حكم مباراة الأرجنتين وإنجلترا بمونديال 1986 يتبرأ من هدف مارادونا باليد.. ماذا يقول قانون كرة القدم؟
أكّد الحكم التونسي السابق علي بن ناصر، الذي أدار المباراة الشهيرة بين منتخبي الأرجنتين وإنجلترا بكأس العالم لكرة القدم في المكسيك عام 1986، واحتسب هدفا للنجم الراحل دييغو مارادونا من لمسة يد أثارت الجدل حتى يومنا هذا؛ أنه لا يتحمل مسؤولية احتساب الهدف غير الصحيح.
وقال بن ناصر في تصريحات عبر قناة "بي إن سبورتس" (beinsports) التلفزيونية "عندما هزت كرة مارادونا الشباك كان لديّ شك أن الهدف غير صحيح، فنظرت على الفور لحكم الراية وكان بلغاري الجنسية وأنا عائد في طريقي لمنتصف الملعب.. فوجدته يتجه معي نحو دائرة المنتصف اعترافا منه بصحة الهدف، فأخذت برأيه على الفور".
وأوضح بن ناصر أنه في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، وتحديدا في مونديال 1986، لم يكن هناك تخصص حكم مساعد، وكان الـ36 حكما المختارين من كافة أنحاء العالم في نفس المستوى ومرشحين لإدارة كل المباريات كحكام للساحة، ويتم بعد ذلك تعيينهم للراية أو حكما رابعا.
وأضاف أن التعليمات كانت واضحة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وصارمة بأن حكم الساحة إذا وجد زميله حكم الراية في موقف أفضل منه في الرؤية، فإنه يأخذ برأيه مباشرة وبشكل إجباري.
وتابع بن ناصر "على الرغم من خطأ هدف مارادونا، لكنني أتممت المباراة بأفضل صورة، وساهمت بصفة فنية في الهدف الثاني. فعندما تحكم مباراة لمارادونا لا يمكن أن تغمض عينك، لأن المدافعين حاولوا إسقاطه أكثر من مرة، لكنني كنت أمنحه الفرصة حتى تمكّن من هزّ الشباك وتسجيل الهدف الثاني في المرمى الذي أصبح أفضل هدف في تاريخ كأس العالم، وتم اختياره هدف القرن".
وأشار بن ناصر إلى أن "مدرب إنجلترا بعد المباراة وجّه اللوم لحكم الراية وأكد أن هذا دوره، وليس عليّ شخصيا كحكم للساحة، وأنا أدرت المباراة بأفضل صورة وحصلت على تقييم 9.4 درجات في هذه المباراة، بعدما قمت بتطبيق القانون طوال المباراة، وحتى في لقطة مارادونا تعاملت مع الموقف كما يجب أن يكون بتطبيق تعليمات فيفا".
ماذا يقول قانون كرة القدم؟
وبالفعل كان عدم وجود تخصص في التحكيم نقطة ضعف كبيرة، إذ إن كل الحكام تقريبا يركزون ويرغبون في إدارة المباريات كحكم للساحة، ويهملون الدور المهم لمساعد الحكم. وقد ساهم الفيفا والاتحادات القارية والأهلية في ذلك بعدم وجود صقل للمساعدين الذين كان يطلق عليهم في هذه الآونة "رجل الخط"، في تقليل واضح لشأنهم، ونتج عن ذلك مستويات هزيلة وأخطاء فاضحة حتى في أكبر البطولات كأس العالم.
وللأسف، كان الإهمال في الصقل ممتدا للحكام أيضا، وكانت اللياقة البدنية متواضعة، مما أثر سلبيا على متابعتهم للكرة، وهذا كان السبب الرئيسي لخطأ بن ناصر وعدم رؤية لمسة اليد "الواضحة"، واحتساب الهدف رغم أن مارادونا رفع يده عاليا ليلعب الكرة، ويمكن ملاحظة مدى ابتعاد بن ناصر عن مخالفة مارادونا لأنه لم ينطلق مع الهجمة ويدخل منطقة الجزاء، بل كان على بعد أكثر من 20 مترا.
ورغم ابتعاده كان يمكنه رؤية يد مارادونا المرفوعة فوق رأسه بشكل أفضل من المساعد الثاني الذي من الواضح أنه لم يركز أيضا في الحالة التحكيمية المثيرة، لكن الموقع الأمثل لرؤية المخالفة كان بالتقدم إلى داخل منطقة الجزاء في نفس لحظة لعب مارادونا الكرة بيده، وهو ما يفعله الحكام حاليا منذ مونديال 1994 في أميركا الذي بدأ فيه تخصيص حكام للساحة وآخرين مساعدين.
وكان بيتر شيلتون حارس مرمى إنجلترا علق على الهدف قائلا إن "مارادونا كان ذكيا جدا لأنه حرك رأسه في نفس وقت لمسة اليد. كان لاعبا عظيما ولكن لم يكن لديه الروح الرياضية لأنه لم يعتذر أبدا عن هدفه سيئ السمعة في كأس العالم 1986".
مارادونا يقبّل يد بن ناصر
وتابع بن ناصر حديثه قائلا "كان لي لقاء مع مارادونا في تونس.. بعدما طلب زيارتي، واستقبلته في بيتي بالكرم العربي والضيافة المعتادة لنا". أكد الحكم التونسي الشهير "اكتشفت من خلال هذه الزيارة أن مارادونا كان لاعبا ماهرا في الميدان، وليس هذا فقط، فهو خارج الملعب إنسان اجتماعي ومتواضع وصاحب أخلاق عالية، وكان شرفا كبيرا لي استقباله في منزلي".
وأضاف بن ناصر "لقد تحدثنا عن واقعة تسجيل الهدف بيده، وعندما سأله الحضور خلال اللقاء لماذا سجلت الهدف بيدك رغم موهبتك الكبيرة وعدم حاجتك لأي وسائل مساعدة للتسجيل، فرد بكل بساطة قائلا: كنت أريد أن أنتصر على الإنجليز بكل الطرق.. ثم قام برفع يدي وقام بتقبيلها".
وألمح بن ناصر "لقد بدأت التحكيم سنة 1966، وكانت البطولة تقام في إنجلترا، وشاهدت مباراة بين إنجلترا والأرجنتين على شاشة التلفزيون وشهدت العديد من المشاكل، وقلت وقتها لنفسي إذا كانت هذه المشاكل تحدث على المستوى العالمي فكيف سأتعامل مع الأمر؟ وبعد 20 سنة تم إسناد مباراة بين الأرجنتين وإنجلترا لي كحكم دولي في كأس العالم، وبقيت المباراة تاريخية وللذكرى، وشهدت هدفين يتحدث عنهما الناس حتى الآن".
وعبر بن ناصر عن أمنياته بالتوفيق لكل الحكام العرب المشاركين في إدارة نهائيات كأس العالم قطر 2022.
على الجانب الآخر، أشاد بن ناصر بتحضيرات قطر لاستضافة الحدث المونديالي لأول مرة في الشرق الأوسط، حيث قال "أنا كعربي أتشرف ورأسي مرفوعة بتنظيم قطر للبطولة.. ونحن نفتخر بقطر وما تقدمه من عمل كبير منذ فوزها بتنظيم البطولة قبل 12 سنة كاملة، ونثق في قدرتها على استضافة البطولة بأفضل صورة، ونجاحها فنيا وتنظيميا وجماهيريا أيضا".
-
حكم دولي سابق