العلاقات الأسرية على الشاشة.. لإخماد الحرائق أم لإذكائها؟
جو 24 :
تركز الدراما المصرية منذ سنوات على المشكلات الاجتماعية والعلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة والأزمات التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.
وعرضت الدراما أشكالاً متعددة من الأزمات الأسرية؛ ما بين الأب وابنه والأم وابنتها، والأخوة فيما بينهم، بسبب المواريث وصراعات الحياة اليومية.
ودخلت الدراما في أدق التفاصيل الحياتية، وتحدثت عن الخيانة الزوجية وتعدد العلاقات والعلاقات المحرمة، وغيرها من النقاط الحساسة التي لم تكن الدراما تتناولها من قبل.
هل تنقل الدراما نبض المجتمع ومشكلاته أم تصدّر مشكلات غير موجودة في المجتمع؟ وما تأثير عرض هذه المشكلات على شاشات التليفزيون؟. "العين الإخبارية" تواصلت مع عدد من المختصين للإجابة عن هذه التساؤلات.
مبالغات فجة
يقول الدكتور أحمد الباسوسي، استشاري العلاج النفسي وعلاج الإدمان في مصر، إن موجة الدراما الأسرية، خصوصاً المعروضة على المنصات الإلكترونية، انطلقت بعد نجاح مسلسل "أبوالعروسة" (إنتاج 2017، 3 أجزاء)، ما فتح شهية صناع المحتوى الدرامي لتكرار هذه الأعمال المربحة اقتصادياً، والناجحة جماهيرياً.
ويضيف الباسوسي لـ"العين الإخبارية" أنه تابع مثلاً مسلسل "وبينا ميعاد" (إنتاج 2023، بطولة شيرين رضا وصبري فواز)، فوجده لم يكن على المستوى المأمول بالنسبة للأسرة، ويتضمن مبالغات فجّة في الأحداث، وعلاقات غير سوية بين الأبناء والآباء لا تعكس الصورة الواقعية للأسر في هذه الظروف.
ويتابع أن القيم التي يروّج لها من أنانية الأولاد والصدامات غير المنطقية بين الأخوة غير مستساغة من المشاهدين المنوط بهم هذا الخطاب والرسالة.
ويختم الباسوسي: "في المجمل يجب أن تناسب هذه الأعمال جيل المشاهدين الحالي وظروفهم وواقعهم حتى يتفاعلوا معها بإيجابية وتمرر لهم الرسالة المطلوبة".
طبق رئيسي
وتقول الدكتورة شاهندة عاطف، مدرس الصحافة في كلية الإعلام- جامعة بني سويف المصرية، إن وجبة الدراما الاجتماعية تعد طبقاً رئيسياً على مائدة رمضان، لأن الجماهير تميل إلى الدراما المواكبة للأحداث في مختلف المجالات سواء الاقتصاد أو الاجتماع أو الثقافة، فالناس تحب أن ترى مشكلاتهم الأسرية الجديدة على الشاشات.
وتضيف عاطف لـ"العين الإخبارية" أن الدراما المصرية تناولت في الآونة الأخيرة مشكلات العصر المتعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي والهواتف وعلاقتها بالحياة الاجتماعية، في مسلسلات مثل "حكايات جروب العائلة، حكايات جروب الدفعة، نصيبي وقسمتك، ليه لأ، وإلا أنا".
وترى أن هذه المسلسلات لا تحل الصراع ولا تزكيه، وإنما هي تقوم بعملية توصيف أو إلقاء ضوء أو لفت نظر لقادة المجتمع حول هذه الظواهر.
وتثمن عاطف توجه الدراما نحو قضايا المسنين والأطفال وذوي الهمم والتبني والمرأة المعيلة، وهذه موضوعات جذابة ولها جماهيرية، لأنها بعيدة عن الأفكار المستهلكة.
الهدم أسهل من البناء
من جانبها تقول إسراء رفعت، الباحثة في الشؤون الاجتماعية، إن الدراما تقدم حلولاً لبعض المشكلات لكنها لا تصلح للواقع.
وتوضح رفعت لـ"العين الإخبارية" أن حلول الدراما يرفضها الناس في الواقع، فمثلاً تقدم الدراما علاجاً للمشكلات بين الأبناء والآباء بالحوار، لكن الأولاد إن حاولوا فتح حوار مع بعض آبائهم فقد يكون الرد: "سيبك من كلام المسلسلات ده".
وتضيف أن الدراما التي تقدم إصلاحاً للأخلاق والسلوكيات لا تؤثر في كثير من الناس، لأن غالبيتهم يشاهدون المسلسلات بغرض التسلية، لكنهم في المقابل قد يتأثرون بأي قيم تهدم الأسرة والأخلاق، لأن الهدم أسهل من البناء.