كيف يمكن مساعدة متضرري الزلزال على تجاوز الصدمة النفسية؟ (فيديو)
يخرج الأطفال من تحت أنقاض الزلزال المدمر وأغلبهم لا يبكي، رغم أنهم مكثوا ساعات وأيامًا، الوضع نفسه بالنسبة للكبار، وهذا يعني دخولهم في حالة صدمة، يشرحها علم النفس بأن الإدراك يتوقف أو ينفصل عن الواقع عندما يفوق الألم قدرة الشخص.
ولا يحتاج المتضررون من زلزال فجر الاثنين 6 فبراير/شباط في جنوبي تركيا وشمالي سوريا إلى المساعدات الإنسانية فقط، المتمثلة في الملابس والأغذية والتدفئة، بل أيضًا إلى إسعافات نفسية عاجلة تساعدهم على تجاوز الصدمة الهائلة.
ومن المرجح ألا يملك أي من الناجين -صغارًا وكبارًا- الصلابة النفسية لتحمّل صدمة كهذه، إذ فقد بعضهم عائلته بأكملها وفقد آخرون أفرادًا منها، في حين أصبح ناجون بلا أطراف أو بعاهة سترافقهم ما تبقى من حياتهم، ولا يقل الوضع تأزّمًا عند من بات في العراء ورأى منزله قد تحوّل إلى كوم ركام.
"المرحلة الحادة”
وقال الدكتور مأمون مبيض استشاري الطب النفسي، لبرنامج (المسائية) على الجزيرة مباشر، إن الناجين من الزلزال ما زالوا في "المرحلة الحادة” بعد مرور 10 أيام، موضحًا أنهم يعيشون حالة الصدمة والذهول وعدم استيعاب ما حدث، ويختلف ذلك بدرجات من شخص إلى آخر.
وأفاد الاستشاري النفسي الذي رافق وفد الهلال الأحمر القطري إلى الشمال السوري، وقد تعامل سنوات مع ضحايا الزلازل في دول عدة، بأن من فقدوا ذويهم أو أطرافهم في الزلزال يميلون في الفترة الأولى إلى "الإنكار”، لأن نفسياتهم لا تتحمل الألم الذي وقع عليهم.
وأوضح الدكتور مأمون أن الناجين من الزلزال بحاجة في الفترة الحالية إلى القوت والغطاء والتدفئة، مما سيُشعرهم ببعض الاستقرار، ليبدأ بعده ظهور الأعراض النفسية جراء الصدمة.
وقال الاختصاصي النفسي وفقًا لتجاربه السابقة مع ضحايا الزلازل، إنه بعد مرور الأشهر الأولى من الفاجعة تبدأ القوافل الإغاثية في المغادرة، ويشعر المتضررون أنه تُركوا مجددًا وحدهم لمواجهة مصيرهم، مؤكدًا ضرورة تخصيص الدعم النفسي الطويل الأمد لهم.
"الجرح الطري” وما بعد الصدمة
وتحدّث الطبيب عن تراكم المآسي، قائلًا إن من يعيشون في الشمال السوري جرّبوا قبل الزلزال التهجير والفقدان والقصف والنزوح والفقر، إلا أن صدمة الزلزال قد تكون أشد وقعًا عليهم.
وأوضح الدكتور مأمون للمسائية أنها قد تسبب أمراضًا نفسية بعد مرور المرحلة الحادة، التي شبّهها بـ”الجرح الطري”، وبعدها قد يصاب الشخص بالاكتئاب أو الرهاب أو الإجهاد النفسي ما بعد الصدمات، وتكون الأعراض اضطراب النوم وفقدان الشهية والقلق والتوتر المستمر.
وتقترب حصيلة قتلى الزلزال في تركيا وسوريا من 40 ألفًا مع انتشال المزيد من الجثث من تحت أنقاض المباني المدمرة في البلدين، مع استمرار محاولات العثور على ناجين لليوم العاشر منذ وقوع الكارثة.
وبلغ عدد ضحايا الزلزال المدمر في تركيا 35418 قتيلًا و105505 مصابين. وفي سوريا، وصل العدد في مناطق النظام إلى 1414 قتيلًا و2357 مصابًا، في حين ارتفع العدد في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة بالشمال السوري إلى 2274 قتيلًا وأكثر من 12400 مصاب.
وتمكنت فرق البحث والإنقاذ من انتشال العديد من العالقين تحت الأنقاض في مدن تركية عدة، لكن الآمال في العثور على المزيد من الناجين تتراجع، في حين أعلن الدفاع المدني في الشمال السوري (الخوذ البيضاء) انتهاء عمليات الإنقاذ في شمال غربي البلاد.