العراق.. مخاوف من تكرار سيناريو "الثلاثاء الدامي"
جو 24 :
تسود مخاوف في الشارع العراقي مِن أن يصبح استخدام السلاح نمطا شائعا بين الفصائل المسلحة بعد أن انفتح هذا الباب، إثر الاشتباكات التي شهدتها المنطقة الخضراء بين أنصار التيار الصدري وفصائل شيعية أخرى، مما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح من الطرفين.
ولطالما حافظتالقوى السياسية الشيعية التي تمتلك فصائل مسلحة على مسافة واضحة وسقف معروف، وممنوع على الجميع أن يتخطاه بشأن علاقتها ببعضها، فيما كان الحديث عن صدام مسلح محظورا على تلك الجماعات والأحزاب، قبل أن تندلع الاشتباكات المسلحة وتهدم كل شيء.
ما الذي حصل إذا؟
الباحث البارز في الشأن العراقي، أحمد الياسري، أوضح لموقع "سكاي نيوز عربية"، الأسباب الحقيقية لتفجر الصراع بين تلك الأطراف.
يرى الياسري أن القوى السياسية المالكة للفصائل المسلحة، كانت تعتمد على التحالفات كضامن أمني، لكن أحداث تشرين 2019، تسببت بانقسام في التشيع السياسي إلى معسكرين؛ الأول يميل إلى الداخل والآخر إلى الخارج وتحديدًا إيران.
القوى السياسية الشيعية لا تعيش الآن عصر الائتلافات، بل تعددية النزاع السياسي، وهو ما ألقى بظلاله على المشهد.
لذلك، حسب الياسري، فإن مؤشر الصراع مرشح للارتفاع، بسبب غياب الضابط السياسي الذي يؤدي بالضرورة إلى خلق ائتلافات تصنع الضامن الأمني.
يضيف المحلل العراقي أن العراق يعيش الآن عصر الغلبة، بعد أن تهدم المسرح الذي كان يجمع تلك الفصائل، لتؤدي أدوارها، لكنها اليوم نزلت إلى الشارع لتصفية الحسابات.
يرى الياسري أن الاتصال الهاتفي بين بايدن والكاظمي ومناقشة الاتفاقية الأمنية أعطيا انطباعًا بإمكانية تدخل الولايات المتحدة في الوضع العراقي أو معاقبة بعض الفصائل.
المواجهة قد تأخذ طابعًا آخر، مثل تبادل الاغتيالات والنزاع على النفوذ والسيطرة والموارد وغيرها، وفق الياسري.
ولم تكد تهدأ الأحداث التي شهدها بغداد الثلاثاء الماضي، حتى اندلعت مواجهات مسلحة أخرى، بين قوات سرايا السلام وعصائب أهل الحق، في محافظة البصرة الجنوبية، مما أدى إلى سقوط نحو 3 أشخاص وإصابة آخرين، بجروح من كلا الطرفين.
كما سادت حالة من الخطاب العدائي والاتهامات والسب والقذف بين أنصار الصدر وحركة عصائب أهل الحق، التي اتخذت قرارًا بإغلاق جميع مقرّاتها الحزبية في جميع البلاد، تحسبًا من استهدافها.
المحلل الأمني، علاء النشوع، يرى أن "أحداث يوم الثلاثاء، لم تكن مواجهة عسكرية مباشرة، بل هي عبارة عن جس نبض يقوم بها الطرفان، لأن السلاح المستخدم كان فقط المتوسط، فيما لجأ الإطار التنسيقي، إلى حماية مقراته فقط".
وأضاف النشوع في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، أن هناك عاملا واحدا فقط من يُنهي كل هذه المخاوف والتحديات، وهي أن الأجندات الدولية اليوم تنظر إلى العراق نظرة عميقة من خلال ما يمر به العالم من أوضاع اقتصادية خانقة، فهو مسهم جيد في حلحلة تلك الأزمات".
ولفت إلى أن "أي صراع داخل العراق لا يخدم الوضع الدولي، ومع وجود قوات التحالف الدولي (قوات الإرادة الصلبة)، فإننا ربما نكون أمام حالة ردع مباشر لكل الفصائل المسلحة".
وترى الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية، لهيب هيجل، أن "عمليات القتل الانتقامية والاشتباكات التي وقعت في مدينة البصرة الجنوبية هي استمرار لما حدث في بغداد".
وتضيف في تغريدة عبر "تويتر" "لكنها أيضًا مؤشر على صراع شخصي بالمقام الأول".
وتنحصر أدوات المواجهة المسلحة حاليًّا، بين سرايا السلام، وجزء من الحشد الشعبي، خاصة مديرية الأمن، وكذلك فصائل عصائب أهل الحق، فيما تلتزم بعض الفصائل الأخرى الحياد، مثل منظمة بدر التي يتزعمها هادي العامري.
وما إن بدأ الصراع المسلح بين الطرفين، حتى أيقن الشارع العراقي أن هذا المسار سيكون نمطًا سائدًا، تلجأ إليه الأطراف المسلحة مع كل خلاف سياسي أو تنافس على الموارد الاقتصادية، في ظل تغلغل تلك الجماعات في مفاصل الدولة.