عائلة الشهيد عساف: "اللي صار ما بستوعبه عقل"
وقفت شقيقة الشهيد محمد حسن عساف الصغرى، أمام باب ثلاجة الموتى في مستشفى رفيديا بمدينة نابلس، وطرقتها بقوة تنادي على شقيقها، وتطلق مع كل صرخة "آه يا أبو حسن".
كانت تهتف بصوت هادر مدوٍ يظهر كمن يضرب بالمطارق على أحجار المستشفى.
يحاول من برفقتها إفاقتها ورفعها لتجلس على الكرسي، لكنها سرعان ما تنهار وتسقط أرضا، وتقول "اللي صار ما بستوعبه العقل.. دائما انا وهو، ما بدي ابعد عنه".
لم تكن تعلم شقيقته أنه بدلا من أن تتلقى اتصالا منه يقول لها ما سَتُحضره له على الإفطار اليوم، أنها ستتلقى نبأ استشهاده، وسَتُلقي عليه نظرة الوداع الأخيرة وقبلة على جبينه.
قوات الاحتلال الإسرائيلي، كانت أطلقت النار على مركبة الشهيد محمد حسن محمد عساف (34 عاما) من قرية كفر لاقف في قلقيلية، صباح اليوم الاربعاء، عقب عودته من المنطقة الصناعية بمدينة نابلس عندما كان يقل ابن أخيه، ما أدى إلى استشهاده على الفور.
انطلق موكب التشييع بعد مراسم عسكرية تمت بمستشفى درويش نزال الحكومي في مدينة قلقيلية، ثم بموكب سيارات حاشد إلى مسقط رأسه، وحين وصوله حمله أصدقاؤه ورفاقه على أكتافهم وجابوا به شوارع القرية التي كان الحزن مخيما عليها حدادا على روحه التي صعدت إلى جوار ربها.
حضر إلى منزله وكانت عين زوجته في اللحظات الأخيرة تنظر على جسده الذي يستعد للفراق الأبدي ويحيط الدمع بعيونها، وهي تلقي آخر النظرات على النعش الذي عاد محمولا على الأكتاف.
وداع أخير، وقبلة خطها "محمد" على جبين زوجته وأطفاله قبل ذهابه إلى عمله في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان بمدينة نابلس لتكون رحلته الأخيرة، هكذا كانت تقول زوجته وهي تودعه وتحتضن أطفالها الثلاثة حسن 5 سنوات، ومريم ثلاث سنوات، وأمين سنة واحدة.
يوم لن تنساه عائلة "أبو حسن"، تجلس فيه والدته تحاول أن تتماسك وتقنع نفسها أنه انتقل إلى مكانه الأعظم الذي يستحقه، تقلب ثيابه بين يديها، وتقول "ابو حسن ما راح"، "يا وجع القلب يا ابو حسن".
مدير عام توثيق انتهاكات الاحتلال في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان قاسم عواد قال لمراسلة "وفا"، إن قوات الاحتلال استهدفت مركبة الشهيد عساف بالرصاص وهو لم يكن يشكل أي خطر، أثناء عودته من المنطقة الصناعية بنابلس، عقب ايصاله اثنين من أبناء اخوته كالمعتاد.
وأضاف أن الشهيد من قرية كفر لاقف يعمل محاميا في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان شمال الضفة ومقرها نابلس، منذ العام 2016، ومتزوج ولديه ثلاثة اطفال.
وأشار عواد الى أن الشهيد كان عنصرا فاعلا وشارك في فعاليات الصمود والتصدي لمشروع الترحيل في الخان الاحمر لأكثر من ستة أشهر.
وختم: "تودع الضفة يوميا شهداء بسبب مسلسل الإعدامات الميدانية التي ينفذها جنود الاحتلال بحق الفلسطينيين دون رادع أو اهتمام، وبالرغم من ذلك سيبقى الشعب الفلسطيني مقاوما ثابتا على أرضه حتى تحريرها واعلان القدس عاصمة لها".