غياب الخدمات في الحامدية
تحمل قرية الحامدية 50 كم إلى الجنوب الشرقي من محافظة الكرك اسم قرية، لكن حال أبنائها القاطنين فيها ينطق بتسميات أكثر ألما وحسرة ، بعدما استبعدت قريتهم على حد وصفهم ، من الزمان والمكان وأجندة المسؤولين و تهميش وضعف وانعدام للخدمات الأساسية .
القرية التي تتبع إداريا لبلدية مؤاب الجديدة ويقطنها ما يقارب 500 مواطن وتعتبر آخر قرية في محافظة الكرك من الجهة الجنوبية الشرقية ، ولا يفصلها عن الطريق الصحراوي سوى 8 كيلو مترات، تجتمع فيها ألوان من الفقر والبطالة وانعدام للخدمات، لتشكل بؤرة بؤس وحرمان ومعاناة يومية لأبنائها حيث الجوع والجهل وأحلام تذروها الرياح .
«الدستور» زارت القرية واطلعت على واقع الحال فيها عن كثب وكان لها لقاءات مع عدد من أبناء القرية البسطاء ، الذين أشاروا إلى غياب الخدمات الأساسية والبنى التحتية عن قريتهم، فمدرسة الذكور غرفتان، والمركز الصحي غرفة واحدة ، ومسجد القرية بلا مؤذن او خطيب، وطرقها الداخلية والخارجية متهالكة ،ومياه الشرب معاناة حقيقية دائمة على مدار العام وخدمات البلدية غائبة، وقلة المراعي وتوالي سنوات الجفاف قضت على مهنتهم الوحيدة بتربية المواشي والزراعة ، وواسطات النقل العمومية معدومة ولا تصل للقرية.
المواطن عواد هويمل الحجايا قال إن أهل القرية يعانون من شح المياه طوال العام، رغم أن آبار محي التي تزود المحافظة بالمياه لا تبعد عن قريتنا سوى 10 كيلومترات ،الأمر الذي يضطرنا لشراء صهاريج المياه التي تستنزف مداخيلنا على نفقتنا الخاصة، مبينا ان تكلفة الصهاريج الواحد سعة 6 أمتار تبلغ ما يقارب 20 دينارا ، في حين أن هنالك العديد من مواطني القرية لا يستطيعون شراء صهاريج المياه بهذا المبلغ ،مما يضطرهم لاستخدام البهائم في نقل المياه من الآبار القديمة التي تتجمع فيها مياه الأمطار، وتبعد عن القرية ما يقارب 2 كلم على الرغم من رائحتها الكريهة وتسببها بالعديد من الأمراض خاصة للأطفال الصغار مثل الإسهال والتقيؤ .
وطالب عواد بان يتم فصل خط المياه المزود لقريتهم عن خط مياه قرية محي، مبينا أن خط المياه الرئيسي يصل في البداية لقرية محي ويزودها بالمياه ومن ثم يصل لقريتهم ، الأمر الذي يتسبب وعلى حد قوله بعدم وصول المياه إليهم، مشددا على ضرورة صيانة شبكة المياه التي تعاني من الاهتراء في بعض مناطق القرية، وضرورة إيصال الخط الى كافة مناطق القرية .
وعن خدمات البلدية بين المواطن حمود سويلم الحجايا أن خدمات بلدية مؤاب الجديدة تقتصر فقط على ضاغطة النفايات التي تزور القرية مرة واحدة في الشهر ، مبينا أن مطالب أهالي القرية بضرورة عمل سور لمقبرة البلدة لم تجد الآذان الصاغية من البلدية ، رغم الوعود المتكررة بعمل السور .
أما على صعيد الخدمات الصحية فأشار المواطن سالم هويمل الحجايا أن في القرية مركزا صحيا أوليا في غرفة واحدة في القرية ، لا تتجاوز أوقات عمله ساعتين يومياً، في الوقت الذي يعاني فيه غيابا للأطباء بشكل دائم، ونقصا في الأجهزة الطبية والأدوية، ما يضطرهم إلى التوجه للمراكز الصحية الشاملة في بلدات ذات رأس والمزار الجنوبي والمستشفيات الحكومية والعسكرية التي تبعد عن قريتهم قرابة 50 كم .
وعن الخدمات الزراعية في القرية بين المواطن حمد سويلم الحجايا أن أهالي القرية يعانون من فقر الزراعة وانعدام الدعم والرعاية الحكومية للمشاريع الزراعية، وتعاني أراضيهم الزراعية للتصحر وللجفاف، ما تسبب بعزوف أهلها عن ممارسة الزراعة والبحث عن أنماط اقتصادية أخرى للعيش.
وطالب الحجايا مديرية الأشغال العامة في الكرك بإتمام الطريق الزراعي الذي يصل إلى مزارعهم في سيل الحسا ، مبينا أن المسافة المتبقية للوصول إلى مزارعهم لا تتعدى 2 كم، لافتا إلى أن الطريق الذي يصل من القرية إلى مزارعهم في سيل الحسا بقي على حالة دون إكمال منذ 20 عاما .
وأضاف الحجايا أن القرية بنقصها الكثير من الخدمات ،خاصة النقل، مبينا أن الباصات العمومية العاملة على الخط لا تصل إلى القرية، وتتقطع بهم السبل في الوصول إلى المناطق المجاورة في المحافظة، خاصة كبار السن، وطلبة المدارس ، الذين يعتمدون على واسطات النقل الخاصة في التنقل من قريتهم إلى أي مكان في المحافظة، الأمر الذي يستنزف مداخيلهم التي هي في الأصل متهالكة وبسيطة .
واشتكى احمد سويلم الحجايا من الأوضاع الصعبة التي أصبح عليها مسجد القرية، لعدم وجود إمام للمسجد ، ولا خطيب خاصة لصلاة الجمعة ، وافتقار المسجد للصيانة في ظل التصدعات الموجودة، إضافة إلى قدم فرش المسجد، وحاجته للتوسعة ، وإعادة تأهيل دورات المياه .
أما على الصعيد التعليمي فواقع الحال في القرية صعب للغاية حيث بين المواطنان حمد سلامة الحجايا وحسين محمد الحجايا أن مدرسة الذكور تتكون من غرفتين فقط بتبرع من أحد أبناء القرية، وهي ملحقة بمدرسة الإناث ،وتتبع إدارتها لمدرسة الإناث، فلا سور يحمي الغرفتين، ومقطوعة عنها الماء ،والكهرباء، والمرافق الصحية غير ملائمة للاستخدام، ويتم وضع طلبة الصفين السادس والسابع في غرفة ،والصفين التاسع والعاشر في غرفة أخرى، الأمر الذي يجعل معلمي المدرسة بدون غرفة لضيق المساحة .
وأضافوا أن حال مدرسة الإناث ليس بأفضل حال من مدرسة الذكور ،فالمدرسة غير محمية بسور، ومقطوعة عنها المياه، ومرافقها الصحية غير سليمة للاستخدام، وتدرس فيها الطالبات لغاية الصف العاشر ، مبينين أن طالبات الصفين الأول الثانوي والتوجيهي يضطرون للدراسة في اقرب مدرسة للقرية في بلدة محي التي تبعد ما يقارب 10 كم ، مما يضطر العديد من الأهالي لمنع بناتهم من الدراسة، واضطرارهن للبقاء في البيوت ،لبعد مسافة المدارس المجاورة عن القرية في ظل انقطاع المواصلات .
أحد الطلبة في مدرسة الذكور قال نتلقى حصص الحاسوب في مدرسة الإناث لانقطاع الكهرباء عن مدرستنا، ولعدم وجود مساحة لمختبر الحاسوب في المدرسة ،الأمر الذي من شأنه التأثير المباشر على تحصيلنا الدراسي .
أبناء القرية طالبوا مديرية التربية والتعليم في المزار الجنوبي بتوسعة مدرسة الذكور عن طريق بناء مؤهل للتعليم ،وإنشاء مختبر للحاسوب ، بالإضافة إلى إعادة الماء والكهرباء للمدرسة ، وفصل الإدارة عن مدرسة الإناث ،بحيث تكون الإدارة مستقلة لمدرسة الذكور .
أهالي القرية قالوا منذ سنوات وحالنا على ما هو عليه للان ،مطالبين بحل أزمة البطالة والفقر ،والمسجد، والمواصلات، وتعبيد الطرق الداخلية والخارجية، وحل أزمة المركز الصحي ،وإعادة تأهيل مدرستي الذكور والإناث، وحاجة القرية إلى مشروع تنموي يخفف معاناتهم المتضاعفة ويقلل من الفقر والبطالة، والمتعطلين عن العمل. الدستور