يا أهل الأردن.. إذا كان الكلام من فضّة فالسّكوت من ذهب.. اصمتوا!
جو 24 :
كتب د. محمد أبو بكر -
بعد إقرار قانون الجرائم الألكترونية، يسعدني توجيه الشكر وخالص التقدير للحكومة الأردنية والنواب الأشاوس، الذين تمكنوا من إقرار القانون بلمح البصر، وهذا دليل واضح على الجهد الكبير الذي بذل خلال الفترة الماضية للإستعجال في إقراره وبما يخدم الشعب الأردني.
وبعون الله؛ سوف نتحوّل إلى شعب صامت، ومن لا يرغب بالصمت، فعليه رفع الصوت عاليا بالمديح والثناء والإمتنان للحكومات المختلفة ووزرائها ومسؤوليها، وأعتقد بأن المواطن اليوم بحاجة لشراء طبلة، فالمرحلة القادمة تحتاج إلى مزيد من التطبيل والتزمير، فهذا حقّ للحكومة التي تسهر ليلا نهارا على راحة شعبها .
قانون نال كل الإطراء والمديح، من الولايات المتحدة مرورا ببريطانيا وجزر فيجي وبوتسوانا والرأس الأخضر، الله أكبر على شلّة الجهابذة الذين قاموا بالصياغة، والمجد كل المجد لاولئك النواب الذين أقرّوه، نحن فعلا شعب محظوظ بحكوماته ونوابه وأعيانه ومسؤوليه، فإذا كنّا كأردنيين محظوظين بهؤلاء، فلماذا نقوم بانتقادهم أو إغتيال شخصياتهم؟ من حقّهم معاقبتنا وفرض الغرامات علينا، ولذلك ؛ ومن الأفضل؛ أن نسكت ونصمت ونخرس، فلا يجوز انتقاد أيّ مسؤول، من العيب علينا انتقاده، فهو مسؤول، والويل لمن كانت لديه الجرأة وأهان أحد المسؤولين، فالقانون بالمرصاد، وما عليك يامواطن سوى تجهيز مبلغ خمسين ألف دينار لزوم الغرامة .
قانون رائع، وأكثر من ممتاز، لقد تعلّمنا في المدارس بأنّ الكلام من فضة والسكوت من ذهب، فلماذا لا نختار الذهب أيها السادة؟ فالحكومة تعمل لمصلحتنا، تريد للشعب أن يختار الذهب، سوف نصمت، لن نتفوّه بأيّ كلمة مهما فعلت الحكومات بنا، ومهما كانت تصرفات وزرائها، ومهما ارتفعت معدّلات الفساد، وفي الحقيقة لا يوجد أيّ فساد في الأردن، نحن دولة خالية من الفساد والمفسدين تماما كسنغافورة .
يا أهل الأردن الكرام .. أبارك لكم القانون الجديد، وأزيد في هذه المباركة، حين علمت بأنّ غرامة شتم الذات الإلهية هي عشرين دينارا فقط، في حين تصل غرامة شتم المسؤول إلى مبلغ يتراوح بين العشرين والخمسين ألفا من الدنانير الأردنية، فمن منكم يمتلك مثل هذه المبالغ ؟
وأبارك لكم أيضا عدم تجريم الترويج للمثلية والشذوذ الجنسي، لقد ارتاحت نفسي، ياله من مجلس نيابي ( مودرن )، ولماذا أصلا نجرّم المثلية والشذوذ ؟ المهم أن ترضى عنّا تلك الدول التي تحاول غزونا بذلك، وتفرض علينا شروطها، وللعلم فقط، يجب علينا أن نبيّن للعالم أجمع بأننا دولة تسير وفق تحديث وتطوير في كل المجالات، ولذلك لم نقم بتجريم المثلية، وقريبا ستظهر أعلامهم في كافة المدن، فهي أعلام جميلة وألوانها زاهية .
أشعر بخوف شديد مما هو قادم، وينتابني غضب داخلي، ولكن لا أستطيع الكلام، سألتزم الصمت، سأزيد من تطبيلي للحكومات وللمجالس النيابية ولأصغر مسؤول، فأنا لا أحتمل دفع خمسين ألف دينار، وسأقولها في داخلي ودون أن يسمعني أحد من المسؤولين.. حسبي الله ونعم الوكيل، وربنا يستر مما هو أعظم من ذلك على شعبنا الطيّب في الأردن.
(رأي اليوم)