jo24_banner
jo24_banner

علماء نفس يتلاعبون بعقل الدولة.. الحل بتغيير بؤرة الاهتمام

د. محمود المساد
جو 24 :


بالتأكيد من بين المستشارين لصنّاع القرار، مفكرون في علم النفس وعلم الاجتماع، وعلوم ديناميات الجماعة. كيف تتحرك وإلى أين تتجه، وكيف تغير اتجاهها ودرجة السرعة بذلك؟ وإلى أي موضوع له علاقة بالموضوع الرئيس، وأقل ضررا أو ليس له علاقة ومن دون أي ضرر. وربما الأمر ينسحب إلى وعود وهمية لفئة من المجتمع، وصادقة لشخص باع نفسه لصانع القرار ثمنا لموقفه غير الشريف، مقابل الدفع بقوة لتغيير اتجاه الفعل عن الموضوع .

في علم النفس الكثير من الدراسات حول آليات عمل الدماغ أكدت على (أن الاهتمام بالموضوع وتركيز التفكير به يضخمه إلى ما يزيد على ست مرات من حجمه الطبيعي، وفي الوقت نفسه يحول الاهتمام أيضا من دون تدفق أي معلومات ليست ذات علاقة بالموضوع للتفكير بها). وهذا ما يجعل الموضوع تحت الاهتمام واضحا جدا، وسهلا للتشريح، والأخذ والعطاء دون أن يزعج عملية التفكير هذه أي أفكار أخرى ليست ذات علاقة.

وهنا يأتي دور علماء النفس، ولعبتهم الخبيثة في كسر دائرة الاهتمام وإعادة التوجيه التدريجي لذلك الاهتمام لموضوع جانبي، أو بعيد كليا مستعينين بالأقلام المعروفة المؤثرة الجاهزة لتسلّم راية العمل، وتوظيف كل الأدوات المتاحة من مال أغبر، ووعود بمناصب، وفرَص، وجاه، ودعم، وغير ذلك من أشكال شراء الضمائر، واستئجار الهامات.

لقد استفدت من هذه النظرية في آليات عمل الدماغ الفردي والجمعي كثيرا في المجال التربوي التعليمي، بعد أن تأكدت من صدقها في دراستي المسحيّة والعملية التحليلية، بدراسة الحالات الفردية ممن تميزوا من طلبة الإمارات العربية المتحدة في الاختبارات الدولية، حيث كنت حينها أعد العدة لتأليف كتابي الموسوم بــ: "الاحترام قيمة أساسية لفعالية التطوير التربوي". وهذا ما أذكى عندي روح الشغف لدراسة هذا الموضوع بكل اهتمام، حيث كنت متأثرا بهذا الموضوع، وخاصة أنني اكتشفت أن الطلبة الذين تفوقوا بالاختبارات الدولية - بغض النظر عن مدارسهم - بينهم جذع مشترك هو الاهتمام بجدوى التعليم والتعلم لحياتهم ومستقبلهم ……وعليه، أيقنت بلزوم العمل على كل ما يرفع من درجة هذا الاهتمام لتحقيق أهداف التعلم.

وهذا الذي رفع من شأن معيار المناخ المدرسي، ومشاعر الطلبة تجاه المدرسة بوصفه مؤشرا له؛ ليكون من أصدق عوامل فاعلية التعلم. (انظر الشكل الآتي:



 
وبهذا تكون أجواء المدرسة ومناخها الشائع الوسيلة المهمة لرفع نسب التعلم عبر إيجابية الحياة المدرسية، وتكوين الصداقات ومن بينها محبة المعلمين أو بعضهم.

كنت أتمنى أن يدعم أصحاب القرار كل ما من شأنه أن يرفع نسبة الاهتمام في موضوعات لها أثر إيجابي على حياة الناس وتحقيق رفاههم في التعليم والصحة، والبيئة والزراعة وغيرها الكثير، وأن لا يصرفوا الجهد والمال والوقت في التفكير في إعادة توجيه الاهتمام عن حراك يخفف من معاناة الناس، ويبدد همومهم، في حين أن الأجدى والأنفع لمصالح الدولة العليا يكون بمقدار مستوى التجاوب معهم، والبحث عن بدائل حلول بعيدة عن جيوبهم .

والله أكبر وهو الجبار الرحيمِ!!


* الكاتب خبير تربوي

 
تابعو الأردن 24 على google news