تحذيرات.. منح نتنياهو صلاحيات خطيرة لسموطريتش وبن غفير سيؤدي لـ”فوضى وانهيار السلطة الفلسطينية”
جو 24 :
تواصل اتفاقات ائتلافية بين حزب "الليكود” برئاسة بنيامين نتنياهو مع أحزاب اليمين الصهيوني إثارة جدل وضجة إسرائيلية، بسبب تضمنها على تفاهمات تقلّص الحريات الفردية والليبرالية، علاوة على مشاعر قلق تساور أوساطاً إسرائيلية جراء منح أحزاب متشددة صلاحيات واسعة تتعلق بإدارة شؤون الاحتلال، وتنذر بالمزيد من الاحتكاك مع الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر لحد الانفجار. من أخطر هذه الاتفاقات، الاتفاق الائتلافي بين حزبي "الليكود” و”الصهيونية الدينية”، الذي يتضمن بنوداً كثيرة في مواضيع كثيرة، علاوة على توزيع الحقائب الوزارية، من أخطرها البند رقم 21 الذي يمكّن رئيس الحزب الثاني باتسلئيل سموطريتش من بناء نظام إرهابي في الضفة الغربية المحتلة. ويقضي الاتفاق المذكور أن يعين نائب من "الصهيونية الدينية” وزيراً في وزارة الأمن التي سيشغلها النائب آفي غالانت (الليكود)، وتسند للوزير الإضافي مسؤولية واسعة عما يعرف بـ "منسق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية” و”الإدارة المدنية”، وذلك بالتنسيق مع وزير الأمن نفسه، على أن تتم عملية التعيينات في هاتين الدائرتين بالتنسيق مع رئيس الحكومة.
ومن أجل إتاحة الفرصة القضائية لتعيين وزير إضافي في وزارة الأمن يقضي البند 21 بتعديل قانون أساس خاص بالحكومة. يقضي هذا البند بتشكيل وحدة جديدة لإدارة وتطبيق كل صلاحيات هذا الوزير الإضافي، وذلك خلال ثلاثين يوماً منذ الإعلان عن تشكيل الحكومة. ويقضي هذا البند أن تتمتع هذه الوحدة الجديدة باستقلالية وبصلاحية بكل ما يتعلق بالقوى العاملة والميزانيات المتعلقة بالمستوطنات وبالبناء فيها. يشار إلى أنه، بخلاف تجارب سابقة تم فيها تعيين نائب وزيراً للأمن، فإن الوزير الإضافي يتمتع، هذه المرة، بصلاحيات دستورية، مما يعني عدم وجود فرصة قانونية لمنعه من ممارسة صلاحياته أو تجريده منها أو تحييده.
حقائب كثيرة
ويقضي الاتفاق الائتلافي بأن تسند وزارة المالية لسموطريتش، بالتناوب مع رئيس حزب "شاس” آرييه درعي، الذي سيشغل حقيبة الداخلية في الفترة الأولى. كما يقضي الاتفاق بحصول "الصهيونية الدينية” على حقيبة "الهجرة والاستيعاب” وحقيبة "الاستيطان”، ويترأس نائب عنه لجنة الدستور والقانون في الكنيست، علاوة على تعيين نائب آخر كنائب وزير في وزارة يختارها سموطريتش. كما يقضي هذا الاتفاق بأن يتمتع سموطريتش بصلاحية المصادقة النهائية على "أجوبة الدولة” المقدمة لمحكمة العدل العليا رداً على التماسات تتعلق بمواضيع الاستيطان، وذلك بالتنسيق مع رئيس الحكومة. وبموجب هذا الاتفاق يتم نقل وحدة الهوية اليهودية من وزارة الأديان لوزارة "المهام الوطنية” (وزارة الاستيطان الموسعة)، ونقل وحدة الثقافة اليهودية من وزارة التربية والتعليم لوزارة "المهام الوطنية”.
زعزعة صلاحيات وزير الأمن
وتتواصل الانتقادات الإسرائيلية الموجهة لهذا الاتفاق، فقد قال رئيس حكومة الاحتلال المنتهية ولايته يائير لبيد إن نتنياهو باع الجيش للقوى اليهودية المتدينة المتطرفة، وتبعه غادي ايزنكوت (قائد سابق للجيش)، النائب عن حزب "المعسكر الرسمي” برئاسة بني غانتس، الذي قال إن الاتفاق المذكور ينقل صلاحيات واسعة ليد وزير هو ليس وزيراً للأمن، معتبراً ذلك عملاً غير مسبوق في تاريخ الجيش والمؤسسة الأمنية. وأكد ايزنكوت أن اتفاق "الليكود” مع "الصهيونية الدينية” ينطوي على زعزعة كيدية لصلاحيات وزير الأمن، ويحول المستشار القضائي في الوزارة لمستشار سياسي، بدلاً من مستشار رسمي ومهني.
نتنياهو يؤسس الدولة ثنائية القومية
وذهب النائب عن حزب "العمل” غلعاد كاريف إلى أبعد من ذلك، بقوله إن العنوان الصحيح لهذا الاتفاق هو: نتنياهو يؤسس في مقرّ حكومته السادسة للدولة ثنائية القومية. منوها إلى أن الاتفاق يحفز ويدفع الضمّ الزاحف داخل الضفة الغربية، ويخضع اعتبارات أمن الدولة لمصالح ضيقّة خاصة بالمستوطنات. ويتابع: "يستطيع نتنياهو أن يدعي أن كل الأفعال ستتم بموافقة رئيس الحكومة، ولكن فعلياً يؤدي هذا الاتفاق إلى حالة تضخم بيروقراطية ومالية وقضائية هدفها واحد: دفع ضمّ عملي في الضفة الغربية، شرعنة البؤر الاستيطانية وتعميق السيطرة الإسرائيلية المباشرة على حياة الفلسطينيين”. وكشف في هذا السياق أن نتنياهو فحص مع وزير الأمن المرتقب يوآف غالانت موضوع التغييرات في وزارة الأمن، ووافق الأخير عليها وأعطى "الضوء الأخضر”.
انتقادات واسعة
وحمل الجنرال في الاحتياط عاموس جلعاد، رئيس القسم الأمني- السياسي الأسبق في وزارة الأمن، على هذا الاتفاق مع "الصهيونية الدينية”. وحذّر، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت”، اليوم الثلاثاء، من أن هذه الصلاحيات التي ستوضع بيد سموطريتش وثلته ستدفع نحو انهيار السلطة الفلسطينية وخلق حالة فوضى داخل الضفة الغربية.
ونقلت القناة الاسرائيلية "13” عن مسؤولين أمنيين كبار قولهم إن الاتفاق المذكور "سيكسر التسلسل القيادي”، وإنه "ليس من الممكن أن وزيراً لا يشغل منصب وزارة الأمن يقوم بتعيين رئيس الإدارة المدنية- ضابط بمرتبه جنرال”. وإن "هذا سيخلق فوضى. أيضاً رئيس هيئة الأركان الـ23، الجنرال هرتسي هاليفي الذي سيتولى منصبه في كانون ثاني القادم، يفكر بنفس الطريقة”. يذكر أن نحو نصف مليون مستوطن يقيمون في الضفة الغربية المحتلة، وبين هؤلاء نحو 200 ألف يقطنون في القدس المحتلة.
الأمن الداخلي بيد إرهابي يهودي
وقال سموطريتش، في بيان مشترك مع نتنياهو: "اليوم، نتخذ خطوة تاريخية أخرى لإقامة حكومة يهودية وصهيونية وقومية تعيد الأمن وتوسع المستوطنات. يشار أيضاً إلى أن لدى نتنياهو مهلة 28 يوماً لتشكيل حكومة، يمكن تمديدها 14 يوماً، وهو يتجه للمطالبة بالتمديد، فيما دعا وزير القضاء المنتهية ولايته غدعون ساعر رئيس الدولة لعدم الموافقة على طلب التمديد لأن الائتلاف القادم ذاهب لتشريع قوانين غير ديموقراطية في الأيام القريبة، وقبيل إعلان تشكيل الحكومة الجديدة. وكان الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، كلف في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، رئيس مجلس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو تأليف حكومة جديدة، وذلك بناء على التوصيات التي تلقاها من نواب "الكنيست” بعد الانتخابات التي جرت في تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي.
وتزداد مشاعر القلق في أوساط إسرائيلية تشمل عدداً من خريجي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من اتفاق سبق وتم توقيعه بين "الليكود” وبين حزب "القوة اليهودية” برئاسة إيتمار بن غفير، المدان بالعمل الإرهابي في محكمة إسرائيلية، والذي سيشغل حقيبة الأمن الداخلي ويهدد بفتح الحرم القدسي الشريف لصلاة اليهود "من باب المساواة بين اليهود والمسلمين”.
وقالت الإذاعة العبرية، اليوم، إنهم في جهاز الأمن قاموا بإجراء حسابات بشأن تعهد بنيامين نتنياهو بإعطاء بن غفير وحدات حرس الحدود في الضفة الغربية. منوهة بأنه، في حال تحقيق التعهد، فإن 72 وحدة احتياط ستضطر لممارسة نشاطها بدل وحدات حرس الحدود، وهذا يعني أنه سيتم استدعاؤهم لمزيد من أيام الخدمة، الأمر الذي سيتطلب تغييرا في قانون خدمة الاحتياط”، وهذا يضاف لنية بن غفير استخدام وحدات حرس الحدود لإخماد مظاهرات عربية تنشب في المدن الساحلية كيافا واللد والرملة وحيفا وعكا، على غرار هبة الكرامة في مايو/أيار 2021.القدس العربي