استرخاء حكومي في ظل واقع استثماري واقتصادي يلتقط انفاسه الاخيرة
جو 24 :
* المستثمرون يئنون من ارتفاع الرسوم والضرائب وكلف الطاقة، والبيروقراطية القاتلة في الدوائر الحكومية
* الملك أكد قبل نحو شهرين أن الحكومة ستنجز "قبل نهاية شهر حزيران" برنامجا لتطوير القطاع العام، لكننا إلى الآن لم نسمع شيئا عن ذلك البرنامج.
* منذ اشهار رؤية التحديث الاقتصادي لم نسمع عن اجراءات عملية من شأنها أن تضع هذه الرؤية موضع التنفيذ
كتب أحمد الحراسيس -
واضح أن رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، لا يدرك خطورة اللحظة التي يمرّ بها الأردن والعالم كلّه، ويعتقد أن المرحلة تحتمل كلّ هذه المماطلة والتسويف الذي تنتهجه حكومته، ويظنّ الرجل أننا في بحبوحة تسمح له بتأجيل الملفّات الحساسة التي تمسّ القطاعات الاقتصادية المختلفة إلى أجل غير مسمى! لكن الواقع أننا لسنا كذلك على الإطلاق؛ العالم على أعتاب أزمة اقتصادية لن تنجو منها إلا الدول التي تُكيّف نفسها مع متطلبات هذه المرحلة..
في الأردن تحديدا، يبدو التحدّي أكبر من غيره في دول أخرى، فسوء الادارات والحكومات، خلقت واقعا اقتصاديا غاية في التعقيد، نتج عنه وصول نسبة البطالة حدودا غير مسبوقة، إذ تجاوزت النسبة (26%) بين حملة الشهادات الجامعية، وهذا انعكس بالتأكيد على نسب الفقر التي بلغت (24%)، وهذه الأرقام هي احصاءات رسمية ربما فيها تجميل للواقع.
ومن المعلوم أن حلّ مشكلة الفقر يبدأ بحلّ مشكلة البطالة، وهذا مرتبط بشكل أساسي بايجاد فرص عمل، وفي ظلّ محدودية قدرة القطاع العام على استيعاب طالبي الوظائف، فإن الحلّ يكون بإقامة الاستثمارات وجلب المستثمرين وتشجيعهم على توسيع استثماراتهم، وبغير ذلك فإن الوضع لن يتغيّر.
البيروقراطية تقتل الاستثمار
وبالإضافة إلى المعاناة القديمة والمستمرة من ارتفاع الكلف التشغيلية للقطاعات الاقتصادية، سواء ارتفاع الرسوم أو الضرائب أو كلف الطاقة، والمعاناة من انخفاض القدرة الشرائية للمواطن الأردني، فإن قدرا كبيرا من معاناة المستمثرين اليوم تتمثل بالبيروقراطية القاتلة التي يواجهونها في المؤسسات والدوائر الحكومية.
اليوم، بتنا نسمع عن انسحاب كثير من المستثمرين الأردنيين من السوق المحلية، وتوجههم إلى مصر أو تركيا من أجل اقامة الاستثمارات فيها، وذلك نظرا للتسهيلات والحوافز غير المحدودة التي تُقدّمها تلك الدول في سبيل جذب الاستثمارات والمستثمرين!
وبحسب مستثمرين أردنيين، فإن الأمر لا يتعلق بالحوافز المادية، بل وبسهولة انجاز المعاملات الرسمية، بعيدا عن الاجراءات البيروقراطية التي يواجهها أحدهم في الأردن..
صحيح أن المستمثر الأردني يحبّ أن يقيم مشروعه واستثماره في بلاده، لكنه في الوقت نفسه ينظر إلى الفائدة من ذلك الاستثمار، وإلى حجم التسهيلات التي يمكن أن يحصل عليها، فإذا ما جرى التضييق عليه، أو انهاكه في أروقة المؤسسات الحكومية من أجل انجاز معاملة، فإنه لن يتردد في مغادرة البلاد إلى حيث يمكنه اقامة مشروعه.
انجاز حكومي صفري!
اليوم، نريد أن نعرف ما الذي قدّمته حكومة الدكتور بشر الخصاونة في هذا الملف، خاصة أنها ومنذ اليوم الأول لتكليفها وهي تتحدث عن تطوير القطاع العام وجذب الاستثمار، لكنّنا وبعد نحو سنتين من تعيينها لم نلمس أي تطوّر ايجابي لا في القطاع العام ولا في ملفّ الاستثمار.
ما نسمعه من المستثمرين الأردنيين هي شكاوى تتمحور حول البيروقراطية، والترهل الاداري، وعدم الاستقرار التشريعي، وارتفاع الرسوم والضرائب.. سوق صغيرة، قوة شرائية ضعيفة، نسب فقر وبطالة عالية، تفشّ للجريمة والمخدرات وبعض حوادث البلطجة.. والكارثة أن لا اجراء حكومي لحلّ هذه المشكلات!
قبل نحو شهرين، أكد الملك أن الحكومة ستعمل "قبل نهاية شهر حزيران" الماضي على إنجاز برنامج لتطوير القطاع العام هدفه تسهيل الإجراءات البيروقراطية، لكننا وبعد أسبوعين على انقضاء شهر حزيران لم نسمع شيئا عن ذلك البرنامج..
الأمر نفسه ينسحب على الرؤية الاقتصادية التي جرى الإعلان عنها قبل نحو شهرين، برعاية ملكية أيضا، فمنذ ذلك اليوم لم نسمع عن اجراءات عملية من شأنها أن تضع هذه الرؤية موضع التنفيذ، ولم نسمع عن اجراءات يمكن أن تؤثر على حياة الأردنيين ايجابا، كلّ ما اختلف أن بعض المسؤولين أصبح يضع بين عباراته وكلاشيهات اعلان القرارات عبارة "تماشيا مع رؤية التحديث الإقتصادي"، في محاولة لإيهام المتلقي أن هناك عملا أو جهدا استثنائيا يُبذل.