زينة المناسبات وفي مقدمتها شهر رمضان.. إصرار على الفرح في بيوت الأردنيين رغم ضيق الحال
جو 24 :
رغم المشاكل اليومية وضيق الحال فإن الأردنيين يبحثون كالكثير من الشعوب العربية وغيرها عن منافذ للسعادة يخرجون من خلالها من واقعهم المعيشي.
ويستغل الأردنيون أفراحهم بترديد الأهازيج الشعبية المعبرة، وفي مناسباتهم المختلفة -خاصة الموسمية والسنوية مثل شهر رمضان وعيد الأم وحفلات التخرج والأعراس- يرتادون محال الزينة لتزيين منازلهم، سواء بعبارات الفرح أو البالونات أو غيرها من أنواع الزينة.
ومن بين العبارات التي يرددها الأردنيون في زفة العريس "خَش الفرح دارنا.. يا مين يهنينا"، كما أنها تردد أيضا لدى النساء في تجمعاتهن المنفصلة داخل المنازل، وهي بمثابة دعوة صريحة للمشاركة في فرحة عزيزة على قلوب أهل الدار.
طرق الفرح في المناسبات ثقافة تختلف من دولة إلى أخرى، لكنها في محصلة الأمر تعطي الإنسان ما يبحث عنه ليجلي ما في قلبه من هموم، وينفض غبار التعب والمشقة، ويدخل إلى نفسه السعادة حتى لو كان واقع معيشته ضيق الحال.
"رمضان كريم"، "في بيتنا بيبي" (في بيتنا مولود جديد)، "في بيتنا عريس"، "في بيتنا خريج"، وغيرها من العبارات الأخرى تزين مداخل بيوت الأردنيين في أسلوب أراد به أصحابها أن يظهروا لزائرهم طبيعة المناسبة التي أدخلت الفرح إلى قلوبهم.
أما ألوان البالونات فاللون الزهري يدل على أن المولود أنثى، واللون الأزرق للذكر، فضلا عن أحرف اسم المولود التي تعلق على جدران الغرف الداخلية.
أشكال وطقوس مختلفة للتعبير عن الفرح باتت أساليب حديثة لدى الأردنيين، ولم تعد تقتصر على الأغنياء كما كانت في السابق، ولكنها أصبحت تنتشر بين عموم الأردنيين، فالفرح ليس حكرا على طبقة معينة.
بدوره، قال حسام أبو هنية (28 عاما) -وهو صاحب أحد المحال التي تعنى ببيع الورود وزينة المناسبات في العاصمة عمّان- في حديثه للأناضول إن "هناك إقبالا كبيرا من الأردنيين على زينة المناسبات، ولكن طبيعة الطلب تعتمد على الظروف المادية لصاحب المناسبة".
وقال هنية "الزينة لدينا متنوعة، الغني يأخذ بقدر ماله، والفقير يأخذ أيضا ولكن الأشياء البسيطة وطبيعة الطلب هي ما تبين ظروف صاحبها".
وأضاف أن "الورود هي الأكثر طلبا للأعراس (حفلات الزفاف)، ثم تأتي بعدها الولادة والتخرج في الجامعات ورأس السنة وعيد الأم، ولكل مناسبة زينتها الخاصة".
وعن العبارات اللاصقة والخشبية، يعتبر هنية أنها "بسيطة وفي متناول الجميع، فأسعارها تتراوح من 3 إلى 5 دنانير (4 -7 دولارات)".
أما أحمد أبو عاشور (18 عاما) المتخصص في أشكال الزينة وتركيبها ويتواصل مع زبائنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقال للأناضول "أكثر الزينة خاصة للتخرج ولأعياد الميلاد والمواليد الجدد بالبالونات الملونة، ونقوم بالكتابة عبر أجهزة مخصصة لهذه الغاية".
وتابع "الزينة داخلية وخارجية، الداخلية منها تكون داخل بيت أو مدرسة أو مستشفى، والخارجية للمحال التجارية ولأبواب المنازل، وعادة ما تكون مصحوبة بكلمة أو عبارة توضح طبيعة المناسبة".
أما سيرين دراج (26 عاما) -وهي إحدى المسؤولات عن إدارة مركز للتجميل بالعاصمة عمّان- فكان لها رأي آخر، إذ قالت للأناضول "إن قيامنا بتجديد الزينة داخل المركز بشكل متكرر يهدف إلى تحسين الحالة النفسية لرواده من النساء والعاملات لدينا أيضا".
واستطردت "في كل المناسبات لدينا زينة مختلفة، الأعياد ورأس السنة وشهر رمضان ومناسبات أخرى، وقد ساهم ذلك في مشاركة زوارنا بآرائهم حول طبيعة ما نقوم به، فبعضهم لا يخفي إعجابه، وآخرون يقدمون بعض المقترحات".
واعتبرت أن "البعض يرى أن ما يقوم به المركز مكلف ماديا، ولكننا نعتقد أن تحسين نفسية الزائر هو أساس النجاح وعامل مهم لاستقطابه، وقد وجدنا بالزينة طريقا لتحقيق ذلك".
رولا عصفور- سيلفي سيرجري- الدكتور حسين محادين الأشخاص الذين يغيرون من أشكالهم من أجل صورة السيلفي بعيدون عن القضايا العامة ولديهم في الغالب نوع من الجفاف الفكري الجزيرة. copy.jpg
بدوره، قال حسين محادين أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الحكومية -في حديثه للأناضول- إن "الأردنيين بطبعهم وبحكم البيئة التي يعيشون في كنفها اعتادوا على مغالبة واقعهم، سواء على الصعيد الاقتصادي أو بانحيازهم الدائم لمعاني الفرح".
وتابع "دورة الحياة من الميلاد إلى الوفاة هي محطات متناوبة أصر الأردنيون خلالها على أن يأخذوا مساحة واسعة من الفرح، سواء في الغناء التراثي من قبيل (شباب قوموا العبوا والموت ما عنوا، والعمر شبه القمر ما ينشبع منو)، ولهذه الثنائية تعابير تعني دائما لدينا كأردنيين الميل إلى الفرح والإقرار بحق الموت".
ويضيف محادين "على الرغم من الظروف الاقتصادية الضاغطة فإن هناك حصة وفيرة من وجدان الأردنيين نحو فرح الميلاد وتبادل التهاني والهدايا، ومشاركة بعضهم بعضا في الأفراح، ولا ننسى طبيعة اختيارهم للألوان الفاتحة لبوابات بيوتهم ولافتات محلاتهم، وحتى حواف شوارعهم الكبرى".
ويقول إن ذلك "ليس بعيدا عن تأثيرات العولمة التي يستثمرها الأردنيون عبر أدوات التواصل الاجتماعي في مختلف المناسبات من توظيف مميز للتكنولوجيا والصور الملونة والحروف المبهجة أثناء تبادلهم التهاني في مناسبات الفرح".
ويعيش الأردنيون أوضاعا اقتصادية صعبة جراء تداعيات الأزمات المحيطة بالمملكة، لكن الفرح بالنسبة لهم لا يقترن بالظروف، فهو قيمة فطرية في الإنسان، ولا يحتاج العيش فيه سوى إرادة دون الالتفات لأي منغصات تحول دون تحقيقه وإتمامه.
المصدر : وكالة الأناضول