جرش إذ يظلمها المهرجان..
جو 24 :
كتبت النائب السابق د. هدى العتوم -
منذ ثلاثة عقود وأكثر، دأبت الحكومة على إشعال شعلة مهرجان جرش كل صيف، حفلات متنوعة، أنشطة مختلفة تحت اسم الثقافة، وكل ما يجري يتم تحت عنوان واسم مهرجان جرش، فهل عبر المهرجان يوما عن الأردن وأصالته، وعن جرش وعراقتها، هل اهتم المهرجان بواقع الأردنيين عموما وواقع أبناء جرش على وجه الخصوص، هل خاطب المهرجان همومنا أو حقق تطلعاتنا، أليست القصيدة والاغنية التراثية من وسائل التعبير عن واقع البلاد والعباد، ترسم صورة المجتمع وحكاياته وتراثه المجيد ، فهل ما يحدث في جرش حقق جزءا من ذلك ؟!
هل أدى المهرجان رسالة التبادل الثقافي الحقيقي بين الشعوب، هل نقل لنا معارف وعلوما وثقافات الدول، وهل نقل عنا تاريخا وتراثا وقيما إيجابية للعالم ؟!
رأينا كيف استغلت قطر كأس العالم لتعريف زوارها بالحضارة والثقافة العربية الإسلامية، فهل وضع القائمون على المهرجان شيئا من هذا الهدف في أذهانهم؟
إن الأمم والدول عندما تُستهدف في وجودها، تسخر كل أدوات الاعمال الفنية والادبية لاستنهاض شعوبها وتوعيتهم ورفع روحهم المعنوية للدفاع عن بلادهم وأوطانهم، فهل سُجل لمهرجان جرش يوما أي دور في ذلك على الصعيد الأردني وقضايا الأردن ؟
اذا كان الاسم (مهرجان جرش للثقافة والفنون)، فلماذا اختزلت الثقافة والفنون بالاغاني وما يصاحبها في أجواء لا ترضي الله، ولا تمثل قيم الناس في وطني؟ لماذا لم نرى مهرجان جرش يخصص عاما للحديث عن تاريخنا في معركة الكرامة عبر أعمال فنية ومسرحية هادفة تلتزم الضوابط والقيم، وتطلع الأجيال على بطولات أجدادهم وجيشهم؟ لماذا لم يخصص للمهرجان دورة خاصة تكون عن القدس وفلسطين وتاريخنا فيها وواجبنا نحوها، وعن مواجهة عدوها وعدونا؟ لماذا لم يخصص للمهرجان دورة عنوانها تاريخ الأردن عبر العصور وتراثه الحقيقي؟
في كل عام تعاني جرش العطش وأزمات السير، ولو كان للمهرجان هدف سامي ورسالة نبيلة ونتائج ايجابية على واقع المجتمع لاحتمل الناس كل شيء في سبيل ذلك ، ولكن جفاف المهرجان من مشاريع تلامس وجدان الشعب وتستخدم الأدب كوسيلة لتغيير الحال إلى الأحسن، لامس جفاف مياهها و عطش أهلها .
مهرجان جرش الذي تحشد له الجهود العسكرية والطبية والخدماتية وغيرها هو بالمقاييس المادية والمالية يكبدنا خسائر كبيرة، واضف الى ذلك المقاييس الشرعية فحدث ولا حرج عن خروجه على الشرع الحنيف، وبمقاييس الثقافة هو فارغ من أي قيم ايجابية.
ظلمت جرش بهذا المهرجان، وأهلها يرفعون الأكف كل عام أن يرفع الله عنهم هذا الظلم، وهم ينظرون إلى ظروف مدارسهم المستأجرة، و المشفى الخالي من الاختصاصات الطبية، والمساحات الزراعية بدون طرق، والمدينة الصناعية التي ذهبت أدراج الرياح لعدم وجود مخصصات مالية كافية، متى ستنفق أموالنا علينا، ويتوقف جمع الأموال من جيوب الأردنيين لوضعه في حسابات المطربين والمطربات.