الصحفيين الفلسطينيين: تغطية وسائل إعلام عالمية غير المهنية تساهم في الإبادة في غزة
جو 24 :
وتاليا نصّ البيان:
قالت نقابة الصحفيين الفلسطينيين إن تغطية وسائل إلاعلام العالمية غير المهنية قد تساهم في الإبادة في غزة، داعية الصحفيين في كافة أنحاء العالم إلى التحرك لوقف القصف المروع لشعبنا في غزة واحترام قواعد العمل الصحفي المهني بالحيادية والموضوعية في نقل الحقيقة.
وذكّرت النقابة في بيان صحفي كافة الزملاء الصحفيين، وخصوصاً أولئك العاملين في وسائل الإعلام الغربية، بضرورة الالتزام بمعايير الصحافة الأساسية. معبّرة عن أسفها واستيائها الشديد من بعض وسائل الإعلام العالمية التي فشلت في كثير من الأحيان في تلبية المعايير المهنية عند تغطية المذبحة المستمرة في غزة.
بيان صادر عن نقابة الصحفيين الفلسطينيين
تغطية وسائل إعلام عالمية غير المهنية قد تساهم في الإبادة في غزة
تدعو نقابة الصحفيين الفلسطينيين كافة زملائنا الصحفيين في أنحاء العالم إلى التحرك لوقف القصف المروع لشعبنا في غزة واحترام قواعد العمل الصحفي المهني بالحيادية والموضوعية في نقل الحقيقة:
1)شاهد العالم برعب كيف هاجمت آلة الحرب الإسرائيلية المدنيين العزّل في قطاع غزة المحتل والمحاصر من الأرض والبحر والجو، مما أسفر عن مقتل أكثر من 9000 شخص وإصابة 30,000 واستمرار وجود أعداد كبيرة من الآخرين عالقين تحت الأنقاض. وفي الوقت نفسه، قامت سلطات الاحتلال بتوزيع آلاف الأسلحة الآلية للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، الذين يخططون وينفذون بوضوح أعمال تطهير عرقي جماعية.
2)هذه الأحداث - واحتمالية تفاقمها - هزت أعماقنا، مما دفعنا كصحفيين لرفع أصواتنا. ونذكّر زملاءنا، وخصوصاً أولئك العاملين في وسائل الإعلام الغربية، بضرورة الالتزام بمعايير الصحافة الأساسية. ونعبّر عن اسفنا واستيائنا الشديد أن بعض وسائل الإعلام العالمية قد فشلت في كثير من الأحيان في تلبية هذه المعايير المهنية عند تغطية المذبحة المستمرة في غزة.
3)حتى بالنظر إلى المعايير المنخفضة المعهودة في تغطية المذابح السابقة في غزة، فإن الخطاب الإعلامي المحيط بالأحداث الأخيرة يمثل اخفاقا غير مسبوق بالنسبة لمبادئ النزاهة الصحفية. يفتقر هذا الخطاب للحيادية والموضوعية ومنافية للحقيقة حيث قامت مؤسسات إعلامية غربية بترديد ادعاءات الحكومة الإسرائيلية دون مساءلة أو حتى محاولة التحقق من المعلومات الزائفة والدعاية المكشوفة والمفضوحة، وتبنّت لغة تحقّر الشعب الفلسطيني وتجرّمه وتحرض ضده رغم أنه يعاني من تبعات الاحتلال.
4)وعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما ادّعت حكومتا إسرائيل والولايات المتحدة، وبدون أي دليل على الإطلاق، وأن وزارة الصحة الفلسطينية قد بالغت في عدد القتلى الفلسطينيين المسجلين، حيث اعتمدت العديد من وكالات الأنباء هذا الادعاء دون تحقق. من خلال مشاركتها في نشر هذه الادعاءات غير المستندة إلى أي أساس - التي تدار من خلال دعاية الجهاز الحربي الإسرائيلي - نرى أن ذلك ربما يتسبب في مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين والتهيئة لإبادتهم بشكل جماعي.
كنقابة الصحفيين الفلسطينيين، نلاحظ ما يلي:
1)منذ 7 أكتوبر 2023 استشهد 25 صحفياً فلسطينياً و13 من العاملين في قطاع الإعلام، نتيجة قصف جيش الاحتلال، اضافة الى قصف منازل ما لا يقل عن 35 صحفياً واستشهاد عشرات من أفراد عائلاتهم من ضمنهم الاستهداف المتعمد لعائلة الصحفي وائل الدحدوح، مراسل قناة الجزيرة، الذي نتج عنه قتل زوجته، واثنين من أبنائه، وحفيده الأصغر. هذه الأفعال الشنيعة امتداد لسياسة ممنهجة لاستهداف وقتل الصحفيين الفلسطينيين، قتل الجيش الإسرائيلي 55 صحفياً فلسطينياً منذ عام 2000 وحتى السابع من أكتوبر 2023، بمن فيهم الشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة، في مايو 2022.
2)قام الاحتلال بقطع كل وسائل الاتصال مع قطاع غزة، بما فيها الاتصال والإنترنت والهاتف والاتصالات المحمولة. وما زالت الاتصال محدود ويتعرض لتعطيل وتشويش مما يتيح لإسرائيل القيام بمجازرها في الظلام، بعيدًا عن عدسات وسائل الإعلام العالمية.
3)إسرائيل لديها سجل حافل في تضليل وسائل الإعلام والجمهور العالمي، بما في ذلك إنتاج دوري ومنهجي لـ "أدلة" مزيفة بشكل متكرر لتبرير وتغطية ارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية. ونحن وثّقنا الكثير من هذه الحالات ومستعدين لمشاركتها.
4)في بيان صدر في 28 أكتوبر، أصدر 250 من كبار الباحثين في مجال الصحافة والإعلام والاتصالات بيانًا عامًا أدانوا فيه التغطية الإعلامية المتحيزة، وإغفال السياق والحقائق الرئيسية، والاستخدام الانتقائي للأدلة، والمعايير المزدوجة والتمييز ضد الفلسطينيين من قبل وسائل الإعلام البريطانية. تنطبق هذه الانتقادات على التغطية الغربية بشكل عام.
5)أكثر من 800 خبير قانوني دولي من كل أنحاء العالم أشاروا في بيان إلى "احتمال ارتكاب جريمة الإبادة من قبل القوات الاحتلال الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة"، وقد أصدر مركز حقوق الدستور في الولايات المتحدة الأمريكية، تحليلًا قانونيًا وواقعيًا مفصلاً يصف "جريمة الإبادة الجارية التي تمارسها اسرائيل". صرّح أهم المختصين بالدراسات حول جرائم الإبادة أن أفعال إسرائيل، إلى جانب تصريحات مسؤولي الحكومة الإسرائيلية حول نواياها، تشيران معًا إلى ارتكاب أعمال إبادة ضد الشعب الفلسطيني. وصف أحد هؤلاء الخبراء - المؤرخ البارز في مجال دراسات الهولوكوست والإبادة راز سيغال -مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية- أفعال إسرائيل في غزة بأنها "حالة إبادة دامغة" . حذر العلماء أيضًا من أن تجريم وسائل الإعلام للفلسطينيين يمكن أن يزيد هذه الإبادة.
6)كثير من وسائل الإعلام العالمية، وخصوصًا وسائل الإعلام الغربية، قامت بتكرار نقاط الأحاديث الحكومية الإسرائيلية دون تفكير واستخدمت لغة تجرم الفلسطينيين عند الإشارة إليهم. وبذلك، فإن هذه المؤسسات الإعلامية تكون قد اخفقت تمامًا في الالتزام بمبادئ الصحافة الأساسية للموضوعية والنزاهة والحيادية. وعرضت نفسها لأن تصبح شريكة في جريمة الإبادة.
نظرًا لهذا الواقع والوضع المأساوي الذي يتطور في فلسطين، ندعو الصحفيين والنقابات والاتحادات ووكالات الأنباء في جميع أنحاء العالم إلى:
1)إدانة استهداف الصحفيين الفلسطينيين علناً واتخاذ كافة الإجراءات المتاحة لدعم الصحفيين الفلسطينيين.
2)التأكيد على التزامهم العلني بأخلاقيات الصحافة وتحري الحقيقة والنزاهة والحيادية والمعايير المنصوص عليها في الإعلان العالمي لأخلاقيات المهنة الصحفية الصادر عن الاتحاد الدولي للصحفيين (IFJ ) في العام 2019.
3)النظر في سجل الأطراف التي تقدم المعلومات قبل تقديم تلك المعلومات كحقيقة والتحقق من الادعاءات الواردة من مصادر غير موثوقة قبل تقديمها كحقيقة.
4)اعتماد الإعلان العالمي لأخلاقيات المهنة الصحفية الصادر عن الاتحاد الدولي للصحفيين (IFJ ) ودليل جمعية الصحفيين العرب والشرق أوسطيين (AMEJA ) والموجودة في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.
5)رفض استخدام لغة تجريمّية تسهم في الإبادة. وندعو الصحفيين إلى اعتماد مواقف مبنية على مبادئ تقصي وإظهار الحقيقة واتخاذ إجراءات احتجاجية إذا لم تتصرف وكالاتهم وفقًا لذلك.
6)تضمين السياق التاريخي والسياسي عند تغطية الأحداث في فلسطين. الشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال منذ العام 1967 وتعرض لنكبة التهجير من أرضه عام 1948.
كصحفيين، لدينا واجب تقديم الحقائق بدقة وبدون تحيز، خصوصاً في حالات الصراع، حيث تهدد الدعاية والمعلومات الزائفة بتعتيم الحقائق الصعبة على الأرض. الآن هو وقت الشجاعة والصدق والالتزام بأعلى المبادئ المهنية. الوقت ينفد. نحث زملائنا في جميع أنحاء العالم على التمسك بأخلاق مهنة الصحافة.