الجمعية العامة... أمام منعطف جديد..فلسطين عنوانها وبوصلتها ؟
د. فوزي السمهوري
جو 24 :
يعكس حرص قادة العالم المشاركة بإجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة العادية والطارئة اهمية هذا المنبر الدولي لإستعراض المشاكل والتحديات التي يواجهها العالم والتوافق على وضع الحلول وحل النزاعات والصراعات الإقليمية والدولية على حد سواء .
فالجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل الهيئة العالمية الرئيسية للتداول وإجراء المناقشات بشأن كامل المسائل الدولية المشمولة بالميثاق ورسم السياسات والتمثيل ومراقبة ورصد مدى إحترام وإلتزام الدول الأعضاء بمبادئ وميثاق الأمم المتحدة وتنفيذ القرارات الصادرة وإتخاذ الإجراءات العقابية المنصوص عليها بحق اي دولة مارقة تشكل بسياساتها وعدم تنفيذها القرارات الدولية تحديا لإرادة المجتمع وللشرعة الدولية وخروجا عن أهداف الأمم المتحدة " إسرائيل نموذجا للدول المارقة " وتهديدا للأمن والسلم الدوليين .
حل الدولتين :
احتل مصطلح حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي القاسم المشترك الأعلى بين كلمات قادة ورؤساء وفود الدول المشاركة فحل الدولتين يعني ببساطة إضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته بالعمل على إنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية و تمكين الشعب الفلسطيني من الحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس .
ومن أبرز المواقف الدولية دعما ووضوحا لحقوق الشعب الفلسطيني تمثلت بكلمة جلالة الملك عبدالله الثاني التي تحلت بالصراحة والحكمة حيث خاطب جلالته الشعوب قاطبة ودعاها للضغط بإتجاه حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد فشل خياري الحرب والجهود الدبلوماسية بتحقيق ذلك .
حل الدولتين من يتحمل مسؤولية الفشل :
لم يعد مقبولا أن تتحدث دول العالم عن حل الدولتين بمعزل عن التعامل بجدية وحزم مع سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي التي تقف المانع والعقبة الرئيس بإستمرار إستعمارها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة أمام ترجمة هدف حل الدولتين إلى واقع ملموس ودون وضع النقاط على الحروف من حيث :
• تحميل الكيان الإستعماري الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن الفشل الناجم عن رفضها إنهاء إحتلالها الإستعماري لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا والمحدد حدودها وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 .
• العامل الرئيس لفشل تجسيد إقامة الدولة الفلسطينية ترجمة لهدف حل الدولتين يعود على
الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بتخليها وغياب إرادتها عن الإضطلاع بمسؤولياتها وواجباتها وصلاحياتها وفق ميثاق الأمم المتحدة بضمان وكفالة تنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن وعن الجمعية العامة للأمم المتحدة بغض النظر عن الفصل الصادرة بموجبه .
• الإنحياز والدعم الأمريكي اللامحدود للكيان الإستعماري الإسرائيلي بإستراتيجيته العدوانية التوسعية وتمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب على جرائمه وإنتهاكاته الصارخة لمبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة وللإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية سواء عبر مؤسسات الأمم المتحدة أو عبر المحكمة الجنائية الدولية .
• تعامل مجلس الأمن بغالبيته من الدول دائمة العضوية مع مبدأ الإحتلال والإستعمار الإسرائيلي لفلسطين وضرورة تصفيته بإزدواجية وإنتقائية تنسف معها كفالة مبدأ العدالة والمساواة لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال و تقرير المصير أسوة بباقي شعوب العالم .
• تغييب سمو القانون الدولي ومنظومة حقوق الإنسان على ما عداها لدرجة باتت أداة توظيف لتحقيق أهداف سياسية وما التعامل مع اوكرانيا ودعمها اللامحدود في مواجهة روسيا ونكران حق الشعب الفلسطيني بالنضال من أجل الحرية إلا دليل دامغ على ذلك .
• عدم تفعيل نظام العقوبات بحق " إسرائيل " لإنتهاكاتها الصارخة لمبادئ واهداف الامم المتحدة وللمضي بإرتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وسن االقوانين العنصرية وذلك بإيقاع اقسى العقوبات المعمول بها في ميثاق ونظام الأمم المتحدة مما جعل منها كيانا فوق القانون ومتمتعا بحماية أقوى دول العالم نفوذا وهيمنة على مفاصل القرار خلافا لمبادئ العدالة والمساواة التي أسست عليها الأمم المتحدة .
• غياب موقف موحد لغالبية دول العالم في مواجهة سطوة وتفرد دول دائمة العضوية بمجلس الأمن وتهميش دور الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح مصالح مجلس الأمن بدوله النافذة بالرغم من أنها تمنح بعضويتها الصفة الشرعية لمنظمة الأمم المتحدة .
لخطاب الرئيس معان ودلالات :
اكتسب خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أهمية ومكانة بمضمونه الشامل للإستراتيجية الفلسطينية وللمعان والدلالات والرسائل المباشرة وغير المباشرة وما الإهتمام العالمي إلا إنعكاس لذلك .
الخطاب غني بالمعان والدلالات منها :
أولا : اعاد القضية الفلسطينية بمحطاتها إلى جذورها منذ إطلاق حكومة بريطانيا وعد بلفور المؤسس لنكبة الشعب الفلسطيني وتمكينها بتوظيف الديانة اليهودية من إقامة الكيان الصهيوني المصطنع بعنصريته وعدوانيته على أرض فلسطين التاريخية وما نجم عن تهجير مئات الآلاف بل الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني خارج وطنه .
ثانيا : التأكيد على تمسك الشعب الفلسطيني وحقه بالنضال ومقاومة الإستعمار الإحلالي الإستعماري لاراضي الدولة الفلسطينية المعترف بها والمحدد مساحتها وفق قرار التقسيم الظالم رقم 181 بكافة الوسائل المكفولة دوليا حتى نيل الحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس .
ثالثا : رسالة عتب على الجمعية العامة للأمم المتحدة لتخليها عن ممارسة دورها بإتخاذ الإجراءات اللازمة لتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة و بمعاقبة الكيان الإستعماري الإسرائيلي وفرض العقوبات وإجراءات العزل لإنتهاكه الصارخ لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة و لرفضه تنفيذ اي من القرارات الصادرة عنها .
رابعا : التقدم رسميا إلى امين عام الامم المتحدة ومطالبة الجمعية العامة بالعمل على تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 الذي إشترط لقبول إسرائيل عضوا في الأمم المتحدة تنفيذ القرارين رقم 181 و 194 بما يعنيه من إلزام سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري بالعودة إلى الحدود المحددة بقرار 181 المنشئ للكيان الإسرائيلي العنصري وبتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم تنفيذا لقرار رقم 194 وتعليق عضوية " إسرائيل " في الأمم المتحدة حال رفضها تنفيذ القرارات الدولية .
خامسا : رسالة إلى المجتمع الدولي بأن " إسرائيل " كيان عدواني غير ذي ثقة لعدم إحترامه وإلتزامه بمبادئ الأمم المتحدة وميثاقها وأهدافها كما أنه لا يلتزم بتنفيذ إلتزاماته في الإتفاقيات الثنائية المبرمة وما تنصله من تنفيذ إتفاق أوسلو إلا مثال حي لذلك .
سادسا : بات لزاما على المجتمع الدولي الإنتقال من مرحلة تراكم القرارات الداعمة لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير إلى مرحلة فرض تنفيذ القرارات الدولية على سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية بكافة الوسائل المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة .
سابعا : الضغط على دول مجلس الأمن الدولي دائمة العضوية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لعدم إعاقة حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة عبر إستخدام الفيتو الذي مثل منذ سنوات العقبة الوحيدة أمام ذلك .
ثامنا : تأمين الحماية للشعب الفلسطيني من الجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والإنتهاكات من مصادرة أراض وإنتهاك للمقدسات الإسلامية والمسيحية وإعتقالات تعسفية التي ارتكبها وترتكبها سلطات الإحتلال الإستعماري وميليشياته الإستيطانية الإرهابية دون توقف بحق الشعب الفلسطيني إعمالا للقرارات الدولية ذات الصلة .
ما العمل :
سؤال مشروع يدور في خلد الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي هل هناك من خطة عمل تستند إلى إستراتيجية فلسطينية لترجمة مضمون ومعان ورسائل كلمة الرئيس أبو مازن إلى إجراءات عملية وما تتطلبه من حشد وتنسيق وإشراك قوى الشعب العربي وطليعته الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها والعمل الدؤوب مع الأردن ومصر والسعودية والجزائر لحشد جبهة دولية واسعة تعمل جنبا إلى جنب مع أحرار العالم عربا ومسلمين واوربيين وأصدقاء لفرض تنفيذ القرارات الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه بالحرية و إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 ومساءلة " إسرائيل " على جرائمها وإنتهاكاتها التي لا حدود لها. ..
الجمعية العامة في دورتها الحالية أمام منعطف جديد والعالم على أبواب ولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب فإما تفرض نفسها في المعادلة القادمة وفق أسس جديدة قوامها المساواة والعدالة وسمو الشرعة الدولية وإما ستبقى صفرا على اليسار والموقف من فلسطين العنوان والبوصلة. .
الشعب الفلسطيني مدعوما من أحرار العالم مسلح بإرادة لن تلين بمناهضة ومقاومة الإستعمار الإحلالي الإسرائيلي حت دحره ونيل حقه الاساس بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس بإذن الله تعالى. ..؟