ملفات هامة .. لنتائجها إرتدادات إقليمية وعالمية ؟
د. فوزي السمهوري
جو 24 :
ملفات عالمية تنعكس نتائجها على منطقة الشرق الأوسط بشكل عام من كافة جوانبها السياسية والإقتصادية والعسكرية ولن تذر رياحها دولة دون تاثرها وإن بنسب متفاوتة .
الملف الأول : الإنتخابات النصفية الأمريكية .
الملف الثاني : نتائج الصراع على اوكرانيا .
الإنتخابات النصفية الأمريكية :
تجري الإنتخابات النصفية للكونغرس ومجلس الشيوخ الأمريكية في ظل أجواء سلبية تنتظر الحزب الديمقراطي الحاكم تشير إلى إمكانية فقدانه الأغلبية في المجلسين أو أحدهما في أحسن الأحوال وذلك لعوامل عديدة منها :
▪الفشل في إحداث وضع إقتصادي مستقر ينعكس على العامل الأساس لتوجه الناخب الأمريكي .
فالمواطن الأمريكي يعاني من إرتفاع مستوى الحياة الناجم عن إرتفاع أسعار الطاقة وعن إستمرار الحرب المشتعلة بين امريكا وحلفاءها وبين روسيا والصين وحلفائمهما في اوكرانيا وعليها .
▪ إرتفاع مستويات التضخم وما رافقه من لجوء الفيدارلي الأمريكي لسلسلة من رفع الفائدة كآلية لمحاربة التضخم مما أثر ويؤثر سلبا على قدرة المقترض الامريكي فردا أو شركة أو مؤسسات من الإلتزام بالسداد أو اللجوء لاقتراض جديد مما ينذر بإنكماش الوضع الاقتصادي .
▪ الفشل في إنجاز أي ملف على الصعيد السياسة الخارجية سواء في فلسطين بسبب إستمرار إنحيازه لسلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وتبني أهدافه العدوانية التوسعية أو فيما يتعلق بإعادة العمل بالإتفاقية النووية مع إيران التي إنسحاب منها الرئيس السابق ترامب على سبيل المثال .
ماذا يعني فقدان الديمقراطي للغالبية التشريعية :
ببساطة لم يعد عندئذ القدرة أمام إدارة الرئيس بايدن على إصدار تشريعات أو تنفيذ سياسات دون موافقة الحزب الجمهوري والاخذ بتوجهاته .
اضف إلى ذلك لجوء الجمهوريين إلى ترسيخ نهجهم في سياق التحضير للإنتخابات الرئاسية القادمة لوضع العراقيل امام الديمقراطيين بهدف تجميد قدرة الرئيس بايدن على المضي بسياساته كما كانت إبان النصف الأول من عهده وحتى الإنتخابات الرئاسية القادمة في تشرين الثاني 2024 .
▪ الدخول في مرحلة عدم اليقين وعدم تعاون بعض الدول الحليفة لأمريكا والتي يربطها تاريخيا علاقات أوثق مع الجمهوريين مع إدارة بايدن وخاصة بعد الخليج .
▪ إستمرار التوترات والأزمات في عديد من ساحات العالم كاليمن وليبيا وبعض الدول الإفريقية .
▪صعود التيار الأكثر دموية وتطرفا لسدة الحكومة في الكيان الإستعماري الإسرائيلي عبر تشكيل إئتلاف يميني إرهابي عدو للإنسانية ولمبادئ الأمم المتحدة وميثاقها بل وللمجتمع الدولي عامة بغض النظر عن نتائج إنتخابات الكنيست ومن سيكن رئيس وزرائها وما ستؤدي إليه من تأجيج للصراع العربي مع الكيان الإسرائيلي بعنوانه الفلسطيني وإنعكاسات ذلك على الأردن في ظل عدم إلتزام " إسرائيل " بتعهداتها وفق معاهدة وادي عربة .
▪ إرتفاع مستويات الضغط على بعض الدول العربية في مسعى لإرغامها الإعتراف بالكيان الإسرائيلي الإستعماري المصطنع وتوقيع إتفاقيات معه علها بذلك تساهم إيجابا في خدمة حملته الإنتخابية عام 2024 .
نتائج الصراع على اوكرانيا :
يكن واهما من يرى في الصراع الدائر في اوكرانيا انه صراع تقليدي بل هو حرب وصراع على اوكرانيا بالوكالة بين امريكا وحلفاءها مع روسيا أي صراع أقطاب كبرى تهدف إلى تقاسم النفوذ على ساحات عالمية وصولا لنظام عالمي متعدد الأقطاب يقود العالم وفق مصالح تلك الأقطاب المتصارعة .
أهداف امريكا :
تسعى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال دعمها العسكري والإقتصادي لأوكرانيا الحفاظ على قيادتها المنفردة للعالم لعقود قادمة عبر إلحاق هزيمة ولو جزئيا بروسيا والصين عبر :
-- شن حرب إستنزاف طويلة المدى في الأرض الأوكرانية وقرب الحدود الروسية دون إرسال قواتها تجنبا لإلحاق خسائر بأرواح الأمريكيين .
-- فرض العقوبات السياسية والإقتصادية على روسيا .
-- عزل روسيا دوليا عبر تشكيل جبهة دولية عريضة تدعم السياسة الأمريكية بتصديها " للعدوان الروسي " بتوظيف لمبادئ وميثاق الامم المتحدة تحت ذريعة مخالفة وإنتهاك روسيا للقانون الدولي بإجتياحها أراض دولة أخرى بينما تمارس عكس ذلك بإزدواجية مناقضة حمايتها ودعمها لإدامة الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وحماية وتبرير جرائم " إسرائيل " وإنتهاكاتها الصارخة بحق فلسطين ارضا وشعبا .
-- ضمان إبقاء أوربا تحت مظلتها الأمنية والعسكرية والسياسية والإقتصادية في ظل إرتفاع نزعة الإنفكاك عن المظلة الأمريكية التي ظهرت خلال عهد الرئيس ترامب وما يؤدي ذلك إلى تدهور سريع للنفوذ والهيمنة الأمريكية التي قد تؤدي إلى تعزيز نزعة الإستقلال لولايات أمريكية كبرى .
اهداف روسيا :
لم يكن خافيا منذ عهد ترامب بدء تراجع نفوذ مكانة امريكا وقيادتها المنفردة للعالم وما صاحبها من صراعات وحروب بالوكالة في أماكن عديدة من الساحة العالمية يهدف بعضها إلى تعزيز نفوذ دول إقليمية على حساب النفوذ الأمريكي لصالح أهدافها أو وكيلا عن دول كبرى نافذة إقتصاديا و صاعدة سياسيا مما فتح بابا عريضا لروسيا وحليفتها الصين للعمل على بناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب فوجدت بالتهديد الاوكراني وكيلا عن حلف الناتو لحدودها فرصة لتحقيق أهداف محورها و منها :
-- مد نفوذها السياسي والعسكري وإلاقتصادي جغرافيا
-- مواجهة والتصدي لتمدد نفوذ حلف الناتو بقيادته الأمريكية في دولة يربطها حدود مباشرة مما يشكل تهديدا لأمنها وإستقرارها .
-- توسيع وتاطير جبهة من الدول المعارضة للهيمنة الأمريكية من جهة والمتضررة فعليا من السياسة الأمريكية .
-- فرض خارطة نفوذ جديدة وفق موازين قوى تفرضها نتائج الحرب في أوكرانيا بديلا عن تلك التي فرضتها نتائج الحرب العالمية الثانية وعن إنهيار الإتحاد السوفياتي لاحقا .
-- الإعلان عن نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ولكن بقيادة أمريكية روسية صينية واقعا .
بناءا على ما تقدم فإن إنهاء الحرب باوكرانيا مرهون بالتوصل لتفاهم أمريكي روسي وهذا ما بدا يبدو ممكنا بعد ما ورد في وسائل إعلامية عن تصريح لوزير الخارجية الأمريكي بلينكن اعرب من خلاله عن إستعداد الولايات المتحدة الأمريكية للجلوس مع روسيا للتفاهم حول أوكرانيا وما مغزى ذلك فهل هذا يعني إدراك الإدارة الأمريكية إستحالة إلحاق هزيمة بروسيا مع بروز نذر تفكك الدعم الأوربي الذي عانى مواطنوه مرارة العيش؟ .
السؤال الأهم ؟ هل من إرتدادت للحرب في اوكرانيا ونتائجها على الامن القومي العربي ؟ وأين تقع مكانة ومصالح الدول العربية وإستقرارها في المعادلة الجديدة؟
وما مدى إنعكاس ذلك على القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بالحرية والتحرر من نير الإستعمار الإحلالي الإسرائيلي وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 ؟
إذن ملفين ذات أهمية بالغة بإنتظار نتائجها لما لها من تداعيات وإرتدادات إقليميا ودوليا....؟!