مريم.. من صيدلانية مثابرة لـ"حبيسة" منزل تواجه "الإرهاب"
لم يوقف تسريح الاحتلال الإسرائيلي للطالبة الفلسطينية مريم أبو قويدر من الاعتقال إلى الحبس المنزلي، ملاحقتها لمجرد دفاعها عن قضايا شعبها، حتى أوصلها من "صيدلانية" إلى "إرهابية".
وبعد القيد المنزلي المشدد، قدمت نيابة الاحتلال لائحة اتهام ضد الطالبة الجامعية أبو قويدر (21 عامًا) من قرية الزرنوق بالنقب جنوب فلسطين المحتلة عام 1948، نسبت فيها إليها تهمة "تأييد منظمة إرهابية، والتحريض على الإرهاب".
ويعود كيد المؤسسة الإسرائيلية تجاه مريم المعروفة بين الطلاب بوطنيتها، إلى ما بعد "هبة الكرامة"، حيث اعتقلتها قوات الاحتلال بعد منشورات نشرتها عبر تطبيق "انستغرام"، على إثر وقفة احتجاجية.
واليوم قدمت نيابة الاحتلال إلى ما تسمى محكمة الصلح الإسرائيلية في بئر السبع، لائحة الاتهام المذكورة ضد مريم، وهو ما شكّل صدمة لذويها وزملائها.
وتقود الأجهزة الأمنية التابعة للاحتلال حملة اعتقالات في صفوف الناشطين والطلاب والشبان في الداخل، منذ ما يزيد عن عام، على خلفية أحداث "هبة الكرامة" التي اندلعت بمايو العام الماضي، دفاعًا عن المسجد الأقصى وضد العدوان على قطاع غزة.
ملف ملفق
ويقول أمير شقيق مريم لوكالة "صفا": إن "أختي تواجه تهمًا ملفقة بهدف تخويفها، لأنها معروفة بنشاطها الوطني في جامعة بن غوريون، وهي نشاطات معروفة وينفذها أي طلاب جامعيين في العالم".
وأضاف أن "شقيقتي مريم ناشطة سياسية ولها حضورها بين الطلاب العرب في الجامعة، ويدافع عنها المحامي شحدة ابن بري، وهو سيطلع على لائحة الاتهام والمواد الأخرى ويدرسها ليتسنى له الدفاع عن مريم وتفنيد التهم الموجهة ضدها".
أبو قويدر كانت قد خرجت من الاعتقال في 22 مايو المنصرم، بعد اعتقال دام أسبوعين من قبل شرطة الاحتلال من داخل حرم الجامعة، عقب وقفة منددة باغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة في جنين.
وصدّقت محكمة الاحتلال في بئر السبع اتفاقًا بين نيابة الاحتلال ومحامي الدفاع عن أبو قويدر، يشترط أن تبقى رهن الحبس المنزلي لمدة أسبوعين، وعدم استخدامها لشبكات التواصل الاجتماعي.
وتابعت محكمة الاحتلال تمديد الحبس المنزلي لمريم، وسط قيود ورقابة مشددة عليها، مع العلم أنه تم اعتقال طلاب أخرين على أثر، تم الإفراج عنهم لاحقًا.
أما قويدر فقد حرمها الاحتلال من استكمال مسيرة دراسة تخصص الصيدلة، وحوّل منزلها إلى زنزانة تفتقر لأي موقع تواصل، واستكمل ذلك بالتهمة الخطيرة التي ألصقها بها اليوم.
قائمة التُهم
وجاء في اللائحة "أن الطالبة المتهمة نشرت عبر حسابها على تطبيق انستغرام صورًا عبر خاصية القصص، ومنشورات تضمنت تحريضاً على الإرهاب، ودعوات مباشرة لارتكاب أعمال إرهابية، وتأييد وتمجيد المنظمات الإرهابية".
وزعمت نيابة الاحتلال "أنه تم تحذير المتهمة، من قبل الأجهزة الأمنية حول منشوراتها، ولكنها استمرت بنشر كلمات محرضة على الإرهاب".
كما جاء أن مريم نشرت صورًا ومنشورات بعد عملية "ديزينغوف" في "تل أبيب" في نيسان/ أبريل الماضي، وبعد ذلك قامت بنشر صور من عملية "إلعاد"، واللتين أديتا لمقتل وإصابة عدد من الإسرائيليين.
وجاء أيضًا "أن قويدر نشرت كلمات مديح وتعاطف وتأييد وتشجيع على ارتكاب أعمال إرهابية"، في إشارة إلى العمليات الفدائية.
ويؤكد شقيقها أن "كل ما ورد في لائحة اتهام، زور واتهامات باطلة، فكيف لنا أن نتصور بأن الدفاع عن المقدسات والأرض وحرية التعبير، أصبح تهمًا تستحق المحاكمة".
تضخيم لغايات أخرى
من جانبه، يصف محامي أبو قويدر شحدة بن بري في حديث لوكالة "صفا" التهم الموجهة إليها بأنها "خطيرة ولها غايات سياسة أخرى".
ويقول: "تم استدعاء مريم منذ شهر مارس الماضي حول منشورات لها، وتم إطلاق سراحها، ولو أنها كانت خطيرة كالتهم الموجهة إليها اليوم، لما تم إخراجها، بل اعتقلت مرة أخرى".
ويضيف "شرطة الاحتلال والشاباك لم يريا سببًا لتواصل اعتقالها، حتى أن تحويلها للحبس المنزلي جاء بعد اعتقالها بمدة".
ويشير إلى أن المنشورات التي تحاكم عليها أبو قويدر هي 6 من أصل 125 منشور، معظمها تم نشرها كحالات قصصية تختفي بعد 24 ساعة.
لذلك يشدد بالقول "إن ما تم توجيهه لمريم تهم خطيرة وتضخيم غير منطقي، وهذا يعكس غايات سياسية أخرى، تريدها المؤسسة الإسرائيلية، وهي ترهيب الشباب والطلاب أمثال مريم، ومحاربة حرية التعبير والرأي بينهم".
وقدمت نيابة الاحتلال اليوم طلب تمديد الشروط التقييدية للمتهمة في الحبس المنزلي وحظر استخدام أي جهاز متصل بالإنترنت بما في ذلك الهاتف والحاسوب والتلفاز الذكي وغيرها من الشروط.
ويؤكد محاميها "أن ملف مريم ما زال في بداياته، كونه يحمل تهمًا خطيرة، ومن المقرر أن يتم عقد جلسة في أغسطس المقبل، للتداول في قضية حبسها المنزلي وقيوده".
ويُحاكم الاحتلال العشرات من الطلاب والشبان، بهدف ترهيبهم ومنع تكرار أحداث هبة الكرامة، التي شكّلت صدمة له، وصفعة لمشاريع "الأسرلة" التي راهنت عليها لمحو هوية فلسطينيي أراضي الـ48.