمانيا، واستقبال برلين 5300. أما السيناريو الثالث فهو الأخطر والأكثر صعوبة، ويتمثل في غزو روسيا كل أوكرانيا، ما يحتم تعامل أوروبا مع حوالي 8 ملايين لاجئ يتوزع 10 في المائة منهم داخل البلاد، فيما يصل حوالى 1.3 مليون إلى ألمانيا، حيث ستؤوي برلين وحدها حوالي 70.200".
الصورة
اللاجئون المحتملون لن يصلوا إلى بولندا فقط (بياتا زاوزريل/ الأناضول)
اللاجئون المحتملون لن يصلوا إلى بولندا فقط (بياتا زاوزريل/ الأناضول)
تسهيلات ألمانية
ومهما كان الوضع، وعدت فيزر، في مؤتمر عبر الفيديو عقدته مع وزراء داخلية الولايات، بمنح اللاجئين من أوكرانيا إقامة "حماية مؤقتة"، وعدم إخضاعهم لإجراءات اللجوء، علماً أنّ الأوكرانيين يمكن أن يدخلوا ألمانيا بلا تأشيرة، عبر استخدام هويات "بيومترية" فقط، تمهيداً للحصول على إذن إقامة لمدة 90 يوماً. لكنّ حزب اليسار نبّه إلى أن "غالبية الأوكرانيين لا يحملون هويات أو جوازات سفر بيومترية، لذا لا بدّ من تعليق هذا الشرط على الفور".
على صعيد آخر، وعد وزير داخلية ولاية بافاريا يواخيم هيرمان الدول المجاورة لأوكرانيا بمساعدات إنسانية عاجلة. أما سلطات ولاية سكسونيا السفلى فشكلت فريق أزمة، وقالت إن "الشرطة ستنفذ عمليات تفتيش داخلية، بالتنسيق مع حرس الحدود البولندي ووكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس) والمكتب الفيدرالي للهجرة واللجوء" .
فتح طرق الهروب
ورأت منظمة "برو أزول" الألمانية للدفاع عن حقوق اللاجئين أن "ألمانيا يجب أن تتكيف مع واقع أن الحرب الروسية على أوكرانيا ستخلّف آلافاً من القتلى واللاجئين، وأن تتحضر للمشاركة في استقبال الوافدين". ودعت دول الجوار المباشر، وهي: بولندا والمجر ورومانيا وسلوفاكيا، إلى "التوقف عن إغلاق حدودها أمام اللاجئين، إذ يجب أن تكون طرق الهروب مفتوحة للجميع، واحترام حقوق الإنسان والقانونين الدولي والأوروبي، وتوفير مساعدات سريعة وغير بيروقراطية للاجئين الذين يحتاجون إلى حماية ودعم إنساني من غذاء ومأوى ورعاية طبية".
وفعلاً، وسعت المجر الحماية القانونية المؤقتة للأوكرانيين الفارّين من الغزو الروسي. وقال رئيس وزرائها فيكتور أوربان: "لن تلعب المجر أي دور في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، لكنها ستقبل اللاجئين الذين يصلون إلى حدودها". أما رئيس منظمة "كاريتاس" في ألمانيا أوليفر مولر فقال: "لا يزال هناك متسع من الوقت لمنع الكارثة" .
مكان آمن في بولندا
وفي ظل التحضيرات القائمة، أفادت شبكة "إيه آر دي" بأن بولندا باشرت مع بدء الهجمات الروسية إنشاء 9 مراكز لاستقبال اللاجئين في مقاطعاتها الجنوبية الشرقية. ونقلت عن المسؤول في وزارة الداخلية البولندية باول زيفرناكر قوله إن "حرس الحدود مستعد لمساعدة جيراننا الأوكرانيين في العثور على مكان آمن داخل بلدنا إذا لزم الأمر، وحدودنا مفتوحة أمام لاجئي الحرب".
وطالبت الكنيسة الكاثوليكية في بولندا بمساعدة اللاجئين الأوكرانيين. ودعا رئيس أساقفتها ستانيسلاف غاديكي أبناء بلده إلى "إظهار أنهم يملكون قلوباً منفتحة لاستضافة الوافدين الذين يحاولون حماية نفسهم من الحرب، فلكل فرد الحق في العيش في سلام وأمان، وندعو البلديات إلى الإبلاغ عن ملاجئ محتملة للاجئين".
وفيما قالت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أمس السبت، إن ما يقرب من 120 ألف شخص فروا حتى الآن من أوكرانيا إلى البلدان المجاورة، أعلن نائب وزير الداخلية البولندي باول سفيرناكر، أن 100 ألف أوكراني عبروا الحدود البولندية منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا. وأوضح حرس الحدود البولندي أن حركة الدخول قبل الغزو الروسي بلغت حوالى 12 ألفاً يومياً في المتوسط من أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي وبولندا، العضو في الحلف الأطلسي (ناتو)، عبر نقاط التفتيش البرية والبحرية والمطارات. ورفعت بولندا شرط الحجر الصحي أو شهادات التطعيم الخاصة بكوفيد 19 للاجئين من أوكرانيا. وجهّزت مراكز استقبال تضم أسرّة ومطابخ، وتؤمن رعاية طبية، في مواقع قريبة من الحدود.العربي الجديد