“الأشقر”..لم تمنعه إعاقته من المشاركة في الفعاليات الوطنية الفلسطينية
يستذكر الجريح الفلسطيني، صابر الأشقر، تفاصيل وأحداث عايشها خلال مشاركته في فعاليات "مسيرات العودة”، التي انطلقت على الحدود الشرقية لقطاع غزة، نهاية مارس/آذار عام 2018، واستمرت حتى نهاية 2019.
منذ يومها الأول، حرص الأشقر (38 عاما) على المشاركة في فعاليات المسيرات كافة، رغم الوضع الصحي الخاص الذي يعاني منه، إثر بتر قدميه قبل عدة سنوات نتيجة قصف إسرائيلي.
وفي منزله الواقع بحي الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة يجلس الأشقر، ممسكاً هاتفه المحمول متأملاً بصوره التي حظيت بانتشارٍ واسع بعد أن التقطتها عدسات مصوري وسائل الإعلام، والتي ظهر فيها جالساً على كرسيه المتحرك، ممسكاً مقلاعاً استعمله في رمي الحجارة تجاه الجنود الإسرائيليين، المتمركزين خلف "السياج الحدودي الفاصل”.
يتمتم بصوتٍ منخفض بينما كان يتنقل بين صوره وفيديوهاته: "كانت أيام صعبة والله، كلها شقى وتعب، لكن كله (من أجل) كرمال الوطن يهون. فلسطين غالية والله”.
**حضور رغم "البتر”
يقول الأشقر في حديث خاص لوكالة الأناضول، إنه تعرض خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008، إلى إصابة في قصف إسرائيلي، أدت إلى بتر قدميه، ليصبح مقعداً على كرسي متحرك منذ ذلك الحين.
ويضيف الأشقر: "رغم إعاقتي ومحدودية الحركة، إلا أنني أخذت على عاتقي المشاركة بكافة الفعاليات والأنشطة الوطنية، للتأكيد على قدرة الإنسان الفلسطيني وإصراره الدائم لصنع المعجزات وتقديم التضحيات”.
ولحالته الخاصة عُرف الأشقر بين عدد واسع من سكان منطقة شمال غزة.
ويلفت إلى أنه متزوج، ولديه أربعة أطفال، ويحاول "زرع المعاني الوطنية في نفوسهم بشتى الطرق والتذكير دائماً بالاحتلال وأهمية المقاومة”.
**مشاركة في المسيرات
ويوضح الأشقر أنه بمجرد سماعه بفكرة مسيرات العودة، "تحمس لها وقرر المشاركة بها، رغم أنها تبعد عن مكان سكنه بمسافة طويلة”.
وكان الأشقر يستقل الحافلات برفقة بعضاً من أهالي منطقته يوم الجمعة من كل أسبوع، ويتجه إلى منطقة "مَلَكة” على الحدود الشرقية لقطاع غزة، والتي كانت تضم نقطةً لتنظيم المسيرات.
وعن أبرز المواقف التي عايشها خلال المسيرات، التي استمرت فعالياتها حتى نهاية سنة 2019، يقول الجريح الفلسطيني "إنها كثيرة، ومتنوعة”.
ويبيّن أن أبرزها كان حينما عَلِق بين قنابل الغاز الكثيفة قرب السياج الفاصل، حيث أجبرت القوات الإسرائيلية كافة المتظاهرين على الفرار بعدما أطلقت وابلاً كثيفا من الرصاص والقنابل الغازية تجاههم.
يضيف: "في تلك اللحظة، شعرت أني وحيد (نظرا لإعاقته) وسأفارق الحياة، لكن عناية الله أنقذتني، وتقدم بعض الشبان تجاهي وتمكنوا من نقلي إلى مكان أكثر آمناً بتلك اللحظة”.
ويشير إلى أن "نظرات المتظاهرين كانت تحيطه من كل صوب، لإصراره على التقدم ناحية السياج الفاصل”، مضيفاً: "كنت أتفهم تلك النظرات لأن بعض الناس تظن أن بتر قدمَي سيحوّلني إلى شخص عاجز”.
وتعرّض الفلسطيني الأشقر خلال مشاركته في المسيرات لعدة إصابات، في وجهه ويده، ولا يزال يعاني من أثرها حتى هذا اليوم.
ويقول الأشقر إن الصور التي التقطتها عدسات وكالات الأنباء ووسائل الإعلام، له، كانت "علامة فارقة في حياته، فبعد أيام من تصويرها وجد أنها انتشرت على نطاق واسع وترشحت لجوائز دولية، وكانت عنواناً للدلالة على الصمود والتحدي بوجه قوات الاحتلال”، على حد تعبيره.
ويكمل: "حتى اليوم أجد بعض مستخدمي منصات التواصل يتداولون الصور من داخل فلسطين وخارجها، وأحياناً أجد أن هناك من يرفعها خلال الفعاليات الوطنية. هذا يشعرني بالفخر”.
ويذكر أن "الانتشار الواسع للصورة، زاد يقينه بقدرته على المواجهة ومقاومة الاحتلال، خاصة مع ما وجده من دعم معنوي استثنائي”.
**مطالبات ومناشدات
رغم معنوياته العالية، وتأقلمه مع حالته الصحية، يطمح الأشقر بأن يحظى بفرصة "لتركيب أطراف صناعية تساعده على تسيير شؤون حياته اليومية”.
ويقول في هذا الصدد: "كثيراً ما أتمنى أن أسير إلى جانب أبنائي كأي أب عادي، دون الكرسي المتحرك أو الأدوات المساندة الأخرى”.
وناشد الأشقر كافة "الجهات الحكومية والأهلية إلى مساعدته، والعمل على "توفير بيئة حياتية أفضل له ولعائلته”.-(الاناضول)