كيف تكتشف إن كانت الصور المتداولة على مواقع التواصل وليدة برنامج ذكاء اصطناعيّ؟
شهدت تقنيات الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة تطورات مبهرة جعلت الصور التي تنتجها تبدو شديدة الواقعيّة ورائجة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار تساؤلات حول سبل تمييزها عن الصور الحقيقيّة.
وصحيحٌ أنه حتى اليوم ما من أداة يمكن أن تجزم إن كانت الصورة وليدة برنامج ذكاء اصطناعيّ، إلا أنّ عناصر عدّة قد تُشير إلى استخدام هذه التقنيّة.
إمكانات لا محدودة
تتيح بعض برمجيات الذكاء الاصطناعي، مثل "دال-إي” و”ميدجورني” و”ستايبل ديفيوجن” و”كرايون”، توليد صور بمجرّد إدخال بعض الكلمات المفتاحية باللغة الإنجليزيّة مثل (رائد فضاء يركب حصانًا على كوكب المريخ) حينها سيركّب البرنامج تلك الصورة مستعينًا بقواعد بيانات ضخمة من الصور.
وفيما يلجأ البعض إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ لدواعٍ فنيّة وترفيهيّة أو على سبيل الفكاهة، يعمد البعض الآخر لإنتاج صور مرتبطة بأحداث سياسيّة، ما يجعلها مادّة للتضليل.
وتنتشر هذه الصور على أنّها حقيقيّة، على الرغم من إشارة صانعيها إلى أنّها نتاج برنامج ذكاء اصطناعي.
هل من أداة خاصّة لكشف الصور؟
هناك أدوات عدّة لكشف هذه الصور وأخرى قيد التطوير، إلا أنّ النتائج التي تقدّمها ليست حاسمة، وقد تعطي نتائج غير دقيقة.
ويشرح ديفيد فيشينغر المهندس المتخصّص في الذكاء الاصطناعيّ في جامعة فيينا للتكنولوجيا لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ عمل الذكاء الاصطناعي لا يقوم على مجرّد اقتطاع أجزاء من صورٍ لإعادة تركيبها إذ "يلجأ إلى ملايين بل مليارات الصور لاستخراج بيانات منها، ثمّ يعيد استخدامها لتوليد صورة جديدة تمامًا”.
لهذه الأسباب لا يمكن لمنصّات كشف الذكاء الاصطناعي أن تصل لنتائج حاسمة في هذه المرحلة.
العودة إلى المصدر
بحسب الخبراء، أفضل طريقة لكشف حقيقة الصورة تكمن في العثور على مصدرها الأصليّ.
فالصور التي انتشرت في الآونة الأخيرة على أنّها لتوقيف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، نشرها أولًا إليوت هيغينز، مؤسّس موقع "بيلينغكات” المتخصّص بالتحقيقات باستخدام المصادر المفتوحة على الإنترنت.
وأشار إليوت هيغينز عند نشر الصور في 20مارس/آذارالماضي إلى أنها ليست حقيقية، بل أنّه هو من صمّمها.
وفي الصورة، تظهر وجوه عدد من رجال الأمن مموهة وتظهر أقدام وأذرع شرطيين هنا وهناك بطريقة غير منطقية.
المقارنة بصور موثوقة المصدر
صورة أخرى لاقت رواجًا على مواقع التواصل الاجتماعي زعم ناشروها أنّها تُظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين راكعًا يقبّل يد نظيره الصينيّ خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو.
لكنّ التغطية الصحفية لهذا اللقاء تُظهر أن الصالة التي اجتمع فيها الرئيسان في الحقيقة مختلفة تمامًا عن تلك الظاهرة في الصورة المتداولة، ما يثير الشكوك حول صحّتها، فعلى الصورة المزيفة يظهر عامود في القاعة مكسور، وبعض الكراسي غريبة الشكل، ورأس فلاديمير بوتين كبير بشكل غير اعتيادي.
تحليل الصورة
لكنّ هذه العلامات يمكن إزالتها بسهولة. عدا عن أنّ البرامج الأخرى لا تترك في الأصل علامات.
ومن العناصر الأخرى التي يصعب على برمجيات الذكاء الاصطناعي أنّ تقلّدها: الشعر والأسنان والنظّارات الشمسيّة، إذ تظهر أحيانًا وكأنها ذائبة على وجه الأشخاص.
وينصح فينسنت تيراسي، أحد مؤسسي شركة "درافت آند غول” الناشئة، بالتحديق بالظلال والمرايا وانعكاس الأشكال على المياه في الصور، لأن ذلك قد يُظهر وجود عناصر غير منطقية تشير إلى أن الصورة وليدة برنامج ذكاء اصطناعي، داعيًا للتركيز خصوصًا على خلفية الصورة، فكلمّا ابتعدت العناصر عن وسط الصورة تزيد نسبة تعرّضها لتشوّهات، كما يقول.
في هذا الإطار، تحذّر الأستاذة في جامعة فريديريك -2 في نابولي والمتخصصة في الذكاء الاصطناعيّ أناليزا فيردوليفا من أنّ برمجيات الذكاء الاصطناعي تتحسّن يومًا بعد يوم، ويجب ألّا نركن فقط إلى هذه الأخطاء التي تظهر حاليًا.