مصر: الرئاسة غداً .. استجابة للثورة
يتوجه المصريون، الاربعاء، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس للجمهورية من بين 13 مرشحاً يتوزعون بين القوى الثورية وتيار الإسلام السياسي ورموز النظام السابق، وذلك في انتخابات لا أحد يعرف نتيجتها سلفاً، ومن شأنها أن تكون محطة مفصلية في تحديد شكل العلاقة بين المؤسسات السياسية في البلاد، ودور الجيش في النظام الجديد الذي أفرزته «ثورة 25 يناير».
واختتمت، يوم الاثنين حملة الانتخابات الرئاسية المصرية بدخولها «مرحلة الصمت» قبل يومين من بدء أول جولة اقتراع دعي إليها 50 مليون مصري لانتخاب رئيس الجمهورية. ووفقا للقانون الانتخابي لم يعد في إمكان المرشحين الظهور في البرامج التلفزيونية أو الإدلاء بأحاديث صحافية أو ممارسة أي نشاط سياسي يمكن أن يؤثر على الناخبين قبل الجولة الأولى من هذه الانتخابات المقرر إجراؤها على مدار يومين. وإذا لم يحصل أي مرشح على الغالبية المطلقة من الجولة الأولى فستجرى جولة ثانية في 16 و17 حزيران المقبل.
ووفقا لنتائج أعلنت يوم أمس، فقد تصدر مرشح جماعة «الإخوان المسلمين» محمد مرسي، تصويت المصريين في الخارج بفضل الدعم الكبير الذي حصل عليه من الجالية المصرية في السعودية.
ولا يمكن أحداً أن يتوقع الفائز من بين الثلاثة عشر مرشحاً، وهذا في حد ذاته تغيير كبير، بعد العروض الانتخابية الهزلية المملة التي كانت تقدم طوال حكم مبارك على مدى 30 عاماً، لكنه يثير في الوقت ذاته قلقاً بين من القوى السياسية، وخصوصاً القوى الثورية، بعد النتائج الكاسحة التي حققتها جماعة «الإخوان المسلمين» والتيار السلفي في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وسعي رموز النظام القديم للعودة إلى الحكم، وتمسك المجلس العسكري بصلاحياته الواسعة، وإن خلف كواليس الحكم، في إطار عملية صياغة الدستور الجديد للبلاد.
وتتجه الأنظار الى الانتخابات التي تتركز المنافسة فيها بين الإسلاميين وشخصيات أكثر علمانية، وخصوصا الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى. ومن المرجح أن يحظى موسى ورئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق بغالبية أصوات المسيحيين الذين يشكلون نحو عشر سكان مصر، ويخشون من تداعيات تزايد قوة الإسلاميين، وخصوصاً «الإخوان المسلمين» الذين رشحوا رئيس حزبهم «الحرية والعدالة» لخوض معركة الرئاسة.
ومن بين المرشحين الإسلاميين عبد المنعم أبو الفتوح الذي يسعى لاجتذاب أصوات الليبراليين والسلفيين. أما المرشح الناصري حمدين صباحي فيستند إلى دعوته للعدالة الاجتماعية.
وفي مقابلة مع «السفير»، قال أبو الفتوح، إنه كانت هناك محاولات جدية من بعض الشخصيات الوطنية للدفع في اتجاه تقديم مرشح واحد يعبر عن قوى الثورة، لكن هذه الجهود لم تصل إلى نتيجة. لكنه تعهد بالعمل مع كل القوى السياسية من أجل تحقيق مشروع «مصر القوية». وشدد أبو الفتوح، وهو قيادي سابق في «الإخوان»، على أن «علاقتي بالإخوان المسلمين قد انفصلت تماماً بمجرد إعلاني عن التقدم للخدمة الوطنية لكل المصريين».
وشدد على أن «الصراع العربي الإسرائيلي بالنسبة لنا هو أولاً قضية أمن قومي مصري، وأي تهديد فيه للشعب الفلسطيني أو اللبناني أو السوري هو تهديد مباشر للأمن القومي المصري بحكم التاريخ والجغرافيا والعروبة والإسلام»، مشيراً إلى أن مصر لن تكون تابعة لأي أحد. كما اعتبر أن العلاقات بين مصر وإيران يجب أن تقوم على أساس المصالح المتبادلة (نص المقابلة ص 14)
في هذا الوقت، دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى السلطة في مصر منذ إسقاط حسني مبارك العام الماضي، المصريين الى قبول نتائج الانتخابات أياً كانت، مجدداً التأكيد أنه «على مسافة واحدة من المرشحين».
وأكد المجلس العسكري، في رسالة نشرها في صفحته على موقع «فيسبوك»، «أهمية أن نقبل جميعا نتائج الانتخابات التي ستعكس اختيار الشعب المصري الحر رئيسه، واضعين في الاعتبار ان العملية الديموقراطية في مصر تخطو أولى خطواتها ولا بد أن نساهم جميعا في نجاحها».
وشدد البيان على أن المجلس العسكري «يقف على مسافة واحدة وبكل نزاهة وشرف من جميع مرشحي الرئاسة، تاركا للناخب المصري حريته الكاملة في الاختيار»، داعياً «كل المصريين الى المشاركة وعدم التخلف عن عملية اختيار رئيسهم المقبل والذي تعقد عليه الآمال في العبور بالبلاد الى آفاق التقدم والازدهار والاستقرار».
بدوره، قال رئيس الوزراء المصري كمال الجنزوري إن الحكومة لن تسمح أبدا بحدوث أية تجاوزات في انتخابات الرئاسة، وستتخذ كل الإجراءات القانونية للتصدي لكل من يحاولون استخدام أساليب البلطجة أو الحيلولة دون إدلاء الناخبين بأصواتهم فى اللجان الانتخابية.
وأعلنت وزارة الداخلية عن خطة أمنية مكثفة لضمان سير الانتخابات، وخاصة عملية نقل صناديق الاقتراع الى مراكز الفرز البالغ عددها 351 في جميع أنحاء البلاد.
ووصل الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر الاحد الى مصر على رأس وفد من «مركز كارتر» لمتابعة سير عمليات الاقتراع والتقى رئيس مجلس الشعب القيادي في جماعة الاخوان المسلمين سعد الكتاتني.السفير