زيارة بايدن... بين التفاؤل والحذر.. فلسطين مقياسها ؟
د. فوزي السمهوري
جو 24 :
يفصلنا ساعات عن بدء جولة الرئيس الأمريكي بايدن مستهلا جولته بالكيان الإستعماري الإسرائيلي للتعبير عن الإلتزام بالموقف الأمريكي المنحاز تاريخيا للكيان المارق المتباهي بإرتكاب جرائمه بحق الشعب الفلسطيني وإنتهاج سياسة عدوانية توسعية بتحد صارخ لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة .
كما تأتي إستهلال الجولة " لإسرائيل " في محاولة لإحداث إختراق ولو شكلي بالموقف الإسرائيلي الذي يمثل رمز التطرف والإرهاب والعنصرية على صعيد الصراع العربي بعنوانه الفلسطيني لإتخاذه وسيلة تمكنه الوصول إلى تحقيق الأهداف الحقيقية للجولة من ضمان إخضاع المنطقة للهيمنة والنفوذ الأمريكي لعقود قادمة مختتما الجولة بترؤسه مؤتمر جدة الموسع الرامي لإدماج " إسرائيل " بالوطن العربي وما يعنيه ذلك من ممارسة ضغوط على بعض الدول العربية وخاصة على المملكة العربية السعودية لما تحتله من مكانة ريادية للإعتراف بسيادة الكيان الإستعماري الإسرائيلي الإرهابي على فلسطين من دون أن تخطوا سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي اي خطوة عملية نحو إنهاء إستعمارها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا .
تفاؤل ام حذر :
بداية لا يمكن الحكم على نتائج الزيارة بالتفاؤل إستنادا إلى تصريحات قيادات أمريكية عن جدول أعمال وأهداف الجولة مما يتطلب ويستدعي الحذر من القيادات العربية المشاركة الحذر من معسول الكلام والوعود والعمل على إحداث تحول جوهري بأهداف وجدول أعمال الزيارة المرسوم لها امريكيا بتحقيق إنجاز ملف خارجي تتسلح به إدارة بايدن قبيل الإنتخابات النصفية في تشرين الثاني ودعما للكيان الإسرائيلي الإستعماري بإدماجه وتنصيبه قائدا للمنطقة تحت عناوين جميلة مما يتطلب من القادة إتخاذ موقف مشترك يلزم الإدارة الأمريكية إحترام المصالح العربية وأمن المنطقة قطريا وإقليميا وبإزالة العامل الرئيس المهدد للأمن والإستقرار الإقليمي المتمثل في إستمرار الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي العنصري للدولة الفلسطينية وتمكين سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية الإفلات من المساءلة على تحديها المجتمع الدولي برفض تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية محور ومركز الصراع .
إذن القضية ليست تفاؤلا ام تشاؤما بقدر ما ستسفر عنه من نتائج بفرض الوطن العربي باقطاره لاعبا فاعلا على الساحة العالمية وإحترام الأمن القومي العربي ومصالح الشعب العربي قطريا وإقليميا وقوميا على خارطة النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب والتي ترسم خارطته وشكله وطبيعته على أرض اوكرانيا من موقع القوة والندية بعيدا عن التبعية والضعف التي ساهمت بإستباحة الأمن القومي مباشرة أو عبر وكلاء .
فلسطينيا :
مثلت ولا زالت تمثل القضية الفلسطينية منذ إرتكاب القوى الإستعمارية بقيادة بريطانيا جريمتها بصناعة الكيان الإستعماري الإسرائيلي العدواني على ارض فلسطين مركز ومحور الصراع والعقبة الكأداء أمام القبول بالكيان المصطنع شعبيا على إمتداد الوطن العربي الكبير والعالم الإسلامي وأحرار العالم وإن بدا للبعض خلاف ذلك .
ففي الوقت التي تسعى الإدارة الأمريكية للقفز عن جوهر الصراع ببعده الدولي والسياسي والوطني والحقوقي لشعب يناضل من أجل الحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس والإنتقال به إلى بعد إنساني إجتماعي معيشي لمجموعات سكانية نجد أن الشعب الفلسطيني من خلال مقاومته الشعبية يرسل رسالة تلو الأخرى يعبر من خلالها عن :
-- إرادته الصلبة بإستمرار نضاله بكافة الوسائل المكفولة دوليا حتى نيل الحرية والإستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس مهما بلغت العقبات .
-- رفضه للتعامل مع المخطط الإستعماري الإسرائيلي الهادف إلى تأبيد إحتلاله الإستعماري الإحلالي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة ومحاولة إضفاء البعد الإنساني أو المعيشي أو الإقتصادي على الصراع .
-- رفض الإنحياز الأمريكي الأعمى لسلطات الإحتلال الاستعماري الإسرائيلي وتمكينه الإستمرار بإحتلاله وإرتكاب جرائمه وإنتهاكاته الصارخة للقانون الدولي والإنساني وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية من خلال دعمه اللامحدود سياسيا وعسكريا وإقتصاديا وعبر إستخدام الفيتو الذي يقف حاجزا أمام تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة والتي توجب على سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي تنفيذها بإنهاء إستعمارها والإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة المعترف بها دوليا .
بناءا على ما تقدم فجميع محاولات الإدارة الأمريكية بإصلاح العلاقة مع الفلسطينيين كما صرح بذلك مستشار الأمن القومي الأمريكي ستبوء بالفشل طالما أنها لا تهدف إلى الضغط على سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية لإنهاء إحتلالها لأراض الدولة الفلسطينية وفق جدول زمني محدد تنفيذا لمبادرة الرئيس محمود عباس التي عرضها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي ومنح المجتمع الدولي بقواه النافذة عاما يفصلنا عن نهايته أسابيع للإضطلاع بواجباته ومسؤولياته لإرغام القوات الإستعمارية الإسرائيلية الإنسحاب من كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عدوان حزيران عام 1967 وصولا إلى تنفيذ قرارات الجمعية العمومية رقم 181 و 194 .
كما ان إصلاح العلاقة مع الشعب الفلسطيني تقتضي من إدارة الرئيس بايدن الإقرار بأن العنوان الرئيس لجذر الصراع يتمثل بدوام الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وحرمان اللاجئين من ابناء الشعب الفلسطيني العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 وليس من خلال العمل على رفع بعض القيود المفروضة على حرية الحركة والتنقل للشعب الفلسطيني أو زيادة عدد تصاريح العمل أو السفر عبر مطار ريمون كنوع من التسهيلات التي تهدف إلى كسر عزلة الكيان الإستعماري الإسرائيلي الموصوم دوليا بالعنصرية والتطرف ولإتخاذها مبررا للضغط في مؤتمر جدة لإدماج " إسرائيل " سياسيا وإقتصاديا وعسكريا وأمنيا دون قبولها و تنفيذها للمبادرة العربية أو أي من القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية .
جولة بايدن ورؤيته للشرق الأوسط الهادفة إستراتيجيا لضمان الهيمنة والنفوذ الأمريكي المباشر أو عبر الوكيل من خلال إدماج الكيان الاسرائيلي العدواني وتتويجه قائدا حقيقيا للمنطقة هو الخطر الحقيقي على أمن وإستقرار ووحدة الأقطار العربية .
بايدن وحقوق الإنسان :
بلا أدنى شك فإحترام حقوق الإنسان وكفالتها عامل نهوض وإستقرار دون إزدواجية أو إنتقائية فالإزدواجية الأمريكية في التعامل مع ملفات حقوق الإنسان مرفوضة ويجب التاكيد على رفضها طالما انها تدعم الجرائم و الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي ترتكبها سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي ليل نهار بحق الشعب الفلسطيني وتمكنها الإفلات من المساءلة والعقاب. .. فلا إزدواجية بحقوق الإنسان. ..ولا حصانة لكيان أمام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومنظومة حقوق الإنسان. ..ستبقى إسرائيل الإستعمارية العنوان الأبرز للدول الممعنة في إتباع سياسة ممنهجة بإرتكاب كافة اشكال الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان الفلسطيني... فهل بايدن بقادر على إيلاء هذا الملف بما يستحقه من أولوية وبصوت قوي في لقاءاته مع مجرمي الحرب من القادة الإسرائيليين تحت طائلة المساءلة حسبما يصرح به بعالمية حقوق الإنسان وصونها..؟!
فلسطين ستبقى مقياسا وتحديا لترجمة شعارات بايدن بقوة المثال لا مثال القوة... جولة بايدن تتطلب الحذر لا التفاؤل...؟