انتخابات 2018 و2023.. هل تغيرت الخريطة السياسية بين أردوغان والمعارضة في تركيا؟
جو 24 :
تترقب تركيا جولة إعادة الانتخابات الرئاسية نهاية مايو/أيار الجاري، للحسم بين الرئيس رجب طيب أردوغان ومنافسه كمال كليجدار أوغلو، إذ لم يحصل أي منهما على النسبة المطلوبة 50%+1 من الأصوات.
ونستعرض في هذا التقرير المشهد السياسي الحالي بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي انعقدت الأحد الماضي، ونقارنها بالانتخابات السابقة عام 2018، لمعرفة كيف تغيرت أصوات الرئيس أردوغان وحزبه العدالة والتنمية أمام أصوات مرشحي وأحزاب المعارضة.
كيف تغيرت أصوات أردوغان بين 2018 و2023؟
في انتخابات عام 2018، حصل الرئيس أردوغان على 52.59% بما يزيد على 26 مليونا و330 ألفا، وتمكن من حسم الجولة الأولى لصالحه، وبينما زادت أصواته الآن لتتجاوز 27 مليونا و88 ألفا انخفضت نسبته إلى 49.51%.
ويفسر ذلك زيادة العدد الإجمالي للناخبين وارتفاع نسبة المشاركة داخل البلاد مقارنة بالعام ذاته.
****داخليه**** مقاعد 2018 و 2023
رسم توضيحي لمقاعد البرلمان في عامي 2018 و2023 (الجزيرة نت)
لماذا انخفضت نسبة أردوغان إلى ما دون 50%؟
من جهته، يرى رئيس مركز "أورسام" للدراسات التركي أحمد أويصال أن هذه النتيجة "نجاح لأردوغان في ظل تبعات فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا، فضلا عن الزلزال الذي ضرب تركيا قبل 3 أشهر".
وفي حديث للجزيرة نت، قال أويصال إن "أردوغان المتصدر وهو الأقرب للفوز في الجولة الثانية، إذ يحتاج 0.5% فقط، رغم تحالف أكثر من 10 أحزاب معارضة ضده"، مشيرا إلى أن التحدي الأكبر هو زيادة نسبة مشاركة أنصار كل طرف".
في المقابل، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي فائق بولوت إن نسبة أردوغان انخفضت بسبب المشكلات الاقتصادية ومشكلات حقوق الإنسان وانقسام التيارات السياسية (القومية المحافظة والمتدينين واليسار) بين المرشحين.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف بولوت أن "هذه رسالة من الشعب لأردوغان بضرورة حل مشكلات الاقتصاد ورفع الأجور".
ما وزن أصوات كليجدار أوغلو مقارنة بأصوات مرشحي المعارضة عام 2018؟
حصل كليجدار أوغلو في الجولة الأولى على 44.88% بوصفه مرشحا واحدا عن تحالف الأمة (المعارض) مع دعم أيضا من الأكراد.
أما عام 2018، فتنافست المعارضة على الرئاسة بـ5 مرشحين منفصلين، أبرزهم محرم إينجه عن حزب الشعب الجمهوري آنذاك، وميرال أكشينار عن حزب الجيد، وصلاح الدين دميرطاش عن حزب الشعوب الديمقراطي (أكراد)، إذ حظوا بنسب 30.64% و7.29% و8.40% على الترتيب.
وبالمقارنة مع 2018، يتضح أن نسبة كليجدار أوغلو أقل من مجموع نسب مرشحي المعارضة في 2018، وعزا أويصال ذلك إلى أنه "لم يكن مرشحا توافقيا، فحتى أكشينار قاطعت التحالف فترة".
وحول المقارنة بالوضع الآن، أفاد أويصال بأن "المعارضة الآن داخل تحالف أوسع، وكانوا يتوقعون حتى الفوز في الجولة الأولى لكن لم يستطيعوا ذلك؛ وهو ما أصابهم بالإحباط".
في حين أكد المحلل بولوت أن أصوات كليجدار أوغلو ارتفعت في هذه الانتخابات لكونه داخل تحالف الأمة، كما أن أردوغان خسر أصواتا في منطقة البحر الأسود ووسط الأناضول.
هل استفادت المعارضة بتقديم مرشح واحد؟
يرى أويصال أن كليجدار أوغلو فعل المستحيل ليجمع هذه النسبة، ومن الصعب أن يعوض هذه الفجوة بينه وبين أردوغان.
بدوره، قال بولوت إن المعارضة لم يكن لديها خيار آخر، لكن انسحاب ميرال أكشينار وعودتها ترك انطباعًا سلبيًا؛ وهو ما أثر على أصوات كليجدار أوغلو، معتقدا أن المعارضة لو كانت طرحت مرشحًا آخر لربما كان سيحصل على أصوات أكثر، مثل أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول.
ويتفق معه أويصال الذي يرى أن إمام أوغلو كان بديلًا أفضل، مضيفًا أن كليجدار أوغلو فرض نفسه كبديل، لكن عنده مشكلة الهوية لأنه علوي من أصول كردية.
كما ذكر بولوت أن هناك فارق 5.5% بين كليجدار أوغلو وأردوغان، وعلى زعيم المعارضة تقييم أداء حملته الانتخابية والتعبئة العامة لأنصاره لكي يفوز بجولة الإعادة، إذ إن شريحة من قاعدة الأحزاب المتحالفة معه قاطعت الانتخابات أو لم تصوت له.
حظى تحالف الجمهور، الذي يضم أحزاب "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" و"الرفاه من جديد" و"الدعوة الحرة (هدى بار)" (أكراد)، بالأغلبية في البرلمان بإجمالي 323 مقعدا من 600، منها 268 للعدالة والتنمية، و50 للحركة القومية، و5 للرفاه من جديد، وفق أحدث إحصاءات وكالة الأناضول الرسمية.
في المقابل، في تحالف الأمة، حصل حزب الشعب الجمهوري على 169 مقعدا، تشمل أحزاب "السعادة" و"المستقبل" و"الديمقراطية والتقدم (ديفا)" المتحالفة معه، في حين نال حزب "الجيد" منفردا 43 مقعدًا.
وبالنسبة إلى تحالف العمل والحرية، حصل حزبا "اليسار الأخضر" و"العمال التركي" على 61 مقعدًا و4 مقاعد على الترتيب.
انخفضت مقاعد حزبي "العدالة والتنمية" و"اليسار الأخضر" (أكراد)، وكان الأخير مشاركا في الانتخابات السابقة تحت اسم "الشعوب الديمقراطي"، في حين زادت مقاعد أحزاب "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية" في 2023.
وحول زيادة مقاعد الحركة القومية، أشار أويصال إلى ذهاب أصوات من العدالة والتنمية له، بينما عزا بولوت ذلك إلى "التيار القومي العميق في تركيا، الذي أصبح يحتاجه العدالة والتنمية للوصول إلى الأغلبية البرلمانية".
وبالنسبة لانخفاض مقاعد اليسار الأخضر، فسر أويصال ذلك بأنهم "ركزوا على الأيدلوجية اليسارية بدلًا عن الهوية الكردية ودافعوا عن المثلية؛ فخسروا أصواتا من الأكراد المحافظين"، في حين أرجع بولوت ذلك إلى "طرحه مرشحين ليست لديهم شعبية في صدارة قوائمه وذهاب أصوات من قاعدته للشعب الجمهوري، فزادت مقاعد الأخير".
من ناحيته، يرى أويصال أن "الشعب الجمهوري فقد كثيرا من المقاعد بسبب طرحه لمرشحين من الأحزاب اليمينية المتحالفة معه على قوائمه في سبيل ترشح كليجدار أوغلو؛ وهو ما أثر على شعبية الحزب".
بخصوص انخفاض مقاعد العدالة والتنمية، أفاد أويصال بأن "أمر طبيعي لأن تحالفهم (الجمهور) حافظ على الأغلبية، وذهبت أصوات منه للأحزاب المتحالفة معه، لكنها بقيت داخل الكتلة نفسها، وهذه إستراتيجية ناجحة".
أما بولوت فأشار إلى أن سبب فقدان هذه المقاعد هو "وجود مشكلات اقتصادية وفساد وانخفاض الثقة فيه"، على حد وصفه.
توزيع أصوات البرلمان في الولايات التركية للاستخدام الداخلي فقط
أصوات البرلمان في الولايات تظهر استمرار سيطرة العدالة والتنمية على وسط الأناضول في حين تسيطر المعارضة على الأطراف (الأناضول)
ما الأحزاب التي دخلت البرلمان لأول مرة؟
تمكن حزب الرفاه من جديد، الذي يترأسه فاتح أربكان نجل رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، من دخول البرلمان للمرة الأولى كحزب من التيار المحافظ رغم كونه حديث النشأة، وعزا أويصال ذلك إلى وجوده داخل تحالف "الجمهور".
وجاء ذلك على النقيض من حزب "السعادة"، المنتمي للتيار نفسه والمتحالف مع المعارضة، الذي لم يتمكن من دخول البرلمان عام 2018.
ومن تيار اليسار، حظي حزب "العمال التركي" بمقاعد برلمانية لأول مرة، الأمر الذي فسره بولوت بـ"ذهاب أصوات يسارية في الولايات الغربية لحزب العمال".
المصدر : الجزيرة