2024-05-13 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

تخفيض 70% من مقاعد الطب.. قرار جائر ومبرراته واهية ونتائجه عكسية

تخفيض 70 من مقاعد الطب.. قرار جائر ومبرراته واهية ونتائجه عكسية
جو 24 :


أحمد الحراسيس - 

على نحو مفاجئ، وبخلاف ما جرى إعلانه سابقا، ذهبت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتخفيض أعداد المقبولين في تخصص الطب من (2150) مقعدا في العام الماضي إلى (640) مقعدا في العام الحالي، أي بانخفاض تجاوزت نسبته (70%)! وهو ما يعني سحق أحلام نحو (1500) طالب وأسرة كانت تؤمل أن يدرس ابنها تخصص الطب بعدما حققه من نجاح باهر في امتحان شهادة الثانوية العامة.

اجراء الوزارة جاء متأثرا بعاملين معلنين، الأول مطالبات النقابات الصحية ونقابة الأطباء بتخفيض أعداد المقبولين في هذا التخصص بزعم وصوله حدّ الإشباع، والآخر أن مجلس التعليم العالي درس الطاقة الاستيعابية للتخصص بما في ذلك سنوات الدراسة السريرية وقرر على أساسها قبول هذا العدد من الطلبة لا غير. والحقيقة أن كلا العاملين لا يبرران قتل طموح مئات العائلات الأردنية التي يرغب أبناؤها بدراسة تخصص الطب، سيّما وأن هؤلاء الطلبة مؤهلون لدراسة التخصص فيما لو جرى تطبيق ذات المعايير التي اعتمدت في الأعوام الماضية.

القول بأن تخصص الطب أصبح راكدا أو مشبعا لا يبدو منطقيا على الإطلاق، فهذا التخصص لا يمكن أن يكون كذلك، وإن كان مشبعا أو راكدا في الأردن فهذا لا يعني أنه مشبع أو راكد في دول العالم، بالاضافة إلى أن كثيرا من هؤلاء الخريجين لا ينتظرون فرصة للعمل في القطاع العام.

أما القول إن تحديد عدد المقاعد المخصصة للطب جاء بناء على الطاقة الاستيعابية للتخصص، فهذا يطرح سؤالا حول الكيفية التي انخفضت بها الطاقة الاستيعابية خلال عام واحد بنسبة (70%)، وكيف كانت الطاقة الاستيعابية تسمح بقبول (2150) طالبا في العام الماضي ولم تعد تسمح بأكثر من (30%) من هذا الرقم؟! هذا غير منطقي على الإطلاق! إلا إذا كانت الوزارة تقرّ بأنها كانت تقبل أعدادا تفوق ضعفي الطاقة الاستيعابية الحقيقية، وهذا يستوجب محاسبة المسؤولين عن هذه المخالفة سواء في هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي أو الجامعات أو مجلس التعليم العالي.

الواقع أن مبدأ "التخصصات الراكدة والمشبعة" هو في حقيقة الأمر مؤشر على فشل الحكومة بتحقيق نمو اقتصادي يخلق فرص عمل كافية لاستيعاب أعداد الشباب الخريجين والمتعطلين عن العمل، واصلاح هذا الواقع لا يكون بوقف قبول الطلبة في التخصصات الجامعية بل برفع كفاءة وسوية الخريجين على نحو ينافسون به خريجي أعرق الجامعات.

الأصل بالحكومة ووزارة التعليم العالي أن تذهب باتجاه إلغاء البرنامج الموازي والبرنامج الدولي في هذه التخصصات قبل خفض المقاعد المخصصة لطلبة القبول الموحد "التنافس"، وإلا فإنها بذلك تكرّس التعليم الطبقي، فيصبح تعلّم هذه التخصصات محصورا بمن يملك المال أو يملك جنسية أخرى غير الأردنية.

ليس من حقّ الحكومة أن تحرم طالبا حصل على معدّل مرتفع أن يدرس التخصص الذي يريد، وإذا كانت الحكومة تصنّف تخصصا على أنه راكد أو مشبع، فلماذا تفتح وتسمح لجامعات خاصة بتدريس هذه التخصصات؟ الأولوية يجب أن تكون دائما لطلبة التنافس "القبول الموحد"، وأي إلغاء أو تخفيض يجب أن يكون من حصة البرنامج الموازي أو الدولي، وعلينا أن لا ننسى أن هدف الجامعات ليس ربحيّا.

قرار تخفيض أعداد المقبولين في التخصصات الطبية مثال على القرارات التي تقود الدولة لنتائج عكسية، فهذا القرار سيقلل أعداد خريجي هذا التخصص الذين كان يمكن أن يعملوا في الخارج ويزيدوا من تدفق العملة الصعبة إلى البلاد، ومن جانب آخر سيدفع الطلبة إلى الخارج من أجل الدراسة، وبالتالي ستخسر الدولة عملة صعبة.


 
تابعو الأردن 24 على google news