الصفدي : تهميش القضية الفلسطينية والقفز فوقها لن يؤدي إلاّ إلى المزيد من الصراع
أكّد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي ضرورة استمرار توفير الدعم المالي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) خصوصاً في الوقت الذي ستزداد فيه الضغوط الاقتصادية على الفلسطينيين، وتغيب فيه الآفاق الحقيقية لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين.
وقال الصفدي في مقابلةٍ مع قناة الجزيرة بعد محادثاتٍ أجراها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومباحثاتٍ هاتفيةٍ مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن الأردن ينظر بقلق إلى تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحذّر من أن تهميش القضية الفلسطينية لن يؤدي إلّا إلى المزيد من الصراع.
وأضاف الصفدي أن كل الجهود والاتصالات المستمرة التي يقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني تستهدف دعم الأشقاء الفلسطينيين وإيجاد أفقٍ سياسيٍ حقيقي لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين.
وقال الصفدي في ردٍ على سؤال "أنا في نيويورك لإجراء محادثات تركز في جلّها على القضية الفلسطينية، بدءاً من المحادثات التي عقدتها مع الأمين العام للأمم المتحدة بحضور المفوض العام للأنروا، لبحث سبل ضمان تدفق الدعم للوكالة التي يجب أن تستمر في تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين، خصوصاً في هذا الظرف الذي تغيب فيه الآفاق السياسية وتزداد فيه الصعوبات الاقتصادية على الفلسطينيين”.
وأكّد أن استمرار الوكالة بالقيام بدورها بالكامل وفق تكليفها الأممي هو مسؤوليةٌ دوليةٌ، وضرورةٌ لتوفير العيش الكريم الذي يستحقه اللاجئون.
وقال الصفدي "نحن نُتابع بقلقٍ ما يجري داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة” وإن لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله ولقائه الرئيس ووزير الدفاع الإسرائيليين تستهدف "كهدفٍ استراتيجي إيجاد أفقٍ سياسيٍ حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يُؤكد الأردن أن لا بديل عن حلّ الدولتين الذي يُجسد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران ١٩٦٧ سبيلاً له”.
وزاد أن هذه الاتصالات استهدفت أيضاً "الحفاظ على التهدئة الشاملة هدفاً آنيًا، وضمان حق المصلين للوصول للمقدسات الإسلامية دون أيّ قيود ووقف كل الإجراءات الاستفزازية”.
وسُئل الصفدي عن تصور الأردن حول سبل تفادي التصعيد في ضوء الظروف التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، فأجاب: "إيجاد أفقٍ سياسيٍ حقيقي لتحقيق السلام العادل الذي يُلبي حقوق الشعب الفلسطيني، ووقف كل الإجراءات الاستفزازية التي توفّر الشرارة للمزيد من الصراع والعنف، وتلبية الاحتياجات الاقتصادية للشعب الفلسطيني في إطار سياقٍ سياسيٍ يضمن التقدم نحو حلٍّ سلمي”.
وقال "ما يجري الآن أمرٌ خطيرٌ جداً. احتمالات تصاعده قائمة، والسبيل الوحيد للحؤول دون ذلك هو العودة إلى مفاوضاتٍ جادةٍ وحقيقية تُعيد الأمل بأن العملية السلمية ستمضي إلى الأمام باتجاه السلام العادل الذي يُشكل حلّ الدولتين سبيله الوحيد”.
وفي الأثناء، قال الصفدي، "يجب وقف كل الإجراءات الأحادية التي تُقوض حل الدولتين؛ استيطان، وتهجير السكان من بيوتهم في حيّ الشيخ جراح وفي غيرها من المناطق الفلسطينية المحتلة، واحترام حق المصلين في الوصول إلى الحرم،” لافتاً إلى أن المسجد الأقصى المُبارك / الحرم القُدسي الشريف بكامل مساحته هو مكان عبادةٍ خالص للمسلمين.
وأضاف نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أن المملكة تعمل "بالتنسيق مع أشقائنا في مصر، مع أشقائنا في فلسطين، مع بقية الأشقاء العرب والمجتمع الدولي من أجل إيجاد هذا الأفق السياسي الحقيقي، والحؤول دون الاستمرار في الإجراءات التي تفجّر الوضع وتهدد بدفع المنطقة إلى دوامةٍ جديدةٍ من العنف”.
وفي ردٍ على سؤال حول المحادثات مع الرئيس الإسرائيلي، قال الصفدي إن لقاء جلالة الملك مع الرئيس الإسرائيلي جاء بعد القمة التي عقدها جلالته مع الرئيس الفلسطيني، وفي إطار الجهود الأردنية المستمرة لإيجاد أفقٍ سياسيٍ حقيقي. وزاد "الحديث مع الرئيس الإسرائيلي كان واضحاً عكَس الموقف الأردني الثابت بأن السلام خيارٌ استراتيجي، والسلام هدفٌ نريده جميعاً، لكن طريق هذا السلام واضحة وهي تلبية الحقوق المشروعة كاملةً للشعب الفلسطيني، وخصوصاً حقه في الحرية والدولة على ترابه الوطني وفق حل الدولتين”، وأنه يجب وقف كل الإجراءات التي تُقوض حلّ الدولتين، وأن التعاون الإقليمي والجهود الإقليمية لمواجهة التحديات الأخرى المشتركة لا يمكن أن تستثني القضية الفلسطينية لأن القضية الفلسطينية هي القضية الأساس.
وقال أن الموقف الأردني هو أن "تحقيق الهدف الاستراتيجي في السلام الشامل ومواجهة التحديات المشتركة لا يمكن أن يتحقق من دون حلّ القضية الفلسطينية ومن دون إشراك الفلسطينيين”.
وحذّر الصفدي من أن تهميش القضية الفلسطينية أمرٌ مستحيل، فالقفز فوق القضية الفلسطينية لن يؤدي إلى السلام، بل سيؤدي إلى احتمالات حقيقية لتفجّر الأوضاع مرةً أخرى.
وأضاف الصفدي "أن الموقف الذي أكدّه جلالته كان واضحاً، وهو أن السلام الذي نريده جميعاً يجب أن يتبلور الآن خطواتٍ عملية ولا يمكن أن يستثني القضية الأساس، وهي القضية الفلسطينية”.
وسُئل الصفدي عن الرسالة التي أراد الأردن أن يوصلها من وراء الاعتذار عن المشاركة في اجتماع النقب وبالتزامن مع ذلك زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رام الله فقال: "نحن مع كل جهدٍ يؤدي إلى تحقيق السلام العادل والشامل، ومع كل جهدٍ يسهم في إيجاد الظروف الإقليمية التي تتيح معالجة التحديات المشتركة الأخرى، ولكن موقفنا أن هذا الجهد يتطلب حل القضية الأساس، وهي القضية الفلسطينية”.
وأضاف أن "زيارة جلالة الملك إلى رام الله كانت رسالة تأكيدٍ على موقف الأردن الثابت في دعم الأشقاء الفلسطينيين وحقوقهم، وعلى أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية”.
وقال الصفدي "نحن نعمل بتنسيقٍ وتشاورٍ مع كل أشقائنا، وكل جهد يسهم في تحقيق السلام العادل والشامل، وكل جهد يدرك مركزية القضية الفلسطينية، ويبحث عن تكثيف جهودنا المشتركة لإيجاد شرق أوسط ينعم بالسلام والاستقرار والأمن جهدٌ تدعمه المملكة بشكلٍ واضح”.
وأضاف الصفدي في ردٍ على سؤالٍ عن غياب الأردن عن اجتماع النقب فقال "هنالك مسارات مختلفة. المسار الذي كنّا منخرطين فيه ثنائياً مع الفلسطينيين، وأيضاً ثنائياً مع الإسرائيليين لإيصال رسالتنا، وهذا مسارٌ آخر يُحقق، إن شاء الله، ويسهم في أن تتكامل هذه المسارات بالنهاية باتجاه تحقيق الهدف الذي تعمل من أجله المملكة دائماً وهو السلام الشامل والعادل الذي لا يمكن أن يتحقق من دون حل القضية الفلسطينية بما يُنهي الاحتلال ويُجسد الدولة الفلسطينية لتعيش بأمنٍ وسلامٍ إلى جانب إسرائيل”.
وفي رد على سؤالٍ قال الصفدي "العملية السلمية لا تتقدم إلى الأمام بالشكل المطلوب، وهنالك غيابٌ للأفق السياسي، وتغييب هذا الأفق السياسي أو غيابه يعني عدم تقدم في حلّ القضية الفلسطينية، وهذا أمرٌ لا يمكن أن يؤدي إلى السلام الذي نريده جميعاً”.
وزاد أن "ما نقوله ببساطة أننا نريد أن نعمل وبتنسيقٍ كاملٍ مع أشقائنا ومع المجتمع الدولي من أجل العودة إلى جهدٍ حقيقيٍ فاعل لحلّ القضية الفلسطينية. نحن نثمن كل الجهود التي يقوم بها أشقاؤنا من أجل إيجاد أفقٍ سياسي. نعمل معهم، ننسق معهم، ولنا في المملكة دورٌ أساسي أيضاً في هذا الجهد ونقوم بهذا الدور، كما أظهرت عديد الاتصالات التي قام بها جلالة الملك مع الفلسطينيين وأيضاً مع الإسرائيليين وبالتنسيق مع الأشقاء العرب”.
وقال الصفدي أنه في ضوء "غياب فرص الحديث عن حلّ الدولتين أو عن تحرك باتجاه تحقيقه، نركز الآن على الأقل على وقف الخطوات التي تُقوض هذا الحلّ إلى حين نضوج الظروف التي تسمح بالعودة إلى المفاوضات”.
وأضاف "فالآن، في المرحلة الآنية، نحن نركز على تثبيت الاستقرار، نركز على منع الخطوات التي تُقوض حلّ الدولتين، ونعمل مع الجميع من أجل إيجاد الأفق السياسي لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يُمثل خياراً استراتيجياً عربياً”.