jo24_banner
jo24_banner

هل الشرق الاوسط على صفيح الاشتعال؟!

أحمد عبدالباسط الرجوب
جو 24 :



هل الشرق الاوسط على صفيح الاشتعال؟!

اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية الخميس 24 فبراير/شباط 2022 واشتدت رحاها يوما بعد يوم في ظل تمسك طرفي النزاع بموقفهما وسط تزايد أعداد القتلى بين الجانبين. وقبيل بدء الحرب، أعلنت موسكو حقها في الدفاع عن أمنها وإزاحة ما أسمتهم "النازيين"، وذلك في ظل إصرار كييف وحلفائها في الغرب بضمها إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، الذي يرغب في التوسع شرقا، ما يعني إقامة قواعد عسكرية قرب حدودها (اي روسيا)...

منطقة الشرق الاوسط تتارجح ما بين الاتفاق النووي الامريكي والايراني والدول الخمسة الاطلسية وروسيا هذا من جهة وما بين مكوكيات الوسيط الامريكي آموس هوكستين والذي باشر لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين لبحث ملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل ويأتي هذا وسط تحذيرات حزب الله لإسرائيل من " التلاعب بالوقت " بشأن هذا الملف...

ما قدمت اليه محركات الشيطنة التي تقوم عليها دول كبرى بعينها قد تضع العالم والمنطة في اتون حرب لا تبقي ولا تذر وهى في المحصلة قد تقود الكون الى الفناء بالنظر الى ما قد تؤول اليه من مواجهة نووية تفضي الى موت ما لا يقل عن 5 مليار انسان حول العالم .. نشرح ونقول هذه رؤيتنا بالتحليل الواقعي الجيوسياسي .. تفضلوا نقرأ سويا السطور على نحو كما يلي:

(1) حرب اوكرانيا بدايات مستقبل الكون …

خلال الــــــ 20 سنة الماضية، حدث تمدد وازدهار ونمو للقوة الجيوبوليتيكية لكل من روسيا -بقيادة بوتين- والصين، على حساب الولايات المتحدة وأوروبا، ونزعت روسيا والصين لتوسيع محيطهما الحيوي، بسبب تراكم الطاقة الجيوبوليتيكية ونموها وحاجتها للتمدد، مما يشكل تهديدا للمحيط الحيوي للولايات المتحدة وتحالفها في بحر الصين، وخطوط التجارة البحرية العالمية، وكذلك تمدد روسيا في الشرق الأوسط وأفريقيا وشرق أوروبا وجزيرة القرم وبيلاروسيا وجورجيا.

كل ذلك أوجد حالة استقطاب دولية عبرت عن نفسها بإيجاد منظومات دولية اقتصادية وعسكرية وسياسية تجمع روسيا والصين ودولا إقليمية أخرى، على حساب الولايات المتحدة وحلفائها، مما ينذر بتغير النظام العالمي لحالة الأقطاب المتضادة والتي سبقت الحربين العالميتين الأولى والثانية ، وفي هذا السياق يأتي قرار الحرب في أوكرانيا منسجما مع التمدد الحيوي (الجيوإستراتيجي) لروسيا، والاتجاه بذلك المحيط الحيوي لسياسة حشد الأقطاب الجديدة ، وفي الجانب الآخر، فإن الولايات المتحدة تسعى لاستعادة أوروبا من جديد لإدامة محيطها الحيوي في أوروبا لمواجهة روسيا بوتين الجديدة...

يتذاكى البعض في وسم خداع بايدن والأوروبيين بأنهم قد اوقعوا بوتين في فخ أوكرانيا ولاستنزافه من دون أن يخسروا شيئا، وكأن بوتين طالب جاهل لا يفهم قواعد السياسية أو نتائج الحروب...

هذه التحليلات أو الأحكام عادة ما تكون ضحلة أو مضللة، وفي الحقيقة لا يوجد في النظام السياسي العالمي والدولي الجاد أغبياء وجهلة، هذه سياسات ومواقف وحروب وتدافعات تقوم على خبرات وتخصصات ومؤسسات تخطيط إستراتيجي؛ حيث تقدم تلك المؤسسات لأصحاب القرار السياسي تقدير موقف مدروس للحدث، ربما في عالمنا العربي تنتشر ثقافة الجهل الإستراتيجي والتخطيط المؤسسي وثقافة الانحياز العاطفي في المواقف والتحليلات..

حرب أوكرانيا - من زاباراوجيا السخونة النووية الى مصنع ازوفستال البيولوجي - تتجه الى المزيد من المفاجآت، ومن وجهة نظرنا فإنها ستفضي الى تغيير في النظام العالمي القائم ، هذا النظام لن يدوم ويستمر لانه يحمل في جوفة اسباب موتة حقيقة سنعرفها .. النظام العالمي القائم مبني على رمال متحركة ولن يدوم له الاستقرار ابدا ..
 

تعد حرب روسيا على أوكرانيا إحدى أكبر الأزمات التي تعيشها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، والتي ستكون لها حتماً انعكاسات متعددة الأوجه على النظام العالمي برمته نتيجة المسار الذي اتخذته أبعاد الحرب والتوترات التي أعقبتها وطبيعة القوى الفاعلة في صياغة ملامحها الاقتصادية والعسكرية والسياسية، ذلك أن شظايا الحرب ومخلفاتها والعقوبات التي طالت روسيا بما يشبه "قنبلة نووية" اقتصادية ستنعكس آثارها وتتطاير شظاياها لتمس بشكل أو بآخر المنطقة .. قراءتنا للنتائج حتى تضع الحرب اوزارها عاجلا ام اجلاً .. هناك خمسة معطيات ستتغير في النظام العالمي الجديد (ليس بالتمني) وتذكروا هذا الكلام جيدا :

1. لا يمكن ان تبقى اسرائيل محتله لفلسطين برغم عارض القوة والدعم الامريكي وحالة الوهن والخذلان العربيين.
2. لا يمكن لمجلس الامن ان تسيطر عليه خمسة دول فقط والتي كانت نتاج الحرب العالمية الثانية فهناك الكثير من الدول اقوى اقتصاديا وعسكريا من بريطانيا وفرنسا...( بلغ عدد دول العالم 195 دولة موزعة على عدّة قارات .. فهل يعقل ان مصير العالم تقوم عليه خمسة دول؟).
3. لا يمكن لعملة اسمها الدولار ان تبقى حاكمة في العالم.
4. عدم استقرار في الكيانات التي فرضها الغرب ودوامها على المحك.
5. كارثة التصادم الروسي والامريكي وانحياز التنين الصيني للروس فعلى الدنيا السلام...

(2) هل المنطقة العربية على صفيح الاشتعال ...

المشهدين اللبناني والعراقي اصبحا في صدارة الاحداث في منطقتنا العربية ، وقد يكونا في صدارة الاخبار لسخونة المراحل التي شارفت عليها تصاعد المواقف المتأزمة بين الاطراف المتنازعة والتي قد تندلع شرارتها لا سمح الله في اي وقت من قادم الايام..

لقد شهد ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل تسارعا ملحوظا منذ بداية الشهر الماضي وذلك إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل " كاريش " الذي تعتبرة بيروت بأنه يقع في منطقة متنازع عليها، تمهيدا لبدء استخراج الغاز منه، وفي موازاة ذلك رئيس الحكومة المكلف ميقاتي منشغلاً بالسجالات التي يديرها مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، على خلفية التعثر في تشكيل الحكومة والشروط المضادة ، فيما أوحى اللقاء الرابع بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة المكلف نجيب ميقاتي بأن المسافة بين الطرفين لا تزال كبيرة والتأليف الحكومي غير مسهّل في المدى المنظور، وبالتالي وضع الحكومة على رفّ الانتظار، يملأ عون وميقاتي الوقت الضائع حتى الأول من أيلول بدء سريان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية والموعد المفترض لبدء اسرائيل استخراج الغاز من حقل كاريش، بالسجالات السياسية والإعلامية والاتهامات المتبادلة حول تعطيل تأليف الحكومة ، والتكهنات حبلى بالمفاجآت..

على الصعيد العراقي فإن الامور تتسارع نحو انفجار الشارع العراقي في ظل إخفاق القوى السياسية بالاتفاق على تشكيل الحكومة.وكما هو معروف "إن العراق يخضع لحكم المجاميع المسلحة ونفوذ ايران التي تنفذ سياساتها في البلاد من خلال أدواتها الخاصة". ، فالشعب العراقي غاضب جدا، وقد ينفجر في أي لحظة"... ومن الجدير ذكرة إلى أن واردات العراق بلغت 1300 مليار دولار في السنوات الـــــ 19 الماضية، لكنها لم تنعكس على معيشة المواطنين، لا سيما في بغداد والجنوب، وفي موازاة ذلك تجاوز معدل الفقر 40%، ووصل إلى 50% في بعض المحافظات...

ويأتي هذا المشهد العراقي ظل إخفاق القوى السياسية في الاتفاق على تشكيل الحكومة الاتحادية بعد نحو 11 أشهر على الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2021، ولا تزال المؤسسات الحكومية تشهد شللا مع تعذر انتخاب رئيس للبلاد، حيث يتوجب على البرلمان -بحضور أكثر من ثلثيه- انتخاب رئيس جديد للبلاد الذي بعدها يكلّف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة ، وبانتظار الخروج من المأزق، يستمر الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح، المرشّح لولاية جديدة، ورئيس الوزراء مصطفى كاظمي بتسيير الأعمال...

المنطقة العربية مرشحة لموجة ربيع جديد ، " لا سمح الله "، فيما لو اندلعت اعمال شغب او عنف في اي بلد عربي " مذكرا بالحالة التونسية " ، تكون الامور مرشحة للتصعيد والانفجار في اكثر من دولة عربية حيث الاقتصادات الفاشلة والبطالة بين صفوف الشباب والاحباطات التي تعاني من الاسر العربية من الاطلسي غربا والى العراق شرقا...
من خلال قراءة متانية اضع بعض التصورات التي قد تحدث في عالمنا العربي " اجلا ام عاجلاً " بالنظر الى المناخ الجيوسياسي (مرة اخرى) في حال تطور الاحداث والانتفاضات الجماهرية والتي قد تؤل الى بعض مما يلي:

- نبوآت بانتفاضات شعبية وغيرها في بعض البلدان العربية مرشحة للانفلات في هذه الظروف وبخاصة في بعضها ذات الاوضاع الاقتصادية الهشة ..
- حكاما ومحكومين كلنا جميعا نملك فى أيدينا حتى الآن مفاتيح الأمور لتجنب العواقب والدخول في المحظور.
- كانظمة وحكومات عربية يجب تصحيح الأخطاء بشكل قاطع وصادق، والاعتماد بشكل أساسي على الشعوب أصحاب البلاد فى الدعم والمساندة فهم " أي الشعوب " السند الوحيد والحقيقي، ولا نميز قطاعا على آخر، أو فئة على حساب الشعب.
- تصحيح مجالات الإنفاق لتكون الضروريات هى الأوليات!!
- تعود المواطن العربي على ظاهرة تغيير العديد من الوزراء، ولكن ما المردود لهذا التغيير!؟ هل هناك من الوزراء الجدد من ساهم ولو بالرؤية وحاول مواجهة الشعب بحلول للمشاكل القائمة!؟
- هل رؤساء الحكومات او من يتم تدويرهم لسبب أو لآخر خرجوا على الشعب بحلول قريبة لمشاكله!؟
- هل وزراء الاقتصاد في البلاد العربية " المتعاقبون " خرجو على شعوبهم بشرح لكيفية مواجهة مشاكلهم القائمة والمستقبلية؟ "...

صفوة القول ...

الشباب العرب لهم طموحات بحسب ظروف كل بلد، ولكن اللافت هو أن الشباب اتفقوا من خلال طروحاتهم من على المنابر المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي في مجملهم على أن مشاركة الشباب في صنع القرارات السياسية والاقتصادية، وخفض معدلات البطالة وتحسن الظروف الاقتصادية وتحرير الأسواق العربية من نظم الاقتصادات الريعية سيكون من العوامل الأساسية لاستقرار البلدان ووقايتها من الاضطرابات السياسية...

الشباب العربي يطالب بالتمتع بالحقوق المدنية والسياسية في ظل حكم القانون والعدالة الاجتماعية، واحترام حرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان هى في المركز الأول في قائمة التغيير، بينما اتت تنمية الاقتصاد وخلق بيئة اقتصادية مناسبة للشباب في المركز الثاني في قائمة المجالات التي يريد الشباب العرب أن يشهدوا فيها تغييرا ...


** الكاتب باحث ومخطط استراتيجي 
arajoub21@yahoo.com
 
تابعو الأردن 24 على google news