الى من يهمه الامر
كان هناك خمسة من العاملين الكادحين الذين ضاق بهم الرزق في قريتهم الصغيرة فتوجهوا إلى بلدة صغيرة مجاورة يعملون ويكدحون وكانوا يأتون الى اهليهم في عطله الأسبوع ليقضوا معهم يوما سعيدا الا خامسهم.... .
فانه ما ان تبدأ الشمس بالمغيب ويحل المساء ويصلي المغرب حتى ينطلق مسرعا الى قريتهم ويبيت هناك مع اهله ثم يعود في صباح اليوم التالي الى القرية التي يعمل بها ،... فسخر منه اصحابه وقالوا له : ما بالك تحمل نفسك ما لاتطيق وتقطع هذا الطريق الطويل لتنام عند أهلك وليس لك زوجة واولاد.....!!!!!!!
فقال لهم : انني اذهب كل ليلة لابيت في الجنة ، فضحكوا منه وقالوا اننا نراك رجلا عاقلا قبل اليوم فيبدو ان غربتك قد أثرت عليك فاذهب الى طبيب حتى يراك لعلك تشفى بإذن الله.
فرد عليهم : لماذا لا تجعلون بيني وبينكم حكما يصدقني والا يكذبني .
فذهب الجميع إلى امام مسجد وحكوا له قصتهم مع الرجل الخامس فقال الامام : ما حكايتك يارجل
فقال الرجل : انا شاب وحيد لوالدين وانا العائل الوحيد لهما لذلك فانني اذا انتهيت من العمل وغابت الشمس وصليت المكتوبة انطلقت متوكلا على الله الى قريتي فإذا وصلت وجدت والديّ قد تعشيا وناما والليل قد انتصف فآخذ عباءتي وانام تحت اقدامهما فاذا اصبحت ايقظتهما للصلاة وجهزت فطورهما ووضوؤهما وقضيت حاجتهما ، ثم رجعت شاكرا لله الى القرية المجاورة للعمل حيث استشعر نفسيا وروحيا انني قد بت ليلتي في الجنة .
فقال الامام : لقد صدق والله صاحبكم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ((الجنة تحت اقدام الأمهات((
فهنيئا لصاحبكم بره بوالديه؟؟؟
ما هذه القصة الا واحدة من تلك القصص التي تتحدث عن بر الوالدين وحبهم واحترامهم ورعايتهم ؟؟
وما جعلني اكتب هذا المقال بعيدا عن السياسة والمشاهدات الاخبارية والحديث عن الدماء التي تراق هنا وهناك...او التعليق على الهيلمات البرلمانية والتي تجد الان تربه خصبة وقبول من الكثيرين ؟؟؟ الا ما شاهدته بأم عيني قبل أيام .....فقد آلمني حال تلك العجوز التي شاهدتها وهي تحاول وكما يقال تصارع من اجل البقاء .. مع انها وعلى لسانها قد ملت الدنيا ومن فيها وما فيها .. تحاول ان تتحدى ضعف نظرها ..وتباطؤ ضربات قلبها ..وركاكه سير أقدامها وانحناء ظهرها ... ومع كل هذا وذاك تتحامل على نفسها وهي تحاول ان تذهب الى احد المخابز لتجلب لها رغيف خبز او الى احد المحال لتجلب لها شربة ماء او لقمه تساعدها على البقاء ...عندها توقفت كثيرا وقلت اين ابناؤها؟..!!!اين احفادها..!!!! .اين الكرماء من اهل حيها وجيرانها...!!! اين نحن من قول سيد البشر (أَيُّمَا أَهْلِ عِرْصَةٍ بَاتَ فِيهُمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ...
ايها العاقون لمثل هذا فليعمل العاملون فالايام دول والحصاد قريب والجزاء من جنس العمل..يامن فضلت ابنك على ابيك سيكون حالك كحاله وعقاب ابنك لك سيكون أشد وطأة و مرارة ..يامن قدست زوجتك واثرتها على امك والله لن تهنا بالحياة مادامت امك عليك غير راضية ....
ساختم المقال بكلام موجة الى من هم الان على بر الامان ... لعل الذكرى تنفع المؤمنين...أقولها ...لك اخي ولكي اختي.... ما قاله الاصمعي حيث قال....
قال الأصمعي: حدثني رجل من الأعراب قال:
خرجت من الحي أطلب أعقَّ الناس، وأبرَّ الناس، فكنت أطوف بالأحياء حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل يستقي بدلو لا تطيقه الإبل في الهاجرة والحرِّ الشديد، وخلفه شاب في يده رشاء (أي حبل) ملوي يضربه به، قد شق ظهره بذلك الحبل، فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من هذا الحبل حتى تضربه؟ قال: إنه مع هذا أبي. فقلت: فلا جزاك الله خيرًا. قال: اسكت فهكذا كان هو يصنع بأبيه، وهكذا انا أصنع به .
فانظر كيف قيض الله لهذا الوالد العاق من أبنائه مَن يعقه! والجزاء من جنس العمل: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)[فصلت:46].