الأغنية العراقية بأصوات أردنية: هل من يستمع؟
جو 24 :
تعيش الأغنية العراقية نجاحات كبيرة، ليس على صعيد الأصوات العراقية الكثيرة التي عرفت النجومية في السنوات العشر الأخيرة فقط، بل أيضاً من خلال مجموعة من نجوم الغناء العربي الذين طرقوا باب الغناء العراقي، وحققوا بفضل هذه الأغاني انتشاراً فنياً أوسع، خاصة في ظل ظهور منتجين عراقيين وقنوات فضائية وشركات متخصصة، فصار للأغنية العراقية حصة مهمة في سوق الحفلات، ما أغرى مجموعة من المغنين العرب لتقديم اللون العراقي.
وحتى سنوات قليلة، كان الجمهور العربي لا يعرف من المغنين العراقيين سوى جيلين، الأول هو جيل ناظم الغزالي ومحمد القبنجي ويوسف عمر ومائدة نزهت ولميعة توفيق وأمل خضير وعفيفة اسكندر ورياض أحمد وسعدون جابر وكريم منصور وحسين نعمة وياس خضر، قبل أن تشهد سنوات التسعينيات ظهور جيل آخر، كونته أصوات كاظم الساهر ومحمود أنور وقاسم السلطان وحاتم العراقي وماجد المهندس وهيثم يوسف وعلي العيساوي ورضا العبد الله ومهند محسن وباسم العلي. لكن ثورة التكنولوجيا وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، سهلت وصول أصوات شبابية كثيرة للجمهور العربي، منها وليد الشامي وحسام الرسام وعلي بدر وقيس هشام ورحمة رياض وشذى حسون وسيف نبيل وأصيل هميم وهمام إبراهيم.
وكون الغناء العراقي ظل منطقة مهجورة موسيقياً من الفنانين العرب، عرف المغنون ملحم زين وراشد الماجد وحسين الجسمي وديانا حداد ومحمد عساف نجاحات كبيرة عندما قدموا الأغنية العراقية، على يد ملحنين أخرجوهم من المساحة الفنية التي حصروا أنفسهم بها، ليحضروا ضمن مساحة فنية عربية مفتوحة، أسهمت في زيادة رقعة انتشار الأغنية العراقية كمفردة ولحن.
في الساحة الغنائية الأردنية، كان الفنان عمر العبداللات أول من قدم اللون الغنائي العراقي في أغنية "حيالله هالطول" في تسعينيات القرن الماضي. عرفت الأغنية وقتها نجاحاً كبيراً، لكن المغنين الأردنيين بقوا لسنوات طويلة حبيسي الأغاني الوطنية، مع قليل من الغناء العاطفي. وظلت الأصوات الأردنية رهينة الانتشار المحلي، ولم يلمع عربياً عدا العبداللات (إلى حد ما)، إضافة إلى الأصوات التي عرفتها برامج اكتشاف المواهب الغنائية، مثل ديانا كرزون ونداء شرارة، مع وصول أصوات أخرى مثل زين عوض ويحيى صويص وطوني قطان في مراحل متباعده للجمهور العربي.
أخيراً، مع ازدياد الإقبال على تقديم الأغاني العراقية باعتبارها فرس السباق الرابح، جرب المغنون الأردنيون حظهم في تقديم اللون العراقي، على فترات متباعدة، فقدمت ديانا كرزون أعمالاً مثل "وديني على بغداد" و"وجهك الثاني" و"هيه على الله"، كما قدم يحيى صويص "ما بي حيل"، وغنى طوني قطان "كانت ثواني". لكن ظل نجاح هذه الإصدارات متأرجحاً بين القبول والتجريب، حتى جاء موسم عيد الفطر الماضي، إذ شهد ولادة ثلاث أغان باللهجة العراقية قدمها، كل من عمر العبداللات (سمرة) ونداء شرارة (قلبي يحبك) وزين عوض (يمه يقتل)، وكذلك، بقي انتشار هذه الأغاني محدوداً.
يقول مؤلف الأغاني، مأمون النطاح، إن سبب عدم رواج بعض الأغاني عراقية اللهجة التي قدمها مغنون عرب، يعود لعدم اختيار المفردة التي تلائم أصواتهم بصورة صحيحة. يضيف: "الإخفاق في إتقان اللهجة العراقية يجعل من أغانيهم تمر مرور الكرام من دون أي تأثير".
بدوره، يشير الملحن علي بدر إلى أن اللهجة العراقية يصعب تأديتها من غير الفنانين العراقيين، وأن من يرغب بتقديمها لا بد أن يجيد طريقة الغناء العراقي من خلال حفظ مخارج الحروف وتأديتها بصورة صحيحة، موضحاً أن معظم الأصوات العربية أخفقت في تقديم الغناء العراقي، وأن نجاح أغانيهم كانت بسبب المفردات الجديدة واللحن المبتكر.
يستثني بدر من جميع التجارب التي قدمت الغناء العراقي، ملحم زين وديانا كرزون ومحمد عساف، مؤكداً أن هذه الأصوات تعاملت مع المفردة العراقية بمهارة، كون أصحابها تشربوا اللهجة العراقية وقدموها بصورة صحيحة.