لماذا اغتالت "إسرائيل" القائد صالح العاروري.. وما التبعات المتوقعة؟
لم تكن ثلاثة أشهر متواصلة من حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة؛ كفيلة بتحقيق أي من أهدافه المعلنة ضد المقاومة، رغم إيغاله بالدم الفلسطيني بشكل غير مسبوق، وتدميره الحجر والشجر.
وعلى إثر ذلك، سارع الاحتلال للبحث عن ما يعتقد أنها صورة نصر؛ فأقدم على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري وقياديين بكتائب القسام وأربعة من كوادر الحركة، بقصف على الضاحية الجنوبية من بيروت.
ويقول المحلل السياسي أمجد بشكار إن: "الاحتلال غرق أكثر في رمال غزة، ونحن على أعتاب مضي ثلاثة أشهر من الحرب، ولم تتحقق له أي صورة نصر، ودون تحقيق أي من أهدافه الثلاثة المتمثلة في اجتثاث المقاومة وإنهاء مقدراتها وإعادة أسراه".
ويضيف بشكار، أن "حماس ما زالت قوة موجودة على الأرض راسخة، وهي من تتحكم في زمام الأمور، لذلك لجأ الاحتلال إلى لبنان حتى يعود إلى جبهته الداخلية ليعطيها دفعة معنوية إلى الأمام، وهذا غير مرتبط بتوقف الحرب بشكل أو بآخر".
بدوره، يقول المحلل السياسي سامر عوض إن: "نتنياهو ومجلس حربه أرادوا تسجيل ضربه في لبنان من أجل تسجيل نصر بعد فشلهم المركب والذريع في قطاع غزة".
ويوضح عوض، أن نتنياهو يريد- عبر اغتيال شخصية وازنة في حماس- أن يكون ذلك ضربة يقنع فيها الجبهة الداخلية لتمديد عمر الحرب، وبقائه في سدة الحكم للتهرب من قضايا الفساد التي تلاحقه، ومن استحقاقات المحاسبة في فشل السابع من أكتوبر والفشل المركب في التوغل البري.
مسار الصفقة
ويرى بشكار أنّ الاغتيال سيعطل مسار الصفقة بشكل أو بآخر، رغم أن ذلك لم يكن مرتبطا باغتيال العاروري وإنما برفض الاحتلال شروط المقاومة بوجوب وقف إطلاق النار بشكل دائم قبل الحديث عن الصفقة.
وفي نفس السياق، يعتقد عوض أن عملية الاغتيال ستكون سببا في تعطيل الصفقة، وهو ما أشارت له بعض المصادر بشأن وقف الاتصالات بخصوصها.
توريط
ويلفت عوض إلى أنّ نتنياهو يسعى إلى توريط كل العالم في حربه من أجل شرعنة ما يقوم به من عدوان على الشعب الفلسطيني في ظل أكاذيبه وفضح جرائمه، في عدم قدرته على تحقيق الأهداف في غزة.
ويبين المحلل أنّ "الولايات المتحدة باتت ترى توريطا لها في الجرائم التي يقوم بها الاحتلال على الساحة الدولية وأمام حلفائها، وهذا ما أشارت إليه الولايات المتحدة عبر إعلان براءتها من عملية الاغتيال، في حين أن نتنياهو قال إنه أوضح لبايدن حول الضربة".
ويلفت عوض إلى "مسارعة نتنياهو لهذه العملية من أجل تسجيل ضربة مزدوجة لحماس وحزب الله باغتيال شخصية كبيرة من الحركة في وسط معقل حزب الله، لإطالة عمر الحرب على الجبهة الشمالية بهدف استرداد شيئا من قوة الردع التي فقدت في السابع من أكتوبر".
ويشير بشكار إلى أنّ وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت كان يسعى مرارًا لفتح الجبهة الشمالية، من أجل حسم الأمر بدخول الولايات المتحدة مباشرة لخلط الأوراق.
ويقول بشكار إن: "أمريكا قد تتفهم اغتيال العاروري لأنه مطلوب أساسا للولايات المتحدة بصفته كان مسؤولا من قبل عن أسر 3 إسرائيليين أحدهم يحمل جنسية أمريكية، عدا عن ذلك فقد قرأت أن الجبهة الشمالية ستكون فيها عملية اغتيال، لأن الحكومة الإسرائيلية جدد إخلاء الشريط الحدودي لمدة 3 شهور".
ويفسر بشكار عملية الاغتيال في هذا التوقيت على أرض لبنان من أجل إعادة أمريكا إلى المنطقة بعد سحب حاملة الطائرات، ووجود فتور في العلاقة بين أمريكا و"إسرائيل"، وكله مرتبط بالحفاظ على حياة نتنياهو السياسية.
رد حزب الله
ويلفت بشكار إلى أن "إسرائيل" اغتالت العديد من القيادات الفلسطينية في الدول العربية دون إحداث ضجيج لتلك العمليات كما يحصل الآن.
وبعكس ذلك، يرى بشكار أن نشأة حزب الله مرتبطة بمقاومة الاحتلال؛ لذلك "أخذ على عاتقه الرد، وأصبح هناك تغييرًا في قواعد الاشتباك لدى الحزب".
لكن بشكار يحذر من خطورة عدم الرد وما سيترتب عليه من استمرار في عمليات الاغتيال، "وهذا ما سيدفع حزب الله لرد مباشر ومحسوم وحتمي دون انفعال، خشية من تأثير ذلك على وحدة الساحات بشكل عام وعلى حزب الله بشكل خاص".
في حين يعتقد عوض أنّ حزب الله أمام امتحان حقيقي وغير مسبوق، لكون منطقة الاغتيال تقع في المربع الأمني الخاضع لسيطرته، إلى جانب تهديد الأمين العام حسن نصر الله بمحاسبة من يستهدف الساحة اللبنانية، وخشية من ظهوره بمظهر الضعيف في الجبهة الشمالية، ما يؤثر على سمعته واختراق معاقله.صفا