الطاقة المتجددة في الاردن: التحديات والفرص نحو رؤية استشرافية خضراء للطاقة المتجددة في الاردن
جو 24 :
تعتبر الطاقة المتجددة من أهم القضايا البيئية والاقتصادية في العصر الحالي ، حيث تعتمد على مصادر طبيعية متجددة مثل الشمس والرياح والمياه والنفايات العضوية. تهدف الطاقة المتجددة إلى تقليل اعتمادنا على الوقود الأحفوري غير المتجدد والملوث ، وتحسين الاستدامة البيئية والاقتصادية. تشمل الأشكال الشائعة للطاقة المتجددة اليوم الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية.
في هذا المقال سوف يتم عرض الموضوع من خلال ثلاثة محاور
الاول: واقع الطاقة المتجددة في الاردن
الثاني: ابرز التحديات التي تواجه التحول الطاقي في الاردن
الثالث: ابرز الحلول نحول التحول الى الطاقة الخضراء المستدامة
تعتبر الطاقة المتجددة ذات أهمية كبيرة للأردن ، لعدة أسباب. أولا ، يعتمد الأردن بشكل كبير على واردات الطاقة ، حيث تتكبد البلاد نفقات ضخمة لاستيراد النفط والغاز الطبيعي. من خلال الاعتماد على الطاقة المتجددة ، يمكن للأردن تقليل اعتماده على الوقود الأجنبي وتوفير النفقات المالية. ثانيا ، يعاني الأردن من نقص في الموارد المائية ، وبالتالي فإن استخدام الطاقة المتجددة بالتكنولوجيا المتعلقة بالمياه ، مثل الطاقة الشمسية والطاقة الهيدروليكية ، يمكن أن يساهم في تحسين توافر المياه وإدارتها.
و جعل الأردن النمو الأخضر أولوية وطنية عليا منذ عام 2017، ووضع خطة عمل لهذا النمو للفترة بين 2021- 2025 للتوسع في طموحات الأردن من خلال دمج النمو الأخضر، وتغير المناخ، وأهداف التنمية المستدامة في الأطر الاستراتيجية القطاعية.
ساهمت مصادر الطاقة المتجدّدة -وفقاً لوزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية،- بنحو 29% من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة في الأردن حتى نهاية يوليو 2022، إذ ينتج الأردن حالياً ما يقرب من 1645 ميجاوات من الطاقة الشمسية، و 625 ميجاوات من مزارع الرياح.
توضّح البيانات الحكومية أن القدرة المركَّبة لمشروعات الطاقة المتجددة وصلت في نهاية 2021 إلى 5.5 تيراواط في الساعة، موزعة بواقع 1498 ميغاواط من المشروعات التجارية ضمن اتفاقيات شراء الطاقة بنسبة 59% من إجمالي القدرة المركبة، و 1027 ميغاواط من مشروعات أنظمة الطاقة المتجدّدة المملوكة من قبل المشتركين والممثلة بـ 41% من الإجمالي.
وتسعى الحكومة الأردنية إلى زيادة نسبة الطاقة المتجددة لتصل 50% بحلول عام 2030 من خلال تحسين كفاءة الطاقة، وتنويع الطاقة، وزيادة حصة المتجدّدة منها، في مزيج الطاقة بالكامل وتقليل انبعاثات الكربون
باختصار ، الطاقة المتجددة ذات أهمية كبيرة للأردن ، حيث تساهم في توفير النفقات المالية والموارد المائية ، وتعزز الاستدامة البيئية والاقتصادية في البلاد.
ثانيا :ابرز التحديات التي تواجه التحول الطاقي في الاردن
يواجه الأردن العديد من التحديات في تطبيق واستخدام الطاقة المتجددة ، وهي:
العوامل المناخية والتذبذب في كميات الإنتاج من الطاقات النظيفة
يمتلك الأردن إمكانيةً هائلةً في نوعين رئيسيين من مصادر الطاقة المتجددة متمثلة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح نتيجة موقعها الجغرافي داخل منطقة الحزام الشمسي الذي يعني توافر الإشعاع الشمسي فترات طويلة من العام 320 يوم في السنة إضافة إلى مناطق تهب عليها رياح بسرعات كافية لتوليد الطاقة.
لكن يبقى من الصعب التحكُّم بالمصادر الطبيعية وغزارتها؛ مسبباً في تذبذب كميات الإنتاج الطاقية من المصادر المتجددة مما يستدعي وجود بنى تحتية قادرة على التحكم في امدادات الطاقة بين التوليد والطلب مما يعني تطوير البنى التحتية والقدرة على التحكم في التذبذب في امدادات الطاقة والقدرة على تخزين الطاقة في أوقات الذروة والتحول للشبكات الذكية. وفي ظل الظروف الاقتصادية التي يمر فيها الأردن تبدو هذه الحلول صعبة في ظل الازمات الحالية. لكن، انشأت الأردن أول مركز لحفظ الكهرباء في الأردن على مستوى المنطقة عبر استخدام بطاريات متخصصة بقدرة عمل تتراوح بين 20 -100 ميغاواط وكلفة تقديرية بين 15-20 مليون مليار دولار بهدف إعادة استخدام الطاقة في المنظومة الكهربائية للشبكة لتعويض التذبذب في ناتج الطاقة المولد من المصادر المتجددة.
•نظام عداد صافي القياس الذي يتم العمل به لفوترة الكهرباء الصادرة من مشاريع الطاقة الشمسية للاستهلاك الذاتي ألحق خسائر في إيرادات شركة الكهرباء الوطنية.
حيث تقوم مبدأ عمل المشاريع المربوطة على شبكة الكهرباء بإرسال الفائض من الطاقة المنتجة خلال النهار الى الشبكة وسحب الطاقة الكهربائية ليلا منها عندما لا تكون هذه الأنظمة قادرة على انتاج الطاقة، وما يتم فوترته هو الفرق بين كمية الفائض المنقول الى الشبكة والمسحوب منها، وهذا يسبب خسائر تتحمله شركة الكهرباء حيث أن سعر الطاقة المنقولة في النهار أقل من سعر الطاقة المسحوبة ليلا.
•اتفاقيات شراء الطاقة المولدة لمشاريع الطاقة المتجددة
اتفاقيات الشراء التي تم اعتمادها من قبل الحكومة اعتمدت على اسعار المكونات والمعدات لمشاريع الطاقة المتجددة كما تم بناء هذه المشاريع على مبدأ الاستحقاق سواء أتم الشراء أم لم يتم مما زاد من الخسائر المادية لشركة الكهرباء الوطنية
•الاعتماد الأساسي على الوقود الأحفوري في قطاع الطاقة المحلي
تعد الأردن من أول الدول العربية استيراداً للطاقة، وتُصنف كدولة مستوردة للوقود الأحفوري بحجم واردات من النفط والوقود الأحفوري يصل حوالي 90% من حجم استهلاكها الطاقي.
في عام 2019، وصلت الحمولة القصوى للمنظومة الكهربائية في الأردن 5728 ميغا واط مقارنةً ب 5347 ميغا واط في عام 2018 بمعدل زيادة 8.5%. ومن المتوقع أن يزيد الطلب على الطاقة في الأردن بصورة متواصلة تصل إلى 3% بحلول 2040
هذا الارتفاع في معدل الحمولة الكهربائية سنويا يزيد من صعوبة تأقلم المنظومات الكهربائية معه، ويتحول إلى تحدي حقيقي أمام الأردن مع سعيها إلى توليد الكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة التي وصل حجم توليد الكهرباء منها حتى عام 2019 ما يقارب 1470 ميغا واط ما يعادل 20% من الإنتاج الطاقي المنظومة الكهربائية. يعني ذلك الحاجة إلى زيادة سعة شبكات الكهرباء وتحسين كفاءتها لتكون قادرة على استيعاب الكهرباء النظيفة المتولدة.
•اختلال هيكلي في القطاع وادارته وتحمل شركة الكهرباء الوطنية تبعات هذا الاختلال بالمزيد من الخسائر الاقتصادية.
ما تزال الأردن تعاني من ضعف التنسيق في سياسة الطاقة، وتطبق أيضاً نموذج المشتري الواحد في سوق الكهرباء حيث أن شركة الكهرباء الوطنية هي الجهة الوحيدة المخولة لشراء جميع الكهرباء المنتجة في جميع أنحاء المملكة.
المشاهد الحالية والسابقة لقطاع الطاقة المتجددة تشير و تلخص مشكلات قطاع الطاقة المتجددة في عدم وجود قواعد ضابطه للعمل مع وجود خلل هيكلي في النظام الإداري ككل يظهر ذلك جليا في التخبط الحاصل في إيقاف مشاريع الطاقة المتجددة لمشاريع الاستهلاك الذاتي اكبر من 1 ميغاوات في عام 2019 مع عرقلة واضحة في الحصول على موافقات لإيقاف خسائر شركة الكهرباء الوطنية، ومن ثم تم استئناف القرار في عام 2022 دون وجود تشريعات أو قوانين فارقه في وضع المشاريع أو الوضع العام ككل، كما تم فرض رسوم دينارين لكل كيلو واط من الطاقة المتجددة في القطاع المنزلي.
يمكن القول أن تطبيق واستخدام الطاقة المتجددة في الأردن يواجه تحديات كبيرة. لكن على الرغم من ذلك يجب أن تستمر الجهود لتعزيز الوعي بأهمية الطاقة المتجددة وتوفير الدعم المالي والفني اللازم لتحقيق الانتقال إلى الطاقة المتجددة في الأردن
الثالث: ابرز الحلول التحول الى الطاقة الخضراء المستدامة
من المتوقع أن يساعد الاستثمار في الطاقة البديلة في خلق وظائف جديدة وتنمية الاقتصاد المحلي. بالإضافة إلى ذلك ، يمكن أن يؤدي الاعتماد على الطاقة التقليدية إلى تقليل تكاليف الاستيراد والتلوث البيئي ، والمساهمة في تحسين جودة الهواء والمياه. مع استمرار تطور التكنولوجيا والتقدم التكنولوجي البديل ،
وتعمل وزارة الطاقة والثروة المعدنية في الأردن على تحقيق التحول الطاقيّ من خلال زيادة مساهمة الطاقة المتجدّدة، وتحضير البنية التحتية اللازمة لذلك بتطوير شبكات الكهرباء الوطنية، والعمل على مشروعات أنظمة تخزين الكهرباء، والتحوّل نحو الشبكات الذكية بما يناسب الزيادة في الطاقة المتجدّدة.
يعوّل الأردن كثيراً على تخزين الطاقة إلى جانب عدد من الحلول التقنية الحديثة لدعم قطاع الكهرباء مستقبلا.ً حيث أشارت الأمينة العامة لوزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية عن خطط الأردن للتوسع في مجال الطاقة المتجدّدة خلال المرحلة المقبلة وأبرزها التوجه نحو إجرائين أساسيين: الشبكات الذكية ,التخزين.
ويسعى الاردن الى إنشاء أول مشروع لتخزين الطاقة الكهرومائية باستخدام السدود بقدرة 450 ميغاواط، على أن يبدأ التشغيل بحلول عام 2027 أو 2028. كما يسعى ايضا الى التوسع في عملية التخزين بالبطاريات على مستويات مختلفة وبأحجام متنوعة عند مناطق الاستهلاك
ومن ابرز المقترحات من أجل الوصول إلى الكفاية الطاقية والتحول إلى مصادر الطاقات النظيفة ودعم الاستثمار في الطاقات المتجددة
•تطبيق معايير صارمة لكفاءة الطاقة بالنسبة المباني الجديدة.
•ضرورة إعادة النظر في الاستثمار في قطاع الطاقة في الأردن حيث يمثل الاستثمار قيمة مضافة للاقتصاد الوطني في حين بلغ مجموع المساعدات الخارجية من منح وقروض لقطاع الطاقة والزراعة الى اقل من 1% مجتمعة عام 2019 كما أشار تقرير حالة البلاد الصادر عن المجلس الاقتصادي الاجتماعي 2021
•من الضرورة أن تتضمن مشاريع شراء الطاقة من الحكومة على مبدأ استرداد الكلفة من خلال الكلفة الاجمالية للمشروع وإنتاج الطاقة الكهربائية على طول عمر المشروع ليتم التفاوض مع المستثمر على ربط سعر الشراء بأسعار المعدات والمكونات لمشاريع الطافة المتجددة عالميا بعد مدة الاسترداد وبالتالي اتفاق على سعر شراء اقل أو الاتفاق على سعرين الأول خلال مدة الاسترداد والاخر بعدها كما أشار تقرير حالة البلاد.
•ضرورة إعادة النظر في نظام الفوترة لعدادات صافي القياس حيث أن نسبة كبيرة من الاستطاعات المركبة على الشركة هي لكبار المستهلكين مما يعني اعفائهم من المبالغ المالية التي كانت تدفع من قبلهم لشرائهم الطاقة على شرائح الاستهلاك الكبيرة والتي تزيد من تراكم خسائر شركة الكهرباء الوطنية.
•تطبيق معيار الحد الأدنى من كفاءة الطاقة في جميع جوانب الاستهلاك الطاقي.
•ضم سعر الانبعاثات الكربونية إلى الضريبة المفروضة على الطاقة.
•زيادة الوعي بالاستهلاك الطاقي وطرق ترشيده.
ختاماً، تؤمن الأردن بضرورة ظهور التحديات في خطواتها الجادة نحو التحول الطاقي إلى الطاقة الخضراء، وتعتبرها مؤشراً إيجابياً على صواب ما تتخذه من إجراءات في هذا الجانب، مع مراعاة أهميةً كبيرةً على معالجة هذه الصعوبات للوصول إلى هدفها بالصورة الأمثل ،وأخيرا ، يجب أن نذكر أن الأردن قد اتخذ خطوات مهمة نحو تعزيز الطاقة المستدامة في البلاد. تم إنشاء العديد من المشاريع الكبيرة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الأردن ، وتم تشجيع الاستثمارات في هذا المجال من خلال توفير التسهيلات والحوافز الضريبية. كما تم إطلاق مبادرة "الأردن 2025" ، والتي تهدف إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الوطني إلى 20 ٪ بحلول عام 2025 كما انه من المتوقع ان تصل الطاقة المتجددة الى من نسبة 50% بحلول 2030وتعكس هذه الجهود التزام الأردن بتعزيز الطاقة المستدامة وتوفير بيئة مناسبة لكن يبقى الأهم هو دراسة انعكاسات انفتاح الأردن على مصادر الطاقة البديلة وتنظيمها بحيث تخدم خطوات التحول الأخضر والتنمية المستدامة.