عائلة بنات في رمضانها الأول.. موائد حزينة بلا "نزار"
لأول مرة؛ يجلس أطفال المغدور نزار بنات حول مائدة الإفطار وعيونهم ذابلة تنظر إلى مكان أبيهم المعتاد على المائدة، ويتبادولون ما يذكرونه عن أفعاله وأقواله التي ألفوها في الشهر الفضيل.
جيهان الرجوب وأطفالها الستة يقضون شهر رمضان لأول مرة في غياب زوجها المغدور نزار الذي اغتيل على يد أفراد من الأجهزة الأمنية في أواخر يونيو الماضي.
وتقول الرجوب في حديثها لوكالة "صفا"، إن حلول الشهر الفضيل كان يملأ المنزل سعادةً وطمأنينة، أما رمضان هذا العام فيأتي مع غصة كبيرة لدى العائلة في ظل غياب نزار.
وأضافت أن أبناءها متعلقين بشدة بالطقوس التي كان يصنعها والدهم خلال رمضان، إذ كان يخصص لنفسه مسؤولية إعداد الأطباق الجانبية لمائدة الإفطار ويشارك الأطفال في إعداد حلوى القطايف".
وتفتقد الرجوب ذلك الضجيج المؤنس، وادزحام الأطفال في المطبخ وهم يطلبون مهمة من والدهم ليساهموا في إعداد مائدة الإفطار، مشيرةً إلى "أن رمضان العام باهتاً لا طعم له".
وقالت إن العائلة لم تضع زينة رمضان لهذا العام على نوافذ المنزل وشرفاته، مضيفةً "أن البيت مطفأٌ من بين كل منازل الحي ويحوي حزناً وغصة شديدة".
وتستذكر زوجة المغدور بنات غياب زوجها في آخر عشرة أيام من رمضان العام المنصرم، خلال فترة ملاحقته قبل الأجهزة الأمنية على خلفية آرائه السياسية وانتقاده للفساد، والتي سبقها تهديدات عديدة بالقتل.
وبالرغم من ذلك تستهون الرجوب ما مرت به العائلة في رمضان الماضي، وتقول "كنا نأنس ونطمئن بصوته رغم بعده".
وتقول قبس ابنة الناشط المغدور، إنها تحنُّ إلى صوت أبيها حين يوقظها على السحور، وإلى المشي بصحبته بعد الإفطار، وتفاصيل أخرى عديدة شاركتها معه.
وأضافت: "كل تفاصيل اليوم الأول من رمضان كانت تذكرنا بفقدانا والدنا، وكنا على المائدة نستذكر حديثه وعاداته".
وحول محاكمة المتهمين في عملية اغتيال نزار، تقول العائلة إن السلطة لجأت إلى أساليب المراوغة والمماطلة في محاسبة القتلة، من خلال الادعاء بأن الشهيد نزار كان مريضاً بالقلب على خلاف التقارير التي قدمت من مشفى الأهلي والميزان في الخليل، التي أكد أن نزار لا يعاني من أية أمراض قلبية.
وتؤكد على أن جريمة اغتيال الناشط والمعارض السياسي نزاربنات هي جريمة اغتيال سياسي، رافضةً العدالة المنقوصة بمحاسبة المنفذين دون مصدري أوامر الاغتيال.
وكان الشهيد نزار بنات ناشطاً سياسياً معارضاً ومحارباً للفساد، ومرشحاً للانتخابات التشريعية المعطلة عن قائمة "الحرية والكرامة"، التي كان مقرراً عقدها في مايو العام الماضي.
ويحاكم ١٤ عنصر أمن من جهاز الأمن الوقائي في قضية اغتيال بنات للجلسة الخامسة عشرة، حيث يطالب نشطاء وحقوقيون محاكمة المسؤولين عن العناصر الأمنية، وأن لا تقتصر المحكمة على الأفراد.
وشهدت قضية بنات مؤخرا تفاعلا شعبيا، بعد الكشف عن وثائق رسمية عرضتها قناة الجزيرة، حملت تناقضات في الرواية الرسمية ورواية الأجهزة الأمنية.