مشفى إسرائيلي يفصل طبيباً فلسطينياً بسبب “قطعة حلوى” قُدّمت لأسير مريض
جو 24 :
استجابة لضغوطات من متطرفين إسرائيليين، فصلَ مستشفى هداسا الطبيب أحمد محاجنة من أم الفحم في أراضي 48، بذريعة تقديمه الحلوى للطفل الأسير محمد أبو قطيش أثناء تلقيه العلاج في المستشفى بعد إصابته بالرصاص.
وقال محاجنة إن قرار فصله وَصَلَه بالأمس، وهو صادر عن إدارة مستشفى هداسا في القدس، "لكن ذلك لا يعني أنني مفصول، حيث إن القرار المكتوب يفيد عن نية إدارة المستشفى فصلي لكون فصل طبيب من المستشفيات يستوجب التوجه لأكثر من جهة، ومن ضمنها اللجنة المسؤولة عن الأطباء في إسرائيل، وهي ضد قرار الفصل”.
وتابع، في حديث صحفي: "المستشفى اليوم في مأزق كبير، والحل هو التوجه للمحكمة الإسرائيلية من أجل البت في القضية”.
ويكشف محاجنة أن قرار مستشفى هداسا من ناحيته قام بفعل الفصل، كما أنه مبعد منذ 4 أسابيع عن العمل حيث "دخلت في إجازة إجبارية”.
وعن طبيعة ما جرى بالمستشفى في الواقعة التي تسببت بالفصل يقول محاجنة إن الموضوع بسيط جدا، ويتابع: "بتاريخ 26 أكتوبر كان هناك في القسم الذي أعمل به احتفال بسيط كوني اجتزت، أنا وزميل لي، امتحان التخصص حيث أحضرنا أكلاً بسيطاً وحلويات، وبعد أن انتهى الاحتفال اقترحت عاملات النظافة أن نقوم بتوزيع بقايا الأكل المتبقية على المرضى في القسم، وهو الأمر الذي رحبت به، حيث كان من المرضى الأربعة في القسم الأسير محمد أبو قطيش”.
وأضاف أنه "لحظة إدخال عاملات النظافة والمُساعدات لصحن من الحلوى وصحن آخر من السلطة للمريض أبو قطيش صدف أني كنت بالغرفة، خلال تواجدي سألت المريض عن حاله، وقمت بفحصه وانتهى الأمر، في هذه الأثناء وضعت العاملة الأكل”.
وشدد على أنه كان يجلس إلى جانب المريض ضابطان من الشرطة، ولم يعترضا على ما فعلته الممرضة. وفي وقت لاحق توجّه لي أحد الضباط، وبطريقة عنصرية طلب هويتي، رغم أني بملابس العمل، وأخبرته أنه يمكنه أن يذهب إلى مديري في القسم للاستفسار عن هويتي”.
وتابع محاجنة سرد الموقف بدقة: "بعد وقت قليل قام الضابط بتصويري. قلت له: "جداً تفاهة أن تقوم بتصويري”. وانتهى النقاش بيني وبينه عند هذا الحد.
ويشدد أنه، وبعد 3 أسابيع من هذه الحادثة دعي للتحقيق لدى الشرطة في القدس. وبعدها كان هناك جلسة استماع في المستشفى، وأنه، والمحامي "أوضحنا أن من أدخل الطعام هو عاملة النظافة، وهو أمر أكدته شهادة زميلي في القسم، لكن كل ذلك لم يؤثر في قرار الفصل الذي كان جاهزاً من قبل”.
وحول تفاصيل التحقيق قال محاجنة إن أحد الادعاءات تمثّل في قولهم إنني ذكرت كلمة شهيد في وصف الأسير، وهو كلام كاذب ومضلل، فنحن لا نصف الأسرى بالشهداء.
ولا يجد محاجنة سوى تعبيره أن هناك "مطاردة عنصرية” له، أسوة بوالده وأخيه المحامي، وهما من المحامين الذين تولوا الإشراف والترافع عن أسرى سجن جلبوع (نفق الحرية).
ويضيف أنه منذ تلك الفترة، أي بعد ظهورهما في الإعلام، أصبحت النظرة العنصرية الغريبة ضدي تتزايد، حيث تم وصف أهلي بأنهم "داعمون للإرهاب”.
ويحكي كيف كتبت إحدى الممرضات اليهوديات على مجموعة "واتس أب”، ولاحقاً نشرت على شكل صورة بالصحف العبرية: "أحمد مخرب”! وهو أمر يأت ضمن مسلسل تحريض منظم واستهداف متواصل.
يُذكر أن الطبيب أحمد محاجنة هو جراح قلب ورئتين عمل في عدة مستشفيات آخرها هداسا، وهو نجل المحامي رسلان محاجنة، الذي يدافع عن الأسرى الفلسطينيين، وهو ما أشارت إليه صحيفة "يسرائيل هيوم”، في تقرير تحريضي نشرته ضد محاجنة.
وأنهى محاجنة لقبه الأول في جامعة أولم الألمانية، والتحق بقسم جراحة القلب بمستشفى "هداسا” حيث نجح في الاختبارات بتفوق.
وسبق أن اشترك الطبيب الفحماوي في عملية لزراعة قلب اصطناعي لمريض من منطقة القدس.
يذكر أن أطباء كثر أعربوا عن أملهم بأن تقف إدارة مستشفى هداسا بجانب أطبائها المتميزين، وأن تسمح للطبيب أحمد محاجنة بالعودة بسرعة إلى عمله في المستشفى لإنقاذ المرضى.
ومن الجدير ذكره أنه من قاد الحملة التحريضية ضد محاجنة هو المحامي حاييم بلايخر، وهو ناشط في اليمين المتطرف، وشاركت فيها وسائل إعلام مكتوبة ومسموعة، وقد استدعت إدارة هداسا الطبيب أحمد لجلسة استماع، ثم قررت في النهاية فصله من عمله.
أما الفتى الأسير الجريح محمد أبو قطيش فقد اعتُقل في تشرين أول/ أكتوبر الماضي بعد إصابته برصاصة وسط ملاعب حي الشيخ جراح في القدس، بزعم تنفيذه عملية طعن.
وفي سياق متصل، استنكر الدكتور سالم أبو خيزران- رئيس مجلس إدارة ومدير عام لمركز رزان الطبي لعلاج العقم وأطفال الأنابيب، رئيس جمعية الخصوبة والوراثة الفلسطيني، ورئيس مجلس إدارة المستشفى العربي التخصصي، ورئيس مجلس إدارة المستشفى الاستشاري، استنكر بشدة فصل الطبيب محاجنه من قبل إدارة مشفى هداسا بذريعة أنه قدم الحلوى لطفل فلسطيني مصاب في المشفى.
وقال، في حديث صحفي، إن أبواب مجموعة مشافي العربي الطبية تفتح ذراعيها للدكتور محاجنة.
وأكد أنه لا يجب أن يثنينا الفعل الاحتلالي العنصري عن التمسك بالمهنية، "مهما حاول الطرف الآخر أن يضعنا بالمربع اللا إنساني فإننا لا يجب أن ننجر لمثل ما يفعل”.
وأضاف: "ما قام به محاجنة هو قمة الإنسانية، وما قام به الطرف الآخر هو قمة اللا إنسانية، وهو ما يجعل لدينا أملاً كبيراً، فالطرف الآخر يمارس أعماله التي تحمل دليل يأس واحباط، ونحن على الطريق الصحيح”.
القدس العربي