القصة الكاملة لثروة فلسطينية في قبضة الاحتلال
جو 24 :
حذر خبيران فلسطينيان من محاولات الاحتلال الاستيلاء على ما تبقى من غاز غزة؛ في إطار اتفاقيات إقليمية هدفها تقوية السلطة الفلسطينية في رام الله أمنياً.
ويملك الفلسطينيون أول حقل اكتشف في منطقة شرق المتوسط نهاية تسعينات القرن الماضي، المعروف باسم "غزة مارين"، ولم يتم استخراج الغاز منه حتى اليوم، بسبب رفض إسرائيلي لطلبات فلسطينية من أجل استغلاله.
ويقع الحقل، على بعد 36 كيلو مترا غرب غزة في مياه المتوسط، وتم تطويره عام 2000 من طرف شركة الغاز البريطانية "بريتيش غاز"، التي خرجت منه لصالح شركة "رويال داتش شل"، قبل أن تغادر هي الأخرى في 2018.
ويقدر الاحتياطي في الحقل 1.1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أي 32 مليار متر مكعب، يعادل طاقة إنتاجية 1.5 مليار متر مكعب سنويا لمدة 20 سنة.
وكانت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، أكدت مؤخرا في تظاهرة قبالة شواطئ القطاع، أن غاز غزة حق للشعب الفلسطيني، محذرة الاحتلال من محاولة سرقته.
وقال مدير الهيئة الفلسطينية لملاحقة جرائم الاحتلال الإسرائيلي "توثيق" (منظمة حقوقية)، إيهاب كحيل، إن "دولة الاحتلال تسرق بشكل علني الثروات والموارد الطبيعية الفلسطينية، وتعمل على حرمان الشعب الفلسطيني من أدنى فرصة قد تساهم في توفير الحياة الإنسانية الكريمة له في وطنه التاريخي".
وأضاف كحيل "على الرغم من أن الاحتلال قد تمكن على مدار سنين طويلة من السيطرة على الكثير من الثروات الفلسطينية، لا سيما المائية، إلا أنه لم يكتف بذلك، بل وسع أطماعه لتشمل ثروة الفلسطينيين من الغاز".
وأشار إلى أن "تل أبيب صدّرت رؤيتها الاستعمارية للعقد القادم بأحلامها، بأن تكون لاعباً رئيسياً في سوق الطاقة، بفضل حجم الغاز الكبير المكتشف عند سواحل الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأكد الحقوقي الفلسطيني أن "دولة الاحتلال لم تراع في عمليات التنقيب التي تجريها قبالة السواحل الفلسطينية المحتلة، أو في ساحل قطاع غزة، أي اعتبارات حدودية جغرافية، وإنما سعت إلى وضع يدها على كل مصدر طاقة قد يقود إلى تحسين ظروف الشعب الفلسطيني".
وأوضح أن "حقل الغاز المكتشف بالقرب من قطاع غزة، يكفي إمداد الضفة الغربية وقطاع غزة بالكهرباء لمدة 15 عاماً على أقل تقدير".
وأشار إلى أن "محاولات الاحتلال سرقة الغاز الفلسطيني ليست حديثة"، مؤكدا أنه "بدأ رحلة التنقيب عن الغاز في العام 1992، أي قبل تأسيس السلطة الفلسطينية (1994)".
وقال إنه "في العام 1999، تم اكتشاف الغاز الطبيعي من سواحل قطاع غزة، بواسطة شركات أجنبية، حيث تم اكتشاف حقل (غزة مارين) الذي يضم نحو 30 مليار قدم مكعبا من الغاز الطبيعي، تدر أرباحاً بحسب الخبراء تقدر بنحو ملياري دولار".
وتابع: "منذ اكتشافه؛ لم يستخرج الغاز منه (غزة مارين) حتى اليوم؛ بسبب رفض (إسرائيل) الطلبات الفلسطينية التي ترغب في استغلاله".
وأوضح كحيل أنه في العام ذاته؛ تم اكتشاف حقل "نوا"، الذي يمتد إلى أعماق حدود القطاع البحرية، وبدأت "إسرائيل" بإنتاج الغاز منه عام 2012، إذ وصلت توقعات مخزون الغاز بداخله إلى نحو ثلاثة تريليونات قدم مكعب.
وقال: "في عام 2000 تم اكتشاف حقل (ماري بي)، ومنذ 2004 يوفّر هذا الحقل إمدادات الغاز لمحطات الطاقة في (إسرائيل)، حتى جرى تجفيفه عام 2011".
وأضاف "في العام 2014 رجّح خبراء وسياسيون فلسطينيون، وفق دراسة أولية، وجود حقل للغاز في بحر المنطقة الوسطى لقطاع غزة، يبعد مئات الأمتار عن الشاطئ".
وأشار الحقوقي الفلسطيني إلى أن "سرقة (تل أبيب) الغاز الطبيعي من الحقول الممتدة على طول بحر قطاع غزة؛ نتج عنه تجفيف بعضها".
واستند بذلك إلى تصريحات لوزير البنية التحتية والطاقة الإسرائيلي الأسبق، جوزيف بارتيزكي، في مقابلة تلفزيونية، قال فيها إن "التعامل مع الطبقة الجيولوجية المليئة بالغاز، والممتدة بين المنطقتين الإسرائيلية والفلسطينية؛ لا تعرف الحدود".
وأضاف بارتيزكي: "حينما نحفر من منطقتنا في الطبقة الجيولوجية؛ سينتقل الغاز بشكل طبيعي من الجهة الأخرى إلى الجهة التي حفرنا بها".
وأكد كحيل أن "سرقة الاحتلال للموارد الطبيعية وحقول الغاز؛ جريمة تضاف إلى سلسلة الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني".
وأكد أن "الهيئة الفلسطينية لملاحقة جرائم الاحتلال الإسرائيلي" متمسكة بحقها في اللجوء إلى المحافل الدولية كافة، بما فيها محكمة الجنايات الدولية، للمطالبة بحق الشعب الفلسطيني في السيادة الكاملة على ثرواته الطبيعية.
من جهته؛ لفت الخبير في الشؤون الإسرائيلية، حسين حجازي، إلى أن ملف الغاز على شواطئ غزة قديم، وله علاقة باستثمارات كانت تطرحها شركة "برتيش جاز" البريطانية منذ العام 1999.
وقال حجازي إن "هذه الشركة كانت تعمل على أساس استخراج الغاز من حقل مارين، حتى يستفيد منه الاحتلال في تشغيل محطات الكهرباء وبعض المعامل لديه، وذلك بالشراكة مع السلطة الفلسطينية".
وأشار إلى أن التطورات التي حصلت بعد ذلك من "توتر العلاقة بين الاحتلال والسلطة والانسحاب الإسرائيلي من غزة، وتسلم (حماس) الحكم فيها، حال دون إتمام الاتفاق، وتوقفت الشركة البريطانية عن العمل".
وبين أنه يوجد ثلاثة حقول غاز في بحر قطاع غزة، هي "مارين 1" و"مارين 2" و"مارين 3"، منوها إلى أن العمل بدأ في الحقلين الأوليين (1 و2)، وتوقف عند ذلك دون الوصول للحقل الثالث، حيث إن السلطة الفلسطينية طرحت على روسيا عام 2011 تولي هذا الأمر، دون أن يتم عمل شيء في ذلك.
وقال حجازي إن "الإشارات التي خرجت من غزة بالفترة الأخيرة أنه يجب الاستفادة من الغاز، وأن المقاومة تتحرك من أجل حقوق القطاع في الغاز؛ عززت المخاوف الإسرائيلية بإمكانية استهداف عمليات التنقيب".
وأضاف: "هناك تخوف اسرائيلي من امتلاك المقاومة صواريخ بحرية، يمكنها الوصول الى هذه المنصات وضربها".
وتابع: "على هذا الأساس يجري العمل للسماح للفلسطينيين باستخراج الغاز وإعطائهم حقوقهم على هذا المستوى، وقطع الطريق على أي مواجهة ممكنة يكون سببها الغاز".
وأشار إلى إمكانية الاتفاق مع السلطة لتصدير الغاز بالتعاون مع الجانب المصري، بحيث تكون العائدات لها؛ من أجل استعادة دورها في ضبط الأمن، ومحاولة كبح جماح المقاومة في الضفة، لا سيما شمالها.
وأوضح حجازي أن "(إسرائيل) تحاول تسخير هذه المسألة (اتفاق الغاز) لتعزيز وضع السلطة الفلسطينية، على المستوى الداخلي الفلسطيني، وتوفير موارد مالية لها، حتى تعيد الإمساك بزمام الأمور في الضفة الغربية".
وكانت وسائل إعلام عبرية كشفت عن وجود اتصالات ثلاثية بين مصر والسلطة الفلسطينية و"إسرائيل" بهدف بحث سبل استغلال حقل "مارين" للغاز الطبيعي، قبالة ساحل غزة.
وأوردت صحيفة /غلوبس/ الاقتصادية العبرية، أمس الخميس، أن هذه الاتصالات "تتم بوساطة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية".
وبيّنت الصحيفة أن "مصر تقف وراء المبادرة بإجراء الاتصالات، وأن (إسرائيل) تظهر موقفًا إيجابيًا تجاهها، من منطلق الرغبة في المساعدة بإمداد محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة بالغاز، وزيادة إيرادات السلطة الفلسطينية" وفق قولها.
نقلا عن قدس برس