قرية "جرسي".. كنز أثري بالجولان أخفاه الاحتلال بـ"حديقة وطنية"
على الحافة الجنوبية من وادي السمك قرب الجولان المحتل، يقع كنز أثري، لم تجد "إسرائيل" مخرجًا للسيطرة عليه، بعد سرقته واكتشاف آثاره، سوى تحويله إلى "حديقة وطنية".
"كرسي" وهو اسم لقرية سورية أقيمت قبل عام النكبة 1948، قبل أن تهدمها عصابات الاحتلال الإسرائيلي، وفي أرضها تاريخ "دير" هو الأكبر على مستوى المنطقة المحتلة.
ويوحي اسم "كرسي" لفظاً بالكرسي الذي يتم الجلوس عليه، والذي أصله آراميّ، لكن الحقيقة أن اللفظ جاء تحريفًا من اسم "جرجسا أو جرجشا"، والذي اشتُقّ من الجرشيين، وهم قوم من الكنعانيين، سكنوا ناحية جرش فعُرِفت باسمهم.
وعن تفاصيل القرية المهجرة، يقول خبير علم الآثار في أراضي 48 فوزي ناصر حنا لوكالة "صفا": "إنها تقع على الحافة الجنوبية من وادي السمك، قبل مصبّه في البحيرة".
ويشير إلى أن البيزنطيين سكنوها حينما بنوا كنائسهم وأديرتهم، وبنوا على أرضها ديرًا هو الأكبر بمساحة 18 دونمًا، وقد سكنها رهبان وفلاحون".
كما أن الدير كان في داخله كنيسة مساحتها نحو الدونم، مقسمة إلى ثلاثة أروقة بصفين من الأعمدة، عددها 12، ومزينة بتيجان تتوسطها صلبان".
كما يحوي المكان مسطبة من الفسيفساء متنوعة الزخارف النباتية والهندسية والحيوانية، وفيها كلمات باللغة اليونانية، تشير إلى رئيس الدير الأول ستيفانوس والقيصر آنذاك "ماوريكوس"، بالإضافة لسور يحيط بكامل الدير.
ويشير حنا إلى أنه مع السنين غطّت طبقات التراب والحجارة معظم معالم الدير، إلى بنيت لاحقًا قرية فلسطينية حملت اسم "كرسي".
ويؤكد أن القرية بقيت حتى بعد النكبة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي هدمها عام 1967.
تنقيب واكتشافات لسنوات
ويوضح أن "بعد احتلال الجولان شقت سلطات الاحتلال العديد من الشوارع، منها الشارع المحاذي للبحيرة من الشرق والذي يربط بين سمخ والبطيحة، ويُعرَف بشارع 92، وأثناء العمل سنة 1969 اكتُشِفَت آثار الدّير فتغيّر مسار الشّارع".
ويؤكد أن "إسرائيل" بدأت فيما بعد التنقيبات الأثرية لتكشف ما أخفته مئات السنين، وكشفت حفرياتها أيضًا قرب الشاطئ القريب بقايا مرفأٍ للصّيد وبرك لتجميع الأسماك وكانت المياه تصلها بأنابيب فخّاريّة من وادي السمك.
واستمر العمل بالحفريات واكتشاف المزيد في أرض الدير، حتى أنه في العام 1980 كشفت الحفريات كنيسة صغيرة في المنحدَر المحاذي، نصفها الشرقي عبارة عن مغارة، وبقربها عمود صخريّ بارتفاع 7 أمتار.
يُذكر أن مكان القرية اليوم تحوّل إلى "حديقة وطنيّة" لليهود، فيما يعتبر الدخول إليها مقيّد بشروط.