حلمها الصلاة فيه قبل وفاتها.. لبنانية تبيع كل ما تملك لبناء مسجد
"هدية من رب العالمين”.. هكذا تصف اللبنانية فاطمة حمزة مبادرتها لبناء مسجد في قضاء عكار أقصى شمال البلاد، بعد أن باعت كل ما تملك من أجل هذه الغاية.
فاطمة البالغة من العمر 55 عامًا، تعيش في غرفة صغيرة ببلدة "سفينة القيطع” في عكار الريفية، استأجرتها بعد أن باعت كل أملاكها التي حازتها خلال سنوات، لتحقيق غاية بناء مسجد بالمنطقةنفسها.
وتقول فاطمة التي لم تتزوج، إن "الدنيا بالنسبة لها لا تساوي شيئًا”، فجاءتها فكرة بناء مسجد، ومن أجله باعت أملاكها المتمثلة في محال تجارية وعقارات، كانت ورثتها عن أبويها، وزادت عليها من عملها خلال سنوات حياتها.
مهندسة بالفطرة
وشرعت بنفسها في البناء على مدار أربع سنوات، رغم أنها لا تملك أي خبرة في المعمار، إلى أن جاء دور المهندسين، الذين أثنوا على عملها ومتانة الأساسات التي وضعتها، وتقول "لم يكن هناك أي خطأ بنسبة 100%، وكانوا يرددون على مسامعي ما شاء الله”.
وتضيف فاطمة، أن البناء توقّف لفترة بسبب نفاد الأموال التي خصصتها لهذا الغرض، قبل أن تنهال عليها التبرعات لاستكمال بناء المسجد.
وناشدت فاطمة المواطنين بالاستمرار في التبرع، وحفزتهم قائلة إن أولئك "يحبهم الله”، وسينالون "الفردوس الأعلى، وإن الله سيبني لهم قصرًا في الجنة جزاء ما قدموا، وإن الله لا يضيع مثقال ذرة”، واستطردت "هذا بيت الله وهذه أرض الله ونحن عباد الله”.
حلم وحيد
وتقضي فاطمة أوقاتًا طويلة، رفقة مهندسي المشروع، لتتطلع على أدق التفاصيل، ومراحل البناء، والجدول الزمني لإتمامه، وتقول "حلمي الوحيد أن أرى المسجد عامرًا، وأصلي فيه قبل وفاتي”.
تتجول فاطمة بين أعمدة المسجد، ويبهجها المنظر الذي يطل عليه، بما يحتويه من رُبى مُخضَّرة، وأشجار الصنوبر والسنديان، وتُعلق "هذا المنظر يدعو إلى التفكر والتأمل في خلق الله”، وترفع يديها اللتين بدت عليهما آثار سنين من العمل في البناء والزراعة وغيرهما، قائلة إن "هذا عطاء الله”.
يلهج لسان فاطمة بالدعاء، أن تقضي وقتها في الدعوة إلى الله، والصلاة وتعلم القرآن وتعليمه في مسجدها، الذي سيُلحق به دار لتعليم القرآن.
تنتصب عند موقع البناء لافتة تعلوها آية من الذكر الحكيم {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، وتحمل اسم "مسجد الرحمة” إلى جوار اسم السيدة فاطمة التي تقول "إن من يعمل خيرًا سيعطيه الله ثواب الدنيا والآخرة، وعمل الخير لا يؤجل”.