مسلسل "الليلة واللي فيها" يقع بين فكي الإشادة والاستنكار
ساعات قليلة تفصلنا عن الحلقة الأخيرة من مسلسل "الليلة واللي فيها"، الذي نجح بمجرد عرض الحلقة الأولى والثانية في تصدر الرواج والتداول على منصات التواصل الاجتماعي و"غوغل" (Google)، واحتل المرتبة الأولى باعتباره المسلسل الأكثر مشاهدة على منصة "شاهد".
يمكن إرجاع تلك "الحفاوة الجماهيرية" إلى عدة أسباب، أهمها نوع الدراما المقدم خلال المسلسل، فهو مسلسل اجتماعي من نوعية "دراما اليوم الواحد" التي عادة ما تأتي مكثفة، ولهذا تستلزم من المخرج ضبط الإيقاع كي لا تخرج الأمور عن السيطرة.
كما أنه اتسم بالطابع التشويقي المثير، حتى إن الحلقة الأولى تبدأ بجريمة قتل تقوم بها البطلة ضد شخص مجهول لا يظهر على الشاشة، ثم تبدأ الأحداث بالرجوع للخلف بضع ساعات، لنكتشف خلال الحلقات حقيقة ما جرى.
وبخلاف البداية، فإن كل حلقة تتضمن مفاجآت حابسة للأنفاس، وتنتهي بحدَث لا يقل إثارة عن نقطة البدء، ومن ثم يبقى المشاهد منشغلا بالعمل على مدار أيام، محاولا تخمين ما سوف يحدث لاحقا.
جرأة في قضية شائكة
بالإضافة إلى طبيعة العمل المثيرة، يرى بعض مؤيدي المسلسل أن "لصُنّاعه جرأة في الطرح"، إذ تناول المسلسل قضية شائكة وغير متداولة عادة في الوطن العربي، تمثلت في تأثير النشأة وعُقَد الطفولة على الميول الجنسية للشخص، وهو ما قد يؤثر بدوره على طبيعة العلاقة الحميمية بين الزوجين ومدى التوافق أو الانسجام بينهما.
فالمسلسل يدور حول مهندسة ديكور تعاني من الفتور الزوجي، وبسبب ذلك تقرر المتابعة مع طبيب نفسي تفصح له عن ماضيها المشين والمركب، عساها تجد سبيلا مريحا بالحياة، لكن سرعان ما تتعقد الأمور بشكل لا يمكن تصوره أبدا ولو في أسوأ كوابيس البطلة.
في المقابل، هناك محافظون وجدوا أن القصة "جريئة أكثر مما يجب"، ويرون أنه لا داعي لإنتاج مثل تلك الأعمال حتى ولو كانت للكبار فقط، فإنه يظل من غير اللائق مشاهدتها، كونها لا تتفق مع ثقافة الحياء والحشمة في المجتمع العربي وتقاليده.
زينة تفاجئ الجمهور
لأن الحبكة وحدها لا تكفي، كان لا بد من أن يحمل العمل أسبابا أخرى للنجاح، خاصة بعد ما استطاع إرضاء قطاع متنوع من المشاهدين. ومن ضمن الأسباب، مستوى التصوير والموسيقى التصويرية ومستوى أداء أغلب الأبطال.
فباستثناء أبيوسف -مغني الراب- الذي يرى البعض أنه كان اختيارا غير موفق ولا مبرر له، خاصة أن هذا العمل هو ظهوره الأول بالدراما والدور الذي يلعبه كان مركبا وصعبا، برع الممثلون الآخرون في أداء أدوارهم، حسب ما يرى بعض المتابعين.
بداية من زينة التي رغم بطولتها بالعديد من المسلسلات بالسنوات الأخيرة، فإنها عادة ما كانت تفشل في كسب محبة المشاهدين أو نيل استحسانهم، لكنها نجحت هذه المرة في كسر القاعدة، إذ أشاد بها نقاد وقطاع من الجمهور، في حين صرح محمد رجاء (مؤلف المسلسل) بأنها تمتلك أدوات وموهبة قوية تحتاج فقط إلى من يحسن إدارتها وتوجيهها.
ويرى كثيرون كذلك أن سماح أنور وعلاء مرسي تألقا وقدّما أداء وأدوارا لا تشبه أي عمل آخر بمسيرتهما الفنية، مما دعا الجمهور للاحتفاء برجوعهما إلى الشاشة والدعوة إلى مشاركتهما بمزيد من الأعمال على الشاكلة نفسها.
الانتصار للكَيفْ على الكَم
يتألف مسلسل "الليلة واللي فيها" من 6 حلقات فقط، ورغم صغر العدد، فإن صُنّاعه نجحوا في تقديم دراما متماسكة وجذابة اتسمت بالتكثيف والتركيز على المهم من دون حشو أو إطالة؛ في حين برع هاني خليفة في بناء الشخصيات وضبط الإيقاع الذي ضمن للمشاهد سردا دراميا تصاعديا متلاحقا حَد اللهاث، خاصة أن القصة جمعت بين الإثارة النفسية والغموض، ليظل العمل موترا للأعصاب منذ الدقيقة الأولى وحتى النهاية.
ومن الأعمال الأصلية التي قدمتها منصة "شاهد" وحققت مشاهدات مرتفعة حتى الآن مسلسلات "في كل أسبوع يوم جمعة"، و"منعطف خطر"، و"عهد الدم"، و"البيت بيتي"، و"موضوع عائلي"، وآخرها مسلسل "وعد إبليس"، الذي بدأ عرضه الأسبوع الماضي وعُرِضت منه حلقتان، وهو من بطولة عمرو يوسف وفتحي عبد الوهاب.
مشروع العمر
جدير بالذكر أن مسلسل "الليلة واللي فيها" دراما قصيرة بطولة زينة، محمد شاهين، سماح أنور، علاء مرسي، آلاء سنان، أبيوسف. أما التأليف، فقام به محمد رجاء، والإخراج لهاني خليفة.
وكان آخر ظهور لزينة على شاشة التلفزيون خلال رمضان 2021 في مسلسل "كله بالحب"، الذي شاركها بطولته أحمد السعدني وصابرين وهالة فاخر، قبل أن تغيب عن الشاشة الموسم الرمضاني الماضي بسبب تأجيل تصوير مسلسل "عشق أسود"، الذي كان سيجمعها مع النجم أحمد فهمي، الذي سبق وقدمت معه عدة أعمال درامية ونجحا معا بمسلسلي "لأعلى سعر" و"زواج بالإكراه".
أما عملها الأخير المنتظر عرضه قريبا، الذي وصفته زينة بـ"مشروع العمر"، فهو فيلم "التاريخ السري لكوثر" الذي تشاركها بطولته ليلى علوي ومحسن محي الدين وأحمد حاتم، وهو من تأليف وإخراج محمد أمين.
ومن المفترض أن تتمحور حبكته حول ما جرى بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، إذ يناقش العمل أهمية امتلاك المواطن العادي ما يكفي من الإدراك كي يتمكن من فهم ما يدور حوله، والتعامل بوعي مع كل ما يحدث في المجتمع من متغيرات سريعة.