رسالة الى الأمم المتحدة والعالم الغربي من أطفال غزة
جو 24 :
كتبت ايمان العكور
في هذه المناسبة الحزينة لليوم العالمي للطفل، نكتب هذه الرسالة وقلوبنا تثقلها مشاهد الرعب الذي نعانيه يوميًا. بأيدي مرتجفة ووجوه مليئة بالدموع، نرفع أصواتنا من وسط الأنقاض التي كانت منازلنا ومدارسنا وأحلامنا. اليوم، وبينما يحتفل أطفالكم بحقوقهم ويستمتعون بالأمان، نبقى نحن نحزن على طفولتنا المسلوبة.
نكتب إليكم، ليس بالامتنان، بل بالإدانة، للدماء التي تلطخ شوارعنا والتي هي شاهد حي على تقاعسكم. ففي الوقت الذي تفخرون فيه بالمعاهدات المتعلقة بحقوق الطفل، أدركنا نحن أنها مجرد كلمات فارغة على الورق، خالية من اي معنى عندما يأتي اختبار الإنسانية الحقيقي.نحن أطفال غزة نطالبكم بتمزيقها ورميها، لأنها فشلت في حمايتنا عندما احتجنا إليها أكثر من أي وقت مضى.
يجب ان تعلموا اننا وأمام العنف المتواصل ، سنكون شهودًا على صمتكم ولامبالاتكم..
تجاهلتم ندائنا ونحن نطلب المساعدة.. واغلقتم ابوابكم أمام صرخاتنا في طلب الرحمة وهي تغرق في ضجيج القنابل.
نحن اطفال غزة كبرنا قبل اواننا ونحن نشاهد كيف تنهار منازلنا ومدارسنا ومستشفياتنا أمام أعيننا، تتحول إلى أنقاض بفعل الهجوم الوحشي الذي تمطرنا به طائرات ودبابات العدو الاسرائيلي .
هل تدركون اننا وكاطفال العالم لدينا أحلام بالتعليم وبمستقبلٍ أفضل كنتم تصورونه في مؤتمراتكم على انه حق لا يمكن ان يحرم منه اي طفل في العالم..
لكن الحقيقة أن كل تلك الأحلام تمزقت، تمامًا كقطع الزجاج المتناثر في أرضنا المحطمة التي روتها دماء أطفال غزة.
نسألكم، أنتم الذين تدعون أنكم مدافعون عن العدالة وحقوق الإنسان..
كيف يمكنكم الجلوس مكتوفي الأيدي في حين تترك إجسادنا الصغيرة مهجورة في الشوارع، عرضة للنهش من الطيور الجارحة؟
كيف يمكنكم أن تستمتعوا بوجبة دسمة مع أحبائكم واطفالكم، في حين نجوع نحن ونبقى محرومين من أبسط الاحتياجات الأساسية؟
نفاقكم لا يعرف حدودًا، حيث تدْعون لحقوق كل طفل، ولكنكم تفشلون في حمايتنا من رعب الحرب وكأننا لا ننتمي إلى فئة الأطفال الذين تعملون على حماية حقوقهم..
ترى هل تسمعون صيحاتنا؟ هل تسمعون أصداء أصوات الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا بلا رحمة خلال الـ46 يومًا الماضية فقط؟
هل تسمعون صوت الطفولة المُدينة لكم بأنكم شركاء في هذا الإبادة الجماعية؟
تاريخكم سيذكركم، ليس كمدافعين عن العدالة، بل كمجرمين وكقتلة للأطفال وكجبناء.
إن أيديكم ملطخة بالدماء، ومع ذلك كل ما تفعلونه هو التوسل لإسرائيل لتسمح لنا بالعيش وتلقي العلاج، ولكن بلا جدوى.
ترى هل تصلكم صرخات 5000 طفل غزاوي من الذين قتلوا منذ بداية حرب الابادة ضدنا . ؟
لن نغفر لكم، سنطاردكم في أحلامكم، حتى يتم تحقيق العدالة وتُسمع أصواتنا أخيرًا. لن نستريح حتى يتم تحقيق المساءلة، وحتى يُحاسب المسؤولون عن معاناتنا.
نحن، أطفال غزة، نتشبث بأقل بصيص أمل في أن تنتصر الرحمة والتعاطف على اللامبالاة والصمت.
نتوق إلى عالم حيث يمكن لكل طفل، بغض النظر عن جنسيته أو ظروفه، أن يعيش فرحة الطفولة، دفء الأمان ووعد بغدٍ أفضل.
نحن اطفال غزة..
نخاطب الأمم المتحدة والعالم الغربي، نطلب منكم أن ترتقوا فوق المصالح السياسية وتتصرفوا بانسانية .
حان الوقت لتحويل كلامكم إلى أفعال ملموسة، لتظهروا الشجاعة والنزاهة التي ستعيد إيماننا بالإنسانية. حياة الأطفال الأبرياء لا يجب أن تكون ضحية، ونطالبكم بأن تحافظوا على المبادئ التي تدعون إليها وتحمي حياتنا البريئة.
ندعوكم لممارسة الضغط على جميع الأطراف المعنية لوقف العنف، والسعي إلى حلول سلمية، وان تكون الأولوية من أجل رفاهية الأطفال..كل اطفال العالم دون تفرقة فوق كل شيء.
نتوسل إليكم لضمان الوصول الفوري للمساعدة الإنسانية، والطبية، والتعليم لأطفال غزة. إنه حقنا، كما هو مكرس في المعاهدات التي تدعون لها، ومن واجبكم حمايتها والحفاظ على هذه الحقوق.
العالم يراقب، والتاريخ سيحكم على أفعالكم، أو عدم قيامكم بواجبكم الاخلاقي قبل الانساني في هذا الفصل المظلم من حياتنا.
لا تدعونا نكون مجرد إحصائيات، ضحايا منسيين لحرب لا قلب لها. فليكون صدى أصواتنا صرخات في أروقة قاعاتكم ، فنحن وحدنا الضحايا الأبرياء لصراع لا يعرف الحدود.
نحن نحثكم على الاستماع إلى وجعنا وقهرنا وموت احلامنا ، والاستجابة لنداءاتنا اليائسة للمساعدة. قد تتحطم أحلامنا، لكن أرواحنا تظل ثابتة. نحن صامدون، وسنواصل النضال من أجل حقنا في مستقبل خال من العنف والخوف واليأس.
بإسم عدد لا يحصى من الأطفال الذين عانوا وماتوا، نناشدكم أن تكونوا بداية التغيير، وأن تكونوا حراس آمالنا وتطلعاتنا. لقد مضى وقت طويل على الوعود الفارغة والمواساة والادانات الجوفاء. لقد حان وقت العمل، من أجل شفاء جراحنا، واستعادة طفولتنا المسروقة.
ونحن، أطفال غزة، سنبقى ننتظر ردكم، آملين أن تخترق كلماتنا حجاب اللامبالاة، وتوقظ ضمير العالم النائم.
الخيار لكم: أن نتذكركم كشركاء في معاناتنا أو كأبطال للعدالة وحماة لأرواح الأبرياء.
الخيار لكم،
لكن تذكروا أن التاريخ لن ينسى.
(أطفال غزة)