2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

في يومهم العالمي.. حقوق عمال الأردن في تراجع مستمر

في يومهم العالمي.. حقوق عمال الأردن في تراجع مستمر
جو 24 :
يواجه العاملون والعاملات في الأردن تحديات عديدة في سوق العمل تمنعهم من المشاركة الاقتصادية الفعالة، حيث التباطؤ الاقتصادي ومعدلات البطالة المرتفعة جدا والتي ازدادت بأكثر من عشر درجات خلال العقد الماضي، حيث بلغت في عام 2013 ما يقارب 12.6%  ووصلت في الربع الرابع من عام 2021 إلى 23.3%.  هذا الى جانب تراجع شروط العمل لغالبية القوى العاملة.
تفيد مختلف المؤشرات إلى أن جائحة كورونا وتبعاتها ضاعفت هذه التحديات على العاملين والعاملات، إذ كانوا أول المتأثرين من الإغلاقات الصحية والاقتصادية خلال الجائحة، وها هم اليوم آخر المتعافين منها وما يزالون يدفعون ثمنها، حيث كشفت الجائحة هشاشة منظومة الحماية الاجتماعية، فعلى الرغم من عودة مختلف القطاعات إلى عملها بشكل كامل.
العديد من المؤشرات تظهر وبوضوح أن غالبية العاملين والعاملات بأجر في الأردن يعانون من ظروف عمل غير لائقة، سواء من حيث عدم توفر فرص عمل أساسا أو انخفاض مستويات الأجور واتساع ظاهرة العمل غير المنظم، وغياب الأمن 

والاستقرار الوظيفي، واتساع رقعة الانتهاكات والاعتداءات على حقوقهم العمالية والإنسانية المنصوص عليها في تشريعات العمل الأردنية. 
في ضوء ما سبق، يعد المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية تقريره هذا بالتعاون مع مؤسسة فريدرتش ايبرت الألمانية بمناسبة اليوم العالمي للعمال الذي يصادف الأول من أيار في كل عام، والذي يأتي فرصة لنستذكر جهود العاملين والعاملات ودورهم في بناء اقتصاد الوطن، ولنقيّم سياسات العمل وعلاقاته في الأردن وتأثيرها على العمال في مختلف المستويات الاقتصادية. 

1.صادق الأردن على 26 اتفاقية من اتفاقيات منظمة العمل الدولية، منها سبع اتفاقيات من اتفاقياتها الأساسية الثماني،  لكن ذلك لم ينعكس بشكل كلي على القوانين والسياسات التي تنظم شؤون العمل الأردن، بل على العكس، ما زالت هناك محاولات من صناع القرار إلى إزاحة الأردن عن مسارها التنموي من خلال إصدار قوانين وأنظمة وتعليمات تشكل معظمها تراجعا عن حقوق العمال الأساسية، مثل حرمانهم من الاشتراك في مجمل تأمينات الضمان الاجتماعي، وتقييد حريتهم النقابية وتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية تنتقص من شروط العمل المتعارف عليها دوليا.
 

2.واستمرارا لنهج رفع الحماية الاجتماعية عن عمال الأردن، وضغط أصحاب العمل على الحكومات من أجل التخفيف من الأعباء الاقتصادية عليهم، ما زال عمال الزراعة يعانون من عدم إشراكهم في مظلة الضمان الاجتماعي، فعلى الرغم من صدور نظام عمال الزراعة الذي ينص على شمولهم بأحكام قانوني العمل والضمان الاجتماعي، لكن البلاغ رقم 41 الذي صدر بعد شهرين من إقرار نظام عمال الزراعة؛ أتاح لأصحاب الحيازات الزراعية شمول العاملين لديهم بتأمين إصابات العمل فقط، على أن يتم شمولهم بباقي التأمينات اعتبارا من 1 كانون الثاني 2023.  ونتوقع أن تستمر الحكومة بالتأجيل إذا لم تجد صيغة ملائمة لإشراكهم في الضمان الاجتماعي تراعي الطرفين؛ وبالتالي سيظل العمل بالقطاع الزراعي، صمام الأمن الغذائي في الأردن، غير منظم ويفتقد إلى أبسط معايير العمل اللائق الممكن توفيرها.

3.خاض المجتمع المدني، وما زال، صراعا طويلا ضد التعديلات المتجزئة على قانوني العمل والضمان الاجتماعي، والتي تحرم قطاعات واسعة من العاملين والعاملات بأجر من حقوقهم الأساسية، وما يزيد قلقنا أن برنامج أولويات 
عمل الحكومة الاقتصادية للأعوام 2021-2023  التي أقرتها الحكومة نهاية العام الماضي نص على نية الحكومة تعديل قانوني العمل والضمان الاجتماعي بما يحقق مرونة أكبر في تنظيم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، ويفهم من "المرونة" في سياق عمل الأولويات الاقتصادية أنها ستكون في التخفيف من معايير العمل بما يخفض من كلف التشغيل على أصحاب العمل وتحفيز القطاع الخاص على التوسع، وأن توليد فرص عمل جديدة سيكون في جانب منه على حساب الحمايات الاجتماعية التي توفرها تشريعات العمل الأردنية. 

4.وفي ذات سياق برنامج الحكومة الاقتصادي وتطبيق "سياسات العمل المرنة"، التزمت الحكومة، في محور (تعزيز المنافسة والتشغيل) وهو المحور الثاني من خطة عمل الحكومة الاقتصادية وأولوياتها للأعوام 2021 - 2023، بتمكين القطاع الخاص من استدامة وخلق فرص العمل ومن ضمنه إطلاق برنامج وطني لتحفيز التشغيل  وهذا فعلا ما قامت به، إذ أطلقت مطلع نيسان الماضي برنامجا للتشغيل لا يختلف في الشكل والتطبيق عن البرامج التي اعتادت الحكومات على إطلاقها خلال العشر سنوات الماضية، إذ أنه يسعى إلى تشبيك القطاع الخاص مع الموظفين. واللافت في الأمر أن وزارة العمل كانت تعتبر أرقام المشتغلين نتيجة هذه المعارض على أنها جهد حكومي يساهم في إيجاد فرص عمل جديدة.  وهو ما لم يثبت صحته خلال السنوات الماضية، إذ ظلت معدلات البطالة مرتفعة واستمرت في الارتفاع دون توقف، حيث وصلت في الربع الرابع من عام 2021 إلى 23.3%، أي اكثر من 400 الف متعطل عن العمل، ووصلت بين فئة الشباب 52.1% (47.9% للذكور مقابل 70.2% للإناث).  

تكمن المشكلة الأساسية في أن برامج التشغيل هذه غير مستدامة ولا تسعى إلى إنتاج فرص عمل جديدة من خلال خلق مشاريع إنتاجية تساعد على تشغيل المتعطلين عن العمل، كما أن أي من هذه المبادرات التشغيلية لم تعالج سياسات التعليم التي أسهمت بشكل ملموس في زيادة معدلات البطالة، حيث التوسع في التعليم الجامعي على حساب التعليم المتوسط والتقني والمهني، بينما حاجات سوق العمل تتجه نحو الوظائف التي تتطلب مؤهلات فنية ومهنية متوسطة. بالإضافة إلى ذلك، تفتقر هذه المبادرات إلى استهداف تحسين شروط العمل في القطاع الخاص، وعلى وجه الخصوص مستويات الأجور المنخفضة، وذلك خضوعا لفرضيات خاطئة تقول إن شروط العمل الضعيفة والأجور المنخفضة تسهم في تشجيع الاستثمار المحلي على التوسع وجذب الاستثمارات الخارجية، وإن هذه الاستثمارات ستؤدي الى توليد مزيد من فرص العمل، إلا أن النتائج التي نراها في الوقت الراهن تؤكد العكس. 

5.نتيجة للغياب اللافت لأدوار المنظمات النقابية العمالية في الدفاع عن شروط العمل في الأردن وعن لعب دور أساسي في الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية بين العمال وأصحاب العمل؛ باتت حقوق العمال الأساسية في مختلف القطاعات عرضة للتهديد والمساومة.. وكانت النتيجة مواجهة العمال للحكومة وأصحاب الأعمال وحدهم من أجل 
المطالبة بحقوقهم عن طريق الاحتجاج بطرق مختلفة، وعلى أثر ذلك قامت الحكومة مرات عديدة بقمعهم وتقييد حريتهم وتوقيفهم، . وهذه السياسات تأتي في سياق استمرار الحكومات المتعاقبة في عزل الحركة النقابية وتهميش دورها وتعزيز سيطرة الممارسات غير الديمقراطية وغير النقابية على أعمالها خلال العقود الماضية، والتي استمدت عجزها من قانون العمل الذي ساهم في إضعافها وتقييد أنشطتها. نتيجة لهذا الأمر، دفعت هذه القيود العمال في مختلف مناطق المملكة خلال العام الماضي المطالبة بحقوقهم عن طريق الاحتجاج، إذ ارتفعت نسبة الاحتجاجات العمالية في الأردن بنسبة 55% مسجلة (225) احتجاجا مقابل (145) احتجاجا في عام 2020. واللافت في الأمر أن نسبة كبيرة من الاحتجاجات العمالية التي نفذت خلال العام الماضي 2021، نفذتها شرائح وفئات عمالية بدون أطر نقابية تنظمها وبنسبة وصلت إلى 40% من مجمل الاحتجاجات التي نفذها عمال الأردن العام الماضي.  ويؤشر ذلك إلى ضعف وغياب قنوات الحوار والتفاوض بين العاملين والعاملات بمختلف فئاتهم من جهة، والإدارات وأصحاب الأعمال من جهة أخرى، ما إلى زيادة أعداد الاحتجاجات العمالية. 

6.لم يكن لغياب التنظيم النقابي دور تراجعي في تحصيل العمال لحقوقهم فقط، بل أيضا في اتخاذ قرارات تمس مصالحهم دون الأخذ بوجهات نظر الممثلين عنهم، إذ تبين أن الحكومة تتجه في الصيغ الجديدة لبلاغات الإعلان عن العطل الرسمية إلى تحديد المؤسسات الحكومية التي سيتم تعطيلها على عكس البلاغات السابقة التي كانت تكتفي بالإعلان عن تعطيل الوزارات والدوائر الرسمية والهيئات العامة بشكل عام، ما أدى إلى خلق الفوضى واللبس في تطبيق قرارات العطلة في سوق العمل الأردني، خاصة بعد احتجاج العديد من العاملين والعاملات في منشآت مختلفة في القطاع الخاص على تعسف إداراتهم في إعطائهم حقوقهم مبررين ذلك بأن قرارات العطلة لا تشملهم.  ويعتبر استخدام هذا النوع من الصيغ الجديدة في الإعلان عن العطل الرسمية استثناء للعاملين في القطاع الخاص وإجراء تمييزيا بحقهم، ومن شأنها أن تعمق اختلالات سوق العمل، وتدفع غالبية طالبي الوظائف للضغط على الحكومة لتوظيفهم في القطاع العام، باعتبار أن شروط العمل في القطاع العام أفضل من القطاع الخاص، وهذا لا ينسجم مع توجهات سياسات العمل التي تنادي بها الحكومة والتي تشجع العاملين على الانخراط في القطاع الخاص.  كما أن انتهاج التمييز بين الموظفين يخالف المعايير الدولية التي تؤكد على أهمية المساواة في بيئة العمل وخاصة الهدف رقم 8 من أهداف التنمية المستدامة والمتعلق بتعزيز الاقتصاد والعمل اللائق، والهدف رقم 10 المتعلق بالحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها. 

توصيات

1.إعادة النظر بمجمل سياسات العمل المعمول فيها والتي تستند الى اضعاف شروط العمل لتحفيز الاقتصاد.
2.اجراء تعديلات جذرية على الفصل الحادي عشر من قانون العمل باتجاه إزالة كافة القيود على حرية التنظيم النقابي والمفاضة الجماعية ليتوائم مع معايير العمل الدولية والنصوص الدستورية الأردنية. أو إصدار قانون خاص لتنظيم العمل النقابي يشمل العاملين في القطاعين الخاص والعام، ويقوم على مبادئ حرية التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية.

3.معالجة الاختلالات في سياسات التعليم الجامعي لتراعي متطلبات سوق العمل واحتياجاته، باتجاه التوسع في التعليم المهني والتقني المتوسط منخفض التكلفة. والتركيز الفعلي على التدريب المهني من خلال زيادة موازنة مؤسسة التدريب والتعليم المهني والتقني، وإعادة النظر بالتخصصات الجامعية لجعلها تواكب متطلبات سوق العمل.

4.التركيز على تأسيس المشاريع الإنتاجية التي تولد فرص عمل حقيقية في صفوف العاطلين عن العمل وبخاصة الشباب.
5.إعادة النظر بالسياسات الضريبية التي توسعت في فرض الضرائب غير المباشرة، وأرهقت القوة الشرائية للمواطنين والقطاعات الإنتاجية، وضغطت على الطلب الكلي، وأدت إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي، والاتجاه نحو تخفيض الضريبة العامة على المبيعات.
6.على الحكومة أن تتخلى عن الصيغ الجديدة في الإعلان عن العطل الرسمية والعودة الى الصيغة السابقة لإزالة اللبس والفوضى التي تخلقها في سوق العمل.
7.
8.تطوير نظم إنفاذ التشريعات العمالية لوضح حد للتجاوزات التي تجري عليها، وتمكين العاملين والعاملات من التمتع بظروف عمل لائقة.
9.إعادة النظر بسياسات الأجور باتجاه رفعها بما يتناسب مع المستويات المعيشية في الأردن. 
10.تعديل قانون العمل الأردني والقوانين ذات العلاقة بالعمال بشكل مباشر بالتشاور مع أطراف الحوار الثلاث. 
11.وقف العمل بالتعديلات الأخيرة على قانون الضمان الاجتماعي والأنظمة الصادرة بموجبه والتي قضت بحرمان الشباب في بعض القطاعات من التمتع بتأمين الشيخوخة.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير