jo24_banner
jo24_banner

رسائل .. إلى روح الشهيدة شـيـريـن فـي يــوم غـيـابـهــا الأربـعـيـن

رسائل .. إلى روح الشهيدة شـيـريـن فـي يــوم غـيـابـهــا الأربـعـيـن
جو 24 :



اربعون دهرا من الغياب، هكذا مرت الأيام على كل من عرف الشهيدة شيرين ابو عاقلة، في كل يوم تعبر سنون ثقيلة، الجميع يفتقد صوتها الرزين، ضحكتها المتلألئة، حضورها البهي، سلوكها الخلوق، يفتقدون رمز حب للعائلة، واخلاصا في الصداقة، وتفاني في العمل.

في هذه الدهور الاربعين، لم يعد بمقدور شقيقها طوني ان يشاهدها عبر التلفاز حال اشتاق لحديثها ومجالستها، ولم يعد بمقدور بناته الحديث عن تفاصيلهن مع عمتهن الوحيدة، كما لم يعد بوسع المطران ياسر عياش ان يصلي لاجل سلامتها وزملائها من ناقلي حقيقية الاحتلال الغاصب في فلسطين، ولا حتى بوسع اي من رفيقاتها ان يحتسين لو قدرا بسيطا من القهوة معا، ولن يستطيع رفقاء الكلمة والصورة ونقل الحقيقة ان يرونها تستعد للنقل المباشر ولن يتمكن المشاهدون مجددا من سماع «سنوافيهم بالخبر فور اتضاح الصورة».

جاء التكريم الملكي بوسام الاستقلال من الدرجة الأولى للشهيدة شيرين أبو عاقلة تقديرا «لتميزها في تأدية مهامها بكل شجاعة من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة»، وانهالت المنح الجامعية والدراسية والمبادرات والشوارع وافواج الخريجيين والكثير الكثير من الامور التي حملت اسم «شيرين ابو عاقلة»، الا ان الم الفراق لا يوأد بسهولة، ولكن العزاء انها قضت شهيدة الارض المقدسة، ارتقت، ورقدت بسلام في الارض التي تتوق للسلام، وروحها ما زالت تطوف بالمكان، «شيرين» سيخلدها التاريخ والاجيال، لان «الحياة الصالحة ايام معدودات اما الاسم الصالح فيدوم الى الابد «.

مقربون من عائلتها والاصدقاء والزملاء في العمل يستذكرون مع «الدستور» شيرين شهيدة الحق والكلمة في يوم رقادها الاربعين، برسائل الى روحها الحاضرة التي لن تغيب.

طوني أبو عاقلة: شيرين

كانت لي الأم والاخت والصديقة

طوني أبو عاقلة شقيق شيرين الوحيد تحدث بمرارة الالم ولوعة الفراق عن شيرين قائلا: مر على وفاه شيرين اربعون يوما، وما زلنا كعائلة نفتقدها في البيت، وعلى طاولة الطعام، وفي جلوسها معنا ومواساتها لنا، ومشاركتها حياتنا والاطمئنان علينا، خلال هذه الفترة تعرفنا على كثير من اصدقاء شيرين الذين خففوا بوقوفهم معنا من مصابنا الجلل، وساعدونا في مسيرنا بهذه المرحلة الصعبة.

ان اغتيال شيرين كان فقدانا كبيرا للعائلة ولكن الحمد لله كان الجميع معنا ووقفوا الى جانبنا في هذا الوقت «زي ما بنقول كفوا ووفوا وساعدونا كثير نمر في مرحلة كثير كثير صعبة».

انا كاخ لشيرين اكثر من يفتقدها الان، فقد كانت بمثابة الأم والاخت والصديقة، شيرين كانت كل شيء بالنسبة لي، كنت اتواصل معها حال حدوث اي شيء معي، وهي كذلك، تتواصل معي باستمرار تطمئن عني في غيابي، هذه الايام مريرة ومؤثرة وصعبة جدا جدا.

الان اي عمل نقوم به في البيت اياً كان تحضره ذكرى شيرين، شيرين معنا موجودة، صورتها في خيالنا وامامنا، عزائي ان تكون في مكان افضل الان ان شاء الله.

ما زلت الاحظ الحزن الذي ملأ العائلة من ابني وبناتي وزوجتي، كلهم كانوا مرتبطين بشيرين جدا وافتقدوها، نحن دائما عندما نشتاق لشيرين في حياتها كنا نشاهد التلفزيون بحثا عن شيرين وصوتها، للاسف كان عملها صعبا ونشر الحقيقة امر شاق بالنسبة لها - انا متاكد – انها كانت تحاول كل جهدها ليكون تقريرها مبني على حقائق وهذا ما رسخ محبة الناس لها والشعب الفلسطيني خاصة والشعب العربي وما جعلهم يتعلقون بشيرين.

شيرين في مسيرتها قدمت لآخر يوم في حياتها حتى وقت استشهادها التضحيات، وفقدانها بالنسبة لنا موجع واليم الا اننا فخورون بها، ورغم كل من واسانا ووقف معنا ما زال هناك فراغ لا يسد انه مكان شيرين لا شيء ابدا يحل مكان شيرين، لنا كعائلة كان للحياة طعم اخر مع شيرين، كانت مصدر الهام لبناتي والحمد لله اليوم اراهن نضجوا بطريقة كبيرة، وفهموا بوضوح ما هي قضية فلسطين، وكيف وحدت شيرين في نفوسهم محبتهم لفلسطين، التي زادت باستشهادها، انا متاكد ان شيرين ضحت بروحها لاجل فلسطين ودحر هذا الاحتلال.

ايامنا أصبحت طويلة جدا، ولكن نحن كعائلة نقول «الحمد لله على كل شيء. ونشكر الله وهذه مشيئته..» انا متاكد ان لا احد سينساها، وها هي تترك على كتفي حملا كبيرا بان امشي في مسيرتها واخلد اسمها، عندما اشاهد الاخبار او التقارير الذي يبثها زملائها اتصور شيرين هي من تنقل الخبر واقول «اكيد شيرين شايفتهم وشايفة التقارير وشايفة اهلها والناس، انا متاكد انه رغم اللي صار شيرين شافت جنازتها ومحبة الناس اللي وقفوا معنا وفضلوا علينا...».

المسيرة ستستمر واسم شيرين ان شاء الله سيخلد ولن ينسى.

 

المطران ياسر عياش: شيرين خدمت

القضية الفلسطينية بوفاتها وحياتها

النائب البطريركي للروم الملكيين الكاثوليك في القدس، المطران ياسر عياش، الاسقف الذي ترأس خدمة جناز شيرين وترأس قداس «الثالث والتاسع» وراعي الكنيسة التي تنتمي اليها عائلة شيرين، قال: ودعنا بالايمان والصلاة والرجاء، اختا عزيزة على قلوبنا، المرحومة الشهيدة شيرين ابو عاقلة، شهيدة الحقيقة، والواجب والكلمة الحرة، التي وحدت الفلسطينيين، وخدمت القضية الفلسطينية بوفاتها مثلما خدمتها في حياتها، وحركت الضمير العالمي للدفاع عن حرية الرأي والوقوف الى جانب الحقيقة.

شيرين ابنة بيت لحم، المولودة في القدس، نشأت على تربية مسيحية صالحة، وعلى الانسانية، خطت طريقها منذ بداية شبابها، فاختارت الصحافة «لتكون قريبة من الناس»، فدخلت كل بيت، واعتلت عرشا وطنيا وعربيا وعالميا، عرفت بمحبتها وامانتها وصدقها وباخلاصها لرسالتها في نقل الحقيقة، كانت صوتا مسموعا، يصغي اليه بثقة كل انسان، لمصداقيتها ومهنيتها، وقفت الى جانب الناس في كل احوالهم وظروفهم الحياتية في كل مكان، لم تعرف يوما تمييزا عرقيا او دينيا او جغرافيا او لغويا، بل حملت رسالة الصحافة ومارستها باخلاص وبنزاهة، فكانت صوتا صارخا بايمان، بالقضية الفلسطينية، وقضية الانسان، والعدالة والمحبة والسلام والحرية والطمأنينة لجميع الشعوب.

كانت تتنقل في كل مكان، لم تترك بيتا او مدينة او قرية او عائلة الا وتركت اثرا بالرغم من الاخطار، فقد تغلبت على الخوف، وكانت مع زملائها الكرام، حماة الحق والحقيقة، تصر على مواصلة العمل، بكل شجاعة واقدام، لاظهار الحقيقة واعلاء الكلمة الحرة، لتكون صادقة في عملها ومثالا يقتدى به، احبت عملها، وامنت برسالتها ولاجله كانت مستعدة لمواجهة كل الاخطار، فهي من قالت «لن انسى ابدا، بان الموت كان احيانا على مسافة قريبة «، من يحب عمله، يضحي بحياته في سبيله، فلا يخاف موتا ولا سيفا ولا عذابا ولا اضطهادا .. احبها العالم كله بطريقة خاصة، وقابلها بالاحترام والتقدير صار الكل يعرفها باخلاقها وقيمها ومبادئها السامية، هي التي نأت بنفسها عن التجاذبات والاختلافات، ايمانا منها بالقضية الواحدة.

شيرين تغادرنا من هذا العالم الى الحياة الابدية، «احسنت ايها العبد الامين كنت امينا على القليل، ساقيمك على الكثير، ادخل الى فرح ربك».

شيرين، وان غابت عنا بالجسد، فالعالم سيذكرها دائما بصوتها الدافىء الحنون الحر الصارخ بالحقيقة.

 

هناء الشيخ: شيرين انت الحقيقة..

والحقيقة لا تموت

هناء الشيخ واحدة من الصديقات التي عرفت شيرين في عملها وفي حياتها الشخصية، وكانت رفيقة لها في وقفات الصمود الفلسطيني، ترثي شيرين بحرقة تخترق الحروف وتقول: كثيرون هم المشاهير الذين يرحلون عن عالمنا المثقل بكل أنواع وألوان التناقض والصراعات والأوبئة والأمراض، وكثيرون هم الذين يتركون في الوجدان أحزانا ومشاعر عميقة من الفقدان، توقفنا قليلآ ثم سارت بنا عجلة الحياة.

اما في رحيل شيرين ابو عاقلة قاوردت فلسطين بل والعالم كله دمعة حارقة تحجرت في المقل وعلقت في الروح، بخلاف أي رحيل آخر، ما زال حضورها طاغيا طازجا ممتدا على مساحة الكون كشمس لا تغيب.

كانت الرصاصة القاتلة التي استقرت في رأسها زلزالا هز الأنسان والأفكار والماضي والحاضر وشكل علامة فارقة على مشارف المستقبل، أقول علامة فارقة لأن كثيرين ممن تابعوا الحدث وعاشوا مجريات الأيام التي تلت عملية الأغتيال تعززت لديهم القناعة بأن أركان كيان الاحتلال أصبح هشا إلى درجة ذهبت كليأ بعقول قادتهم حين ظنوا بأن قتل الشاهدة يؤدي إلى موت القضية، وأنهم سينجحون في إسكات صوت الحقيقة، الذي يخرج على العالم صباحا ومساء يوميا ليخبر بما يجري هنا.

فلا بأس حسب أعتقاد المجرمين ان تكون شيرين الخبر العاجل، وما علموا أن للقدس وفلسطين وكل الكون رأيا آخر جعل من هذا الحدث يوما شديد السواد في تاريخ الكيان الاسرائيلي، والذي بلغت فيه الحماقة وقصر النظر والغطرسة إلى محاربة نعش شيرين الطاهر في محاولة لاغتياله هو أيضا، لكن زنود وأكتاف واجساد الفلسطينين كلها مجتمعة شكلت درعا واقيا لمنع سقوط الجسد الطاهر وابقاءها شامخة محلقة في سماء عاصمة الروح وروح العواصم.

لقد خرجت القدس عن بكرة أبيها في وداع شيرين أيقونة الحرية والاعلام الحر، لأنها كانت الوجه الجميل واللسان الفصيح والخلوقة وصاحبة الأيدي البيضاء فهي ابنة الأرض التي تعكس معاناتهم ووجعهم، ولأنها الحقيقة التي أرادوا اسكاتها وكتمتها، ولانها تجسد وحدة المقدسيين بمسليميهم ومسحييهم أخوة التراب والهدف بالحرية والمصير، لقد بلغت الغطرسة والشراسة والأجرام بكل مكونات هذا الكيان إلى تحدي القانون الدولي الإنساني وإطلاق رصاص الموت على رأس شيرين متعمدين مترصدين، ولم يكونوا مدركين أن هذا القرار سيفجر إرادة التحدي والصحوة في قلب كل الأراضي الفلسطينية، وإن أجراس الكنائس ومآذن المساجد الذي ناجت ألله في وداعها وطلبت الرحمة لروحها كانت تدرك تماما أن روحا وحياة متجددة استقرت في سماء فلسطين وإن الشوارع والآزقة والقباب والساحات ستفتح ذراعيها لتحضن شيرين كلما أطل وجهها في صورة، أو تلفظ أحد بإسمها وان علم الوطن الشامخ سيظل الرداء الذي تتوشح به شيرين إلى يوم يبعثون. هنيئآ لك بما نلت من إحترام وتقدير فأنت اليوم بذاكرة وضمير كل حر بهذا العالم.

ارقدي براحة في ضيافة الرحمن، مع الشهداء لتستريحي من الظلم والقتل والتهجير، واعلمي أن لك من الحب الكثير الكثير لدى كل فلسطيني وعربي، وداعا أيتها الشجاعة والتي نقلت لنا الحقيقة، شيرين أنت الحقيقة والحقيقة لا تموت..لله ما أعطى ولله ما أخذ...وأن لله وانا اليه راجعون.

 

وليد العمري:

لن ننسى ولن نسامح يا شيرين

مدير مكتب شبكة الجزيرة - القدس «رام الله والقدس وغزة» وليد العمري ورفيق 25 عاما من العمل مع الشهيدة الاعلامية شيرين، قال: تمر الأيام ثقيلة وئيدة الخطى علينا يا شيرين، لا شئ يسد الفراغ الذي خلفه رحيلك المأساوي بنيران عساكر الإحتلال في مخيم جنين، أصدف كل يوم زميلة أو زميل لك في المكتب يمسح دموعه ويبكيك بصمت في زاوية ما من المكتب، وأحاول أن أطيب الخواطر بسرد ذكراك الجميلة، واؤكد له بأننا لن ننسى ولن نسامح يا شيرين، قتلوك وأنت في ذروة عطائك الإنساني وتألقك المهني، وقد كنت المسطرة التي قسنا بها زملاؤك وأنا أنفسنا أخلاقيا ومهنيا، ونعدك بأن لا نحيد عن الطريق المهني الذي رسمناه وخطونا به سويا على مدار خمسة وعشرين عاما هي نصف عمرك الذي خصك به رب العباد، وذلك رغم شظف العيش وقساوة الأيام ومحاذير مهنة المخاطر، استودعناك شهيدة عند رب لا يظلم عنده أحد، يا طاهرة القلب ونقية السريرة.

 

الياس كرّام: لم نصدق حتى الآن

أن شيرين لم تعد بيننا

الياس كرّام مراسل الجزيرة القدس، ما زال يقف به الزمن في الحادي عشر من ايار، فلا يعلم ان كان استشهاد شيرين واقعا أم لا، يصدق ولا يصدق كانت كلماته الحائرة تغص بقلبه، وتتلألأ في عينيه كدمعة حارقة، كرام قال في رسالته: لم نصدق حتى الان أن شيرين لم تعد بيننا ولن نصدق، فالعقل يرفض أن يصدق هذا الغياب، يقول له القلب لم تعد بيننا، لكنه لا يصدق، نترحم عليها ونستقبل رسائل المعزين، ولا نصدق هل هي هي التي لم تعد؟ هل هي هي الشهيدة؟ هل هي هي تلك الضيفة التي دخلت بيوتنا؟ لا نصدق، هل هي الملقاة على أرض مخيم جنين صريعة مضرجة بالدم؟ لا نصدق فلم نر وجهها، هل كان الدرع الواقي غير الواقي من رصاصة الغدر ثقيلًا عليك وأنت تهوين على الارض؟! هل نهضت باكراً كي تذهبي الى الموت؟!!! أرسلتِ الخبر عن مخيم جنين باكراً جداً ووعدتي بمزيد من التفاصيل، ولم تأتِ التفاصيل فأنت انت من اضحى الخبر.

نفتقدها ونفتقد صوتها نحكي عنها ونلحق اسمها بالراحلة ولكننا لا نصدق او أننا لا نريد أن نصدق. نفتقدها جداً جداً، لكننا نظن أنها ستعود، قد تكون في سفر، أو في عطلة طويلة، أو ربما هناك في مخيم جنين تعدُ تقريراً عن رجال المقاومة، أو ربما في أزقة نابلس تبحث عن قضية شهيد أو أسير، أو لعلها في مسافر يطا بالخليل تعيش مع أبناء شعبها مأساة نكبة جديدة من التهجير، لكن اسمها ليس على جدول العمل، ولا في توزيع الفرق في الميدان، لكنها موجودة في قلوبنا.

وأين ما وليت وجهك في زقاق مخيم أو في حارة مدينة تقابلك شيرين بابتسامة رقيقة، لكنها ليست حقيقية، فلا حياة فيها بل هي ابتسامتها لكن في حالة جمود في صورة كصور الشهداء، او أنها كذلك.

الأيقونة، الشهيدة، صوت فلسطين، نجمة القدس، أوصافٌ أصبحت تسبق إسمها تارة او تتلوه تارة أخرى، هل هي هي؟ هل حقاً لم تعد بيننا ؟!هل خفت صوت شيرين صوت من نقل آهات المقهورين والمظلومين في القدس ونعلين، صوت من تحدث عن عذابات الأسرى في غياهب السجون، ونقل آلام أم شهيد، وتحدى بكل عنفوان حقد المحتلين. لا نصدق لا نصدق، تنزل دمعة تمتزج ببسمة تختنق الحنجرة نترحم عليها، ولا نصدق! ربما ليست هي!! هل حقا هي؟!.

نحكي عنها في الاخبار، عن تحقيقات جرت وستجري في قتلها المروع وعن تقارير صدرت تؤكد الغياب ولا نصدق.

ملوك ورؤوساء وحكام يستنكرون قتلها ووزراء وسفراء وقناصل يدينون غدرها مؤسسات تكرمها، دولية ومحلية، جوائز توزع باسمها، ومنح لطلاب العلم تخلد ذكراها ولا نصدق.

والكل يطالب بالحقيقة وبالقصاص لقاتلها يطالبون يا شيرين بتحقيق شفاف وعادل ونزيه نفس المطالب منذ عقود نفسها نفسها، لا تتغير، ولن ينصفك أحد يا شيرين لن ينصفك أحد فأنت أكثر من يعلم هذه الحقيقة المرة، وأنت أكثر من يعرف ان موازين العالم مختلة والعدالة غائبة وعاجزة، فاتركينا في عجزنا ونامي بسلام، أتركينا في ضعفنا وارقدي بسلام اتركينا غير مصدقين هذا الغياب فهو ما يعزينا وهو ما يخفف عنا ألمنا وخسارتنا الفادحة.

مجدي بنورة: شيرين خالدة

في القلب والوجدان مهما طال الزمن

مجدي بنورة المصور في شبكة الجزيرة بالقدس، كان العين التي اظهرت الحقيقة ووثقت بالصوت والصورة للعالم اجمع استشهاد شيرين ابو عاقلة، بنورة الذي زود «الدستور» بصور لمكتب شيرين، وقبرها في اول ايام دفنها، قال: اربعون يوما مضت على غياب شيرين وانا كباقي الزملاء لم نصدق اننا لن نستطيع ان نسمع صوت شرين مرة اخرى، ولن نتمكن من رؤيتها في المكتب بيننا، زمالة و»عشرة عمر» لخمسة وعشرين عاما.. انتهت بلحظة، بلمح البصر، مشينا مع شيرين مشوارا طويلا بحلوه ومره بكل المواقف والاجتياحات الاقتحامات كنا عدة مرات نكون تحت الرصاص ونتعرض فعلا للخطر، لكن لم يدنو من تفكيري للحظة انني سافقد شيرين، او ان اراها تستشهد امامي، وانا من صورت هذا كله، من وثقت استشهادها، كم من مرات عديدة قمت بتصوير شهداء واصابات ومواجهات، لم يجل في خاطري ابدا انني سأصور احد زملائي، ونهائيا لم اتخيل ان اصوراستشهاد شيرين.

شيرين بالنسبة لي شخصيا زميلة وصديقة خلوقة ومتواضعة لم تزعج احدا او تغضب من احد، لم تتلقى اي شكوى او تنبيه، شيرين الشهيدة نفتقدها ولكن... «ياريت هاليوم ما اجى في حياتي.. في الصباح المشؤوم 11 ايار لحظات كنا نحكي مع بعض وكنا نمزح في السيارة وصلنا ما في شيء...» وحدث ما حدث لم استطع الوصول اليها.. وعندها منحني الله الصبر لتصوير تلك اللحظات لأبين في اضعف الاحوال الحقيقة، لكني لغاية الان لم استوعب كيف ندخل مكاتبنا ومكتب شيرين يحتفي بكم هائل من الاكاليل والورود والصور، وهي غائبة وصوتها فقط في المكان، يرن في اذني، صوت شيرين لم يخرج من جدران المكتب، صوتها في وجداننا وعقولنا، نرجو الله ان يصبرنا على غيابها ويرحمها وعزاؤنا ماحدث في جنازتها، خرج لها الجميع، ليودعها، وأتأمل ان يقبلها الله عنده شهيدة.

شيرين كانت مهنية جدا بل عالية المهنية، كان الكل يتعلم منها، ومن لا يعرفها يود التعرف عليها، شيرين اذا وصلت الميدان تكون فعليا «كبيرة الصحفيين» الجميع يشهد لها في مهنيتها واخلاقها وتواضعها، مهما تحدثت عنها لن امنحها حقها او اوفيها ماقدمت، فشيرين خالدة في القلب والوجدان مهما طال الزمن.

أبو صبرا: «شيرين ابو عاقلة» اسم

لن يغيب عن ذاكرة الفلسطينيين والعرب

حافظ ابو صبرا مراسل قناة رؤيا، زميل الميدان، كان ينظر دائما الى الشهيدة شيرين بصورة «الاستاذة « في الاعلام، التي كان ينهل من خبرتها الجميع، وكانت في اطلالتها وصوتها هيبة لا مثيل لها، ابو صبرا ودع شيرين بألف شكر قائلا: «شيرين»بعد اربعين يوما مرت على فقدانك، سأقول لك الف شكر، شكرا يا شيرين ولو ان هذا الشكر بسبب خسارتنا لك، ولكن انتِ ايقظتي فينا الشعور كم نحن نعمل بمهنة نبيلة كلها مبادئ حاملين قضيتنا كما أرواحنا على كفوفنا، وشكرا انك ايقظتينا باستشهادك على اهمية حياتنا في عيون عائلتنا، وشكرا لانك جمعتي البلد المتفرقة على حبك وجمعتيهم فوق جثمانك وجاء مشيعوك من اقصى شمال فلسطين الى جنوبها وعاصمتها القدس.

شكرا لانك كنت سبب ان يزين العلم الفلسطيني القدس رغم الحزن المقيم فيها والكيان الغاصب ما زال يحاول تهويد هذه المدينة وسلبنا اياها، شكرا يا شرين لانك كنت الاستاذة دوما نتعلم منها، واليوم نحن نفتقد الهيبة والهدوء في صوتك عبر نشرات الاخبار والتغطيات الاخبارية بالجزيرة، واليوم نعود ونراجع تقاريرك القديمة التي يهدر بها صوتك الرزين فتنعشين ذاكرتنا بعظمتك ومهنيتك واستذتك في هذا المجال، كم انت استاذة بصوت هادي رزين كله هيبة لم اجد مثيلا له في الساحة العربية.

شيرين «ما راحش عليكي كثير كل التغطيات يلي كنت عم تتابعيها اول باول وتعطيها كل وقتك ما زلنا بنغطيها ويمكن في وتيرة متصاعدة بشكل اكبر والمستوطنين اللي أبكوكي في مسيرة الاعلام 2021 أبَكونا في مسيرة الاعلام 2022 وكثرت اعتداءاتهم في شوارع الضفة الغربية والقدس.. بس منحب نطمنك انه جنين لسا عم بتقاوم وعم بتشكل شوكة بحلق العدو الاسرائيلي.. جنين بتحبك وكل البلد بتحبك.. وكل البلد صار فيها شوارع ودواوير باسمك ومنح جامعية لأجل روحك الحب شيرين وفلسطين وجنين هذه متلازمة الياء والنون تنتشر عبر القارات يعني وصلت لكل اصقاع الكرة الارضية».

شيرين استاذة في الاعلام وكنت جدا استمتع بكل التغطيات اللي كنت موجود فيها وكانت شيرين رحمها الله متواجدة فيها، لا سيما في بيتا ومخيم جنين او حتى على المدخل الشمالي لمدينة البيرة، عندما تبدأ نقلها المباشر كنت اتأمل هذا الدرس العملي في التغطيات، «شيرين ابو عاقلة «الاستاذة التي لم تفارق ابتسامتها محياها حين تحدث الزملاء، ولو كانت على الهواء مباشرة كانت تستبدل ابتسامتها بتلويحة يد من أسفل الكاميرا، انها شيرين الانسانة التي تحمل جمالا في روحها وخلقها واخلاقها ككل، ربما رحلت باكرا قبل ما نُشبع مهنتنا وعقولنا من أداء شيرين وموادها الإعلامية ولكن حتى في غيابها، صوتها ما زال موجودا يصدح بيننا، شيرين ابو عاقلة اسم بت اسمعه اينما ذهبت، اسم لن يغيب عن ذاكرة الفلسطينيين والعرب وكل من يمتلك ذرة انسانية في هذا العالم.

 

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير