المادة ١٣ من قانون الملكية العقارية تُفرط باستقرار البيوعات وتدخل الناس في دوامة تقاضي لا نهائية
جو 24 :
كتب محرر الشؤون المحلية - وصلت الاردن24 شكاوى عديدة حول قانون " الملكية العقارية"، والذي وبفعل بعض موادّه تحوّل من قانون يضمن " استقرار الملكيات" إلى قانون يهدر ويفرط ويحول دون استقرار الملكيات العقارية ، ويجعل أي مستثمر في مجال العقارات يفكّر ألف مرّة قبل أن يستثمر في الأردن، وهنا نشير إلى احصائية قبل ثلاثة أعوام أظهرت أن الأردنيين هم أكبر المستثمرين في سوق العقار بـ دبي ومصر وتركيا ، الامر الذي يعكس حالة تخوف ، وهجرة لرؤوس الاموال ، وهذه لها اسباب كثيرة وقد يكون من بينها ضبابية نصوص قانون الملكية العقارية !
في المادة (13) من قانون الملكية العقارية، يمكن للمحكمة في حال ثبت لها بطلان تصرّف أو معاملة تسجيل بشأن عقار مسجّل، أن تقوم بإبطال وفسخ كلّ البيوعات والمعاملات التي تمت لاحقا، وتعويض المتضررين عن ذلك، ولعلّ أهمّ حادثة يذكرها الأردنيون في هذا السياق حادثة أراضي الجبيهة التي كادت تشرّد آلاف المواطنين الذين اكتشفوا بعد نحو (40) سنة أنهم يقطنون في منازل أقيمت على قطع أراضٍ لم تكن إحدى اجراءات تسجيلها مطلع سبعينيات القرن الماضي قد تمت بطريقة قانونية، حيث أقرّت المحكمة إبطال كافة المعاملات التي جرت لاحقا لعقود البيع التي أُبرمت مطلع السبعينات، قبل أن تتدخل دائرة الأراضي وتقول بإستحالة تنفيذ القرار وضرورة قبول المتضرر بالتعويض النقدي.
وبالإضافة إلى حادثة الجبيهة، هناك حالات مشابهة في اروقة المحاكم ، وهي متعلقة بقطع أراضي مضى على استثمارها سنوات طويلة جدا ،وتم فيها فسخ عقود البيوعات الاولية ، ليترتب عليه فسخ عشرات البيوعات الاصولية والقانونية التي تمت خلال السنوات الماضية وكان اطرافها مواطنون اعتياديون قاموا بالشراء والبيع بمنتهى حسن النية ، الامر الذي سيرتب اشكالات وتعقيدات وخسائر لها اول وليس لها اخر .
اللافت، أن قطاع البنوك استثني من هذه الاجراءات ، بنص المادة ١٧٧ ، التي تقول انه و بعد مرور سنة على تسجيل المال غير المنقول عبر المزاد ، لا يجوز للمدين الطعن بالاجراءات ابدا ، وبذلك لا تنطبق المادة ١٣ من قانون الملكية العقارية على قطاع البنوك (..) ، حتى لو وقعت مخالفة تستوجب تطبيق تلك المادة، فالبنوك عادة ما تكون استملاكاتها عبر المزادات العلنية، ويُعتبر اتفاق المزاد العلني غير قابل للفسخ، والسؤال المهم هنا؛ ما الفرق بين البيع المباشر والبيع بالمزاد العلني؟ أليس ما بُني على باطل هو باطل في فلسفة المادة (13)؟ لماذا هذا التحصين للبيع بالمزاد العلني أو للبنوك؟!
الأصل في الأمر، أن يكون فسخ الاتفاقيات والمعاملات والعقود، وفق آليات تراعي حقوق كافة الأطراف، فمن غير المعقول أن نحمّل المستثمر أو المالك النهائي مسؤولية خطأ أو مخالفة ارتكبها أحدهم دون أن يكون لهم أي علاقة بتلك المخالفة أو ذلك التزوير، الأصل أن يتمّ تعويض المتضرر على حساب مرتكب المخالفة، والتعامل معها مثل أي قضية تعويض أو مطالبة مالية.
الأمر تماما، يُشبه أن تكتشف المحكمة أن شخصا استولى على قطعة أرض قبل عشرين سنة بالتزوير، ثمّ باع القطعة بشكل أصولي وقانوني إلى آخر (مستثمر أو شخص طبيعي) ثمّ قام الأخير ببناء إسكان كلّفه عشرات الآلاف، وباع الشقق على عائلات مختلفة بعشرات الآلاف لكلّ منها، ثمّ تقرر إبطال كلّ تلك المعاملات، وتدخل العائلات التي تقطن تلك الشقق في نزاعات ودوامات ربما لا تخرج منها.. وبالتأكيد اللوم هنا للقانون وليس للمحكمة التي ليس بيدها إلا أن تطبّق القانون، والمسؤولية تقع على الحكومة بالمقام الأول التي تتمسك بهذا القانون بدلا من فتحه ودراسة تعديله بشكل منطقي يحمي ويحفظ حقوق كافة الأطراف.
إذا كانت الحكومة معنيّة حقّا بتشجيع الإستثمار، ومعنيّة باستقطاب المستثمرين الأردنيين في مجال العقارات، والذين هجر عدد كبير منهم المملكة، فعليها أن تبحث في التشريعات التي تمسّ هذا القطاع.
تشجيع الاستثمار ليس شعارا يُفترض أن يكتفي رئيس الوزراء بشر الخصاونة ووزرائه بترديده، كما أنه لا يمكن أن يُصبح واقعا بمجرّد سنّ قانون "تنظيم البيئة الاستثمارية"، بل يحتاج إلى عمل كبير، وتعديل حزمة تشريعات تمسّ الاستثمار والمستثمرين بشكل مباشر، والأهمّ من كلّ ذلك أن تكون التشريعات وتعديلاتها مدروسة بشكل معمّق.