jo24_banner
jo24_banner

"شهيد غزة" في شيكاغو.. هل تؤجج الحرب على غزة جرائم الكراهية في الغرب؟

شهيد غزة في شيكاغو.. هل تؤجج الحرب على غزة جرائم الكراهية في الغرب؟
جو 24 :
بهذه الكلمات شيع⑴ والد الطفل الفلسطيني "وديع الفيومي" نجله إلى مثواه الأخير، بعدما راح ضحية ما يسميه الإعلام الأميركي "جريمة كراهية"، في حادثة مروعة وقعت في ولاية إلينوي الأميركية في وقت سابق من الشهر الحالي، حيث هاجم مُسن أميركي يدعى "جوزيف تشوبا" الطفل ووالدته فقط لأنهما مسلمان، وانهال عليهما بالطعنات وهو يردد: "أنتم المسلمون يجب أن تموتوا".

حالة من الإحباط والألم صاحبتا عزاء الطفل وديع وسيطرت على الحاضرين في المؤتمر الصحفي⑵ الذي انعقد قبيل صلاة الجنازة، إذ صرح البعض أنهم يخشون من العودة إلى تلك الأيام التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عندما تعرض المسلمون في جميع أنحاء البلاد للاستهداف وباتوا يخشون على سلامتهم.

تجددت تلك المخاوف مع تبني الإعلام الأميركي وكبار السياسيين وعلى رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن للادعاءات الإسرائيلية بشأن الحرب الأخيرة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، التي تنتزع الصراع من سياقه ولا تنقل الصورة الكاملة للأحداث. والدليل على ذلك أن تشوبا (قاتل الطفل) -وفقا لأقوال زوجته في التحقيقات- كان دائم الاستماع إلى البرامج الإذاعية "المحافظة" التي تناولت الصراع الدائر في فلسطين.

تزامن ذلك مع تقرير نشرته⑶ صحيفة "الغارديان" البريطانية أعربت فيه عن قلقها من تفاقم جرائم الكراهية في الولايات المتحدة؛ وذلك بعدما أفادت تقارير أقسام الشرطة الأميركية بتزايد حالات الإبلاغ عن المضايقات والاعتداءات بعد الأحداث المتصاعدة في القطاع.

"شهيد غزة" في شيكاغو

جوزيف تشوبا كان مالك العقار الذي تسكنه أسرة الطفل وديع في بلدة قريبة من جنوب غرب شيكاغو، وبحسب شهادة عم الطفل والجيران، كان الرجل يحب وديع ويشتري له الألعاب، لكنه ليلة وقوع الجريمة اقتحم المنزل على السيدة حنان شاهين (32 عاما) محاولا خنقها وهو يردد عبارات معادية للمسلمين، حاولت والدة وديع مقاومته لكنه طعنها أكثر من 12 طعنة، وعندما فشل في التخلص منها أفرغ غضبه في الطفل وديع (6 سنوات) موجها له أكثر من 26 طعنة.

عقب العملية العسكرية التي أطلقتها حركة المقاومة تحت عنوان "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت وسائل الإعلام الغربية في الترويج للادعاءات⑷ الإسرائيلية عن "40 طفلا إسرائيليا مقطوعي الرأس" على يد مقاتلي حماس، حينها خرج الرئيس الأميركي جو بايدن في لقاء متلفز، قائلا إنه رأى أدلة فوتوغرافية على قطع رؤوس الأطفال، وبدأ⑸ المراسلون الإخباريون يبكون أطفال إسرائيل على الهواء مباشرة أثناء التغطية الإعلامية للأحداث. كل هذه المزاعم ثبت فيما بعد عدم صحتها، ونفى البيت الأبيض -في بيان لاحق- رؤية أي صور تدلل على القتلى المزعومين من الأطفال.

ورغم ذلك، كانت تصريحات بايدن بمنزلة تفويض لإسرائيل للهجوم على المدنيين في قطاع غزة، وهو الأمر الذي أثار استياء مواطنين غربيين ويهود (6) (7)، أدانوا الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة عبر مقاطع فيديو قصيرة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، كما نددوا بوسائل الإعلام الغربية وكيف تتجنب نشر أعداد الضحايا من الجانب الفلسطيني.


جاءت أبرز الأمثلة على الخطاب الإعلامي الموجه هذا في مداخلة ⑻ الناشط الأميركي الصهيوني بن شابيرو مع برنامج المذيع البريطاني الشهير "بيرس مورغان"، عندما صرح قائلا إن التعاطف مع ما يحدث داخل غزة يجب اعتباره تعاطفا مع الإرهاب؛ مبررا ذلك بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. تلك النبرة التي أشبعت وسائل الإعلام الأميركية أدانها العديد من مناصري⑼ القضية الفلسطينية، معتبرين إياها تصعيدا للخطاب المعادي للإسلام، الذي يعمل على تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، بإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام بحملات التطهير العِرقي التي تجري حاليا في قطاع غزة.

هذا ما أكده تقرير موقع الويب الاشتراكي العالمي الذي اتهم "البروباغندا" الأميركية المناهضة للمسلمين والمعادية للفلسطينيين بأنها كانت السبب وراء الهجوم الهمجي الذي تعرض له الطفل وديع الفيومي، خاصة بعدما صرح المدعون العامون بأن المجرم تشوبا كان يستمع بانتظام إلى التغطية الإعلامية اليمينية في الأيام التي سبقت ارتكاب جريمته.


عن ذلك يشير الكوميديان⑽ الفلسطيني الأميركي عامر زاهر في تصريح له مع قناة "إيه بي سي نيوز" الأميركية إلى خشيته من أن "جرائم الكراهية" التي تصفها السلطات بأنها حوادث فردية قد تكون نتاج ما شهدته وسائل الإعلام الأسبوع الماضي من "التحريض السياسي"، قائلا إن هناك مرتين فقط في حياته تلقى فيهما اتصالا هاتفيا من أمه تقول له: "كن حذرا في أميركا"، الأولى كانت عقب أحداث 11 سبتمبر، والثانية كانت بالأمس، يقصد بها بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.
 
المؤكد أن هناك حالة من الخوف تسيطر على قطاع عريض من الجاليات العربية والمسلمة في الولايات المتحدة، فهم يخشون الخروج إلى الأماكن العامة، وأصبحوا أكثر حذرا مع محيطهم. هذا ما عبرت عنه الأميركية مورجان فولر التي اعتنقت الإسلام منذ ثلاث سنوات قائلة إن أصدقاءها منذ بدء الحرب يرافقونها إلى سيارتها كل يوم بعد العمل خوفا عليها. ترتدي فولر الحجاب، لكن مؤخرا نصحها بعض المقربين خلعه حفاظا على سلامتها، وسلامة ابنتها البالغة من العُمر (9 سنوات).
 
هناك حالة من التعصب الأعمى⑾ تشهدها العديد من الولايات الأميركية على يد أنصار اليمين والمتأثرين بالخطاب الإعلامي المتطرف فيما يخص التضامن مع فلسطين. فقد أشار عابد أيوب، المدير التنفيذي للجنة العربية-الأميركية لمكافحة التمييز، إلى أن الأجواء العامة التي تسيطر على المجتمع الأميركي في الآونة الأخيرة تذكرهم بما كان عليه الحال في الأيام الأولى التي أعقبت حادث (11 سبتمبر)، فوفقا لوكالة الأنباء الأميركية "أسوشيتد برس"⑿، جرى الإبلاغ عن أكثر من 100 حالة تصنف "جرائم كراهية" تراوحت بين التحرش اللفظي والتهديد والترهيب والاعتداءات الجسدية؛ من بينها العديد من التهديدات بالقتل.

عن ذلك يشير أسامة أبو أرشيد، المدير التنفيذي لمنظمة "مسلمون أميركيون من أجل فلسطين"، إلى أن الأصوات الداعمة لفلسطين يجري تكميمها؛ بما في ذلك أصوات الأفارقة الأميركيين والمسيحيين واليهود المتضامنين مع القضية الفلسطينية. فيقول لموقع "USAToday" إن الأيام الأخيرة جعلتهم يشعرون بأنهم محاصرون لا يستطيعون حتى إظهار الدعم أو التعبير عن الحزن في مصابهم عندما يسقط من عائلاتهم شهداء في قطاع غزة.


هذا التكميم وصل إلى منصات التواصل الاجتماعي، في الأيام الفائتة قامت⒀ شركة "Meta"، عملاقة التكنولوجيا المالكة لمنصات فيسبوك وإنستغرام وثريدز، بحذف المحتوى المؤيد للقضية الفلسطينية باعتباره داعما للإرهاب، في حين وصفت القصف الشامل الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة بـ"رد الفعل". جاء هذا القرار في أعقاب حملة الضغط التي تعرضت لها الشركة من قبل المفوضية الأوروبية لإزالة المحتوى غير القانوني والضار، امتثالا لقانون الخدمات الرقمية (DSA)، وقد بررت شركة التكنولوجيا فعلتها هذه بمحاربة المعلومات المغلوطة والمحتوى العنيف ⒁.

من جانبه، أكد كوري سايلور مدير الأبحاث والتواصل في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، أن الوقت الحالي يختلف عن أي وقت مضى؛ وذلك في خضم الحديث عن حملة الاستهداف الشرسة التي يتعرض لها الطلاب، إذ أعرب عن قلقه إزاء المضايقات والتهديدات التي يواجهونها في الجامعات الأميركية نتيجة تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، فيقول للغارديان: "حجم وكثافة هذا الاستهداف لم أشهده من قبل".

خير مثال على ذلك كانت حالة "الترهيب السياسي" التي تعرَّض لها المتضامنون مع القضية الفلسطينية داخل حرم جامعة هارفارد الأميركية. أجج الوضع رسالة أصدرتها لجنة التضامن مع فلسطين وذكر فيها الموقعون أنهم "يُحمِّلون النظام الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن كل أعمال العنف التي تتكشف"، تلا ذلك رد فعل عنيف من بعض الطلاب اليهود الذين اختلفوا مع أقرانهم لأنهم ألقوا اللوم على إسرائيل فقط في أعمال العنف الحالية، وكانت النتيجة قيام أحدهم بالمرور بشاحنة بالقرب من حرم جامعة هارفارد، تحمل لوحات إعلانية تعرض أسماء ووجوه الطلاب الذين وقَّعوا على تلك الرسالة التي أصدرتها اللجنة.


عقب مقتل الطفل "وديع الفيومي"، صرح الرئيس الأميركي جو بايدن قائلا إن الولايات المتحدة الأميركية ليست مكانا لممارسة الكراهية، وفتحت وزارة العدل الأميركية تحقيقا موسعا فيما يخص "جريمة الكراهية" التي تسببت في مقتل وديع، رغم ذلك تُعد هذه واحدة فقط من بين عدة جرائم كراهية تتعرض لها جاليات العرب والمسلمين الأميركيين منذ بدء الحرب على قطاع غزة.

في بوسطن، كُتبت كلمة "نازيين" على لافتة "المركز الثقافي الفلسطيني للسلام"، وأثناء تظاهرة تضامن⒃ مع الفلسطينيين في مقاطعة لبنان بولاية بنسلفانيا الأميركية، فوجئ المتظاهرون المحتجون على القصف الإسرائيلي الأخير لقطاع غزة برجل مارّ بسيارته وقد أشهر سلاحه في وجوههم؛ مرددا العديد من الإهانات العنصرية قبل أن يغادر المكان بسرعة، في النهاية تمكنت السلطات من القبض عليه، ووجهت إليه تهمة "الترهيب الطائفي".

تزامن ذلك مع ما شهدته مدينة ديربورن -ذات الأغلبية المسلمة- بولاية ميشيغان الأميركية من تهديدات بالعنف خلال الأيام القليلة الماضية؛ كان أحدها ما نشره رجل على حسابه الخاص بمنصات التفاعل الاجتماعي متسائلا عمن يريد الذهاب إلى "ديربورن" واصطياد الفلسطينيين.

ما زال الوقت باكرا حتى تصدر الهيئات المتخصصة تقاريرها بشأن تأثيرات الصراع الحالي في الشرق الأوسط على تزايد موجات الكراهية في الغرب؛ لكن وفقا لصحيفة "واشنطن بوست"⒄ الأميركية، فإن جرائم الكراهية قد زادت بشكل عام في الولايات المتحدة بنسبة 7% في العام 2022 مقارنة بالنسب المعلنة لعام 2021، وذلك بحسب التقارير السنوية التي يصدرها مكتب التحقيقات الفيدرالي. ويرى خبراء ⒅ أن هناك مجموعة من العوامل التي أدت لتصاعد أعمال العنف العام الماضي، وقد عدوا الخطاب السياسي العدواني أحدها، كما أعربوا عن تخوفهم من أن موسم الانتخابات الرئاسية المقبلة وأحداث الشرق الأوسط الجارية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع.
 
 
المصدر : الجزيرة

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير