قراءة في بيان الثقة..
معاذ ابو الهيجاء - في الأمس القى رئيس الوزراء فايز الطراونة بيانه الوزاري البيان جاء شموليا في نظرته لمعظم القضايا السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
شمولية البيان يدل أن الحكومة تريد أن تظهر نفسها أمام الشعب الاردني وأمام النواب أنها لم تغفل أي معضلة تواجه الدولة وتشكل لها قضية شائكة تحتاج إلى حل.
شمولية البيان أم القدرة على تحقيق المضامين!:
العبرة في اي خطاب سياسي أو بيان وزاري ليس شموليته فالموضوع يتعلق بمقدرة الحكومة على تنفيذ ما تطرحه من مسائل على أرض الواقع،فالموضوع متعلق بما يمكن تحقيقه فعلا وهو محل البحث والدراسة، وهو ما لم يذكره الطراونة في بيانه ولم يجب على السؤال هل أنت قادر مع طاقمك الوزاري على تحقيق ماأوردته في البيان أم هو عبارة عن صورة مستنسخه، ومحسنه بعض الشيء، عن بيانات رؤساءالوزراء السابقة.
إن القارئ لبيان رئيس الوزراء عون الخصاونة ومن سبقه يجدأن جميع البيانات لم يحقق منها شيء بالمجمل، ويذكرنا هذا بقول عبد الرؤوف الروابدة حين رد على كتاب العرش السامي " سنضرب الفساد بيد من حديد" زاد الفساد بعد ذلك الخطاب وتراكم وأصبح من شدة ظهوره حديث الشارع الاردني السياسي، وحديث العالم الخارجي، وايضا اصبح نقطة هامة في اي بيان لأي رئيس وزراء لا يستطيع التغاضي عنها!!!.
الطراونة قال أن حكومته هي حكومة انتقالية ومعنى الانتقالية في قاموسه السياسي هو "الانتقال بالدولة من مرحلة إلى أخرى وبخاصة في مجال الإصلاح الشامل"
إن هذا القول يدل على " نرجسية سياسية" عندالطراونة ووعود بأنه سيكون قادر على نقل الاردن من مرحلة إلى مرحلة وسيحقق الاصلاح الشامل!! في ظرف 3 شهور على أكثر تقدير، رغم أنه اقر أن حكومته ليست حكومة معجزات!فهل من المعقول أو هل يوجد عاقل يصدق أن حكومة في 3 شهور ستنقل الاردن من مرحلةإلى مرحلة !!! وستكون قادرة على حل مشكلات سياسية واقتصادية تراكمت عبد عشرات السنوات !!!.
الحراك الشعبي والأمن وأشياء أخرى:
قال الطراونة :" ويقتضي الواجب الوطني علينا ان نقدر عاليا لرفاق السلاح حرصهم الرائع على التعامل الحضاري مع حرية التعبير المسؤولة الواعيةالتي يتمتع بها شعبنا الاصيل في حراكه المشروع والمنحاز الى الاصلاح لا الى الفرقة واثارة الفتن".
الطراونة يكيل المديح لحراك الشارع الاردني، وهو يعلم في قرارة نفسه أنه أكثر رئيس وزراء نال هجوما لاذعا من قبل الحراك، ووصف بأشبع الصفات ليس اقلها بأنه " عراب وادي عربة" وهو في داخلة المحافظة ايضا يكره هذه الحراك ويتمنى أن تشق الارض و تبتلعه لكن لابد من المجاملة السياسية له، أما عن التعامل الحضاري على حد قوله فقد رأى الشعب الاردني ذلك التعامل على الدوار الرابع وفي أقبية المعتقلات وخرج المعتلقون من شباب الحراك يروون للاعلام بشاعة ما تعرضوا له فإن كان الطراونة يعتبر ما تعرض له شباب الحراك من تخويف وترويع و تعذيب جسدي ونفسي تعاملا حضاريا فكيف يكون التعامل غير الحضاري !!!.
القضاء:
تحدث الطراونة عن مسألة القضاء وتطويره، ولكنه أغفل وجود محكمة أمن الدولة التي شكلت في الفترة الاخيرة ذراعا مرعبا ومخيفا ضد الصحافيين،فلماذا امتنع الطراونة عن بيان عدم دستورية تلك المحكمة بما بتعلق بتحويل المدنيين لها !
إن هذا يدل أن الحكومة غير معنية في هذه الشؤون ولا تنظر إلى بشاعة ما أصاب الصحافيين وغيرهم من هذه المحكمة! فعن أي قضاء وتطوير تتحدث يا رئيس الوزراء ومحكمة أمن الدولة تخرق وتخزق الدستور حين تبث في قضايا المدنيين !! .
المسألة الاقتصادية:
الطراونة كاد أن يضع يده على الجرح وهو الخبيرالاقتصادي، فتحدث عن جملة من التشريعات التي يريد أن ينفذها من أجل انقاذالميزانية من عجزها، ووصف الوضع الاقتصادي الاردني بأنه وضع " صعب وحرج" ليس المهم الآن الحديث عن اصلاحاته وتشريعاته وما ينوي القيام به ولكن المهم هنا أن الطراونة بوصفه أعلى سلطة في الاردن بعد الملك اقر واعترف بفشل كافة السياسات الاقتصادية في الاردن وكافة الحكومات وكافة التشريعات التي وضعت سببت العجز الفاضح في ميزانية الاردن وأدت إلى رفع مديونيته إلى حدود لم يكن أكثر الناس تشاؤما أن يتوقعها! فمن يحاسب هؤلاء الساسة الاقتصاديون؟ وكيف يبقون في دوائر الدولة السياسية والاقتصادية إلى الآن وقد جروا الخراب والدمار للبلاد و العباد.
هذه جولة سريعة في بيان الطراونة الوزاري ولم نتطرق لكافة النقاط لأنها عبارة عن "copy paste" عن وعود سابقه تحدث عنها رؤساء وزراء سابقون وعن برامج وعدوا بتحقيقها ولم ينجح أحد في ايجاده فأين تكمن المشكلة إذن!