"في المال ولا في الرجال".. أبناء نابلس يلتفون حول مقاومتهم ويدعون لكسر الحصار عن المدينة
بمعدات يدوية، حاول ناشطون فلسطينيون ظهر اليوم الخميس إزاحة أكوام من السواتر الترابية التي أغلق بها الاحتلال المدخل الغربي لمدينة نابلس، في حصار عسكري فرضه منذ 10 أيام هو الأشد على المدينة منذ سنوات الانتفاضة الثانية (2000-2005).
وزحف عشرات من ناشطي المقاومة الشعبية إلى حاجز قرية دير شرف الترابي المعزز بمكعبات إسمنتية، والذي قطع شريانا رئيسا يصل المدينة بشمال الضفة الغربية.
واستجابة لدعوة وجّهتها لجنة المؤسسات والفعاليات والقوى الوطنية بمدينة نابلس، خرج المتظاهرون في أولى فعاليات برنامج أُعلن لإزالة الحصار عن المدينة، وقالوا إنه "لن يكسر إرادة المقاومة والصمود والتحدي" التي تسود في مناطق نابلس وجنين.
وعلى أسماع جنود الاحتلال الذين تمركزوا عند الحاجز، هتف المتظاهرون "اسمع اسمع يا محتل.. جبل النار ما بتنذل" وهو اللقب التاريخي الذي اشتهرت به نابلس خلال ثوراتها ضد الاحتلال.
مواجهات وهتاف للمقاومة
وما هي إلا ثوانٍ حتى ارتفعت حدّة المواجهات بعد أن حشد الاحتلال عشرات من جنوده أطلقوا قنابل الغاز والصوت بكثافة، فرَدَّ المواطنون بحشد أكبر وهتفوا على مسمع الجنود في تحية للمقاومة "جبل النار صامدين.. للعرين محتضنين"، و"الكتيبة والعرين هم أولاد فلسطين"، في إشارة إلى مجموعات المقاومة المسلحة في نابلس وجنين.
وتحوّلت المظاهرة من فعالية لكسر الحصار إلى هتاف للمقاومة الفلسطينية، وتخللتها صيحات إشادة بالفدائي عدي التميمي الذي استشهد في هجوم ثانٍ نفذه قرب القدس مساء الأربعاء.
وحسب لجنة الفعاليات الوطنية والمؤسسات التي تشكلت لرفع الحصار عن مدينة نابلس، ستتصل هذه الفعالية بأخرى أكبر منها، في الأيام القادمة.
وتشمل فعاليات كسر الحصار عن نابلس:
- إقامة صلاة الجمعة في شارع القدس، وعلى بوابة بيت فوريك، وفي شارع حوارة الرئيسي في جنوب المدينة، وكذلك على مدخل دير شرف (غربا) أمام الساتر الترابي الضخم الذي وضعه الاحتلال منذ 10 أيام. وتقام هذه الفعاليات تحت شعار "النصر لنا والهزيمة للاحتلال".
- ودعت الفعاليات المنظِّمة لكسر الحصار إلى مسيرة بالسيارات، السبت، باتجاه حاجز حوارة العسكري، للاحتجاج على سياسة العقوبات الجماعية.
- أما الأحد، فمن المتوقع أن تنطلق "مسيرات غضب" في كل المحافظات الفلسطينية وتتجه إلى الحواجز العسكرية، في تضامن ومساندة لمدينة نابلس المحاصرة.
- ودعت لجنة كسر الحصار مؤسسات حقوق الإنسان والبعثات الدبلوماسية والصحافة الأجنبية لزيارة مدينة نابلس، الاثنين، والاطلاع على معاناة المواطنين والانتهاكات الإسرائيلية ضد أبنائها.
عمل جماهيري ونشاط سياسي
ويقول رئيس لجنة الفعاليات الوطنية والمؤسسات بمدينة نابلس غسان حمدان إن "الدور الجماهيري والشعبي يتزامن معه ضغط على المستوى السياسي الفلسطيني لا سيما الرسمي لكشف جرائم الاحتلال وتعريته أمام المحافل الدولية".
وقال حمدان للجزيرة نت إن لجنة الفعاليات دعت القناصل ورؤساء البعثات الدولية الموجودة في الأراضي الفلسطيني للقدوم إلى نابلس والاطلاع عن قرب على حجم المعاناة التي تعيشها المحافظة، لا سيما تنقل المواطنين.
وشدد حمدان على أن المقاومة في نابلس جاءت أصلا بسبب إجراءات الاحتلال وعدوانه في كل الأرض الفلسطينية، وقال "من حقنا أن نقاوم الاحتلال بكل الأشكال المناسبة لنا"، ودعا إلى أن تكون "المقاومة شاملة في كل أنحاء الوطن، لتحقق أهدافها السياسية".
وفي إحدى زوايا المواجهات التي اندلعت على هامش محاولة إزاحة السواتر الترابية التي أغلقت مدخل نابلس الغربي، تدخّل شاب ملثم كان مشغولا بالرد على قنابل الاحتلال ورصاصه بالحجارة، وقال "نريدها عملية ثورية وطنية على كل أبناء الشعب الفلسطيني المشاركة بها، لا لنرفع الحواجز التي تحاصرنا فحسب، بل لنزيل الاحتلال برمته..".
تراجع اقتصادي حاد
وكان رئيس الغرفة التجارية في نابلس عمر هاشم قد أكد أن الحصار الإسرائيلي على المدينة ترك أثرًا سلبيًّا كبيرًا على منشآتها الاقتصادية كافة، "وهو بمنزلة إعلان حرب اقتصادية على نابلس".
وقال هاشم للجزيرة نت إن الأعمال التجارية تأثرت بنسب تراوح بين 40% و70% سلبا، كما تأثرت الإنتاجية في المصانع بنسبة 50%، وتأثرت عمليات التسويق والمبيعات ونقل البضائع والمنتجات، كما ألقى توقف المتسوقين من الضفة والداخل (من فلسطينيي 48) بظلال قاتمة على الحركة التجارية في المدينة.
دعوات للخارج وحملات في الداخل
وفي هذه الأثناء، أطلق تجار من المدينة حملة تحت شعار "حاصر حصارك"، دعت لإعادة الحيوية للمدينة عبر تفعيل التعليم الوجاهي بجامعاتها ودعوة المحافظات الأخرى لمساندتها بكل الأشكال.
كما دعت لجنة التجار الفلسطينيين في الداخل (فلسطينيو 48) إلى تسيير حافلات من جميع المدن الفلسطينية هناك لدعم اقتصاد نابلس، فضلا عن مواصلة حالة الرصد لكل الطرقات وإعلام المواطنين بآخر أحوالها لضمان وصولهم.
وفي داخل المدينة، دعت اللجنة أصحاب المطاعم إلى توفير وجبات رخيصة للوافدين والزوار وطلبة الجامعات، والتخفيف كذلك من أجرة المساكن الجامعية، فضلا عن تشكيل لجان لاستقبال الزوار وتوعيتهم بدورهم الأساسي في دعم صمود المدينة.
ويرى أيمن المصري، أحد التجار والناطق باسم الحملة، ضرورة ملحّة في تعزيز الحاضنة الشعبية للمقاومين، وتأكيد أن كل ما يجري سببه الاحتلال وليس المقاومين كما يروّج الاحتلال.
وقال المصري للجزيرة نت إنهم يهدفون لتفويت الفرصة على الاحتلال الذي يتربص بالمقاومة، "ولهذا سيفشل الاحتلال بكل مخططاته، وستبقى البوصلة موجهة إليه بوصفه متسببا واحدا ووحيدا في معاناة شعبنا الفلسطيني".
وعبر مواقع التواصل، عبّر العديد من أصحاب المحال التجارية عن وقوفهم إلى جانب المقاومين في نابلس، وشارك البعض في حملات إلكترونية لشدّ أزر المدينة تحت وسوم "نابلس لن تنكسر".
وكتب الناشط أسيد الخراز على صفحته "طول عمرنا فاتحين هالمحلات بنابلس بنبيع وبنشتري وبنوزع بضاعة، بس هاي المرة غير.. بنبيع الوهن والجبن والخوف وبنشتري كرامتنا وعزتنا.. نابلس ومحلاتها وتجارها بخير مادام شبابها وعرينها بخير"، وختم منشوره بالمقولة الشعبية "في المال ولا في الرجال".