رسالة الى من يهمه الامر: تحوّطوا من مكاتب استقدام عاملات المنازل!
جو 24 :
تقرير خاص -
في الأردن، لا يكفي المرء أن يدفع الأموال من أجل تسيير شؤون حياته، بل على العكس تماما؛ يمكن أن تدفع الأموال للحصول على خدمة فتتحول هذه الخدمة إلى مصيبة وكارثة لا تخرج منها إلا بأضرار بالغة، ودون أن يكون لك أي ذنب سوى أن أحدهم يريد أن يحقق الثراء الفاحش في أسرع وقت، مستغلا بذلك الثغرات في القوانين والتشريعات، وتابوهات المجتمع الأردني!
مؤخرا، تداولت وسائل الإعلام خبرا حول قرار مدعي عام شرق عمان توقيف صاحب مكتب استقدام عاملات (15) يوما بعد توجيه جناية الاتجار بالبشر له، فيما تشير حيثيات القضية إلى أن "صاحب المكتب بعد احضاره مجموعة من عاملات المنازل البنغاليات وتوزيعهنّ على عائلات أردنية، قام بالتواصل معهنّ عبر وسيط ليقنعهنّ بالهرب، وبعد تأمينهنّ بسكن في مناطق شرق عمان، بدأ باستغلالهنّ عبر تشغيلهنّ بنظام المياومة ومقابل (30) دينارا يوميا تأخذ العاملة منها (5) دنانير ويذهب باقي المبلغ لصالح صاحب المكتب غير المرخص".
هذه الحادثة بكلّ تفاصيلها، هي جزء يسير من المخالفات الجسيمة التي يشهدها قطاع "عاملات المنازل"، فهناك ظاهرة جديدة عانت وتعاني منها عائلات أردنية كثيرة، حيث ابتكر بعض أصحاب المكاتب -ربما غير مرخصين- أسلوبا جديدا لاستعادة العاملات اللاتي جيء بهنّ إلى الأردن غير التهريب من منزل صاحب العمل، نظرا للتبعات القانونية التي ستلحق بها وربما بالمكتب.
يقوم الأسلوب الجديد على اقناع العاملة بالعودة إلى مكتب الاستقدام بعد انقضاء فترة الأمان التي تُلزم صاحب المكتب بتعويض صاحب العمل في حال هروب العاملة أو امتناعها على العمل، ولدى مراجعة صاحب العمل المكتب يجري ابلاغه أن "العاملة تتعرض للضرب والتعذيب من قبل زوجة صاحب العمل أو ابنته أو كليهما"، وإذا حاول صاحب العمل انكار ذلك يتمّ دفع العاملة لتقديم شكوى لدى المركز الأمني بعد تأمينها بتقرير طبي!
يستغلّ هذا النفر من أصحاب مكاتب الاستقدام طبيعة المجتمع الأردني المحافظ والحريص على حماية زوجته وبناته من التوقيف ولو ساعات داخل المركز الأمني لعرضها على المدعي العام، حيث يقوم بالتواصل مرّة أخرى مع صاحب العمل من أجل عدم ملاحقة العاملة مقابل اسقاط الشكوى، فإما أن يستجيب أو تظلّ الزوجة والابنة ملاحقة أو موقوفة لدى المركز الأمني دون حول لهنّ ولا قوة!
الاردن24 رصدت خلال الأيام القليلة الماضية حالتين تعرّض فيهما أصحاب العمل لتجربة مؤلمة ومروعة دفعتهم للتنازل عن حقوقهم، ففي إحداها كانت زوجة وبناتها الثلاث موقوفات لدى المركز الأمني بتهمة تعذيب عاملة، أما الثانية فقد تمكّن الزوج من تكفيل زوجته بعد الحصول على تقرير طبي يفيد بأن العاملة كانت تعنّف الأطفال، والجدير بالذكر أن صاحب العمل في هذه الحالة لا يستطيع أن يدافع عن نفسه ولا أن يثبت عدم قيام زوجته بضرب وتعنيف العاملة المستقدمة بعد حصولها على تقرير طبي، حتى وإن كان التقرير الطبي يفيد بعدم وجود آثار ضرب وتعنيف وأن حالتها سليمة، وهذا اجراء غير مفهوم من قبل المراكز الأمنية. كما لا يستطيع صاحب العمل أن يثبت تورّط صاحب مكتب الاستقدام بهذه القضية رغم أن صاحب العمل يلاحظ حماسة واستماتة مكتب الاستقدام في الدفاع عن العامل وقيامه بالاتصال بصاحب العمل وقوله إن العاملة مستعدة للتنازل عن القضية في حال التنازل عن كافة حقوقه دون مقابل؟!
القضية التي نشرتها قناة رؤيا عززت تلك القناعات ودفعت أصحاب العمل لكشف معاناتهم والتأكيد على أن هناك من يستغل الثغرات في التشريعات القائمة ويقوم بابتزاز الأسر وسرقتها.
الهدف من كلّ ذلك هو استقدام المكتب عاملات دون دفع رسم الاستقدام المقدّر بـ(2000) دينار، ثمّ الاستفادة من العاملة عبر تشغيلها بنظام المياومة أو في مجالات أخرى غير العمل في المنازل، وتحقيق الثراء الفاحش من وراء ذلك.
ولدى تواصل الاردن24 مع وزارة العمل، كشف مدير مديرية العاملين بالمنازل في الوزارة فايز الجبور عن نظام تقوم الوزارة على إعداده من أجل حماية المواطن -صاحب العمل- مؤكدا في ذات السياق أن الوزارة تدرك حجم وطبيعة المشكلة الجديدة.
وقال الجبور لـ الاردن24 إن "الوزارة تعي تماما حجم المشكلة، وتقوم بمتابعة كافة الشكاوى في هذا السياق، كما أنها تدرك حجم الخسائر على المواطنين، حيث تمّ سحب تراخيص مكاتب واغلاق عدة مكاتب، واتخاذ اجراءات بحقّ أخرى".
ولفت الجبور إلى أن القانون منح المواطن فترة تجربة (3) أشهر، يكون المكتب خلالها مجبرا على تأمين العائلة بعاملة أخرى في حال هربها أو امتناعها عن العمل، أو دفع مستحقات صاحب العمل خلال (14) يوما من تاريخ المطالبة.
وأضاف الجبور أنه وبعد فترة الأمان، تكون المكاتب غير مسؤولة عن العاملة، وبهذه الحالة المواطن هو من يتحمل المسؤولية، مشيرا إلى أن الوزارة تقوم حاليا بإعداد نظام للتأمين يحمي المواطن، بشرط أن لا تكون العاملة قد تعرضت للمعاملة السيئة من قبل أصحاب المنزل أو أحد الأفراد المسجلين بدفتر العائلة.
وبيّن الجبور أن أسباب الهروب بالعادة تكون متعددة؛ منها المنزل نفسه حيث يتم تشغيلها بأكثر من منزل لنفس الأسرة دون دفع أجر لها، وهذا مخالف للقانون أيضا، وهناك من يريدها أن تعمل 24 ساعة دون راحة، وكذلك عدم توفير الطعام المناسب لها، أو التأخر بدفع الاجر او عدم تحويل المبالغ إلى أسرتها.
وتابع الجبور أنه وفي حال تقديم شكوى من قبل العاملة القضاء، يصبح القضاء هو الفيصل بهذه الحالة والوزارة لا تتدخل إلا بعد صدور القرار القضائي , مؤكدا ان الوزارة لاتعتمد اي شكوى الا بموجب تقرير طبي صادر عن الطبيب الشرعي بان العاملة قد تعرضت للايذاء .
ومن جانبه، قال نائب نقيب أصحاب مكاتب الاستقدام، طارق النوتي، إن النقابة لم تتبلغ بأية شكاوى مشابهة بحقّ المكاتب المرخصة ولم تتعامل مع هذه القضايا، مؤكدا أن القانون يمنع المكاتب من هذه الممارسات.
وأضاف النوتي لـ الاردن24 أن هناك مكاتب أو أشخاص غير مرخصين يقومون بمثل هذه الممارسات ولا علاقة للنقابة أو المكاتب المرخصة بهم، كون عملهم غير قانوني أصلا، لافتا إلى أن القانون يُلزم المكاتب المرخصة باحضار عاملة أخرى خلال فترة الكفالة الواردة بالقانون وهي (90) يوما.
وأشار النوتي إلى أن الشكاوى على أصحاب المنزل في حال الاساءة أو استخدام العنف تحتاج إلى تقرير طبي قضائي قطعي صادر عن الطب الشرعي، منوها أنه لم يرد أي شكاوى بالايذاء خلال فترة الأمان "الأشهر الثلاثة الأولى".