الافلات من العقاب

جو 24 :
مؤشر التعذيب
يصدر عن
مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان
أيلول / سبتمبر 2021
تصميم وإخراج
كمال قاسم
جميع الحقوق محفوظة لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان
مقدمة
تحضر جريمة التعذيب عندما تغيب العدالة، ويطغى الافلات من العقاب على مناهضة التعذيب، وتعتبر البيئة السياسية العامة من العوامل المهمة التي ينبغي النظر فيها لمنع التعذيب ، لأن غياب الإرادة السياسية اللازمة لمنع التعذيب، وعدم احترام سيادة القانون، وارتفاع مستويات الفساد كلها عوامل يمكن أن تزيد من احتمال وقوع التعذيب. وينطبق الشيء نفسه على البيئة الاجتماعية والثقافية. فحيثما وجدت ثقافة العنف، أو وجد تأييد شعبي واسع ل « الضرب بيد من حديد» على مرتكبي الجرائم، زاد ايضا احتمال وقوع التعذيب.
وتعتبر طريقة تنظييم وسير نظام العدالة الجنائية من العوامل المهمة الأخرى التي يجدر النظر فيها، إذ تؤثر درجة إستقلال القضاء، فضلا عن درجة الإعتماد على الإعترافات في نظام العدالة الجنائية، تأثيرا مباشرا على احتمال وقوع التعذيب، ولأن هذا الاحتمال يزيد في المراحل الأولى من الاحتجاز ينبغي إيلاء اهتمام خاص لسلطات إنفاذ القانون. وفي هذا الصدد تعتبر الثقافة المؤسسية، ودور رجال الشرطة وأداؤهم، وعمليات توظيف وتدريب الضباط كلها عوامل يمكن أن تؤثر سلبا أو ايجابا على احتمال وقوع التعذيب.
ويزداد خطر التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة في أوقات معينة خلال فترة احتجاز الشخص، كالفترة الأولى من توقيفه واحتجازه لدى الشرطة، وكذلك أثناء نقله من مكان احتجاز إلى آخر. كما يزداد خطر التعرض للتعذيب وسوء المعاملة في حالات احتجاز الأشخاص المحرومين من حريتهم بعيدا عن أي اتصال بالآخرين، ولا سيما في حالة الحبس الانفرادي.
ويعتبر خطر التعرض للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة قائما في أي منشأة مغلقة؛ فهو لا يقتصر على السجون ومراكز الشرطة وإنما أيضا على سبيل المثال مرافق الصحة النفسية ومراكز احتجاز الأحداث ومراكز احتجاز المهاجرين ومناطق العبور في الموانئ الدولية.
صادق الاردن على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية والتي توجب هذه الاتفاقيات على الدول الاطراف اتخاذ كافة التدابير التشريعية والتنفيذية والقضائية اللازمة لضمان وضع هذه الاتفاقيات موضوع التطبيق على المستوى الوطني.
وتتضمن اتفاقية مناهضة التعذيب (16) ستة عشر مادة جوهرية توضع وتحدد الالتزامات الواجبة على الدول الاطراف في الاتفاقية والمتعلقة بإحترام وحماية واعمال الحظر المطلق للتعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، ويمكن توصيف الإلتزامات الأساسية تحت عناوين رئيسية:
الحظر، المنع، العقاب، والانصاف، الالتزام بتقديم التقارير للجنة مناهضة التعذيب حول التقدم المحرز في تطبيق الاتفاقية على المستوى الوطني :
-الحظر:
يشكل الحظر المطلق للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية مبدأ اساسي غير قابل لأي تبرير أو انتقاص تحت أي ظرف (المادة 2- الفقرة 2 ) كما يستتبع ذلك الإلتزام بعدم الاستناد الى الأدلة المنتزعة تحت التعذيب كأدلة إثبات ( المادة 15)، والإلتزام بعدم الإبعاد الى أي دولة قد يكون الأشخاص المرحلين إليها عرضة للتعذيب( المادة3).
-المنع:
يجب على الأردن كدولة طرف إتخاذ تدابير تشريعية أو إدارية أو قضائية أو أي تدابير اخرى فعالة لضمان عدم ممارسة التعذيب ( المواد 2، 11،16) من الإتفاقية.
-المعاقبة:
توجب الاتفاقية على الدول إدراج نصوص محددة في القوانين المحلية أو وضع قوانين محددة تكفل تحريم التعذيب على المستوى الوطني ( المادة 4) من الإتفاقية، كما يتوجب اجراء تحقيقات سريعة ونزيهة وشفافة في ادعاءات التعذيب وإحالة مرتكبي الجرائم إلى المحاكم ( المواد 5 الى 9) و ( المادتان12و 13) من الاتفاقية.
-الإنصاف:
يجب أن تكفل التشريعات الوطنية سبل إنصاف فعالة لضحايا التعذيب، تكفل حقهم في الحصول على تعويض كاف ومناسب من الدولة والجناة، وتوفير مراكز للعلاج والدعم النفسي للضحايا وعائلاتهم ( المادة14) من الاتفاقية.
ورغم مصادقة الاردن على اتفاقية مناهضة التعذيب عام 1991 الا أنه لم يصدر اي حكم من اية محكمة من محاكم المملكة الاردنية الهاشمية بادانة اي موظف مكلف بانفاذ القانون بارتكاب جريمة التعذيب مع العلم بوجود مئات من الشكاوى المقدمة التي تتضمن ادعاءات بوقوع التعذيب.
كما أن التشريعات الأردنية ما زالت تفتقر للضمانات الضرورية والأساسية للأشخاص المحتجزين. فتعريف التعذيب كما جاء في المادة(208) من قانون العقوبات لا يتفق البتة مع ما تفرضه اتفاقية مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية، او اللاإنسانية او المهنية، في مجال تعريف ونطاق الجريمة. ان جريمة التعذيب ما زالت تخضع للتقادم، وللعفو بموجب القوانين الاردنية النافذة، وهو ما يشكل مخالفة لأحكام إتفاقية مناهضة التعذيب.
كما أن الحق في الانصاف والتعويض يواجه بالعديد من العقبات التشريعية والعملية، حيث يوجد موانع تشريعية تحول دون تحمل الدولة مسؤوليتها المرفقية عن ممارسة التعذيب من قبل موظفيها,اذ يجب ان يحصل ضحايا وسوء المعاملة على تعويض كامل وفعال ,يتضمن رد الحقوق والتعويض المالي واعادة التاهيل والترضية وضمان عدم التكرار.
لماذا التقرير
ان القضاء الكلي على التعذيب، يتطلب وضع استراتيجية وقائية شاملة وفعالة لمنع التعذيب،على ان تكون معلنة للجمهور وقابلة للمراقبة وترتكز هذه الاستراتيجيّة- على بناء اطار قانوني شامل، لحظر التعذيب، بوضع قانون خاص للوقاية من التعذيب، والتطبيق الفعال لهذا القانون، من خلال إجراء تحقيقات نوعية وسريعة وفعالة في ادعاءات التعذيب، مقترنة بعقوبات متناسبة مع طبيعة جريمة التعذيب، من حيث كونها تعتبر انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان يمس الكرامة الانسانية للضحية.
كما يستدعي وجود اليات فعاله لمراقبة التطبيق الفعال للقانون، ومراقبة الضمانات الممنوحة للضحايا، بإجراء مراقبة دورية لجميع اماكن الاحتجاز، من خلال وجود آلية وقائية وطنية تضطلع بهذه المهمة، وهو ما يستدعي المصادقةَ الفورية على البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، والبدء -الفوري- بحوارٍ لاجل ايجاد اطار قانوني فعال ومستقل لمراقبة أماكن الاحتجاز.
وكان المركز عام 2019قد عمل على بناء مؤشر لقياس مدى وفاء الاردن بتعديل السياسات والتشريعات الواجبة لمنع التعذيب في الأردن، وذلك بالاستناد الى استمارة تضم 42 متغيرا فرعيا، وفقا للالتزامات الاساسية الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب، بصفتها المعاهدة الرئيسية التي تضمنت المعايير الدولية الاساسية، المتفق عليها عالميا في مجال مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، لحماية الحق في سلامة النفس والجسد، وهذه الاتفاقية حددت هي مضمون ونطاق الالتزامات الواجبة على الدول الاطراف في الاتفاقية.
حيث طور مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان هذا الباروميتر الذي أصدره عام 2019، لضمان أن يكون مقياسا شاملا وكاملا في قياس التدابير المتخذة لتحريم التعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة او اللانسانية، فاضاف (11) متغيرا فرعيا على هذا الباروميتر، لتصبح مؤشرات باروميتر التعذيب (53) متغيرا فرعيا عام 2021 بدلا من (42) متغيرا فرعيا في المؤشر الأول الصادر عام 2019، وهذه المتغيرات - كما ذكرنا - هدفت الى قياس مدى وفاء التشريعات والسياسات والممارسات الاردنية بالالتزامات الاساسية الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب، بصفتها المعاهدة الرئيسية التي تضمنت المعايير الدولية الاساسية، المتفق عليها عالميا في مجال مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية او اللاإنسانية او المهينة، وذلك لحماية الحق في الحياة والسلامة البدنية والنفسية. علما بأن هذه المعاهدة الدولية حددت مضمون ونطاق الالتزامات الواجبة على الدول الاطراف فيها، ومنها الأردن الذي انضم إليها عام 1991، وذلك من خلال تعديل ومواءمة تشريعاتها وسياساتها وفقا لأحكام هذه المعاهدة.
ومركز عدالة وهو يصدر تقريره الرابع يوّد التأكيد هنا أن هذا التقرير لا يشمل جميع حالات التعذيب التي تلقاها المركز وكانت تفتقد إلى قدر من التوثيق والإثبات القانوني فتم إرجاء نشرها إلى حين إستكمال إجراءات التوثيق والإثبات فيما تم إعتماد نشر الحالات الواردة في هذا التقرير، والتي صدر بشأنها بلاغات وتقارير من قبل مؤسسات ومنظمات محلية ودولية موجهة للإعلام أو كبلاغات للجهات ذات العلاقة للتحقيق في إدعاءات التعذيب. ونظراً لصعوبة تلقي بلاغات التعذيب، وعدم علم المركز بكافة حالات التعذيب في الأردن فمن المعلوم أن هذا التقرير لا يحيط علماً بجميع حالات التعذيب، ولا يمثل مسحاً واقعياً لجريمة التعذيب في الاردن.
الإشكاليات الاساسية التي تشكل عوامل الخطر ازاء استمرار ممارسة التعذيب في الأردن:
1.تعريف التعذيب وتجريمه:
بالرغم من ان التعذيب يعد جريمة وفقا لاحكام المادة 208 من قانون العقوبات الاردني، الا ان التعريف ما زال غير متوافق مع احكام المادتين 1و 4 من اتفاقية مناهضة التعذيب بالرغم من تعديل المادة ثلاث مرات للاعوام 2007، 2014، 2018 على التوالي، وقد اعربت لجنة مناهضة التعذيب عن قلقلها كون التعذيب يشكل جنحه، ولان العقوبات لا تتناسب مع خطورة جريمة التعذيب، وقابله للسقوط بالتقادم وتخضع للعفو، كما حثت اللجنة الاردن على وجوب ان تكفل اتساع نطاق التعذيب ليشمل اي شخص يحاول ارتكاب او يحرض او يوافق على او يسكت عن عمل من اعمال التعذيب، حيث ان التعليق العام رقم 2 لعام 2007 الصادر عن لجنة مناهضة التعذيب اكد على ان التناقضات الخطيره بين التعريف المحدد في الاتفاقية وذلك الوارد في القانون الداخلي يحدث ثغرات فعلية او محتمله تتيح امكانية الافلات من العقاب(ملاحظة توضع في مربع وتبرز عند التصميم) ( هامش الفقره رقم 9 من التعليق العام رقم 2 لعام 2007).
2.1عدم وجود تشريعات واضحه تكفل الحظر المطلق للتعذيب لا استثناء منه.
حيث أن المادة 61 من قانون العقوبات الاردني تنص على أن الشخص لا يعتبر مسؤولا جنائيا إذا أطاع أمرا صادرا عن سلطة مختصة يلزمه القانون بالانصياغ لأوامرها، حيث اعتبرت الافعال المرتكبه في حالة اطاعة اوامر الرؤساء غير مجرمه ما لم يكن ذلك الأمر منافيا للقانون، ولا تتوفر اية تشريعات او اليات مؤسسية لحماية المرؤوسين من الأعمال الانتقامية بحيث يستطيع المرؤوس رفض إطاعة الأوامر غير القانونية في الواقع العملي.
2.ضعف كفالة الضمانات القانونية الاساسية
أن وجود سياسات تكفل تطبيق الضمانات القانونية منذ بداية إحتجاز الأشخاص المتهمين يعتبر من أكثر التدابير فعالية في منع التعذيب وسوء المعاملة وبشكل اساسي أي اطار وقائي من اجل بيئات احتجاز خالية من التعذيب حيث يؤدي تمتع الأشخاص المحتجزين بحقوقهم الى الحد من العديد من الفرص التي قد تؤدي لتعرضهم للتعذيب أو سوء المعامله كما من شأنها ان تعمل على وقف اي مزاعم غير صحيحة من قبل الأشخاص المحتجزين حول تعرضهم للتعذيب وتدعم جهود جهات انفاذ القانون في جمع الأدلة وتوثيقها على ان تتضمن تلك الشروط القانونية نصوص تكفل مراجعة قواعد الاستجواب واساليب ممارسته بشكل منهجي وفقا لما تقتضيه اتفاقية الأمم المتحدة لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية بحيث يشكل ذلك ضمانه ضد التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز، وبالرغم من مصادقة الأردن على اتفاقية مناهضة التعذيب منذ العام 1991م إلا أنه ما زالت العديد من ممارسات موظفي إنفاذ القانون تشكل خرقا للضمانات الأساسية الواجب كفالتها للاشخاص في مرحلة الإحتجاز السابق للمحاكمة والتي نوردها ما يلي والتي تشكل عوامل الخطر الأساسية ازاء استمرا ممارسة التعذيب وسوء المعاملة في مديرية الأمن العام و هي:
1.2الحق في الاستعانه بمحام
إن أحد المتطلبات الأساسية للحماية الفعالة للأشخاص المحتجزين هي الوصول الفوري والمنتظم للمحامين، اذ أن حضور المحامين اثناء الاستجواب قد لا يردع أعمال التعذيب وسوء المعاملة فقط إذ يمكن للمحامين أيضا التدخل في مرحلة مبكرة للكشف عن مثل هذه الأفعال وبدء الإجراءات الخاصة بملاحقة مرتكبيها والتحقيق معهم، والتأكد من عدم استخدام الإعترافات المنتزعة تحت التعذيب كدليل في التحقيق او المحاكمة.
ويلاحظ المركز الى أن الحق في الإستعانة بمحام يتم تأخيره بشكل منهجي الى ما بعد استجواب المشتبه بهم من قبل قوات انفاذ القانون.ويواجه المحامون قيودا عملية تمنع وصولهم الفعال الى الأماكن التي يتم احتجاز الأشخاص فيها لاسيما في مرحلة التحقيق الاولى لدى ادارتي البحث الجنائي ومكافحة المخدرات وما زالت التشريعات الاردنية تفتقر لوجود نص صريح يكفل حق الأشخاص في الاستعانة بمحام فور إلقاء القبض عليهم،باستثناء المادتين 6و32 من قانون نقابة المحامين وبالرغم ان قانون نقابة المحامين يسمح لمحامي المحتجز حضور اجراءات التحقيق امام الضابطة العدلية وفي التحقيق الاولى ولكن الواقع والممارسات العملية لا يسمح للمحامين بمتابعة اجراءات التحقيق الاولى لدى ادارتي البحث الجنائي ومكافحة المخدرات كما ان المادتين 63 (2) و 64 (3) من قانون اصول المحاكمات الجزائية تسمحان باستجواب المحتجزين دون وجود محام في «حالة الضرورة «،كما ان المادة 66(1) من ذات القانون تسمح للمدعي العام بحظر الاتصال بالشخص المحتجز لمدة تصل الى 10أيام، قابلة للتجديد. وقد اعربت لجنة مناهضة التعذيب عن القلق بسبب إخفاق الاردن كدولة طرف في كفالة تطبيق هذه الضمانات وغيرها من الضمانات القانونية الأساسية لمنع التعذيب وإساءة المعاملة. واشارة انه كثير من ألاحيان يحرم الاشخاص المحتجزين من الحصول على خدمات المحامين و الأطباء ، علاوة على حرمانهم من حقهم في ابلاغ شخص من اختيارهم. وعدم كفالة سرية المشاورات بين المحامي وموكله.
كما اكدت اللجنة انه ينبغي أن تكفل الدولة الطرف(الاردن) حصول جميع الأشخاص المحتجزين على جميع الضمانات القانونية الأساسية، بحكم القانون وفي الممارسة، منذ اللحظة الأولى لسلب حريتهم، بما في ذلك حق المحتجز في الحصول على مساعدة قانونية دون إبطاء، وحقه في الحصول فورا على رعاية طبية من مصدر مستقل، بغض النظر عن أي فحص طبي قد يخضع له بناء على طلب من السلطات، وإبلاغه، بلغة يفهمها، بأسباب الاعتقال وبطبيعة أية تهمة موجهة إليه، وتسجيله في مكان الاحتجاز، وإبلاغ نبأ اعتقاله إلى أحد الأقارب أو طرف ثالث دون إبطاء، وكفالة مثوله أمام قاض دون تأخير، واحترام حقه في سرية الاستشارة.
«يمثل حق الاستعانة بمحام – من وجهة النظر الوقائية – ضمانة مهمة ضد إساءة المعاملة، وهو مفهوم أوسع من مجرد تقديم المساعدة القانونية للدفاع عن الشخص فقط».
فحضور محام أثناء الاستجواب لدى الشرطة قد لا يمنع الشرطة من اللجوء إلى سوء المعاملة أو غيرها من الإساءات فحسب، وإنما يمكن أن يمثل أيضا حماية لضباط الشرطة في حالة مواجهتهم مزاعم لا أساس لها بسوء المعاملة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المحامي هو الشخص الأساسي في مساعدة الشخص المحروم من الحرية على ممارسة حقوقه، ومنها الحق في الوصول إلى آليات الشكاوى».
2.2الفحص الطبي المستقل
من الضروري أن يتم اجراء الفحص الطبي لمستقل عند الوصول الى أماكن الإحتجاز لتحديد الأمراض الجسدية أو العقلية الموجودة كما انها توثق للإصابات السابقة للإحتجاز، حيث أن التوثيق الجيد يؤدي الى حماية الأدلة الخاصة بالتحقيقات في الجرائم المتهم بإرتكابها الأشخاص المحتجزين ويؤدي الى حماية مصلحة موظفي انفاذ القانون من الاتهام زوورا بممارستهم للتعذيب.
ووفقا للمعايير الدولية فإن للأشخاص المحرومين من حريتهم الحق في الوصول السريع و المنتظم الى عاملين طبيين مستقلين.
وينغبي فحص كل سجين من قبل اختصاصي مؤهل في مجال الرعاية الصحية في أسرع وقت ممكن بعد دخوله وبعد ذلك عند الضرورة، الا أنه ووفقا للقانون والممارسات لا يسمح القانون الأردني للاشخاص المحتجزين بالإستعانة بالفحص الطبي المستقل الا بقرار قضائي.
3.الحق في الإتصال بالعالم الخارجي
يشكل كفالة حق الاشخاص المحتجزين بالإتصال بالعالم الخارجي عاملا بالغ الأهمية في الحد من الانتهاكات التي يتعرض لها الأشخاص المحتجزين، فضلا عن كونه عاملا هاما في ضمانة المحتجزين وعائلاتهم،وفي الممارسة فإن كفالة حق المحتجزين بالإتصال بالعالم الخارجي يتعرض لتأخير ويمارس ذلك بشكل روتيني.
1.3الإعتماد على الإعتراف كعنصر إدانة في القضايا الجزائية
إن الإفراط في الاعتماد على الاعترافات على عكس مصادر الأدلة الأخرى، يساهم في خلق مناخ محفز للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون على تفادي الضمانات القانونية الأساسية كالحق في الحصول على التمثيل القانوني وذلك للحصول على الإعتراف، وقد اوضحت التجارب بأن استخدام التعذيب كأداة للحصول على الإعتراف يعد خرقا خطير للحق في سلامة النفس والجسد بالإضافة الى كونها غير قانونية وغير اخلاقية، وتعتبر ايضا أداة غير فعالة في جمع المعلومات الدقيقة.
ووفقا للمعايير الدولية بالإضافة للحظر المطلق للتعذيب، فإنه لكل شخص الحق في عدم ارغامه على الاعتراف ضد نفسه او الإعتراف بالذنب، ولا يجوز الاستهتار بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب كدليل في أية إجراءات.
(هناك اجماع دولي متزايد على أن أساليب التحقيق القائمة على أسس قانونية وعلى الأدلة للحصول على المعلومات دقيقة وذات مصداقية ويحد من مخاطر استخدام التدابير غير القانونية والقسرية ويحسن من نوعية وشرعية التحقيقات الجنائية وجودتها).
وقد اعربت لجنة مناهضة التعذيب عن القلق لأن من الشائع جداً، في نظام التحقيق المعمول به في الاردن، إذ يشكل الاعتراف دليلاً يسمح بملاحقة شخص وبمعاقبته. وتعرب عن قلقها من استناد الكثير من الإدانات الجنائية إلى اعترافات بما في ذلك فيما يتعلق بقضايا الإرهاب، مما يهيئ ظروفاً من شأنها أن تشجع اللجوء إلى التعذيب وإساءة معاملة الشخص المشتبه فيه (المادتان 2 و15).
وحثت الاردن كدولة طرف بأنه ينبغي أن تتخذ الدولة الطرف التدابير اللازمة لضمان استناد الإدانات الجنائية إلى أدلة أخرى غير اعترافات المتهم، خاصة حينما يتراجع المتهم عن اعترافاته أثناء المحاكمة، وألا يعتد بالتصريحات المنتزعة تحت التعذيب كدليل يمكن استخدامه أثناء الإجراءات، إلا إذا كانت هذه الإجراءات ضد الشخص المتهم بارتكاب التعذيب، وذلك وفقاً لأحكام الاتفاقية.
وحثت اللجنة الاردنية أن تراجع الإدانات الجنائية الصادرة بالاستناد إلى الاعترافات فقط، حتى يتسنى تحديد الحالات التي استندت فيها الإدانة إلى اعترافات منتزعة تحت التعذيب أو سوء المعاملة. كما يطلب إليها، من جهة أخرى، اتخاذ جميع الإجراءات التصحيحية المناسبة وإبلاغ اللجنة بالنتائج التي تخلص إليها.
ان عدم كفالة الحقوق الأساسية للأشخاص المحتجزين، والضمانات الاجرائية المرتبطة فيها، لا يجعل تحقيق العدالة المنصفة والشفافة أمرا مستحيلا فحسب، بل أيضا يفسح المجال لممارسات غير قانونية وغير اخلاقية كالتعذيب وسوء المعاملة بالإنتشار وذلك من خلال ابقاء مراكز الإحتجاز المؤقت بعيدة عن أنظار الرقابة القانونية الفعالة مما يسهم في إبقاء دائرة الإتهام في ممارسة التعذيب.
ويلاحظ ان المركز انه بالرغم من ان القانون الاردني يكرس العديد من الضمانات الأساسية لصالح المحتجزين من أجل منع حدوث أعمال التعذيب، ومع ذلك، فإنّه ينظر بعين القلق إزاء استمرار القيود المفروضة على ممارسة بعض هذه الضمانات الأساسية، سواء في من خلال تفسير النصوص القانونية في نطاق ضيق أو في الممارسة. ومما يؤشر على وجود نمط ثابت من الممارسات بصفة خاصة عدم استطاعة الاشخاص المحتجزين لدي ادارتي البحث الجنائي ومكافحة المخدرات من مقابلة المحامين وعدم امكانية الاستفادة من خدمات المساعده القانونية خدمات المساعدة القانونية غير ممكنة إلا للقصّر والأشخاص المعرضين لعقوبة سجن تتجاوز مدتها خمس سنوات. وتأسف اللجنة لقلة المعلومات المتعلقة بالتنفيذ العملي للضمانات الأساسية الأخرى مثل زيارة طبيب مستقل وإخطار الأسرة (المادتان 2 و11).
ويؤكد المركز ان كفالة الضمانات الاساسية للأشخاص المحتجزين بشكل اساسي لأي اطار وقائي يساهم في خلق بيئات احتجاز خالية من التعذيب ويؤدي الى تعزيز ثقة الجمهور في نظام العدالة الجنائية.
ولغايات كفالة الضمانات الاساسية للأشخاص المحتجزين، ومنع تعرضهم للتعذيب وينبغي اتخاذ خطوات عملية وفورية لضمان ما يلي:
1.كفالة حق الأشخاص المحتجزين في الإستعانة بالمحامين فور القاء القبض عليهم.
2.تمكين الأشخاص المحتجزين من الاتصال بشخص يختاره لاخباره عن مكان احتجازه والسماح للعائلة بالإلتقاء بهم .
3.تمكين الأشخاص المحتجزين من الحصول على فحص طبي مستقل.
4.الحد من التوقيف الإداري للأشخاص المحتجزين المتهمين بقضايا جزائية.
5.ان يتم التحقيق والمتابعة في كافة مزاعم التعرض للتعذيب أو اساءة المعاملة على نحو سريع دون الحاجة لتقديم شكوى رسمية .
6.السماح بحصول الجمهور ومنظمات المجتمع المدني على احصائيات عن عدد الشكاوى والتحقيقات والمحاكمات لقضايا التعذيب وسوء المعاملة المزعومة، ونتائج تلك الإجراءات.
7.ان لا تعتمد التحقيقات على انتزاع الاعترافات مما يساهم في انتشار التعذيب وسوء المعاملة.
8. وجود الية فعالة لمعالجة الشكاوى المتعلقة بالتعذيب أو إساءة المعاملة، بالإضاقة الى غياب التحقيقات الفعالة، ما يؤدي الى عدم قيام الأشخاص بتقديم الشكاوى خوفا من الإنتقام .
اوضاع الاحتجاز اثناء جائحة كورنا
يرتبط الحق في السلامة الجسدية وحظر التعذيب وسوء المعاملة او العقوبة القاسية وللاانسانية والصحة ارتباطا وثيقا في حقوق الإنسان واكدت ذلك الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، حيث يعتير الحق في الطعام والشراب ، والمحافظة على الكرامة الإنسانية، وعدم التمييز، والمساواة، من اهم الحقوق المرتبطة في الحق قي السلامة الجسدية.
أثرت الإجراءات المتخذة بسبب جائحة كورونا الى فرض حظر التجوال وعدم السماح بتنقل معظم المواطنيين خلال فترة الحظر , ورصد المركز اوضاع المحتجزين اثناء احتجازهم بجرم خرق اوامر الدفاع اثناء فترة الحظر الى تعرض المحتجزين لانتهاكات تمس الصحة والسلامة العامة والكرامة الانسانية ,حيث كشفت الادعاءات الى تعرض الاشخاص الذين خرقوا امر الدفاع الى عمليات تفتيش تمس الكرامة الانسانية وترقى لسوء معاملة وتنتهك حقوقهم وفقا للتشريعات الوطنية والمعايير الدولية.
كما اشتكى عدد من المحتجزين الى عدم توفير وسائل الصحة والسلامة العامة من حيث الاكتظاظ في مكان التوقيف وتناوب المحتجزين على النوم على فرشات اسفنجية فرشة لكل محتجزين وعدم توفير مياة الشرب والاكواب بشكل يمنع انتقال العدوى بوضع تيرموس ماء و 4 أو 5 أكواب لكل 150 محتجز تقربياً، كما اشتكى المحتجزين من سوء وجبات الطعام، وعدم نظافة المرافق الصحية وتوفير مواد التنظيف، وتوقيف الاحداث مع البالغين, كما منع المحتجزين من الاتصال مع العالم الخارجي وعدم تسهيل وسائل الاتصال لابلاغ عائلاتهم عن مكان وجودهم , وعدم اجراء فحصوصات كورنا وتوفير الرعاية الصحية للمحتجزين ,وكل هذة الادعاءات كشفت الى غياب التنظيم وعدم مرعاة الظروف الانسانية للمحتجزين وان مثل هذة التصرفات قد ترقي الى مستوى المعاملة الغير انسانية او المهينة على نحو يشكل مخالفة للتشريعات الوطنية وللقانون الدولي لحقوق الانسان.
-قانون منع الجرائم والتوقيف الاداري
بلغ عدد الموقوفين ادارياً عام 2020 (21322) نزيلاً مقارنة بـ (37853) عام 2019، وبالرغم من هذا الانخفاض الا ان التوقيف الاداري ما زال يشكل انتهاكاً صارخاً للحق في الحرية الشخصية، ومخالفة لأحكام الدستور، وهذا ما أكدته المادة 7 من الدستور الأردني، حيث نصت:
1.الحرية الشخصية مصونة.
2.كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة، أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون.
يستند الحكام الاداريون في إصدار قرارات التوقيف الإدراي إلى قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954، ويشكل التوقيف الإداري اعتداء على صلاحيات السلطة القضائية، وانتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات، ويترافق ذلك مع تعسف الحكام الإداريين باستخدام السلطة الممنوحة لهم وفقا لأحكام القانون، بحيث يتم فرض كفالات مالية كبيرة على الأشخاص الموقوفين إدارياً دون وجود ضوابط، أو معايير محددة لها.
وسلطة فرض القيود على حرية الأشخاص ممنوحة لمسؤولين من السلطة التنفيذية هم الحكام الإداريون. ولا ينص القانون على مراجعة سلطة قضائية مستقلة لقانونية تطبيق القانون، ولا يتضمن أي آلية يمكن للمحتجزين بموجبها الطعن في قرارات المحافظ. ويمكن للمحافظ أن يطلب من وزير الداخلية إخلاء سبيل شخص، ويمكن للوزير من تلقاء ذاته، وفي أي وقت أن يُعدل قرارات المحافظ في هذا الشأن أو يلغيها. والشخص المحروم من حريته له الحق في الطعن في عدم قانونية احتجازه أمام المحكمة الادارية، وهي المحكمة المختصة بمراجعة قرارات التوقيف الإداري.
ويسمح قانون منع الجرائم للحاكم الإداري بالمبادرة بإجراءات الاحتجاز الإداري بحق الأشخاص الذين على وشك ارتكاب أي جرم، أو المساعدة على ارتكابه، ومن «اعتاد» اللصوصية، أو إيواء اللصوص، أو إخفاء الأموال المسروقة، أو أي شخص إذا سُمح له بأن يبقى طليقاً بلا كفالة، و»يمثل خطراً على الناس».
وبموجب هذا القانون يمكن للمحافظ أن يستعين بعقوبات أكثر صرامة. إذ يحق له أن يطلب من المشتبه به أن يقدم تعهداً شخصياً بـالمحافظة على الأمن العام، وأن يكون حسن السيرة، و أن يطلب من شخص ثالث أن يتولى دور «الكفيل» بأن المشتبه به سيحافظ على تعهده، ويمكن أن يأمر بمبلغ من المال ضمانة إضافية. ولا يمكن تمديد التعهدات لأكثر من عام، لكن يمكن للمحافظ أن بصدر قرار احتجاز جديد ما إن ينتهي القرار الأول.
ذلك لأن القانون يخول الحاكم الإداري توقيف الشخص الذي يخفق في تقديم التعهد، أو الإتيان بطرف ثالث كفيلاُ أو توفير كفالة مالية. ويحدد الحاكم الإدراي حجم الكفالة المالية بناء على إرادته الخاصة، ولا يوجد حد أقصى، أو معايير لتقييم أحوال الشخص المعني. ويمكن للمحافظ ولأي سبب أن يرفض قبول أي كفيل لا يرضى عن كفالته، إضافة إلى أنه بإمكانه أن يرفض الكفلاء الحاليين لأشخاص يرى أنهم أصبحوا غير أهل للكفالة. وتؤدي هذه السلطة الواسعة الممنوحة للحاكم الإداري والمتعلقة بفرض كفالات مالية ورفض من هم على استعداد لتقديمها إلى احتجاز آلاف الأشخاص الذين لا تُنسب إليهم أية اتهامات محددة بجرائم جنائية.
ومن الناحية الرسمية، فإنه يتوجب على المحافظ أن يُصدر مذكرة حضور للمشتبه به، وعليه أن يمثل أمامه بشخصه، ولا يحق له أن يُصدر مذكرة للقبض على الشخص إلا إذا لم يمثل أمامه خلال مدة معقولة. وينص قانون منع الجرائم على أن قانون أصول المحاكمات الجزائية يُطبق فيما يخص إجراءات التوقيف، والتحقيق، فيما يصدر مسؤولو وزارة الداخلية مذكرات الحضور والتوقيف والاحتجاز بحق من لا يقدمون ضمانات غير قضائية.
ولا يعترف قانون منع الجرائم بقرينة البراءة (المتهم بريء حتى تثبت إدانته)، إذ يقع عبء الإثبات على المدعى عليه لدفع الاشتباه عنه من كونه خطراً على الناس، أو على وشك ارتكاب جرم أو اعتاد اللصوصية. وليس على الحاكم الاداري أن يثبت أن المشتبه به يشكل خطراً على الناس، أو أنه اعتاد اللصوصية، أو على وشك ارتكاب جرم، وعلى المشتبه به أن يقنع المحافظ بأن هذه الافتراضات لا أساس لها. والقاعدة العامة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان أن الاحتجاز، ولا سيما لغايات المحاكمة، يجب أن يكون هو الاستثناء، وليس القاعدة، فمن الواجب إثبات الحاجة لهذا الاحتجاز من قبل السلطات كلما أقدمت على الاحتجاز .
-شمول جريمة التعذيب بقانون العفو العام
من العوامل الأكثر أهمية في استمرار ظاهرة التعذيب، وسوء المعاملة، هو استمرار الإفلات من العقاب، سواء كان ذلك (قانونا أم واقعاً) ممارسات تشريعية، أم ممارسات عملية، وتتضمن أسباب الإفلات من العقاب قانوناً تدابير تتيح لمرتكبي التعذيب الإفلات من المسؤولية القانونية ، عبر وسائل عدة من بينها شمول جريمة التعذيب بأحكام التقادم، أو إقرار قوانين تنص على إعفاء، أو منح العفو لمرتكبي جريمة التعذيب.
ومن الأهمية الإشارة إلى الرأي الفقهي للجنة حقوق الإنسان الذي خلصت إليه في تعليقها العام رقم 20 المؤرخ ب 3 نيسان/أبريل 1992 المتعلقة بحظر التعذيب «إلى أن العفو يتناقض، بوجه عام، مع واجب الدول في التحقيق في هذه الأفعال (التعذيب)؛ وضمان الحماية منها في دائرة ولايتها، والسهر على ألا تحدث ثانية في المستقبل».
إذا أن قوانين العفو تحمي المسؤولين عن التعذيب، وتسقط العقوبة عنهم وتنهي أية محاكمات منظورة ضدهم، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى المساهمة في تعميم ثقافة الإفلات من العقاب. الذي يشكل بحد ذاته انتهاكا للقانون الدولي.
وقد شهد عام 2019 صدور قانون العفو العام رقم (5لسنة 2019) ولم يتم استثناء جريمة التعذيب المنصوص عليها في المادة 208 من قانون العقوبات الأردني من أحكامه مخالفة بذلك أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية أو المهينة، التي صادق عليها الأردن ونشرها في الجريدة الرسمية , والتعليقات العامة للجنة مناهضة التعذيب، باعتبارها من الجرائم الخطيرة التى يجب أن لاتسقط بالتقادم، ولا يشملها العفو العام، أو الخاص، وقد استفاد عدد من الأشخاص ممن سبق ان تمت إحالتهم إلى محكمة الشرطة، و/أو في أثناء التحقيقات بعد أن تم شمولهم بأحكام قانون العفو العام رقم 5 لسنة 2019، وتم وقف ملاحقتهم عن جرم التعذيب لشمولها بأحكام قانون العفو العام، مما أسهم بإفلاتهم من العقاب الجنائي والإدراي.
انتهاك الحق في الحياة والسلامة الجسدية المرتبط بجريمة التعذيب وإساءة المعاملة
رصد المركز بعض حالات التعذيب وسوء المعاملة التي تنتهك الحق في الحياة والسلامة الجسدية
1.(ح- ع)
افاد المدعو (ح ع) انه بتاريخ 22/3/2020 اتصل معي جارِ واخبرني بانه زوجته قد اجريت عملية قيصرية وانه يريد دواء لزوجته وحليب للطفل الرضيع لكوني اعمل صيدلي, ورفضت في البداية لوجود امر دفاع لحظر التجوال في ذلك الحين، بعدها قام جارِي بالاتصال بالدفاع المدني واخبروة انه لا مانع الذهاب الى الصيدلية، ووردني اتصال من الدفاع المدني للذهاب لفتح الصيدلية واخضار الدواء والحليب لهم.
وبناء على الاتصال حضر جارِ ي بسيارته الخاصة كونه يحمل تصريح وذهبنا الى الصيدلية وقمت باحضار الدواء والحليب، واثناء عودتنا قامت دورية شرطة وعند دوار القويسمة تحديداً بايقافي واخبرتهم بما حدث وطلبنا منهم الاتصال بالدفاع المدني او حتى الاستماع للمكالمة، الا انهم رفضوا رفضاً باتاً الاتصال او الاستماع، وبعدها تم اصطحابي الى مركز امن القويسمة ، وعند اصطحابي الى النظارة قمت باخبار احد رجال الشرطة انني ليس مجرم وانني قد قمت بعمل انساني. واثناء حديثي مع رجل الامن جاء رجل امن اخر وقام بسحلي على الدرج الى باب النظارة.
وبعدها قام احد افراد الأمن العام بالتحدث معي بالفاظ نابية تمس الكرامة الانسانية ، ثم حضر شخص ثالث من افراد الامن العام وطلب مني بخلع ملابسي بشكل كامل، والصعود والنزول بطريقة مهينة جداً واثناء تواجدي بالنظارة طلبت الاتصال مع والدتي كونها كبيرة بالسن ووضعها الصحي سيئ وانا المشرف على اعطائها الدواء الا انهم رفضوا رفضاً باتاً.
وفي مساء ذات اليوم تم اصطحابي مع مجموعة من الاشخاص الى مدرسة عسكرية في خو حيث قاموا مرة اخرى بتفتيشنا وخلع ملابسنا بشكل كامل وبطريقة مهينة تنافي الحياء العام والتلفظ علينا بالفاظ مهينة. وبعدها تم وضعنا في غرفة فيها ما يقارب( 50) شخص، حيث كنا ننام كل شخصين على فرشة واحدة، وكان الوضع سيئ جداً من حيث النظافة ، كنت لا اتناول الطعام لكي لا اقوم بالذهاب الى المرافق الصحية .
وفي ظهيرة اليوم التالي بتاريخ 24/3/2020 طلبت الحديث مع احد المسؤولين وبالفعل جاء احد المسؤولين وقمت بالحديث معه واخبرتة اني اعمل صيدلي وان الوضع الصحي في ظل الوضع القائم خطير جداً بسبب الاكتظاظ في الاعداد ولا سمح الله في حال وجود اي عدوى سوف تنتقل الينا بسبب سوء النظافة ,و كان يتم وضع تيرموس ماء و 4 أو 5 كاسات ماء لكل 150 موقوف تقريباً.
كما افاد انه في اليوم الثالث تم تقليل العدد الى 30 شخص ووضع 30 فرشة متلاصقة في كل غرفة ولكن بقى وضع المرافق الصحية سيئ جدا ولم يتم توفير مواد تنظيف
كما افاد انه بسبب سوء الاوضاع قامت مجموعة من الموقفين بالاضراب عن الطعام، وبسبب الاضراب .حضرت مجموعة من افراد الامن العام يتجاوز عددهم 10 افراد وسمعنا اصوات الضرب والصراخ من المبنى الذي امامنا مباشرة وبعدها جاء احد رجال الأمن وقام بتهديدينا بالحرف الواحد(فرجوني مين اتخن شنب بده يضرب عن الاكل خليني افرجيكم فيه ) مع العلم ان اثناء توقيفنا شاهدت اطفال قصر ورجال كبار في العمر.
كما ادعى انه في اليوم الرابع تم اخراجنا في تمام الساعة 11:00 صباحاً لساحة المدرسة للافراج عنا وبقينا لتمام الساعة 10:00 ليلاً ، وبعدها تم اصطحابنا الى مركز امن القويسمة وقاموا بالافراج عني وسالتهم عن كيفية الخروج وفي ظل وجود منع حظر تجوال ,حيث قاموا بالختم على يدي واخبروني في حال تم ايقافي من قبل رجال الامن اريهم ذلك الختم.
وافاد المدعو (ح ا)اني طلبت من احد المسؤولين اجراء فحص كورونا بسبب توقيفنا و بسبب الاختلاط لما فيه خطورة على الصحة العامة لكن لما يستجاب لي , ومنذ ذلك اليوم وبسبب ما تعرضت له من اساءات مهينة تمس الحياء العام والكرامة الانسانية اعاني من حالة نفسية سيئة ولا استطيع النوم او العودة الى الحياة بشكل طبيعي .
وقام المركز بتسجيل قضية للمدعو (ح)وتمت احالتها الى محكمة الشرطة و بتاريخ 224 2021صدر قرار حكم بحبس المشتكى علية شهر وتم توصيف التهمة الى مخالفة الاوامر والتعليمات فقط وتم استبدال الحبس بالغرامة.
2.(خ 1)
افاد المدعو (خ ا) انه بتاريخ 10/1/2021 واثناء تواجدي بالقرب من مجلس النواب لحضور وقفة سلمية للمعلمين وفي تمام الساعة 12 ونصف تقريبا، واثناء القاء كلمة لنائب نقيب المعلمين ، قامت مجموعة من رجال الامن العام بتفريق المجتمعين بواسطة الهروات والضرب وتم القاء القبض علي وسحلي من الخلف بطريقة عنيفة إلى باص التوقيف، واثناء سحلي حضر فرد اخر من افراد الامن العام وقام بركلي علي قدماي بشكل عنيف ومهين دون اي سبب مبرر وسقطت على الارض ولم استطيع الحراك, وان هناك فيديو مسجل لما جرى معي تداولته وسائل التواصل الاجتماعي.
كما افاد الدعو (خ ا)ان رجلان من افراد الامن العام قاموا بشد يداي الى الخلف بشكل عنيف وبعدها حضر أحد رجال الامن العام باللباس المدني قبل دخولي الى باص التوقيف وطلب مني إبراز بطاقة الاحوال وخاطبني بشكل مهين بالرغم من عدم ابدائي اي مقاومة او اعتراض وطلبت منه ان يقوموا بترك يداي لاعطائه البطاقة وبعد ذلك تم وضعنا بباص الاعتقال لمدة نص ساعة وبعدها تم اطلاق سراحي.
تم تسجيل شكوى لدى الادعاء العام الشرطى وصدر قرار بتاريخ 262021 بحفظ الاوراق.
3.(ف غ)
بتاريخ 20/12/2020 تم مقابلة شقيق المتوفي (ف.غ)، حيث افاد انه بتاريخ 8/12/2020 اثناء تواجد شقيقي في منطقة الاغوار الشمالية مع صديقه يدعى (ه ص ) ، وفي تمام الساعة الرابعة عصراً ، تم القاء القبض على شقيقي المرحوم وصديقه من قبل ادارة مكافحة المخدرات، حيث علمت زوجة المرحوم بإلقاء القبض عليه وذهبت الى مركز امن دير السعنة لمقابلته واخبروها إن زوجها ليس موجود لديهم، وانه اثناء القبض عليه سقط وتم تحوليه لمستشفى عجلون لتلقي العلاج اللازم.
كما افاد ان في مساء ذات اليوم اتصلت شقيقته باحدى رجال الامن الذي كان متواجد اثناء القاء القبض على شقيقها ويدعى (ص )واخبره انه اثناء المطاردة تم ضربه وهو الان في مستشفى عجلون .وتمكنت شقيقتي بالاتصال بشقيقي المتوفى حيث اخبرها بانه تم دعسه على قدميه وضربه على رأسه.
كما افاد ان بتاريخ 14/12/2020 تقرر اجراء عملية جراحية لشقيقي المتوفى بساقه لوضع اسياخ في القدم . وقبل اجراء العملية تمكنت والدتي وشقيقتي وزوجته من زيارته ، واخبر المرحوم شقيقتي انه تعرض للضرب اثناء القاء القبض عليه. و بعدها دخل غرفة العمليات في الساعة 10:00 صباحاً ولم يردنا اي خبر عنه، حيث استغرقت العملية ساعات طويلة، وغادرنا المستشفى الساعة 4:00 عصراً دون مشاهدته.
وفي صباح 15/12/2020 ورد اتصال لوالدي يفيد بوفاة شقيقي، ورفضنا استلام الجثة لحين معرفة اسباب الوفاة.
وفي مساء ذات اليوم تم اللقاء مع محافظ اربد ومدير الشرطة ونائب المحافظ، حيث تم الاتفاق على ان يتم التشريح من قبل لجنة ثلاثية لمعرفة اسباب الوفاة واتخاذ كافة الاجراءات القانونية.
وبتاريخ 16/12/ 2020 وبعد الاتفاق مع المحافظ ومدير الشرطة ذهبنا لاستلام الجثة حيث شاهدت اثار ضرب على الرأس من الخلف.
وتابع المركز القضية امام مدعي عام الشرطة وفي الشهر التاسع من عام 2021 صدر قرار مدعي عام الشرطة بمنع محكمة المشتكى عليهم.
4.(م ح)
بتاريخ 5/7/2020 تم اللقاء مع السيدة (ر ك ) زوجة المرحوم (م ح) حيث افادت انه اثناء متابعتي مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 15/3/2020 علمت بوجود احداث شغب في مركز اصلاح باب الهوا اربد، وبعد مشاهدة الاخبار ذهبت انا وشقيق زوجي الى مركز اصلاح وتأهيل باب الهوا حيث لم يسمح لنا بالدخول او السؤال عن زوجي بسبب وجود احداث شغب، حيث شاهدنا النزلاء متواجدين على سطح المركز وغاز مسيل للدموع بشكل كثيف وبسبب سوء الاوضاع وعدم قدرتنا على التحمل غادرنا المكان دون الحصول على اجابة.
كما ادعت انه وفي صباح اليوم التالي 16/3/2020 قمت بالاتصال بمركز اصلاح وتأهيل باب الهوا وعند سؤالي عن زوجي اخبروني بأنه بخير وسوف يتم الاتصال بنا بعد استقرار الاوضاع.
وافادت انه بتاريخ 17/3/2020 قام شقيق زوجي بالاتصال معي واخبرني بانه تم اصطحاب والدته من قصر عدل اربد بواسطة البحث الجنائي الى مركز امن المدينة في اربد وقاموا باخذ بصمة منها ولم تتمكن من معرفة سبب ذلك . وبعدها قاموا باخبارنا ان هناك وفيات نتيجة احداث الشغب التي دارت في مركز اصلاح وتأهيل بابا الهوا وان الجثث موجودة في مستشفى البشير للتعرف عليها، وبالفعل ذهبنا انا وشقيق زوجي الى مستشفى البشير ولم يسمح لنا بالبداية الدخول الى المشرحة، وبعد ساعة تقريباً قام شقيق زوجي بالدخول الى المشرحة وشاهد الجثث حيث تعرف على جثة شقيقه التي كانت متفحمة بالكامل من خلال علامة موجودة على صدره وبعدها عدنا للمنزل.
بتاريخ 18/3/2020 حضر مدير الشرطة عند أهل زوجي حيث رفضة استلام الجثة ودفنها لحين معرفة كيف حصل ذلك واسباب الوفاة، الا ان مدير الشرطة اخبرنا ان كل انسان سيحصل على حقه، وبعدها استلمنا الجثة من مستشفى البشير وتم احالتها الى مستشقى بديعة وكانت الجثة متفحمة ويصعب التعرف عليها.
وبتاريخ 19/3/2020 قمنا بدفن زوجي ولغاية تاريخ المقابلة لم يتم استدعانا للجهة المختصة او الاستماع لاقوالنا.
5.(م 1)
بتاريخ 8/10/2020 تم اللقاء مع السيد (ع ا )والد المرحوم(م ا) والذي افاد انه في يوم الخميس 24/9/2020 واثناء جلوس ابني محمد مع مجموعة مع اصدقائه في المنزل قام ولدي بتكسير اثاث المنزل، واتصلت والدته معي واخبرتني بما حدث حيث طلبت منها الاتصال بالمركز الامني، وبعد اتصال والدته بالمركز الامني حضروا الى المكان في حدود الساعة 5:00 مساءً وتم القاء القبض عليه.
كما افاد والد المتوفى وانه وفي مساء ذات اليوم ذهبت والدته للسؤال عنه وكانوا يخبروها انه ليس موجود لديهم واستمر ذلك لمساء يوم السبت 26/9/2020 ، وفي مساء السبت واثناء وجود والدتة بالمركز الامني اخبروها احضار ملابس المرحوم ل(م ا)لغايات تحويله في اليوم التالي لمحكمة غرب عمان حيث قامت باحضار ملابسه ولكن لم يسمح لها بمشاهدته.
كما افاد والده انه وفي صباح يوم الاحد 27/9/2020 مثّل المرحوم (م ا)امام المدعي العام حيث شاهدته والدته ولم تسطيع الحديث معه، وحيث كان في حالة تعب ولم تشاهد اي اثار ضرب عليه ، وتم الافراج عنه من قبل المدعي العام وبعدها تم اعادته للمركز الامني واحالته الى متصرفية وادي السير وتوقيفه.
وبذات اليوم طلبت والدته من المتصرف الافراج عنه وبالفعل سمح بذلك، الا انه تم اعادته لمركز امن البيادر وتوقيفه دون معرفة سبب التوقيف.
وافاد انه وفي مساء الاثنين 28/9/2020 اتصل معي ابن عم لي يعمل في رئاسة الوزراء وطلب مني الحضور الى مركز امن البيادر ليخبرني ان ابني توفى .واثناء توجدنا انا واقربائي اخبروني ان ابني توفي بسبب تعاطيه المخدرات.
وفي ذات اليوم ذهب اقربائي وزوج ابنتي وشقيقة الى المدينة الطبية لمشاهدة المرحوم ابني وتم اصطحابهم الى ثلاجة الموتى وشاهدوه وجه ابني المتوفى فقط.
وفي اليوم التالي بتاريخ 29/9/2020 ذهب ابني وبعض افراد العائلة لتغسيله حيث شاهدوا اثار ضرب أعلى الرأس من الخلف والاقدام والظهر واثار شبح على المرفق ، بذات اليوم تم دفن ابني اكراما له.
6.(م هـ)
بناء على اتصال من السيد( ا ه) شقيق المدعو (م ه).حيث افاد انه في مساء الاثنين الموافق 29/6/2020 واثناء ذهاب شقيقي لشراء هاتف نقال في منطقة ام نوارة تفاجئ بوجود مجموعة من البحث الجنائي قامت بالقاء القبض عليه، علمت بذلك من خلال اتصالي مع رقم اعلان بيع الهاتف الذي ذهب شقيقي لشراءه ,حيث اجاب على الهاتف شخص افاد انه من بحث جنائي شرق عمان وشقيقي لديهم.
وبذات اليوم مساءً قمت بمراجعة مديرية شرق عمان و اخبروني بأن شقيقي ليس موجود لديهم انما تمت احالته لمركز امن ماركا، وعند ذهابي الى مركز امن ماركا افادوا ان شقيقي غير موجود لديهم.
وفي صباح اليوم التالي الثلاثاء الموافق 30/6/2020 قمت بمراجعة مديرية شرق عمان و اخبروني انه شقيقي ليس موجود لديهم وان اردت مشاهدته يجب ان انتظر لحين احالته للمحكمة.
وفي يوم الاربعاء بتاريخ 1/7/2020 قمنا بمراجعة مديرية شرق عمان مرة اخرى واخبرونا ان شقيقي ليس موجود لديهم، وبعد عدة محاولات لمعرفة مكان وجود شقيقي علمنا ان شقيقي تمت احالته لمركز امن النصر وعند مراجعتنا مركز امن النصر ، وهناك افادوا بانه تم احالة شقيقي الى مدعي عام شرق عمان، وعند ذهابنا للمدعي العام شاهدت شقيقي حيث اخبرني انه اثناء توقيفه تعرض للضرب والتعذيب والشبح والاهانة والشتم بكلمات تمس الحياء العام والكرامة الانسانية، كما افاد شقيقي انهم طلبوا منه الاعتراف بتهم لم يرتكبها وطول فترة توقيفه لم يتناول الطعام.
7.(م خ)
بتاريح 17/1/2021 افاد المدعو (م خ )انه بتاريخ 11/1/2021 واثناء تواجدي وانا ومجموعة من زملائي المعلمين في تمام الساعة 12,15 تقريبا للاعتصام امام الجهة الحلفية لوزارة التربية والتعليم ولدى وصولنا الى مكان الاعتصام وقفت مخاطب زملائي اننا هنا لاجل الوطن وهو فوق كل اعتبار واننا جميعا سنقف ضد اي معلم يلحق الضرر للوطن وهتفت قائلا عاش المعلم عاش الوطن عاشت نقابة المعلمين. وما هي والا لحظات تفاجأت بعشرات من رجال الامن العام بالقاء القبض علي بطريقة مخيفة وغير مبررة من حيث العدد والطريقة وهناك فيديو مسجل بذلك. وبعدها تم اصطحابي الى مديرية شرطة وسط عمان وبقيت هناك ما يقارب 3 ساعات الى ان تم اطلاق سراحي.
8.(ن ع)
بتاريح 17/1/2021 افاد المدعو (ن ع ) انه في يوم الاحد الموافق 10/1/2021 واثناء ذهابي الى وقفة للمعلمين في تمام الساعة 12 ونصف تقريبا بالساحة المجاورة لمجلس النواب الاردني كان هناك تواجد امني كثيف حاول منعنا الوصول الى مكان الاعتصام ,حيث قام احد افراد الامن العام بطلب مني مغادرة المكان واخبرني في حال عدم مغادرتي سيقوم بضربي حيث اخبرتة بانني لم ارتكب شئ يخالف القانون واثناء تواجدنا في مكان الاعتصام طلب احد الظباط المتواجدين من افراد القوة الامنية المتواجدة تفريقنا حيث قامت مجموعة من رجال الامن العام بتفريق المجتمعين بواسطة الهروات والضرب بشكل عنيف بالرغم اننا كنا نقف بشكل سلمي ودون اغلاق الطرق واثناء ذالك جاء احد رجال الامن وقام بضربي بواسطة هروة على راسي ولم ابدي اي مقاومة وبعدها غادرت المكان ولم اقوم بتقديم اي شكوى.
9.(ر ع)
بتاريخ 18/9/2021 افاد السيد (ا ع )والد المتوفى (ر ع) انه بتاريخ 18/8/2021 وردني اتصال من مدير مركز امن ناعور لمراجعة مستشفى البشير واخبرني ان ابني قد فقز من الطابق الرابع اثناء مداهمة لقسم مكافحة المخدرات ,واثناء مراجعتي للمستشفى شاهدت ابني المتوفي ويوجد اثار حول رقبته وضربات على الشفة ورأسه منتفخ وتم تشريح الجثة واخبروني ان الوفاة جاءت على اثر سقوط.
كما ذكر انه قد علمت من اصدقاء ابني المتوفي انه تمت مداهمة الشقة من قبل 4 من افراد قسم مكافحة المخدرات اثناء تواجدهم في شقة بمنطقة الجبيهة عن طريق خلع الباب وفي لحظة المداهمة قام احدافراد المكافحة بسؤال وين. (ر ع) وكان يقصد ابني، حيث اخبروني اصدقائه ان تم تقيدهم وانزالهم من الشقة وبقى ابني موجود في الشقة مع افراد المكافحة.
كما ذكر والد الضحية ان احد افراد قسم المكافحة والذي كان ضمن الافراد الذين قاموا بالمداهمة كان في السابق قد قام بتهديد ابني ووعده بالانتقام منه على اثر خلافات شخصية.
وذكر والد المرحوم انه رفض استلام الجثة الا بعد اعادة التشريح وتقدمت بطلب الى نائب عام عمان لاعادة التشريح وبتاريخ 29/8/2021 وافقت على دفن ابني بعد صدور تقرير الطب الشرعي الثاني.
كما افاد والد الضحية ان ذات الشخص المشتبة به ان قد قام بضرب ابني المتوفي وانهاء حياتة كان قد قام بالقاء القبض على شخص قبل ثلاثة اشهر وادعى ان هذة الشخص قد توفي ايضا اثر سقوطة من الطابق الرابع.
ولابد الاشارة ان تقرير الطب الشرعي الثاني تضمن ان من الناحية العلمية والعقلية نستنتج أن السقوط لم يكن على الأطراف السفلية او العلوية مثل القدمين او راحة اليدين لعدم وجود كسور في الأطراف او عظم الحوض ونستنتج ان الرأس كان نقطة الارتطام، كما نستنتج أن مثل هذه الكسور لا تحدث في حالات القفز بإرادة انهاء الحياة ونظرا لغياب الكسور في الحوض والأطراف فإننا نستبعد موضوع إيذاء النفس أما إصابات الصدر وكسور الأضلاع فهي مستعرضه وهي الأكثر شيوعا وتحدث عند تعرض الضلع لمصادمة مباشرة بجسم صلب راض، وجدنا كسور عند الخط الخلفي ونقطة التقاء الضلع بالعمود الفقري من اليسار.
شكاوى وادعاءات التعذيب وإساءة المعاملة التي استقبلها المركزي الوطني لحقوق الانسان عام 2019 - 2020 م :
-ادعى ذوو المدعو (م ، ع) بتعرضه للتعذيب من قبل مجموعة من الأفراد العاملين في قسم إدارة مكافحة المخدرات والتزييف في مأدبا بتاريخ 24 / 4 / 2019 م. وقد قام المركز الوطني لحقوق الإنسان بتشكيل فريق لتقصي الحقائق حول الظروف المحيطة بهذه الشكوى ، حيث تبين للفريق بعد زيارة النزيل لدى مركز إصلاح وتأهيل بيرين تعرضه للاعتداء بدلالة الكدمات البارزة على أماكن متفرقة من جسده ، ما يؤكد شبهة جنائية بتعرض الضحية للتعذيب ، وبعد توثيق الحالة رفض الضحية التقدم بالشكوى نظراً لعقد صلح وجود عشائري؛ إذ تبين وجود صلة قرابة تجمعه بأحد الأفراد المعتدين.
-أفاد ذوو المدعو ( ع.ع ) بتعرضه لاعتداء أثناء تواجده في مركز إصلاح وتأهيل ماركا بتاريخ 13 / 8 / 2019 م . وقد قام المركز الوطني لحقوق الإنسان بتشكيل فريق لتقصي الحقائق حول الظروف المحيطة بهذه الشكوى ، حيث تبين للفريق بعد زيارة النزيل لدى مركز إصلاح وتأهيل ماركا تعرضه للاعتداء بدلالة الكدمات البارزة على وجه النزيل ، الذي ادعى بتعرضه للضرب من قبل أحد الضباط من مرتبات الأمن الوقائي بسبب رفض النزيل العدول عن الإضراب عن الطعام ، وبعد توثيق حالة التعذيب استقبل مدعي عام مكتب الشفافية وحقوق الإنسان شكوى النزيل وباشر التحقيق في القضية، ولم يصل المركز حتى تاريخه أي رد يتعلق بنتائج التحقيق.
-ادعى ذوو المدعو ( ب.ح ) بتعرضه للتعذيب من قبل مجموعة من مرتبات إدارة الأمن الوقائي في مركز أمن زهران ، وقد قام فريق المركز الوطني لحقوق الإنسان بزيارة المذكور أعلاه في مركز إصلاح وتأهيل ماركا العسكري لتقصي الحقائق حول الظروف المحيطة بهذه الشكوى ، حيث تبين للفريق تعرضه للضرب بدلالة بقايا آثار السحجات والكدمات على ظهره ، وتم توثيق حالة التعذيب.
-ادعى ( م.ر ) إصابة عينه اليسرى بعيار ناري أثناء قيام مجموعة من العاملين لدى إدارة مكافحة المخدرات والتزييف بإلقاء القبض عليه أثناء وجوده في مركبة بتاريخ 31 / 3 / 2019 م ، على الرغم من عدم مقاومته أو حيازته لأي سلاح . وقد خاطب المركز عطوفة مدير الأمن العام بموجب كتابه رقم ( ح أ / 24 / ص ش ) بتاريخ 10/ 4/ 2019 م مطالباً بإجراء تحقيق حول الشكوى، ولم يتلق المركز أي رد حتى تاريخه.
-ادعت زوجة المدعو (س.م) تعرضه للضرب وأطفاله (س . 11 سنة ، ل . 14 سنة) من قبل مجموعة من العاملين لدى إدارة البحث الجنائي لدى مداهمة منزلها الكائن في منطقة مرج الحمام بتاريخ 29 / 12 / 2018 م ، وقد خاطب المركز الوطني لحقوق الإنسان عطوفة مدير الأمن العام بموجب كتابه رقم (ح أ / 38 / ص ش) بتاريخ 28 / 4 / 2019 م مطالبا بإجراء تحقيق حول الشكوى، إلا أن المركز لم يتلق أي رد حتى تاريخه.
-أدعت السيدة ( و.أ ) قيام مجموعة من مرتبات البحث الجنائي بمداهمة منزلها بتاريخ 19 / 6 / 2019 م والدخول عنوة لغرفة النوم وإلقاء القبض على زوجها المدعو ( ع.غ ) ومنعها من ارتداء ملابسها ودفعها وضرب زوجها ضرباً مبرحاً وتعمد ضربه أمام جيرانه ، واقتياده إلى مركز أمن سحاب . مع العلم أنه غير مطلوب لأي جهة أمنية ، وبسبب تكرار مثل هذه الادعاءات والشكاوى من قبل المواطنين ، خاطب المركز عطوفة مدير الأمن العام بموجب كتابه رقم ( ح أ / 125 / ص ش ) بتاريخ 19 / 8 / 2019 م مطالباً بضرورة تزويد المركز بمحاضر التحقيق حول هذه الشكوى ، إلا أن المركز لم يتلق أي رد حتى تاريخه.
- ادعى ذوو المدعو (س،ه) بتعرضه للتعذيب من قبل مجموعة من الأفراد العاملين في قسم إدارة مكافحة المخدرات في المقابلين بتاريخ 6/7/2020م. وقد قام المركز بتشكيل فريق لتقصي الحقائق حول الظروف المحيطة بهذه الشكوى، حيث تبين للفريق بعد زيارة النزيل لدى مركز إصلاح وتأهيل بيرين تعرضه للاعتداء وذلك بسبب طبيعة الكدمات البارزة على أماكن متفرقة من جسده، والمتمثله بآثار انتفاخ وازرقاق على الجهة اليسرى من وجه الموقوف، واحمرار واضح في العين اليسرى، واصابات في أصابع اليد اليمنى، وانتفاخ في أعلى الذراع الأيسر، بالإضافة إلى آثار ازرقاق على الفخذ الأيمن. ما أكد وجود شبة جنائية بتعرض الضحية للتعذيب، وبعد توثيق الحالة وجه الضحية للتقدم بشكوى أمام مدعي عام مركز إصلاح وتأهيل بيرين، والشكوى لديه ما زالت قيد التحقيق.
-أفاد المدعو ( ط،س) بتعرضه لاعتداء أثناء وجوده أمام منزله فجر يوم الإثنين الموافق 15/6/2020م من قبل مجموعة من الأشخاص يرتدون الزي المدني، اعتدوا عليه بالضرب بالهراوات والصعق بعصي الكهرباء، واقتادوه إلى مكتب مكافحة المخدرات/ جرش، وهناك يدعي الضحية تجريده من ملابسه بصورة مهينة والتحقيق معه وهو عار، وشتمه وتهديده باعتقال جده الثمانيني واهانته في حال رفض التوقيع على الإفادة. كما ادعى توقيعه على الإفادة تحت وطأة التهديد، وعرض على الطبيب الشرعي بقرار من مدعي عام أمن الدولة. شكل المركز فريقا للتحقيق من الشكوى والظروف المحيطة، تبين للفريق – بعد زيارة النزيل لدى مركز إصلاح وتأهيل أم اللولو – تعرضه للإعتداء من خلال الكدمات الظاهرة على جسده، والمتمثله بآثار ازرقاق على الكتف الأيسر للموقوف، وآثار « غرز « طبية في منتصف الرأس، وازرقاق أسفل العين اليمنى. كما أكد الضحية للفريق تقديمه شكوى بحق كل من شارك بالإعتداء عليه من مرتبات مكتب مكافحة المخدرات/ جرش أمام المدعي العام الشرطي المنتدب لدى مركز إصلاح وتأهيل باب الهوى، والشكوى لديه ما زالت قيد التحقيق.
-ادعى ذوي المدعوين (خ،ب) (س،ب) بتعرضهما للتعذيب من قبل مجموعة من الأفراد العاملين في قسم إدارة مكافحة المخدرات والتزييف في الرمثا بتاريخ 26/10/2020م. وقد شكل المركز فريقا لتقصي الحقائق حول الظروف المحيطة بهذه الشكوى، وزار الفريق النزيلين في مركز إصلاح وتأهيل البلقاء، وعند مقابلتهما ادعى النزيلان تعرضهما للاعتداء من قبل مجموعة من مرتبات مكتب مكافحة المخدرات بعد خروجهما من سوق الرمثا، اذ اعترضت مركبات مدنية طريقهما ونزل منها مجموعة من الأفراد الذين انهالو عليهما بالضرب واقتادوهما الى إدارة مكتب مكافحة المخدرات/ الرمثا. ومن الجدير بالذكر أن النزيلين قد رفضا التقدم بشكوى؛نظرا لتدخل أحد وجهاء المنطقة في صلح عشائري.
-ادعى ذوو المدعو ( ع ،أ ) بتعرضه للتعذيب من قبل مجموعة من الأفراد العاملين في قسم إدارة البحث الجنائي التابع لمركز أمن المدينة في محافظة المفرق بتاريخ 7/10/2020م. وقد سارع المركز الى تشكيل فريق للتحقق من الظروف المحيطة بهذه الشكوى، وزار الفريق النزيل لدى مركز إصلاح وتأهيل باب الهوى ووثق الحالة واستمع الى روايته التي يدعي من خلالها تعرضه للضرب من قبل مرتبات مفرزة البحث الجنائي لدى مركز أمن المدينة في محافظة المفرق، وبالكشف عن الضحية لم يلاحظ الفريق أي آثار على جسد الضحية توثق صحةادعاءاته، وأكد الضحية تقدمه بشكوى بحق حميع أفراد مفرزة البحث الجنائي وضم (م،ش)، (خ،ب)، (أ،ب)، (أ،ش) أمام مدعي عام مركز إصلاح وتأهيل باب الهوى، والشكوى لديه ما زالت قيد التحقيق.
التطورات المتعلقة بقضية المرحوم عمر النصر
نتيجة وفاة المرحوم عمر النصر لدى إدارة البحث الجنائي تحت التعذيب بتاريخ 30/9/ 2015 باشرت محكمة الشرطة النظر في القضية بداية عام 2016، وصدر الحكم الأول بتاريخ 11/4/2019 حيث قررت المحكمة بالإجماع ما يلي:
1.عملاً بأحكام المادة (263/2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية إعلان براءة المتهمين الرابع والخامس من التهمة المسندة إليهما وهي الضرب المفضي للموت خلافاً لأحكام المادة 330/1 من قانون العقوبات وبدلالة المادة 76 من القانون ذاته لعدم كفاية الدليل القانوني المقنع، والإفراج عنهما في هذه القضية.
2.عملاً بأحكام المادة(177) من قانون محاكمات أصول المحاكمات الجزائية إدانة المتهمين الأول والثاني والثالث بالتهمة الثانية المسندة إليهم بوصفها المعدل، وهي التسبب بالوفاة والإهمال وعدم مراعاة القوانين والأنظمة عملاً بأحكام المادة 343 من قانون العقوبات ونظراً لكون الإهمال وعدم مراعاة القوانين والأنظمة المرتكبة من قبل المتهمين من الأول وحتى الثالث وهم رجال أمن عام مكلفون بحماية الارواح ولجسامة خطئهم فإن محكمتنا تجد لزوم الارتفاع بالعقوبة بحقهم عن حدها الأدنى وتشديدها، وعليه تقرر محكمتنا الحكم عليهم بالحبس لمدة ثلاث سنوات لكل واحد منهم محسوباً لهم مدة التوقيف عملاً بأحكام المادة 343 من قانون العقوبات.
بتاريخ 22/10/2019 صدر قرار محكمة التمييز الأردنية بصفتها الجزائية، والذي أشار إلى أن واقعة ضرب المغدور عمر وتعذيبه تأكدت بالتقارير الطبية، وشهادة الأطباء واحتجازه لدى المتهمين من الأول للثالث من ساعة اعتقاله لحين وفاته كان تحت إمرتهم وإشرافهم، وبالتالي يكون المتهمون مسؤولين عن النتيجة التي تترتب على أفعالهم والتي تشكل في التطبيق القانوني كل أركان وجناية الضرب المفضي للموت بمقتضى المادة 330 من قانون العقوبات وليس كما ذهبت إليه محكمة الشرطة بقرارها بأن الفعل يشكل جنحة التسبب بالوفاة، الأمر التي يتوجب معه نقض القرار، و إعادة الدعوى لمحكمة الشرطة مرة أخرى.
وأن محكمة التمييز أيدت ما توصلت إليه محكمة الشرطة فيما يتعلق بشمول جريمة التعذيب بقانون العفو العام رقم 5 لسنة 2019 باعتبار أن القانون حدد بشكل واضح الجرائم المستثناة من قانون العفو العام، والجرائم التي يشملها العفو، ومن ضمنها جريمة التعذيب.
بتاريخ 30 / 1 / 2020 صدر قرار محكمة الشرطة الثاني في القضية رقم (44 / 2016) حيث قررت المحكمة الحكم على ثلاث من المتهمين بوضعهم بالأشغال المؤقتة لمدة سبع سنوات محسوبة لهم مدة التوقيف عملاً بأحكام المادة (330/1)من قانون العقوبات وبدلالة المادة (76) من القانون ذاته وتم تصديقة من قبل محكمة التمييز الاردنية بموجب القرار رقم 1319 / 2020 / تاريخ 13 / 8 / 2020 م.
ولابد من الإشارة هنا انه لم يتم تنفيذ العقوبة لغاية اعداد هذة التقرير بحق اثنان من المتهمين بالرغم من صدور قرار محكمة الشرطة بإدانة المتهمين الأول والثاني والثالث بالحبس سبع سنوات لكل واحد منهم محسوباً لهم مدة التوقيف وقد اكتسب الحكم الدرجة القطعية.
الاحصائيات الصادرة عن المركز الوطني المتعلقة بقضايا التعذيب وسوء المعاملة
حيث اشارت الإحصائيات الصادرة من المركز الوطني لحقوق الانسان حسب ما وردها من مديرية الامن العام لم تسجل لدى النيابة العامة الشرطية أي شكوى بحق العاملين في مديرية الأمن العام متعلقة بالتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية بحق المحتجزين في مراكز التوقيف الأولي في عام 2020م/ وذلك للعام الثاني على التوالي مقارنة ب (332) قضية في عام 2018م.
اما قضايا سوء المعاملة المرتكبة بحق نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل عام 2020م، فقد بلغت (42) قضية، منعت محاكمة(35) من قبل المدعي العام الشرطي بينما حوكم (7) أمام قائد الوحدة. مقارنة ب (17) قضية في العام 2019م.
أما الشكاوى التي تلقاها المركز الوطني لحقوق الإنسان من المواطنين المتعلقة بادعاءات تعرضهم هم أو ذويهم للتعذيب وسوء المعاملة على أيدي موظفي إنفاذ القانون والإدارات الأمنية المختلفة سواء في مراكز التحقيق الأولي أو مراكز الإصلاح والتأهيل أو في أثناء الزيارات الدورية التي يقوم بها مندوبو المركز لتلك الأماكن أو عن طريق الشكاوى التي ترد إليه من خلال الفاكس، والبريد الإلكتروني، والحضور الشخصي، وغيرها. فقد بلغت عام 2020م (37) شكوى تتضمن الادعاء بالتعرض للتعذيب وسوء المعاملة على أيدي موظفي إنفاذ القانون و الإدارات الأمنية المختلفة مقارنة ب (98) شكوى خلال العام 2019م.
وعند قراءات وتحليل الارقام تبين عدم وجود اي شكوى المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة بحق المحتجزين في مراكز التوقيف الأولي لعامي 2019و2020حسب الاحصاءات الصادرة من مديرية الامن العام والتى اوردها المركز الوطني لحقوق الانسان قي تقرير السنوي رقم 17 لحالة حقوق الانسان في المملكة الاردنية الهاشمية لعام 2020 بالمقابل نجد وجود العديد من الشكاوى المقدمة الى المركز الوطني لحقوق الانسان فقد بلغت عام 2020 (37) شكوى و (98) شكوى 2019عام و ( 86) شكوى عام 2018م تتضمن الادعاء بالتعرض للتعذيب وسوءالمعاملة على أيدي موظفي إنفاذ القانون والإدارات الأمنية المختلفة.
وان عدم وجود اي شكاوي امام الادعاء العام الشرطي بحق المحتجزين في مراكز التوقيف الأولي عامي 2019و2020 لايعكس الصورة الحقيقة لواقع التعذيب في الاردن , ,مما يؤكد الى وجود اشكاليات حقيقية في ملاحقة مرتكبي التعذيب وضعف المحاسبة والتحقيقات التى تجريها النيابة العامة الشرطية وعدم بذل الجهد اللازم من اجل مقضاة مرتكبي التعذيب ,مما يتوجب معة الى ضرورة حياد جهات التحقيق واستقلالها وعدم تبعيتها الى ادارة الامن العام, والى ضرورة وجود هيئات مستقلة عن الجهات المتهمة بارتكاب التعذيب لضمان حق الضحايا في الحصول على الانصاف بشان اي ادعاء لفرد تعرضة لتعذيب او سوء المعاملة . وعلى مديرية الأمن العام أن تتوصل إلى آلية جديدة ومستقلة لتلقي الشكاوى من الموقفين، على أن تخفي هوياتهم وتحميهم من الانتقام. ويجب احالت التحقيقات في الإساءات التي يرتكبها المسؤولون من الشرطة إلى الادعاء المدني، وأن يتم نظر القضايا من قبل المحاكم المدنية وليس محاكم الشرطة.
كما نستنتج وجود ضعف في التحقيقات التي تجريها النيابة والادعاء العام الشرطي حيث تجرى التحقيقات من قبل الادعاء العام الشرطي على نحوٍ متهاون لا يمكّن من التوصل إلى الحقيقة. ولا يُبذل أي جهد معقول في إطار التحقيق للحصول على بيّنات، وأدلّة خارجية، والأدهى من ذلك أنّ ما تقوم به النيابة الشرطية عند الاستماع إلى الافادات هو تدوين الإفادات دون السعي إلى البحث عن الحقيقة حتّى عندما تظهر أمامهم تناقضات بين أقوال المتهمين، وأقوال المشتكين,ويتمّ تحويل ملفّ التحقيق بعد الانتهاء إلى النيابة الشرطية، التي تقبل رواية أفراد الشرطة المشتبه بهم، وغالبًا دون الاستناد لأيّة أدلّة. وتكتفي بالتحقيقات الشكلية التي يجريها الادعاء العام الشرطي، «وهذا يعكس سياسة النيابة العامة الشرطية التابعه لمديرية الأمن العام في عدم البحث في مضمون الشكوى المقدمة، أو البحث في الأدلة التي يمكن استنتاجها من ظروف الشكوى، ووقائعها.
وحتى في الحالات القليلة التي تمت إحالة المشتبه بهم إلى محكمة الشرطة فإن جميع التحقيقات التي أجراها المدعى العام الشرطي لم تكن كافية لإدانة هؤلاء الأشخاص، مما يتيح لهم فرصة الإفلات من العقاب.
الضمانات الاساسية التي يجب كفالتها للحد من وقوع التعذيب
•حظر أماكن الاحتجاز غير المصرح بها
لا يصح احتجاز الأشخاص المحرومين من حريتهم في أماكن احتجاز غير مصرح بها، إذ لا يوجد في هذه الأماكن اي إجراءات أو سجلات وبالتالي لا يمكن توفير الحماية المؤسسية للمحتجزين . لذا ينبغي أن يكون احتجاز الأشخاص المحرومين من حريتهم في أماكن غير مصرح بها جرما جنائياً.
•منع الحبس الانفرادي
يؤدي الحبس الانفرادي – وهو عزل الشخص وقطع اتصاله بالعالم الخارجي – الى خلق بيئة مواتية للتعذيب ، وخاصة عندما يطول هذا الوضع. لذا يجب أن يسمح لجميع الأشخاص المحرومين من حريتهم بتلقي زيارات من محاميهم و أسرهم وغيرهم. ويجب أن تكون أي استثناءات لذلك محددة بوضوح في القانون و أن تكون لمدة محدودة وتحت إشراف القضاء.
•الحق في إبلاغ طرف ثالث
من الضروري أن يسمح للشخص الذي يلقى القبض عليه بالإتصال بأحد أفراد عائلته أو أحد أصدقائه أو محاميه أو ممثل القنصلية أو أي شخص من اختياره لإبلاغه بإلقاء القبض عليه ومكان احتجازه.
•الحق في الوصول الى طبيب
إن تطبيق حق الشخص في تلقي فحص طبي من طبيب مستقل – ومن اختياره إذا أمكن – يساعد أيضاً على الحد من نمو ثقافة السرية في أماكن الاحتجاز. إذ يمكن للفحص الطبي أن يحدد الحالة البدنية للشخص وقت إلقاء القبض عليه أو اعتقاله، وهو ما يمكن أن يكون رادعاً قوياً لأعمال التعذيب وأن يساعد أيضا على كشف التعذيب في حال وقوعه. ويمكن أن يحدد الفحص الطبي أيضا ما اذا كان الشخص يعاني من أي مشاكل صحية قد يؤدي الاحتجاز إلى تفاقمها. وينبغي لسلطات الاحتجاز أن تسجل نتائج الفحص الطبي رسمياً و أن تتيح للشخص ومحاميه الاطلاع عليها.
•الحق في المثول أمام قاضٍ
يجب أن يُسمح لأي شخص يُلقى القبض عليه بالمثول أمام قاضٍ دون إبطاء. وينبغي للقاضي أن يتأكد من قانونية توقيفه واحتجازه. يمكن للقاضي أيضاً أن يحقق في أي شكوى قد يرفعها الشخص. وحتى في حالة عدم وجود شكوى رسمية. يجب أن يكون بمقدور القاضي، بحكم موقعه، اتخاذ الإجراء المناسب إذا كانت هناك إصابات واضحة أو علامات أخرى تدل على تعرض الشخص للتعذيب أو سوء المعاملة.
إجراءات الاحتجاز الأخرى
تركز إجراءات الاحتجاز التالية تحديداً على حرمان الأشخاص من حريتهم من جانب مسؤولي الشرطة. وهي تحدد أفضل الممارسات التي توصي بها الآليات الدولية والإقليمية، مثل اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب.
•الاحتفاظ بسجلات رسمية
إن الاحتفاظ بسجلات رسمية يعطي ضمانة حاسمة للمحتجزين، وذلك لكونها أداة مهمة لتسجيل مكان كل شخص طوال فترة احتجازه، وكذلك للتأكد من اتباع إجراءات الاحتجاز الصحيحة. لذا ينبغي الاهتمام بدقة حفظ السجلات في جميع أماكن الاحتجاز ومراكز الشرطة. ويجب أن تكون السجلات متاحة بسهولة لجميع الأطراف المعنية. إذ يمكن أن يساعد وجود ثغرات وتناقضات في البيانات المُدخلة في السجلات على تنبيه فرق المراقبة للمخاطر المحتملة لوقوع حالات تعذيب أو سوء معاملة.
•الفصل بين الاستجواب والاحتجاز
ينبغي توزيع مسؤولية الاستجواب والاحتجاز بين هيئتين مختلفتين. إذ يكون للهيئات المختلفة أولويات مختلفة ومجالات خبرة مختلفة وسلاسل قيادة مختلفة. ويمكن أن يساعد إشراك هيئتين مختلفتين في حماية المحتجزين من احتمال استغلال ظروف احتجازهم للتأثير على سلوكهم أثناء الاستجواب. وبالإضافة إلى ذلك يمكن لكل هيئة منهما أن تكون بمثابة مراقب لعمل الأخرى.
•وضع مدونة سلوك لإجراء الاستجوابات
يجب أن تكون هناك مدونة سلوك تضع معايير تفصيلية ومحددة لإجراء استجوابات الشرطة. وينبغي أن تتناول المدونة مسائل من نوع المدة المسموح بها لإجراء المقابلة، وفترات الراحة، وموقع وهوية الأشخاص المقرر وجودهم أثناء المقابلة، وكيفية إجراء مقابلة مع شخص واقع تحت تأثير المخدرات. وتعتبر عملية وضع هذه المدونة مفيدة في حد ذاتها لأنها تشج مسؤولي الشرطة على تحديد الممارسات المناسبة والفعالة لعملهم. ينبغي أن تكون مدونة السلوك متاحة للجمهور وأن تقدم لجميع الأشخاص المحرومين من حريتهم.
•تسجيل الاستجوابات صوتياً و / أو مرئياً
لا تقتصر مزايا التسجيل الصوتي أو المرئي على زيادة شفافية عملية الاستجواب وإنما يمكن أن تمتد للشرطة أيضا. إذ يساعد التسجيل الصوتي أو المرئي على مراقبة وضمان التزام الشرطة بمدونة قواعد السلوك أثناء الاستجوابات.
التوصيات الختامية
في ضوء سبق، ونظرا لعدم وجود تطورات متعلقة بالحق في السلامة الجسدية يجدد المركز على ما جاء في تقاريره السابق ومن أبرزها:
أولاً : في مجال التدابير التنفيذية
1.إصدار إعلان يتضمن قبول اختصاص لجنة مناهضة التعذيب بالنظر في بلاغات الدول والافراد، و شكاواهم وفق أحكام المادتين 21 و22 من الاتفاقية.
2.الانضمام لكل من البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب. والبروتوكولين الإضافيين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلقين بإلغاء عقوبة الإعدام، والاعتراف باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تلقي شكاوى الأفراد عن الانتهاكات المتعلقة بالحقوق التي تضمنها العهد المذكور.
3.إنشاء صندوق وطني خاص لتعويض ضحايا التعذيب، وسوء المعاملة يتولى جبر الأضرار بما فيها تقديم التعويض المالي المناسب، وإعادة تأهيل الضحايا.
4.تبني برامج تدريبية على مستوى عال من المهنية، والاحتراف، موجهة للأشخاص المكلفين بتنفيذ القانون؛ لضمان مراعاتهم لمقتضيات المعايير الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان، وأن يكون اجتياز تلك الدورات التدريبية جزءاً من معايير اختيارهم لتولي مناصبهم، وأساساً لتقييمهم، ومكافأتهم ومعاقبتهم.
5.مراجعة الأنظمة والتعليمات التي تحكم السجون ومراكز التوقيف بما يضمن رفع مستوى الخدمات المقدمة فيها، والحد من سلطة جهات التحقيق على تلك الأماكن، وتقليل هامش الإحتكاك بين النزلاء، وإدارات تلك المرافق، ورفع مستوى العاملين فيها بما ينسجم مع المعايير الدولية.
6.السماح بإجراء زيارات دورية لمراكز الإصلاح والتأهيل من قبل مؤسسات المجتمع المدني الأردني.
ثانياً: في التدابير التشريعية
1.تعديل قانون العقوبات بالنص على تجريم جميع ممارسات التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية، والقاسية، والمهينة وفق التصور التالي :
أ.إدراج تعريف واضح ومحدد لكل من جرائم: التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، والمعاملة القاسية، والمعاملة المهينة يتفق مع التعريف الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب.
ب.تحديد عقوبة رادعة بحق مرتكبي جرائم التعذيب تتناسب شدتها مع كل من: شدة الفعل المرتكب وخطورته على الضحية والمجتمع ،وطبيعة المركز القانوني لمرتكب الجرم فيما إذا كان من الأشخاص المكلفين بتنفيذ القانون، أو من الأشخاص العاديين.
ونقترح إضافة النص التالي:
1.كل موظف، أو مستخدم عمومي أمرَ بتعذيب متهم، أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالحبس من ثلاث إلى عشر سنوات، واذا توفي المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة بالقتل القصد.
2.يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات كل موظف عام، و كل شخص مكلف بخدمة عامة أمر بعقاب المحكوم عليه، أو عاقبه بنفسه بأشد من العقوبة المحكوم بها عليه قانوناً.
3.لا تسقط بالتقادم الدعوة الجنائية، ولا المدنية الناشئة عن التعذيب، و تكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء».
ج.تعديل أنواع العقوبات التي يجوز للمحكمة أن تحكم بها؛ لتشمل طائفة أوسع من بدائل العقوبات السالبة للحرية.
د.الحد من عقوبة الإعدام في الجنايات التي لا تعد أشد خطورة على المجتمع.
إجراء تعديلات على قانون أصول المحاكمات الجزائية تشمل الجوانب التالية:
1.تعديل المادة (159) لتصبح: «إن الإفادة التي يؤديها المتهم، أو الظنين، أو المشتكى عليه في غير حضور المدعي العام، ويعترف فيها بارتكابه جرما تقبل فقط إذا أداها بطوعه واختياره، وكررها أمام المدعي العام، أو المحكمة المختصة، أو كان قد أداها بحضور محاميه».
2.تعديل نص المادة (64) بحيث يتيح للمتهم حق الاستعانة بمحام في التحقيق الأولي (الاستدلالي) . كما يستوجب الأمر تعديل واجبات المدعي العام المنصوص عليها في المادة (63) عند مثول المتهم المقبوض عليه، أو المحتجز لدى الدوائر الأمنية لتشمل سؤال الشخص فيما إذا تعرض لأي من ضروب التعذيب، أو المعاملة الاإنسانية، وفيما إذا كان يرغب بتقديم شكوى بهذا الخصوص، وتثبيت كل ذلك في المحضر قبل سؤاله عن التهمة المسندة إليه، وإننا نقترح إضافة عبارة «بما فيها التحقيق الأولي» بعد عبارة «حضور جميع إجراءات التحقيق» على الفقرة 1 من المادة 64 . كما نقترح إضافة عبارة « يسأله إن كانت لديه شكوى، أو إدعاء بتعرضه للتعذيب « بعد عبارة «يتثبت من هويته».
3.إضافة فقره إلى المادة (114) تنص على «إذا قرر المدعي العام توقيف المشتكى عليه فيجب عرضه على طبيب لفحصه، وتنظيم تقرير بحالته الصحية قبل إيداعه مركز التوقيف».
4.إضافة نص صريح يتضمن بطلان الإفادة المنتزعة بوسائل تنطوي على عنف، أو ترهيب أيا كانت شدته، ونقترح إضافة فقرة للمادة (7)، أو للمادة (159) تتضمن: «تقضي المحكمة ببطلان الإجراءات إذا تبين أن الإفادة التي أداها المتهم، أو الظنين ،أو المشتكى عليه ويعترف فيها بارتكابه جرما قد أخذت بوسائل تنطوي على عنف، أو ترهيب أيا كانت شدته، وعلى المحكمة أو المدعي العام لديها ملاحقة منظمي الإفادة، أو مرتكبي العنف بجرم التعذيب».
5.إعادة صياغة جميع المواد القانونية الباحثة في صلاحية الضابطة العدلية في القبض، و ضبط الإفاده و صلاحية الاحتجاز في مرحلة التحقيق الاستدلالي>
6.إضافة نص قانوني يسمح للمعتقل فور إلقاء القبض عليه الاتصال بمحام للمثول معه في مرحلة التحقيق الاستدلالي، و كذلك حق الاتصال بأقربائه، و طبيبه الخاص.
7.تقصير مدد التوقيف الواردة في القانون سواء أكانت في الجنح، أو الجنايات، وتحديد أسباب التوقيف وموجباته بصورة واضحة، وضمن أسس موضوعية بديلاً عن معيار مصلحة التحقيق الذي يتيح المجال للتوسع في التوقيف، انتظارا للمحاكمة، ويجعله القاعدة ،وليس الاستثناء.
8.استحداث نصوص تتضمن معايير مقبولة، وضمانات فاعلة لسرعة إجراء التحقيق، وانهائه، والإحالة إلى المحكمة، ومدة إجراءات المحاكمة لكل من الادعاء العام والقضاء، مثل « على المدعي العام إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة خلال أسبوعين في الجنايات، وأسبوع في الجنح محسوبة من تاريخ بدء التحقيق».
9.استحداث نص قانوني يوجب على الادعاء العام التحقيق في مزاعم التعذيب أيا كان مرتكبوه.
10.النص بشكل صريح على اختصاص المحاكم النظامية بالنظر في جرائم التعذيب دون سواها من المحاكم.
11.استحداث نظام قاضي تنفيذ العقوبة الجزائية، وربطه بالافراج الشرطي كأحد بدائل العقوبة السالبة للحرية.
مؤشرالتعذيب
أصدر مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان نهاية عام 2019 باروميتر (مقياس) التعذيب في الأردن، وكان هذا الإصدار بمثابة المحاولة الأولى لمنظمة غير حكومية معنية بحقوق الإنسان بشكل عام، وبمناهضة التعذيب والمعاملة القاسية واللإنسانية والمهينة بشكل خاص، على صعيد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اعداد هذا الباروميتر. وقد أوضح مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان آنذاك، بأن هذه المحاولة الرائدة ستخضع لمزيد من التقييم والتطوير في بناء باروميتر قادر على قياس مدى وفاء الأردن بالتزاماته الدولية المعنية بمناهضة التعذيب، سيما وأن تحريم التعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة الانسانية هي جزء من أحكام الدستور الأردني والحقوق التي كفلها للناس جميعا.
وفي هذا المجال، طور مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان هذا الباروميتر الذي أصدره عام 2019، لضمان أن يكون مقياسا شاملا وكاملا في قياس التدابير المتخذة لتحريم التعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة او اللانسانية، فاضاف (11) متغيرا فرعيا على هذا الباروميتر، لتصبح مؤشرات باروميتر التعذيب (53) متغيرا فرعيا عام 2021 بدلا من (42) متغيرا فرعيا في المؤشر الأول الصادر عام 2019، وهذه المتغيرات - كما ذكرنا - هدفت الى قياس مدى وفاء التشريعات والسياسات والممارسات الاردنية بالالتزامات الاساسية الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب، بصفتها المعاهدة الرئيسية التي تضمنت المعايير الدولية الاساسية، المتفق عليها عالميا في مجال مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية او اللاإنسانية او المهينة، وذلك لحماية الحق في الحياة والسلامة البدنية والنفسية. علما بأن هذه المعاهدة الدولية حددت مضمون ونطاق الالتزامات الواجبة على الدول الاطراف فيها، ومنها الأردن الذي انضم إليها عام 1991، وذلك من خلال تعديل ومواءمة تشريعاتها وسياساتها وفقا لأحكام هذه المعاهدة.
وقد تضمنت هذه الاتفاقية وجوب التزام الدول الأطراف باتخاذ تدابير فعالة للقيام بما يلي:
-تجريم افعال التعذيب بما في ذلك اعمال التواطؤ والمشاركة.
-اتخاذ اجراءات تشريعية او ادارية او قضائية فعالة او اية اجراءات اخرى لمنع اعمال التعذيب، وعدم جواز التذرع بأية ظروف استثنائية بما في ذلك الحرب كمبرر للتعذيب.
-عدم طرد أو اعادة (رد) أو تسليم أي شخص الى دولة اخرى اذا توافرت اسباب حقيقية تدعو الى الأعتقاد بأنه سيتعرض للتعذيب.
-التعهد بادراج التعذيب ضمن الجرائم القابلة لتسليم مرتكبيها.
-الحد من استعمال الحجز بمعزل عن العالم الخارجي، وكفالة أن يكون حجز المحتجزين في اماكن معترف رسميا بكونها اماكن احتجاز، وكفالة حفظ أسماء الأشخاص المسؤولين عن احتجازهم في سجلات يتاح الإطلاع عليها بسهولة للمعنيين بالامر بمن فيهم الاقارب والاصدقاء واثبات وقت ومكان الاستجواب مشفوعة باسماء الحاضرين فيها، واتاحة وصول الأطباء والمحامين وافراد الاسرة الى المحتجزين.
-ادراج التعليم والاعلام فيما يتعلق بحظر التعذيب في تدريب الموظفين المكلفين بانفاذ القوانين (مدنيين وعسكريين) والعاملين في ميدان الطب والموظفين العموميين وغيرهم من الاشخاص ذوي الصلة.
-عدم الاستشهاد باية اقوال يثبت انه تم الادلاء بها نتيجة التعذيب كدليل في اية اجراءات.
-قيام السلطات المختصة باجراء تحقيق سريع ونزيه وفعال كلما وجدت اسباب معقولة تدعو الى الاعتقاد بأن عملا من أعمال التعذيب قد ارتكب.
-ضمان حق الضحايا بالحصول على الانصاف والتعويض الكافي.
-اقامة الدعوى الجنائية ضد المتهم او المتهمين بارتكاب التعذيب اذا ما ثبت من تحقيق اجري ان عملا من اعمال التعذيب قد ارتكب، وكذلك اذا ما اعتبر ان ادعاء ما بارتكاب اشكال اخرى من المعاملة او العقوبة القاسية او اللاإنسانية او المهينة هو ادعاء يستند الى اساس صحيح، وضمان اخضاع المتهم/المتهمين بارتكابها للإجراءات الجنائية أو التأديبية أو غيرها من الاجراءات.
وتجدر الإشارة الى أن باروميتر التعذيب الذي أعده مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان قد أخذ بعين الاعتبار احكام العهد الدولي الخاص يالحقوق المدنية والسياسية ذات العلاقة بمناهضة التعذيب، وتحديدا المواد (6، و7، و9، و10) منه، وذلك بالنظر الى أن الأردن صادق على هذا العهد عام 1975 بوصفه الركيزة الأساسية للشرعة الدولية لحقوق الإنسان (مع الاعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) ونشره في الجريدة الرسمية عام 2006، وهو ما يعني أن هذا العهد قد أضحى جزءا من النظام القانوني الوطني.
ويشار هنا الى أن لجنة مناهضة التعذيب قد أصدرت ملاحظاتها وتوصياتها الختامية على تقرير الاردن الدوري الثالث عام 2015، كما أصدرت اللجنة المعنية لحقوق الأنسان ملاحظاتها وتوصياتها على التقرير الدوري الخامس عام 2017، وقد تطرقت اللجنتان في توصياتها الى ما هو مطلوب من الأردن اتخاذه من تدابير مختلفة لتحقيق الامتثال الأكمل لأحكام هاتين المعاهدتين. بالإضافة الى ذلك، أخذ هذا الباروميتر أيضا بأحكام الميثاق العربي لحقوق الإنسان بوصفه الإتفاقية الإقليمية لحقوق الانسان التي صادق عليها الاردن عام 2004 وقدم اليها تقريرين اولي ودوري تم مناقشتهما واصدار ملاحظات وتوصيات ختامية عليهما في عام 2012 وعام 2016.
وقد تم تصنيف وفرز هذه المعايير الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب والميثاق العربي لحقوق الانسان ضمن ثمانية مؤشرات رئيسية بعدما كانت في الباروميتر الصادر عام 2019 سبع مؤشرات رئيسية، حيث تم اضافة مؤشر جديد خاص بالممارسات الخاصة بالملاحقة القضائية بشأن أعمال التعذيب، وتم وضع جملة من الاسئلة لقياس هذا المؤشرات الثمانية بلغت (53) سؤالات لقياس (53) متغيرا فرعيا. علما بان هذه المؤشرات الرئيسية ومتغيراتها الفرعية التي جاءت على شكل تساؤلات، قد وضعت من قبل خبراء في مجال مناهضة التعذيب، كما حكمت هذه المؤشرات من قبل خبراء آخرين مع الاخذ بعين الاعتبار ملاحظاتهم عليها. كما تم تعبئة الإجابات على المتغيرات الفرعية من طرف فريق مختص مكون من خبراء قانونيين لهم دراية واسعة بالتشريعات الاردنية ذات العلاقة بموضوع مناهضة التعذيب،اضافة الى اطلاعهم الواسع على واقع الممارسات من خلال خبرتهم العملية في المراكز الأمنية واماكن التوقيف والاحتجاز ومراكز الاصلاح والتأهيل والتعامل مع هذه القضايا، وذلك في جلسة مناقشة مشتركة عقدها مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان خصيصا لهذا الغرض.
ويأمل مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان أن يكون هذا الباروميتر بمؤشراته الجديدة قادر على قياس مدى وفاء الأردن بالالتزامات القانونية الاساسية الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب بشكل موضوعي ومحكم وقادر على رصد وتوثيق حالات التعذيب ومدى انتشارها، وفيما اذا كان هناك تقدم في التدابير التي تتخذها الدولة لمنع التعذيب ومواضع التقدم ومواضع التراجع. كما يتطلع المركز الى اثارة نقاش عام حول هذا الباروميتر من الناحيتين الكمية والنوعية، سيما وأن المركز يعتزم اصداره بشكل دوري. علما بأن باروميتر التعذيب الصادر عام 2019 أشار بشكل واضح الى أنه بمثابة دراسة تجريبية على فحص الاطار القانوني الاردني المعني بمناهضة التعذيب بعيدا عن فحص الاطار الخاص بالممارسات في الواقع العملي. وأنه سيتم فحص الاطار القانوني والممارسة العملية في الباروميتر القادم حتى يكون أكثر تعبيرا عن حالة حماية حق الانسان في سلامة النفس والجسد، وتعزيزها. كما أنه سيأخذ بعين الاعتبار آراء الخبراء وكافة اصحاب المصلحة في موضوع مناهضة التعذيب في الاردن، وهو النهج الذي يتبعه المركز.
وفي هذا السياق يحاول المركز استكمال نتائج هذا الباروميتر من خلال تحليل النصوص القانونية ذات العلاقة بموضوعات المؤشرات الثمانية واستعراض توصيات اللجنة المعنية لحققو الإنسان ولجنة مناهضة التعذيب، ولجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان، وتوصيات الاستعراض الدوري الشامل، الصادرة عن مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، الموجهة للأردن خلال السنوات الماضية، والمتعلقة بالحق في عدم التعرض للتعذيب والضمانات القانونية الاساسية للاشخاص المحتجزين، كدلالة نوعية وكمية.
ويكتفي الباروميتر لهذا العام ايضا بالاعتماد على التحليل الاحصائي القائم على النسب المئوية والمتوسطات الحسابية، ولكنه سيقدم في المؤشرات القادمة تحليلا احصائيا قائما على تحليل اوزان المؤشرات بناء على أهميتها في القياس. ويجدر التنويه الى أن هذه الدراسة اعطت الوزن نفسه لكل المؤشرات الفرعية واسئلتها الفرعية، وذلك بالنظر الى أنها أقتصرت على استقراء وتحليل الاطار القانوني فقط دون الممارسات. علما بأنه في الدراسة القادمة ستضع اوزان مختلفة بناء على اتفاق المحكمين والمختصين بموضوع مناهضة التعذيب حسب أهميتها، كما سيتم تكمية مؤشرات مناهضة التعذيب الى قسمين: مؤشرات قانونية ومؤشرات الممارسات.
ثانيا: نتائج مؤشر التعذيب
النتيجة العامة:
يقدم هذا الجزء تحليلا احصائيا للنتائج التي خلص اليها البارميتر لهذا العام، حيث تمثلت النتيجة الرئيسية بأن تدابير الحماية القانونية التي يوفرها الأردن لمؤشرات قياس منع التعذيب تدخل ضمن نطاق ومجال الحماية الضعيفة وفقا لتصنيف مقياس ليكرت الثلاثي: حماية ضعيفة، حماية متوسطة، حماية قوية. فقد حصل الأردن على نسبة 15.09% على صعيد حماية حق الانسان في السلامة البدنية ومنع تعرضه للتعذيب وكافة اشكال المعاملة القاسية والمهينة واللانسانية، ولم يتمكن الأردن من تحقيق ما نسبته 79.25% من المؤشرات الفرعية باسئلتها الفرعية، كما حقق ما نسبته 5.66% من المؤشرات الفرعية باسئلتها الفرعية بشكل جزئي وغير تام. وهذا يتطلب تفعيل الجهود الحكومية والوطنية وتلك المبذولة من المجتمع المدني لرفع نسبة الوفاء بتحقيق واعمال المؤشرات الفرعية المعنية بباروميتر منع التعذيب وتحقيق مؤشرات حماية حق الانسان في السلامة البدنية والحماية من التعذيب.
وعند مقارنة نتائج التحليل الاحصائي لباروميتر هذا العام بالمقارنة مع النتائج الإحصائية للباروميتر التجريبي عام 2019، يصل مركز عدالة لدراسات حقوق الانسان الى أن النتيجة الرئيسية متطابقة في عامي 2021 و2019، حيث تمثلت النتيجة الرئيسية لعام 2019 بأن تدابير الحماية القانونية التي يوفرها الأردن لمؤشرات قياس منع التعذيب تدخل ايضا ضمن نطاق ومجال الحماية الضعيفة التي بلغت 14.29%. وهذا يعني أن واقع التشريعات والممارسات المناهضة للتعذيب لم يطرأ عليها أي تغير نوعي، وهذا يتطلب من وجهة نظر المركز تفعيل الجهود الحكومية والوطنية وتلك المبذولة من المجتمع المدني لرفع نسبة الوفاء بتحقيق واعمال المؤشرات الفرعية المعنية بباروميتر منع التعذيب وتحقيق مؤشرات حماية حق الانسان في السلامة البدنية والحماية من التعذيب.
وعموما، أظهرت النتائج الاحصائية للباروميتر وجود فجوة في التشريع الاردني المعني بحماية الحق في السلامة البدنية، وهو ما انعكس حتما على صعيد الممارسات للمعنين بتنفيذ القانون، وخاصة فيما يتعلق بضمانات الاحتجاز والتحقيق في جرائم التعذيب وملاحقة مرتكبيها.
وفي هذا الاطار يوصي مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان بضرورة الإسراع في اجراء الاصلاح القانوني المطلوب وبشكل عاجل لتحقيق تطورات ايجابية لاحقة على صعيد الممارسة العملية في مجال جهود مناهضة التعذيب، حيث ان العقبات التشريعية تعتبر من العقبات البنيوية التي تعترض جهود الحماية وبخاصة الملاحقات القضائية، وحتى عندما تتوفر الارادة السياسية لمنع التعذيب ويكون الخطاب الحكومي داعيا ومليئا بعبارات الحماية، فانه يبقى خطابا عاما نظريا ولا ينتقل الى التطبيق العملي الا اذا تم التغلب على العقبات البنوية واهمها العقبات التشريعية والعقبات الثقافية التي تجعل التعذيب أمرا عاديا ومقبولا.
نتيجة المؤشرات الفرعية
يرد أدناه تحليلا لنتائج المؤشرات الفرعية التي وضعها باروميتر التعذيب للوصول الى النتيجة العامة اعلاه، وذلك على النحو التالي:
المؤشر الأول:
موقف الاردن من الاتفاقيات الدولية المعنية بمناهضة التعذيب ومدى تطبيقها في النظام القانوني الوطني.
فيما يتعلق بمؤشر موقف الاردن من الاتفاقيات الدولية المعنية بمناهضة التعذيب ومدى تطبيقها في النظام القانوني الوطني لم يطرأ عليه أي تغيير منذ اعداد باروميتر التعذيب الأول عام 2019. وكما يتضح من الجدول، نجد أن الاردن حقق سؤال واحد من أصل خمس اسئلة وبنسبة بلغت 20%. ورغم أن انضمام الاردن للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب خطوة مثمنة في توفير اطار قانوني معياري والية رقابية تستهدف مراجعة امتثال الاردن لاحكام الاطار القانوني المعياري، الا أن هذا الاطار لم يدمج بعد في المنظومة الوطنية الاردنية وبخاصة انه لا توجد تطبيقات قضائية لهذه الاتفاقية من القضاء الوطني من ناحية، كما ان الدولة لم تسن قانون خاص بمناهضة التعذيب وبقيت تعتمد على المعايير العامة في التشريعات الاردنية التي هي موجوده اصلا او تم تطويرها جزئيا خلال السنوات الماضية. وبمعنى اخر لم يتم تنفيذ احكام المعاهدة الدولية بشكل تام وكامل، وهنا ينبغي تحفيز الإرادة السياسية الاردنية وتنبيهها الى اهمية تنفيذ المعاهدة الدولية لمناهضة التعذيب وتطبيق احكامها، علاوة على دعوتها وتشجيعها الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لانضمام الدولة الى البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب بما يعكس صدق التوجه نحو مناهضة التعذيب واستكمال الانضمام لمنظومة الدولية ذات الشأن.
وتنبغي الاشارة ان هذه المؤشر باسئلته الفرعية يجد دلالة داعمه له في توصيات لجنة مناهضة التعذيب، ولجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان، وتوصيات الاستعراض الدوري الشامل، الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان على النحو الاتي:
1.تضمنت توصيات الاستعراض الدوري الشامل للاردن للدورات: 2009، 2013، 2018، توصيات للاردن بشأن الانضمام للبرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.
2.دعت اللجنة المعنية بحقوق الانسان الأردن الى مراجعة تشريعاته الجنائية لضمان التوافق التام لتعريف التعذيب مع العهد والمعايير الدولية وإدراج مبدأ الحظر المطلق في التشريعات المحلية وعدم سرايان التقادم على حلات التعذيب، والنص على عقوبات على أفعال التعذيب تتناسب مع خطور هذا الجرائم؛ وإنشاء آلية فعالة ومستقلة لتلقي الشكاوى والتحقي في حالات التعذيب.
3.دعت لجنة مناهضة التعذيب في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الثالث للاردن لعام 2015، الى أن يقوم الاردن باصلاح تشريعاته الوطنية من خلال: تبني مفهوم التعذيب بحيث يشمل جميع العناصر المنصوص عليها في المادة 1 من الاتفاقية، وضمان ان يكون التعذيب جريمة وان تتناسب العقوبات مع خطورة هذه الجريمة وفقا للمادة 4 الفقرة 2 من الاتفاقية، وان لا تخضع للعفو العام. كما يجب التأكد من ان نطاق تعريف التعذيب يمتد ليشمل أي شخص يرتكب فعل التعذيب او الشروع في ارتكاب فعل التعذيب او يحرض او يوافق او يسكت عن عمل من اعمال التعذيب، ووجهت اللجنة الانتباه للاردن على تعليقها العام رقم 2 (2007) على تطبيق الماده 2 من قبل الدول الاطراف الذي ينص على ان اي اختلافات او تناقضات بين مفهوم الاتفاقية وطريقة تضمين المفهوم بالقانون المحلي يؤدي الى صنع ثغرات فعلية او محتمله من اجل الافلات من العقاب، كما تضمنت الاستنتاجات والتوصيات الخاصة، بالاستعراض الدوري الشامل الثالث للاردن، توصيات بشان دعم زيادة فعالية تنفيذ احكام اتفاقية مناهضة التعذيب.
4.دعت لجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان في توصياتها على تقرير الاردن الأولي والدوري الأول الى أن يمتثل النظام القانوني الاردني لاحكام المادة الثامنة من الميثاق بشان عدم سقوط جريمة التعذيب بالتقادم، وسن تشريعات خاصة بالانصاف ورد الاعتبار والتعويض، واعادة تاهيل ضحايا التعذيب عبر برامج طبية ونفسية وتخصيص الموارد اللازمة لذلك.
المؤشر الثاني:
تجريم الاطار القانوني الوطني للتعذيب
فيما يتعلق بمؤشر تجريم الاطار القانوني الاردني للتعذيب، نجد أن الاردن حقق تساؤل واحد من تسعة أسئلة فرعية، وبنسبة بلغت 11.11%، وهذا يعني أن الاطار القانوني الاردني ما يزال بحاجة الى اصلاحات واسعة حتى يتوائم مع الاتفاقيات الدولية المعنية بمناهضة التعذيب وتوصيات لجنتها. كما يعطي دلالة واضحة على عدم تنفيذ اصلاحات جدية للتشريعات الاردنية، مما يوفر ثغرة كبيرة لاستمرار التعذيب وممارساته والافلات من الملاحقات القضائية. وينبغي القول ان تجريم التعذيب بموجب القانون غير كاف ويبقى محدود التأثير اذا لم يلاحق مرتكبي جريمة التعذيب قضائيا بموجب احكام القانون.
وينبغي الاشارة ان هذا المؤشر بأسئلته الفرعية يجد دلالة داعمه له في توصيات لجنة مناهضة التعذيب المنشأة بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب ولجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان على النحو الاتي:
1.بالرغم من تعريف وتجريم التعذيب وفقا لاحكام المادة 8 من قانون العقوبات الاردني الا ان لجنه مناهضة التعذيب اعربت في ملاحظاتها الختامية على التقرير الدوري الثالث للاردن فقره 9 انها لا تزال تشعر بالقلق بان تعريف التعذيب في قانون العقوبات الماده (208) لا يتماشى مع المادة 1 والمادة 4 من الاتفاقية، ويساور اللجنة القلق بوجه خاص لان التعذيب يعتبر جنحه وبان العقوبات لاتتناسب مع خطورة الافعال، الى جانب انها تخضع للعفو العام، والسقوط بالتقادم.
2.وبالرغم من ان الدستور الاردني، نص في المادة 8 فقره 2، على عدم قبول الادلة المنتزعه عن طريق التعذيب كادلة اثبات، كما نصت المادة 159 من قانون اصول المحاكمات الجزائية الاردني على بطلان الادلة او البينات التي تم الحصول عليها عن طريق الاكراه المادي او المعنوي ، الا ان لجنة مناهضة التعذيب اعربت عن قلقها بشأن ما يبدو من عدم التحقيق في الادعاءات وعدم محاكمة ومعاقبة اي مسؤولين الذي يدعى بانهم انتزعوا الاعترافات اثناء التحقيق بالإكراه- فقره 49 من الملاحظات الختامية على التقرير الدوري الثالث للاردن، واكدت انه يتعين على الاردن اتخاذ تدابير فعالة تكفل عدم قبول الاعترافات او الافادات التي تنتزع بالاكراه وأن تكون غير مقبولة عمليا إلا عند الاستناد بها ضد شخص متهم بممارسة التعذيب كدليل من اجل اثبات انتزاع الاعتراف- فقره 50 من الملاحظات الختامية على التقرير الدوري الثالث للاردن.
3.دعت لجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان في توصياتها على تقرير الاردن الأولي والدوري الأول الى أن ضرورة تشديد العقوبة على جريمة التعذيب او المساهمة فيها وبما يتناسب مع خطورة هذه الجريمة.
المؤشر الثالث:
مدى كفالة القانون الاردني للضمانات القانونية الاساسية للاشخاص المحتجزين:
فيما يتعلق بمؤشر كفالة القوانين الاردنية، للضمانات القانونية الاساسية للاشخاص المحتجزين، في منع التوقيف والاحتجاز غير القانوني او التعسفي، نجد أن الاردن حقق تساؤل واحد من أصل اثنا عشر سؤالا فرعيا وبنسبة بلغت 8.33%، وهذا يعني أن تدابير الوقاية من العذيب في الأوقات الاولى للحرمان من الحرية، هي ضعيفة جدا، وهو ما يجعل المحتجز حريته تحت واقع التعرض اكثر للتعذيب، وهو عادة ما يحصل اثناء الاحتجاز السري وما يندرج تحته او في شاكلته، مما يتطلب توفير ضمانات تحمي من هذا الاحتجاز لمنع التعذيب.
وتبقي الاشارة ان هذه المؤشر بأسئلته الفرعية يجد دلالة داعمه له في توصيات اللجنة المعنية بحقوق الانسان ولجنة مناهضة التعذيب ولجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان على النحو الاتي:
1.ضمان أن يخضع المحتجزون لسلطة مدنية ويمنحون جميع الضمانات القانونية.
2.يشكل حق المحتجزين في الحصول على محامٍ - من بدء الاحتجاز- مسألةً حيوية، ينبغي تفعيلُها لضمان عدم تعرضهم للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، لِكفالة احترام الحقوق المتعلقة بعدالة المحاكمات. عملاً بمبادئ الأمم المتحدة وتوجيهاتها بشأن سبل الحصول على المساعدة القانونية في نظم العدالة الجنائية،وبالرغم من ان المادة (6/ب) من قانون نقابة المحامين تعطي الحق للمحامين بتمثيل موكليهم امام كافة الدوائر والمؤسسات، وكذلك قيام نقابة المحامين، بتوقيع مذكرة تفاهم مع مديرية الأمن العام، لتسهيل عمل المحامين لدى المراكز الامنية، إلا أن موظفي انفاذ القانون التابعين لها ، لا يوجد لديهم علم بقانون نقابة المحامين والاتفاقية المبرمة بين النقابة، ومديرية الأمن العام، بالرغم من كونها ممارسات تشكل خرقاً واضحاً لسيادة القانون.
3.إن تسهيل سبل وصول المحامين، والأطباء الى المحتجزين، والاتصال بالعائلة والأصدقاء، من شأنه خلقُ بيئاتِ احتجاز أكثرَ شفافية، مما يساعد على منع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، كما أن الحبس الانفرادي والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي ومنع المحتجزين من الاتصال بمحامٍ، يَخلقان جوا يتيح ممارسة انتهاكات حقوق الانسان من دون التعرض للعقاب، بل من الممكن أن يشكلا - في حد ذاتهما- نوعا من التعذيب وسوء المعاملة.
4.وقد اعربت لجنة مناهضة التعذيب عن اسفها، لعدم وجود نص صريح لضمان حق الاشخاص المحتجزين في الاستعانه بمحام فور القاء القبض عليهم، كما اعربت عن قلقها بسبب اخفاق الاردن كدولة طرف في كفالة تطبيق الضمانات الاساسية للاشخاص المحتجزين- فقرة 17 من الملاحظات الختامية للتقرير الدوري الثالث، خاصة وان الاشخاص المتحتجزين عادة ما يتم حرمانهم من الحصول على محامي وطبيب في الوقت المناسب وحرمانهم من حقهم بإعلام شخص من اختيارهم كما اعربت عن قلقها، من الادعاءات حيال عدم الالتزام بالمدة الزمنية المكونه من 24 ساعه للمحتجز للمثول امام سلطة مختصه وضمان سريه المشاورات بين المحامي والموكل (الماده 2).
5.كما اكدت اللجنة انه ينبغي على الاردن كدولة طرف ضمان حصول جميع الاشخاص الموقوفين، على جميع الضمانات القانونية الاساسية، بحكم القانون والممارسة، منذ اللحظة الاولى لسلب حريتهم، بما في ذلك حق المتحجز في الحصول على مساعدة قانونية دون ابطاء، وحقهم في الوصول الفوري الى طبيب مستقل، بغض النظر عن أي فحص طبي محتمل اجراءه بطلب من السلطات، وان يتم ابلاغه عن سبب التوقيف وطبيعة التهم الموجه ضده بلغة هو يفهمها، وحق التسجيل في مكان الحجز، وحق الاعلام الفوري لقريب من العائله او طرف ثالث ذو صلة باعتقالهم، وحق المثول امام قاضي بدون تاخير ، وحق المشاورات السريه مع المحامي.
6.دعت لجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان في توصياتها على تقرير الاردن الأولي والدوري الأول الى أن يمتثل النظام القانوني الاردني لاحكام الميثاق بشان تضمين تشريعاتها النص صراحة على حق جميع من تم توقيفهم في الاستعانة بمحام منذ توقيفهم والخضوع لفحص طبي مستقل.
المؤشر الرابع:
كفالة التشريعات الاردنية لوجود هيئة مستقلة معنية بتقديم الشكاوي ومدى فاعليتها.
وفيما يتعلق بمؤشر كفالة التشريعات الاردنية لوجود هيئة مستقلة معنية بتلق الشكاوى ومدى فاعليتها، نجد أن الاردن حقق تساؤلين من 7 أسئلة فرعية، وبنسبة بلغت 28.57%، وتخلص دراسة هذا المؤشر الى ضعف آليات الرقابة ودورها في الوقاية من التعذيب، مما يتطلب ايجاد اليات وطنية جديدة وتفعيل القائم منها لمنع حدوث التعذيب واشكاله المختلفة وخصوصا لدورها في تحسين ممارسات الاحتجاز في الساعات الاولى، كما يتطلب ذلك تعزيز استقلالية هذه الاليات وتأهيلها للقيام بالمهام الموكولة اليها. علما بان تقديم الشكاوى لالية مختصة أمرا مهم في الحد من انتشار ظاهرة التعذيب ومعالجة الحالات الفردية وخصوصا ان هذه الهيئة تستطيع اجراء التحقيقات في مزاعم التعذيب واحالة الشكاوى الى القضاء للنظر فيها. كما ان هذه الاليات تستطيع تسليط الضوء على ثغرات التشريعات والسياسات والممارسات وتقديم توصياتها لمنع التعذيب.
وتبقي الاشارة ان هذا المؤشر بأسئلته الفرعية يجد دلالة داعمه له في توصيات اللجنة المعنية بحقوق الانسان ولجنة مناهضة التعذيب على النحو الاتي:
1.أكدت اللجنة المعنية بحقوق الانسان على انشاء الية مستقلة فعالة ومستقلة لتلقي شكاوى التعذيب ووالتحقيق في ادعاءات التعذيب المزعومة ضمان امكانية حصول الضحايا على على الجبر الكامل.
2.اعربت لجنة مناهضة التعذيب في ملاحظاتها الختامية على التقرير الدوري الثالث للاردن فقره/33 عن قلقها حيال فشل الدولة الطرف المستمر بانشاء آليه مستقله للتحقيق في ادعاءات اساءت المعاملة والتعذيب، ذلك لان الاليات القائمة تفتقر الى الاستقلال اللازم كونها تتبع مدير الامن العام، وختمت التوصية بحث الدولة الطرف على:
•انشاء اليه مستقله للشكاوي والتحقيقات، وكفالة استيفائها لشرط الاستقلالية المؤسسية.
•كفالة التحقيق الفوري وبصورة محايدة في جميع الشكاوي المتعلقة بالتعذيب، او اساءة المعامله، وتقديم الجناة المشتبه فيهم الى المحاكمة ومعاقبتهم.
•الحرص على ان تبادر السلطات الى فتح تحقيق رسمي كلما توفرت أسباب معقولة تدعو الى الاعتقاد بأن فعلا من أفعال التعذيب أو اساءة المعاملة قد ارتكب.
•توفير الحماية لمقدمي الشكاوي من جميع ضروب اساءة المعاملة أو الترهيب، أو الانتقام نتيجة لتقديم الشكاوى، وكفالة اتخاذ اجراءات تأديبية مناسبة أو اجراءات جنائية،حسب الاقتضاء، بحق المسؤولين عن إنفاذ القانون في حالة ارتكابهم مثل تلك الاعمال.
المؤشر الخامس:
كفالة التشريعات الاردنية لوجود هيئة مستقلة لمراقبة اماكن الاحتجاز والتوقيف ومدى فاعليتها
وفيما يتعلق بمؤشر كفالة التشريعات الاردنية لوجود هيئة مستقلة لمراقبة اماكن الاحتجاز والتوقيف ومدى فاعليتها، نجد أن الاردن لم يحقق اي من الأسئلة الفرعية وبنسبة بلغت صفر كما كان الحال في باروميتر عام 2019. وهذا يتطلب انشاء آلية وطنية مستقلة وفعالة معنية بمراقبة اماكن الاحتجاز والتوقيف لمنع ممارسات التعذيب وتعاون اجهزة الدولة المختلفة مع هذه الاليات الرقابية لتحسين ضمانات الاحتجاز. كما يتطلب الانضمام الى البرتوكول الاضافي الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب. وينبغي القول أن تقارير الالية الوطنية حول اماكن الاحتجاز والتوقيف تحد من ممارسات التعذيب بشكل مباشر اذا ما تم حماية القائمين في الرصد وتمكينهم من الزيارات المفاجئة، عدا عن تسليط الضوء على ثغرات التشريعات والسياسات والممارسات القائمة واقتراح البدائل الاصلاحية الاكثر اتساقا مع المعايير الدولية في هذا الشأن.
وتنبغي الاشارة الى أن هذه المؤشر بأسئلته الفرعية يجد دلالة داعمه له في توصيات اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب ومجلس حقوق الانسان ولجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان على النحو الاتي:
1.طلبت لجنة مناهضة التعذيب في ملاحظاتها الختامية على التقرير الدوري الثالث فقره/32، بالسماح للمركز الوطني لحقوق الانسان بالدخول الى جميع مرافق الاحتجاز، وان تمكنه من القيام بزيارات غير معلنة ومنتظمة لاماكن الاحتجاز. علما بان عدم وجود هيئة وطنية مستقلة تتولى الرقابة على السجون وأماكن الإحتجاز دون موافقة مسبقة او تنسيق مسبق مع السلطات التي تمارس الإحتجاز، بعتبر من الاسباب الاساسية لاستمرار ظاهرة التعذيب، كما إن الدور المنوط بالمركز الوطني لحقوق الإنسان في مراقبة تلك الأماكن مقيد باجراء زيارات مشتركة مع مركز الشفافية وحقوق الانسان في مديرية الامن العام وهو ما يضعف من دوره الرقابي، ويفقده اهم عنصرالمفاجاءة والذي يعتبر عنصر اساس في الزيارات الرصدية،
2.كما تضمنت توصيات الاستعراض الدوري الشامل الاول والثاني والثالث للاردن مطالبات بالانضمام للبرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، والذي يوجب انشاء الية وقائية وطنية مستقلة لرصد اماكن الاحتجاز.
3.طالبت لجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان في توصياتها على تقرير الاردن الأولي والدوري الأول أن ينشيء الاردن الية وطنية مستقلة ومتخصصة لرصد ومراقبة جميع اماكن الاحتجاز ولضمان التحقيق في شكاوى التعذيب وسوء المعاملة بشكل فوري ونزيه. كما طالبت بتمكين المركز الوطني وغيره من المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الانسان من زيارة كافة مراكز الاحتجاز والتأهيل بما فيها تلك التابعة للمخابرات العامة والامن العام وان تناقش تلك النتائج للزيارات مع الحكومة والجهات المعنية.
المؤشر السادس:
كفالة القوانين الاردنية لكافة اشكال التعويض والانصاف لضحايا التعذيب
وفيما يتعلق بمؤشر كفالة التشريعات الاردنية لكافة اشكال التعويض والانصاف لضحايا التعذيب لم يطرأ عليه أي تغير في باروميتر هذا العام، ونجد أن هذه المؤشر لم يحقق أي من الأسئلة الفرعية بشكل تام وكانت نسبته صفرا، وهذا يعني ضياع حقوق ضحايا التعذيب والافلات من العقاب لمرتكبي هذه الجريمة واستمرار هذا النهج وتكرار حالات التعذيب طالما ان الدولة لن تغرم وتلزم بتعويض الضحايا وتحمل مسؤولياتها اتجاههم، وهو ما سيدفعها عند تحمل مسؤوليتها القانونية والاخلاقية ودفع التعويضات وجبر الضرر الى اقرار تشريعات وسياسات تمنع حدوث التعذيب وتلاحق مرتكبيه.
وينبغي الاشارة ان هذا المؤشر بتساؤلاته الفرعية يجد دلالة داعمه له في توصيات اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب ولجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان على النحو الاتي:
1.خلصت لجنة مناهضة التعذيب في ملاحظاتها الختامية على التقرير الدوري الثالث للاردن فقره/48، الى انه يتعين على الاردن أن تستعرض تشريعاتها بغرض تضمينها أحكاما صريحة بشأن حق ضحايا التعذيب وإساءة المعاملة في جبر الضرر بما في ذلك الحصول على تعويض منصف ومناسب وعلى خدمات اعادة التاهيل،وكفالة تمكين الضحايا، من المطالبة بتعويض فوري وعادل ومناسب.
2.كما اوصت اللجنة بان يعد الاردن برنامجا لاعادة تاهيل الضحايا، يشتمل على مساعدة طبية ونفسية مناسبة، وان تخصص الموارد لتنفيذه على نحو فعال.
3.دعت لجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان في توصياتها على تقرير الاردن الأولي والدوري الأول الى أن يمتثل النظام القانوني الاردني لاحكام المادة الثامنة من الميثاق بشان سن تشريعات خاصة بالانصاف ورد الاعتبار والتعويض، واعادة تاهيل ضحايا التعذيب عبر برامج طبية ونفسية وتخصيص الموارد اللازمة لذلك.
المؤشر السابع:
رصد مؤسسات المجتمع المدني لاماكن الاحتجاز والتوقيف
وفيما يتعلق بمؤشر تمكن مؤسسات المجتمع المدني من رصد اماكن الاحتجاز والتوقيف، نجد أن الاردن حقق الإداية على سؤالين من اصل خمس أسئلة فرعية، وبنسبة بلغت 40%، وهذا يعني ان جهود التدريب والتوعية التي تقدمها مؤسسات المجتمع المدني ضعيفة الاثر في منع ممارسات التعذيب طالما بقيت مكبلة الدور في مجال زيارة مراكز الاحتجاز والتوقيف وتقديم المساعدة القانونية لمستحقيها علاوة على بناء قدرات وخبرات المعنين بانفاذ القانون، وقيامها بدورها في الرصد والتحقق من ظروف الاحتجاز وخصوصا ان معظم انتهاكات التعذيب تاتي نتيجة الاعتماد على انتزاعات الاعتراف كاداة رئيسية للتحقيق، فالتدريب يؤدي الى تحسين الممارسات للمعنين بانفاذ القانون ومن ثم سيؤدي الى منع حدوث التعذيب.
وينبغي الاشارة ان هذا المؤشر بأسئلته الفرعية يجد دلالة داعمه له في توصيات اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب عندما طلبت اللجنة من الاردن في ملاحظاتها الختامية على التقرير الدوري الثالث انشاء الية رصد مستقلة، وأن يناط بها اجراء زيارات منتظمة غير معلنة الى جميع مراكز الاحتجاز/ فقرة 32.
كما اشار المقرر الخاص للتعذيب في تقريره بعد زيارته للاردن: «أن الإنكار التام لأي عِلم بمزاعم التعذيب هو أمر مثير للدهشة، وهو يشير إلى قلة وعي واعتراف المسؤولين بطبيعة حظر التعذيب وإساءة المعاملة وخطورة هذه الأفعال وقسوتها».
كما دعت لجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان في توصياتها على تقرير الاردن الأولي والدوري الأول الى أن زيادة تدريب القضاة واعوان النيابة العامة والاطباء المختصين بفحص حالات التعذيب على تقنيات التقصي والتوثيق حول ادعاءات التعذيب باستخدام الادلة المادية والفنية، وادراج موضوع مناهضة التعذيب ضمن مناهج كلية الشرطة والمعاهد الاخرى ذات العلاقة.
المؤشر الثامن:
الممارسات الخاصة بالملاحقة القضائية
وفيما يتعلق بمؤشر الممارسات الخاصة بالملاحقة القضائية، فإن هذا المؤشر كما سلف الاشارة الى ذلك في تحليل النتائج العامة، هو مؤشر جديد تضمنه باروميتر هذا العام بهدف فحص الممارسة العملية وضمانات عدم افلات مرتكي التعذيب من العقاب، وهذا مبدأ اساسي من مباديء معاهدة مناهضة التعذيب. ويلاحظ أن احتساب هذا المؤشر قد أدى الى انخفاض النتيجة العامة للباروميتر عن عام 2019، بمعنى أن الحماية الضعيفة اصلا زادت نسبتها عام عام 2021 عندما تم دراسة مؤشر الممارسات الخاصة بالملاحقة القضائية لمرتكبي أفعال التعذيب. وفي هذا السياق نجد أن الاردن حقق سؤال فرعي واحد من اصل اربع أسئلة فرعية، وبنسبة بلغت 25%، وهذا يعني ان الجهود المبذولة في منع التعذيب على صعيد الممارسة الخاصة بالملاحقة القضائية لم تتحقق بالشكل المطلوب وفقا للمعايير الدولية، وان هناك هامش واسع لمرتكبي جريمة التعذيب للافلات من العقاب، وهذا يتطلب تأسيس آليات الشكاوى والتحقيقيات باعمال التعذيب المتاحة في الوقت الراهن، وربما الأهم انشاء الية وطنية لمناهضة التعذيب وفقا لما تؤكده المعايير المعايير الدولية, وهو الأمر الذي أوصت به هيئات معاهدات حقوق الانسان الدولية والاقليمية كما اشرنا سابقا، والأهم أن يكون هناك دور للمؤسسات المعنية بحقوق الانسان الوطنية وغير الحكومية في هذا المجال، وان تأخذ توصياتها على محمل الجد بشأن مناهضة التعذيب.
الخلاصة
تشكل المواد من 1 إلى 16 من الاتفاقية، التي بني عليها المؤشر تدابير وقائية محددة تعتبرها الدول الأطراف أساسية لمنع التعذيب وسوء المعاملة. ولضمان عدم تكرار التعذيب وسوء المعاملة، ينبغي أن تتخذ الدول الأطراف تدابير لمكافحة الإفلات من العقاب عند ارتكاب انتهاكات للاتفاقية. وتشمل هذه التدابير إصدار تعليمات فعالة وواضحة إلى الموظفين الحكوميين بشأن أحكام الاتفاقية، ولا سيما بشأن الحظر المطلق للتعذيب. وينبغي أن تشمل التدابير الأخرى أياً من الأمور التالية أو جميعها: المراقبة المدنية للقوات العسكرية وقوات الأمن؛ وضمان تقيد جميع الإجراءات القضائية بالمعايير الدولية المتعلقة بالمحاكمة وفقاً للأصول القانونية والعدالة والنزاهة؛ وتعزيز استقلال القضاء؛ وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان والأخصائيين في المجالين القانوني والصحي وغيرهما من المجالات، الذين يساعدون ضحايا التعذيب؛ وإنشاء نظم للرصد المنتظم والمستقل لجميع أماكن الاحتجاز؛ وتقديم، من باب الأولوية وباستمرار، تدريب للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، وكذلك للقوات العسكرية وقوات الأمن في مجال قانون حقوق الإنسان، يشمل الاحتياجات المحددة للفئات المهمشة والضعيفة من السكان، وتدريب محدد بشأن بروتوكول اسطنبول للأخصائيين في المجالين الصحي والقانوني والموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين؛ وتعزيز تقيّد الموظفين العموميين، بمن فيهم الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين والعاملون في الخدمات الإصلاحية والطبية والنفسية والاجتماعية والقوات المسلحة، بالمعايير الدولية ومدونات قواعد السلوك؛ وإعادة النظر في القوانين التي تساهم في التعذيب وسوء المعاملة أو تسمح بهما؛ وضمان الامتثال للمادة 3 من الاتفاقية التي تحظر الإعادة القسرية؛ وضمان توفير خدمات مؤقتة للأفراد أو مجموعات الأفراد، مثل توفير المأوى لضحايا أعمال التعذيب أو سوء المعاملة المرتبطة بنوع الجنس أو غيرها. وتشير اللجنة إلى أنه باتخاذ تدابير مثل التدابير المذكورة هنا، يمكن للدول الأطراف أن تفي أيضاً بالتزاماتها بمنع أعمال التعذيب، المنصوص عليها في المادة 2 من الاتفاقية. وفضلاً عن هذا، تمنح الضمانات بعدم التكرار إمكانات مهمة لتغيير العلاقات الاجتماعية التي قد تشكل الأسباب الكامنة وراء العنف، ويمكن أن تشمل هذه الإمكانات، على سبيل الذكر لا الحصر، تعديل القوانين ذات الصلة، ومكافحة الإفلات من العقاب، واتخاذ تدابير وقائية ورادعة فعالة.
التوصيات
يمكن الخلوص من قراءة النتيجة العامة لمؤشر التعذيب والنتائج الخاصة بكل مؤشر من مؤشراته، أن التشريع الاردني لا يوفر الحماية العالية لحق الانسان في السلامة البدنية، إذ إن هناك العديد من الثغرات القانونية التي تدلل بوضوح الى احتمالات ارتفاع حدوث حالات التعذيب دون وجود ملاحقة قضائية لمرتكبي هذه الجرائم واليات تظلم فعاله يمكن اللجوء اليه لانصاف ضحايا التعذيب، بدلالة عدم صدور أي احكام قضائية بادانة اي موظف مكلف بانفاذ القانون بارتكاب جريمة التعذيب بالرغم من عدد الشكاوى المقدمة، وذلك منذ مصادقة الاردن على اتفاقية مناهضة التعذيب عام 1991، علاوة على عدم وجود اية قرارت قضائية تكفل تعويض وجبر الضرر الذي يلحق بضحايا التعذيب من اية محكمة من محاكم المملكة الاردنية الهاشمية وفقاً لما هو مقرر في اتفاقية مناهضة التعذيب.
كما أن النتائج تشير الى أن وفاء الاردن بالتزاماته بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وفقا للمعايير الدولية الوارده فيها لا تزال ضعيفة، وهو ما يتطلب مواءمة التشريعات الوطنية الاردنية مع تلك المعايير الدولية.
وتؤكد نتائج المؤشر على أن الاصلاح القانوني يمثل مدخلا أساسيا في الجهود الوطنية للحماية من التعذيب، كما سيعكس صدق الإرادة السياسية للأردن في تنفيذ التزاماتها الدولية المعنية بحماية حقوق الانسان كما هو الحال مع كافة الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وفي مقدمتها منع التعذيب وكافة اشكال المعاملة القاسية او المهينة او اللاانسانية.
وبناء على هذه النتائج يوصي المؤشر بما يلي:
1.اتخاذ التدابير الوطنية التشريعية والادارية الواجب إتخاذها لاعمال احكام اتفاقية مناهضة التعذيب واقعيا في النظام القانوني الاردني، وكذلك الحال مع احكام الميثاق العربي لحقوق الانسان.
2.مواءمة التشريعات الوطنية المعنية بحماية الحق في السلامة البدنية مع احكام اتفاقية مناهضة التعذيب وما تضمنه من معايير في هذا الشأن، وبخاصة بشكل عاجل:
3.اعتماد تعريف التعذيب الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب وتضمينه قانون العقوبات الاردني وتجريم ومعاقبة مرتكبي جريمة التعذيب وفقا لاحكام الاتفاقية.
4.وضع نص في قانون أصول المحاكمات الجزائية يتيح للموقوفين لدى الدوائر الأمنية فرصة الإستعانة بمحامي في مرحلة التحقيق الإستدلالي، وكذلك نص يتيح لهم حق الإتصال بذويهم.
5.تضمين التشريعات التي تحكم عمل الأشخاص المكلفين بتنفيذ القانون (قوانين الأمن العام والمخابرات العامة ) نصوصا تجرم التعذيب وتتضمن عقوبات رادعة على ممارسته
6.وضع نص قانوني يتيح تعويض ضحايا التعذيب على أساس المسؤولية المرفقية.
7.انضمام الاردن للبروتوكول الاضافي لإتفاقية مناهضة التعذيب .
8.انشاء هيئة وطنية مستقلة تتولى الرقابة على السجون وأماكن الإحتجاز دون موافقة مسبقة او تنسيق مسبق مع السلطات التي تمارس الإحتجاز .
9.تعزيز الدور الرقابي المنوط بالمركز الوطني لحقوق الإنسان بصفته مؤسسة وطنية تعمل وفقا لمباديء باريس في مراقبة السجون واماكن الاحتجاز من خلال اجراء زيارات دون موافقات مسبقة او تنسيق مع سلطات التي تمارس الاحتجاز.
10.تدريب وتأهيل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون وبخاصة في مجال وسائل استقصاء الجرائم واستجواب مرتكبيها، وكذلك الأشخاص المتعاملين مع السجناء والموقوفين بما فيهم الأطباء والباحثين الإجتماعيين والنفسيين والمدعين العامين.
11.السماح للهيئات الدولية بتفقد مراكز الإعتقال والإحتجاز دون موافقات وترتيبات مسبقة غاية في التعقيد.
12.تنفيذ التوصيات الصادرة عن الهيئات التعاقدية المنبثقة عن اتفاقيات حقوق الإنسان وخاصة تلك المتعلقة بحقوق الإنسان في مجال إقامة العدل مثل اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان.
13.تعزيز دور كل من وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في الجهود الرامية لمناهضة التعذيب سواء من حيث الكشف عن وقوع التعذيب والمطالبة بمعاقبة مرتكبية، أو من حيث تمكينها من اجراء زيارات فورية ومستقلة وتفقدية لبيئات الاحتجاز في الاردن.