غياب غير مبرر للنقابات المهنية عن الاضراب الشامل.. وتحذير من خطر "اغتيال صوتها"

مالك عبيدات - صدمة كبيرة سببها غياب النقابات المهنية عن الاضراب الشامل الذي نفّذه الأردنيون اليوم الاثنين تضامنا مع الأهل في قطاع غزة وتنديدا بحرب الإبادة التي يتعرّض لها الفلسطينيون على يد قوات الاحتلال الصهيوني وبسلاح أمريكي ودعم غربي لا محدود، إذ اعتاد الأردنيون على مدار العقود الماضية أن تكون النقابات المهنية في طليعة القوى التي تقود الشارع الأردني، خاصة عندما يتعلّق الأمر بقضية مصيرية كما هي القضية الفلسطينية.

وإذا ما استثنينا نقابة الأطباء الأردنية، فقد لاذت النقابات المهنية بصمت مريب إزاء الدعوات المتصاعدة ومحاولات الضغط الكبيرة التي حاول منتسبوها ممارستها على نقاباتهم من أجل إعلان المشاركة في الاضراب الشامل، فيما استذكر نقابيون دور النقابات المهنية ونشاطها في محاولات كسر الحصار عن قطاع غزة، وليس مجرّد قيادة فعالية تضامنية مع الأشقاء هناك.

ورأى نقابيون أن ما نشهده اليوم من تراجع في أداء النقابات المهنية عائد إلى العبث الذي شهدته انتخابات عدة نقابات مهنية خلال السنوات الماضية، محذّرين من خطر اغتيال النقابات والاجهاز عليها بشكل كامل.

وفي هذا السياق، أكد نقيب المهندسين الأسبق المهندس عبدالله عبيدات، أن الشارع الأردني لاحظ غياب النقابات المهنية عن المشاركة في الدعوة للاضراب، حيث لم تكن هناك أي دعوة للمشاركة في الاضراب دعما للأهل في غزة من خلال مجلس النقباء، وذلك رغم إعلان بعض النقابات المشاركة بشكل منفرد المشاركة.

وقال عبيدات لـ الاردن24 إن "الشارع الأردني ينظر للنقابات المهنية على أنها أصبحت خلف المسيرة، وأن كلّ المؤسسات تفوقت عليها، سواء مؤسسات تجارية أو مراكز أعمال أو مهن عادية، وهذا موقف غريب على النقابات المهنية".

وأضاف عبيدات: "نحن في النقابات المهنية كنّا نتحرك عندما لم يكن أحد يتحرّك، فما بالنا اليوم نصمت حتى عندما يتحرك الجميع؟"، مستدركا بالقول إن "هذا مؤشر خطير على أن النقابات المهنية تمّ اغتيال صوتها".

وتابع عبيدات: "هذه نتيجة كنّا دائما نتحدث عنها، فعندما تتدخل السلطة في انتخابات نقابات مهنية وتهندسها، فإن هذه النقابات ستتأثر بقراراتها، ونحن نشهد على أرض الواقع أن قرار تلك النقابات لم يعد مستقلا، وأن من تدخل في انتخاباتها يوجهها".

واختتم عبيدات حديثه بالقول: "نأمل من مجلس النقباء أن يتحرّك، وأن يكون على قدر المسؤولية، فهذا الطوفان سيعرّي الجميع ولن يرحم أحدا، وإن لم يلحق مجلس النقباء بالرّكب فإن الركب سيتجاوزه كثيرا، فهي أيام واختبار، ونأمل من زملائنا التحرّك وإعادة الألق لمجمع النقابات كقلعة للحرية وقلعة للتضامن مع أهلنا في فلسطين".

من جانبه، انتقد نقيب أطباء الأسنان الأسبق الدكتور سعيد أبو ميزر موقف النقابات المهنية وعدم تفاعلها مع الدعوات العالمية واللجان الوطنية للاضراب الشامل الذي أُعلن عنه وتم تنفيذه أمس الاثنين.

وأضاف أبو ميزر لـ الاردن24 أن النقابات المهنية كان لها دور أساسي بالتفاعل مع القضايا الوطنية والقومية، ولكننا للأسف لم نجد تجاوبا من قبلها في الدعوة للاضراب، باستثناء بعض النقابات التي أعلنت عن اضراب جزئي أو كلّي وهي قليلة جدا.

وقال أبو ميزر، وهو النقابي المخضرم، إن الاضراب عمّ الأردن والعديد من دول العالم، وكان رسالة واضحة للتعبير عن رفض الشعوب لما يجري في فلسطين المحتلة وقطاع غزة من مجازر، ولا يوجد تفسير لغياب النقابات المهنية عن المشهد.

وقال نقيب المهندسين الزراعيين السابق، المهندس عبدالهادي الفلاحات، إن الاضراب هو موقف تضامني رفضا لما يتعرّض له أهلنا في غزة من حرب إبادة، ويعبّر عن موقف الشعب الأردني وكلّ أحرار العالم.

وأضاف الفلاحات لـ الاردن24 أن التعاطي مع هذا الموقف الوطني الهام يُسجّل لكلّ أبناء الشعب الأردني، وهو مسؤولية مشتركة من الجميع، وعلى رأسها النقابات المهنية التي يجب أن يكون لها الدور الطليعي في مثل هذه القضايا الوطنية الهامة، والتي تعبّر عن ارادة الهيئات الناخبة والهيئات المثقفة.

وشدد الفلاحات على ضرورة أن تكون النقابات المهنية في طليعة القوى التي تتضامن مع أهلنا في فلسطين.