بعد التراجع عن طرح مشروع قرار.. بيان أممي يندد بالتوسع الاستيطاني وواشنطن تصفه بالمهارة الدبلوماسية
أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بيانا رسميا أمس الاثنين، ندد فيه بخطة إسرائيل التوسع في المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد دعمت الولايات المتحدة البيان، بينما وصفته إسرائيل بالانحيازي، وذلك بعد التراجع عن طرح مشروع قرار يطالب بوقف فوري للاستيطان.
وقال البيان إن "مجلس الأمن يكرر التأكيد على أن استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية يهدد بشكل خطير إمكانية حل الدولتين على أساس حدود 1967″، وأضاف أن "مجلس الأمن يعبر عن القلق البالغ والاستياء إزاء إعلان إسرائيل في 12 فبراير/شباط".
كما أكد "معارضته لجميع الإجراءات الأحادية الجانب التي تعرقل السلام، ومنها بناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية ومصادرة الأراضي الفلسطينية وإضفاء الشرعية على المستوطنات وهدم مساكن الفلسطينيين وتهجير الفلسطينيين المدنيين".
وكان مشروع القرار الذي اطلعت عليه رويترز سيطالب إسرائيل "بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة على الفور وبشكل كامل". وتحتاج القرارات إلى موافقة 9 أعضاء في المجلس، مع عدم استخدام أي من الأعضاء الدائمين (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا) حق النقض.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسي قوله إن مشروع القرار سُحب بعد محادثات بين الفلسطينيين والأميركيين.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الاثنين إن إسرائيل لن تسمح بإنشاء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة في الأشهر المقبلة.
وكانت الحكومة الائتلافية الدينية القومية الإسرائيلية منحت في 12 فبراير/شباط تفويضا بأثر رجعي لتسع مواقع استيطانية أقيمت دون تصريح من الحكومة، مما أثار غضب الفلسطينيين الذين يطالبون بأراضي الضفة الغربية لإقامة دولتهم.
الدعم الأميركي
وجاء دعم واشنطن -وهو أول تحرك ضد حليفتها تل أبيب منذ 6 أعوام- لبيان رئاسة المجلس، بعد أن قالت الإمارات العربية المتحدة إنها لن تطرح مشروع قرار أقوى بهذا الشأن للتصويت، وهي خطوة كان من الممكن أن تدفع الولايات المتحدة إلى استخدام حق النقض (الفيتو).
وأشارت الإمارات لنظرائها في مجلس الأمن الأحد إلى وجود "محادثات إيجابية بين الشركاء".
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد لمجلس الأمن إن الولايات المتحدة تعارض خطط إسرائيل الاستيطانية المعلنة في 12 فبراير/شباط.
وأضافت "هذه الخطوات الأحادية الجانب تفاقم التوترات. إنها تضرّ بالثقة بين الأطراف، إنها تقوض آفاق حل الدولتين الخاضع للتفاوض. الولايات المتحدة لا تدعم هذه الإجراءات وكفى".
ووصفت غرينفيلد بيان مجلس الأمن بأنه "مهارة دبلوماسية حقيقية"، تظهر مدى جديته "في التعامل مع هذه التهديدات التي تواجه السلام".
وقالت "انضمت الولايات المتحدة إلى الأعضاء الآخرين في هذا المجلس في مطالبة كل من الإسرائيليين والفلسطينيين بأخذ خطوات ملحة وضرورية لاستعادة الهدوء وتحسين نوعية الحياة لشعوبهما".
وكانت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما قد امتنعت في ديسمبر/كانون الأول 2016 عن التصويت في مجلس الأمن على قرار يطالب إسرائيل بوقف بناء المستوطنات، لكنها لم تستخدم الفيتو لمنعه.
أما منظمة هيومن رايتس ووتش، فقالت إن "إعلان اليوم مفيد رغم مضمونه المخفف تحت ضغط الولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أنه بعيد كل البعد عن الإدانة الصارخة التي يستحقها الوضع الخطير".
تنديد إسرائيلي
من جهتها، نددت إسرائيل ببيان مجلس الأمن الدولي عن المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، معتبرة أنه "أحادي الجانب" وينكر الحق "التاريخي" لليهود.
وأفاد بيان لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن البيان "يتجاهل الاعتداءات الإرهابية الفلسطينية في القدس، والتي اغتيل فيها 10 مواطنين إسرائيليين" في الأسابيع الأخيرة، ورأى أنه "ما كان ينبغي أبدا للولايات المتحدة أن تؤيد" هذا النص.
من جانبه، ندد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان بقرار مجلس الأمن.
وقال "كان يجدر أن يخصص اجتماع اليوم بكامله للإسرائيليين الأبرياء الذين قتلوا أخيرا"، قبل أن ينهض ويقف دقيقة صمت من دون أن يجاريه أي من أعضاء الوفود الحاضرة.
المواقف الفلسطينية
وعن الموقف الفلسطيني، سئل السفير لدى الأمم المتحدة رياض منصور عن شعوره بخيبة أمل، فأجاب أن المهم التوصل إلى "موقف موحد" من المجلس.
وصرّح السفير الفلسطيني للصحفيين بأن "عزل طرف يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح".
بدوره، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف إن القيادة الفلسطينية اعتبرت أن البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن الاستيطان الإسرائيلي لم يلبِّ تطلعاتها.
ولم يؤكد أبو يوسف أو ينفِ وجود اتفاق فلسطيني إسرائيلي برعاية أميركية، بشأن تأجيل التصويت في مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار صاغته الإمارات بالتوافق مع فلسطين، يدين الاستيطان الإسرائيلي.
من جانبها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن بيان مجلس الأمن يعبّر عن هشاشة وضعف الموقف الدولي من جرائم الاحتلال وسياساته الاستيطانية المتواصلة.
وأضافت الحركة، في بيان: نستهجن ذهاب مجلس الأمن إلى إصدار بيان بدلا من قرار يدين جرائم الاحتلال ضد شعبنا، ويدين سياساته الاستيطانية.
ودعت المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات عملية رادعة ضد الاحتلال وسياسته الاستيطانية.
وكانت السنوات الماضية شهدت ارتفاعا ملحوظا في أعمال الاستيطان، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة أن حكومته ستعطي دفعة أكبر للاستيطان.
ويتوزع نحو 725 ألف مستوطن في 176 مستوطنة كبيرة و186 بؤرة استيطانية عشوائية بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، بحسب بيانات لهيئة شؤون الاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وبموجب القانون الدولي، تعتبر جميع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة "غير شرعية"، وقالت الأمم المتحدة إن توسيعها "ينتهك" قانون حقوق الإنسان.