"دار السلامة".. مسنون وذوو حاجات خاصة رهائن الحرب والزلازل شمال سوريا
جو 24 :
على وجه السرعة، هرع مساء الاثنين الماضي معظم نزلاء "دار السلامة" للمسنين -قرب مدينة أعزاز في ريف حلب- نحو الشارع، بعد الزلزال الجديد الذي ضرب جنوب تركيا وشمالي سوريا، مثيرًا الرعب في قلوب المسنين وذوي الحاجات الخاصة الذين يسكنون الدار التي باتت الملاذ الأخير لهم.
ومع أن أعزاز السورية ظلت بمنأى عن تداعيات الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 فبراير/شباط الجاري، فإن المدينة اهتزت بشدة جرّاء الزلزال الذي ضرب ولاية هاتاي التركية مساء الاثنين الماضي 20 فبراير/شباط الجاري، وبات سكانها في حالة خوف وترقب شديد من إمكان تكرار الهزات الأرضية، ومنهم نزلاء الدار الذين تقطّعت بهم السبل منذ بدء الحرب في البلاد في مارس/آذار 2011.
ويقول مدير "دار السلامة" نزار نجار إنه والعاملين قاموا على عجل بإخراج النزلاء المسنين لحظة الزلزال، فخرجوا وهم يكبّرون ويتلون آيات من القرآن الكريم، فيما بقي داخل الدار المصابون بأمراض الشلل والإعاقات الجسدية التي تمنع التنقل والحركة.
ريف حلب - يحصل المسنون في الدار على وجبات الطعام وتقديم الرعاية الصحية من قبل الإدارة (الجزيرة)
المسنون في "دار السلامة" يحصلون على وجبات الطعام والرعاية الصحية من قبل الإدارة (الجزيرة)
ويوضح نجار، في حديثه إلى "الجزيرة نت"، أن بناء الدار مشيد بطريقة معمارية بسيطة، ومن دون أي أساسات ودعائم، وعلى سطحه مستلزمات النزلاء من المياه ووقود التدفئة، محذّرًا من إمكانية انهياره على وقع أي هزة قوية قد تشهدها المنطقة مستقبلاً.
ويشير إلى أن النزلاء عادوا إلى أسرّتهم بعد هدوء الزلزال وقيامه مع العاملين بتهدئة روع المسنين وطمأنتهم باستقرار الحال، فيما ظل الذعر والخوف مسيطرًا عليهم.
نكران الأهل
وعلى الرغم من نجاة نحو 40 مسنًّا من نزلاء "دار السلامة" وآخرين من ذوي الحاجات الخاصة من الحرب السورية وويلاتها المستمرة منذ نحو 12 سنة، فإن الزلزال المدمّر الذي ضرب شمال البلاد بات يهدد حياتهم ويثير مشاعر الخوف والرعب لديهم.
وتضم الدار معتقلين سوريين سابقين وأطفالاً -تخلى عنهم ذووهم- ومصابي حرب وحالات إعاقة، تجمعهم المحنة السورية، فيما يؤرقهم على الدوام نكران الأهالي والأقرباء، بالإضافة إلى نزلاء عرب من دول فلسطين ولبنان والعراق بحسب نجار.
ساعات الزلزال العصيبة
وعقب زلزال الاثنين، يحاول المسن السوري نجم الدين أن يتمالك نفسه من خلال محاولة الاسترخاء والنوم على سرير داخل الدار، مستذكرًا الساعات العصيبة التي مرّ بها من دون القدرة على الحركة أو الهروب. وكان الرجل القادم من ريف حلب إلى الدار منذ 5 سنوات، والمصاب بشلل رباعي، تخلت عنه زوجته وهاجر أشقاؤه إلى خارج البلاد جراء الحرب والصراع الدموي، وبات وحيدًا يكابد آلام النفس والجسد.
يقول نجم الدين لـ"الجزيرة نت" إنه يرى في الدار وكادره أسرته الجديدة بعد تعرّضه للنكران من أشد المقربين له إثر إصابته بالشلل، مضيفًا أنه يحصل في الدار على جلسات علاج فيزيائي، على أمل أن يتماثل للشفاء يومًا ما.
ويلفت إلى أن إدارة الدار نجحت في الوصول إلى ولديه المقيمين في شمال شرقي البلاد واستقدامهما للعيش قربه في إحدى دور الأطفال في ريف حلب، بعد فراق طويل بسبب الانفصال عن زوجته.
فقدان الذاكرة
تختصر قصص نزلاء "دار السلامة" المأساة السورية المستمرة أخيرًا بكارثة الزلزال، فيما يرى مدير الدار أن أشد القصص وقعًا في النفوس حال الشاب السوري مالك حبيب مرقص الذي أوصله أصحاب الخير إلى الدار فاقدًا ذاكرته بعد ترحيله من تركيا نحو الأراضي السورية.
ويوضح نجار أن أحدًا لم يتعرّف على الشاب مرقص منذ قدومه إلى الدار، لافتًا إلى أنه يخضع لعلاج نفسي في أحد المستشفيات القريبة جراء معاناته من اضطرابات حادة.
المصدر : الجزيرة